10 نظريات فيزيائية غريبة ومثيرة للدهشة
10 د
هناك الكثير من الأفكار المثيرة للاهتمام في الفيزياء أو الفيزياء الحديثة على وجه التحديد ومنها على سبيل المثال، المادة ما هي إلا صورة أو حالة من حالات الطاقة، بعض العناصر يمكن أن تتواجد في أكثر من حالة ومكان في الوقت نفسه، الضوء والمادة مصابان بانفصام في الشخصية الفيزيائية، الكون مهيأ تمامًا لحياة البشر، ما هو الوعي البشري؟ وما السبب وراء عدم قدرتنا على تحديد موقع وسرعة الإلكترون معًا في نفس الوقت؟
أحدثكم في هذا المقال عن 10 أفكار فيزيائية مثيرة للدهشة منها ما هو نظريات شهيرة أغلبنا سمع عنها ومنها ما هو فرضيات بُنيت عليها نظريات، ومنها ما هو نتائج علمية توصل إليها العلماء بفضل النظريات والأبحاث. كانت ومازالت هذه الأفكار محط جدل وحيرة بين العلماء ولا يتسع المجال هنا لسردها بالتفصيل لذلك سأكتفي بذكر نبذة مختصرة عن كل فكرة.
الطبيعة المزدوجة للضوء والمادة – Wave Particle Duality
تفترض هذه النظرية بأن كل من المادة والضوء يظهران بخصائص الموجات والجسيمات في الوقت نفسه، من البديهي لكل من درس المبادئ الفيزيائية أن المادة لها خصائص الجسيمات لأنها تتكون من ذرات وجزيئات (جسيمات) وأن الضوء له طبيعة موجية لأنه يتكون من موجات بأطوال موجية وترددات معيّنة، ولكن ميكانيكا الكم (الفيزياء الحديثة) أثبتت أن الجسمات تُظهر في بعض الأوقات خصائص موجية وأن الموجات تَظهر في بعض الأحيان بخصائص الجسيمات حسب نوع التجربة التي يتم على أساسها الاختبار.
في القرن السادس عشر افترض كل من كريستيان هيجنز وإسحاق نيوتن نظريتين لطبيعة الضوء، حيث افترض هيغنز أن للضوء طبيعة موجية، بينما رأى نيوتن أن الضوء يتميز بخصائص الجسيمات، ونظرًا لعدم وجود ملاحظات تدعم نظرية هيغنز ومركز نيوتن العلمي، دعم المجتمع العلمي نظرية نيوتن وعمل بها لعدة قرون.
ولكن في بدايات القرن التاسع عشر لاحظ العلماء ظاهرة الحيود الضوئي (انكسار الضوء عند الاصطدام بجسم ما) والتي واجه العلماء صعوبة في تفسيرها في ضوء نظرية نيوتن، وعندما قدم العالم ثوماس ينج تجربة الفتحة المزدوجة الشهيرة التفتت أنظار العلماء مرة أخرى لفرضية هيغنز.
في عام 1905 نشر أينشتاين ورقة بحثية يشرح فيها التأثير الكهروضوئي والتي وصف فيها الضوء على أنه طاقة متمثلة فيما يعرف الآن بالفوتون وعرفت نظريته فيما بعد بنظرية الفوتون. الآن وفي ظل وجود تجارب وملاحظات يؤكد أحدها الطبيعة الموجية للضوء وتؤكد الأخرى الطبيعة الجسيمية للضوء أقرّ العلماء بالطبيعة المزدوجة للضوء بحسب نوع التجربة.
تمامًا مثل الضوء وجد العلماء أن المادة لها طبيعة مزدوجة كذلك، حيث لاحظ العلماء أن الاجسام الضخمة جدًا يصدر عنها أطوالٌ موجية قصيرة جدًّا لدرجة يمكن معها اعتبارها غير موجودة وبالتالي لا يوجد ما يميّزها كموجات ويمكن اعتبارها ذات طبيعة جسيمية. أمّا في حالة الأجسام الصغيرة جدًا مثل الإلكترونات، نلاحظ أن لها أطوالًا موجية كبيرة جدًّا يمكن معها اعتبارها كموجة وهنا تظهر الطبيعة الموجية للمادة.
النظرية النسبية لأينشتاين – Einstein’s Theory of Relativity
نسبية أينشتاين التي تحدثنا عنها هنا من قبل مبنية على مبدأ هام جدًّا وهو أن القوانين الفيزيائية ثابتة لكل الملاحظين أو المشاهدين بغض النظر عن موقعهم أو سرعتهم أو عجلة تسارعهم، النظرية بشقيها الخاص والعام تقترح فرضيات مذهلة فعلًا، ففي النسبية الخاصة يتحدث أينشتاين عن سرعة الضوء الثابتة في كل الأحوال وعلاقتها بالكتلة، وفي النسبية العامة يتحدث عن قوة الجاذبية وأثرها في الكون.
ومن الطريف أن أينشتاين لم يحصل على نوبل بسبب نسبيته وإنما حصل عليها بسبب التأثير الكهروضوئي الذي تحدثنا عنه منذ قليل ولم يكن حتى من أطلق اسم النسبية على النظرية ولكن العالم ماكس بلانك هو الذي وصف فرضيات أينشتاين بهذا الاسم.
قبل النسبية كان يعتقد الجميع أن الزمان والمكان كلاهما قِيَم ثابتة ومن زاوية رؤيتنا على الأرض فهما بالفعل كذلك، ولكن أينشاتين أثبت بالرياضيات أن المنظور المُطلق للأشياء عبارة عن وهم وأن الزمان والمكان يمكن أن يتعرضا للتعديل والتغيير. من الممكن للمكان أن ينضغط أو يتوسّع ويمكن لمعدّل مرور الزمن أن يقل أو يزيد كذلك في حال التعرض لمجال جاذبية قوي أو التحرك بسرعة كبيرة جدًّا.
الأمثلة التي توضح النسبية كثيرة جدًّا يمكنك أن تتخيّل أن معك ساعة وضعتها في مدار حول الأرض لتتحرك بسرعة كبيرة جدًّا مقارنة بمكانك على الأرض، الآن إذا كان مازال باستطاعتك رؤية الساعة ستبدو أصغر مما كانت عليه عندما كانت بين يديك، ستلاحظ أيضًا أن عقارب الساعة تدور بشكل أبطأ والسبب هو ظاهرة تسمى “تمدد الوقت – time dilation”.
تفترض النسبية أن الزمان والمكان كلاهما شيء واحد يُطلق عليه “الزمكان” والذي يتأثر فقط بالجاذبية والسرعة، بمعنى أنه إذا كان هناك جسم تحت تأثير قوى جاذبية كبيرة جدًّا أو يتحرك بسرعة كبيرة جدًّا فإن الزمن بالنسبة لهذا الجسم سيصبح أبطأ مقارنةً بجسم آخر غير مُعرض لنفس القوى.
قد تبدو هذه الافتراضات غير منطقية وغريبة ولكنها في الواقع صحيحة وكما ذكرت الأمثلة التي تدعمها في حياتنا كثيرة، على سبيل المثال نظام تحديد المواقع العالمي GPS يعتمد على قياسات محددة للزمن لتحديد المواقع على الأرض، تدور الأقمار الصناعية الخاصّة بهذا النظام حول الأرض بسرعة 14 ألف كيلو متر في الساعة وهي سرعة كبيرة مقارنة بسرعتنا على الأرض وبالتالي في حال لم يضبط المهندسون ساعات النظام على الأرض لتعويض فرق الزمن الناتج عن تلك السرعة فستظهر لنا المواقع على الخريطة على بُعد 10 كيلومترات عن الموقع الحقيقي.
الاحتمالات الكمّية ومشكلة القياس – Quantum Probability & the Measurement Problem
يتم تمثيل فيزياء الكمّ رياضيًّا بمعادلة شرودنجر والتي تصف احتمالية وجود جسيم في نقطة معيّنة، هذه الاحتمالية شيء أساسي بالنسبة لحسابات أي نظام كمّي وبمجرد إيجاد القياسات يمكن الحصول على نتيجة محددة. أمّا مشكلة القياس فتعني أنه عند محاولة عمل قياس لنظام كمّي تنتقل الدالة الموجية من التراكب superposition (التواجد في حالتين أو موقعين في نفس الوقت) إلى حالة واحدة ولا تقدم نظرية الكمّ تفسيرًا لذلك وكيف أن عملية القياس نفسها ينتج عنها تغيير في النتائج. أحد أشهر الأمثلة التي توضح هذه المشكلة هي تجربة قطة شرودنجر.
مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج – Heisenberg Uncertainty Principle
مبدأ عدم اليقين من المبادئ الأساسية التي قامت عليها فيزياء الكمّ وهي نظرية للفيزيائي Werner Heisenberg والتي تنص على أنه عندما يتم قياس الحالة الفيزيائية لنظام الكمّ quantum system هناك حد أو نهاية لقيمة الدقة التي يمكن تحقيقها. يرى هايزنبرج أنه ليس ممكنًا أن نعرف بشكل متزامن وبدقة عالية خاصيتين لأي جسيم، بمعنى أنه يمكنك أن تعرف موقع إلكترون بشكل دقيق جدًا في أي لحظة ولكن لا يمكنك أن تحدد كمية حركته بنفس الدقة في نفس تلك اللحظة.
على سبيل المثال كلما زادت درجة الدقة التي تقيس بها كمية الحركة لجسيم ما كلما قلّت دقة قياس موقعه، المثير في هذا المبدأ أن هذه المحدودية ليست ناتجة عن خطأ في القياس أو بسبب عدم قدرة الأدوات والتكنولوجيا الحالية ولكنه حد وحقيقة فيزيائية لا يمكن تجاوزها أو التغلب عليها.
اقرأ أيضًا: إليك قواعد إيلون ماسك الذهبية لتعلم أي شيء بسرعة
التشابك الكمّي واللامركزية – Quantum Entanglement & Nonlocality
في نظرية الكمّ، يمكن لأنظمة كمّية معيّنة أن تتشابك أو تكون مرتبطة، بمعنى أن تكون حالة أحد هذه الأنظمة مرتبطة بشكل مباشر بعنصر آخر في مكان آخر وهذا هو المقصود باللامركزية، حيث سيرتبط النظام بعنصر آخر بعيد تمامًا عن النظام. بمعنى أكثر إيضاحًا تفترض هذه النظرية أن الجسيمات المختلفة مرتبطة ببعضها بطريقة تسمح عند قياس الحالة الكمّية لأحد هذه الجسيمات بتحديد الحالة الكمّية المتوقعة للجسيمات الأخرى.
نظرية المجال الموحد – Unified Field Theory
نظرية المجال الموحد هي إحدى النظريات التي تحاول التوفيق بين فيزياء الكم والنظرية النسبية العامة لأينشتاين، صاحب هذا الاسم هو أينشتاين نفسه ويطلق هذا الاسم على أي محاولة لتوحيد القوى الفيزيائية الأساسية بين الجسيمات في نظرية واحدة، وقد بحث أينشتاين طوال عمره عن نظرية بهذا الوصف ولكنه لم يستطع. ويصنف تحت مظلة هذه النظرية بعض النظريات الفرعية التي تحاول تحقيق ما افترضه أينشتاين مثل:
- Quantum Gravity
- String Theory / Superstring Theory / M-Theory
- Grand Unified Theory
- Loop Quantum Gravity
- Theory of Everything
- Supersymmetry
نظرية الانفجار العظيم – The Big Bang
نظرية الانفجار العظيم لا تُفسر نشأة الكون، ولكنها تُفسر تمدده واتّساعه، أي إنها تُوضّح لنا كيف أصبح الكون بهذه الضّخامة والاتّساع الذي ما زال مستمرًّا حتّى الآن. وتفترض أن الكون بدأ من نقطة صغيرة جدًّا عالية الكثافة بداخلها كل المادة الموجودة في الكون وبدأت في التمدد على مدى مليارات السنين.
عندما قدم أينشتاين النظرية النسبية العامة توقع احتمالية تمدد واتساع الكون، ورأى العالم Georges Lemaitre عندها أن هذا يعني أن الكون قد بدأ من نقطة واحدة صغيرة جدًّا. بعدها بفترة اكتشف Edwin Hubble في المجرات البعيدة إنزياحًا أو تدرجًا للون الأحمر والذي يشير إلى أن هذه المجرات كانت قريبة من الأرض ولكنها ابتعدت عنها وهو واقع أثبته بعد ذلك اكتشاف خلفية إشعاعات المايكروويف الكونية في عام 1965 وأكدت بذلك فرضيات العلماء السابقة.
المادة السوداء والطاقة السوداء – Dark Matter & Dark Energy
خلال مساحات الفضاء الواسعة يعتقد العلماء أن القوة الفيزيائية الأساسية الوحيدة ذات التأثير هناك هي الجاذبية، ولكن رواد الفضاء كان لهم في ذلك رأي آخر حيث وجدوا أن حساباتهم وملاحظاتهم لا تتوافق مع ذلك الاعتقاد.
ووضعوا نظرية تصف طورًا غير محسوس من المادة وأطلقوا عليها اسم المادة السوداء بعد اكتشاف عدة أدلة تدعم وجودها. وأبحاث أخرى اقترحت أنه من الممكن وجود طاقة سوداء أيضًا، والعجيب أن التقديرات الحالية للعلماء تشير إلى أن الكون عبارة عن 70% طاقة سوداء و25% مادة سوداء و5% فقط مادة وطاقة مرئية.
المادة السوداء هي شكل فرضي للمادة والتي لا تقوم بامتصاص أو إشعاع أي موجات كهرومغناطيسية، وقد لاحظ العلماء وجودها بشكل رئيسي عبر تأثير الجاذبية الناتج عن المادة المرئية، حيث وجدوا أن نسبة ضئيلة فقط من تأثير الجاذبية يمكن ملاحظتة مصدره (4%) وافترضوا على هذا الأساس أن النسبة المتبقية من تأثير الجاذبية سببه المادة السوداء.
الطاقة السوداء تعتبر مصاحبة للمادة السوداء وهي أيضًا شكل فرضي للطاقة التي تنتشر عبر الفراغ وتأثر بضغط سلبي على الأجسام، واستدل العلماء على وجودها أيضًا بحساب فرق قوة الجاذبية النظرية للجسم وقوة الجاذبية الفعلية التي يتم ملاحظتها له.
الوعيّ الكمّي – Quantum Consciousness
أثناء محاولتهم لحلّ مشكلة القياس measurement problem التي تحدثنا عنها منذ قليل تعرض الفيزيائيون لمشكلة أخرى وهي مشكلة الوعي، بالرغم من محاولة العديد منهم تجنب هذه المشكلة إلا أنه على ما يبدو هناك علاقة بين اختيار إجراء تجربة بشكل واع ونتيجة هذه التجربة. بعض الفيزيائيين يعتقدون أن الفيزياء الحالية لا يمكنها أن تشرح أو توضح ما هو الوعيّ وأن هناك ترابط غريب بين الوعي وعالم الكمّ لا ندركه بعد.
الوعي الكمّي هو مجموعة من التخمينات العلمية التي تحاول تفسير الوعي البشري المُوَجّه subjective. محاولة تفسير الوعي البشري من منظور فيزياء الكمّ حتى الآن لم ينتج الكثير ولا يوجد إلى اللحظة أدلة توصل إليها العلماء في هذا المضمار.
أشهر الأمثلة التي توضح المقصود بالوعي الكمي هو محاولة تشبيه وعي الإنسان أو الوعي الكمّي بالحاسب الكمّي وهو في الواقع بخلاف الحواسيب التقليدية لا يعتمد فقط على الصفر والواحد (النظام الرقمي الثنائي) ولكنه يضيف قيمة ثالثة وهي حالة مركبة من الحالتين السابقتين (superposition) أي صفر وواحد معًا وهو ما يزيد من سرعة وقدرة الحاسب بشكل يمكن تصوّره وقد تم تصميم نماذج أولية فعليًّا لهذا الحاسب.
الآن في ضوء الفيزياء التقليدية لا يمكننا تفسير كيفية عمل الوعي البشري ولكن في ضوء فيزياء الكم ومبدأ التراكب أو التواجد في أكثر من حالة في نفس الوقت ومبدأ التشابك Quantum Entanglement الذي تحدثنا عنه منذ قليل واللامركزية وغيرها يمكننا ذلك.
مبدأ الأنثروبي – Anthropic Principle
كلمة أنثروبي مشتقة من كلمة أنثروبولوجيا anthropology أو علم الإنسان، وهو علم يختص بدراسة تاريخ الجنس البشري. تشير الأدلة الأخيرة أنه لو كان هذا الكون مختلفًا ولو بقدر بسيط عمّا هو عليه الآن لم يكن ليستمر فترة كافية ولم تكن هذه الأشكال المختلفة للحياة لتظهر عليه. ويشير مبدأ الأنثروبي الجدليّ أن الكون يمكن أن يوجد فقط بشكل يسمح بوجود ونشأة الحياة القائمة عليه.
مبدأ الأنثروبي هو مبدأ فلسفي أكثر من كونه فيزيائي ومع ذلك فهو لا يزال من المعضلات الفكرية التي لم يُحسم أمرها بعد، ولكنه في رأيي وإن لم يذكر العلماء ذلك يشير إلى حقيقة نؤمن بها جميعًا وهي أن هناك خالق لهذا الكون هيأه لخلقه.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.