بالدليل العلمي: شخصيات الكلاب تشبه شخصيات أصحابها 🐕

إن لم تكن من مربي الكلاب فاسمح لي أن أقدم لك مجموعةً من المعلومات التي قد تكون جديدةً بالنسبة لك، وقد تستغرب شيئاً منها. أما إن كنت من مربي الكلاب ومحبّيها فهذا المقال موجّه لك، إذ سأتناول موضوع الشّبه بين شخصيات الكلاب وشخصيات مربيها. الأمر الذي لابدّ أنّك تساءلت عنه مرةً على الأقل عندما تقوم كتلة الفراء تلك بتصرّفٍ يشبه تصرفاتك ويدفعك للدّهشة.

بالعودة إلى الذين لم يحتّكوا بالكلاب عن قربٍ يوماً، قد تكون استغربت موضوع المقال، فغالب النّاس الذين لم يشهدوا حياة كلبٍ عن قرب يفكّرون في الكلاب كما في الهواتف النقالة، قد تختلف ألوان الهياكل الخارجية وأشكالها، إلا أنّ المحتوى والأنظمة البرمجية واحدة متشابهة. الأمر بعيدٌ تماماً عن الصحة فالكلاب تتمتع بشخصياتٍ وطباعٍ مختلفة كالبشر تقريباً، وهذا الاختلاف أعمق من أن يندرج تحت اختلاف السلالة أو حجم الكلب. هناك كلبٌ حنون، كلبٌ متملك غيور وآخر غير مبالٍ، كلبٌ ذكي وآخر أخرق لكنّها جميعاً تشترك بصدق حبّها.

اقرأ أيضًا: إن كنت من مقتني الحيوانات الأليفة فعليك تلافي تلك المخاطر الصحية

في مقالي هذا لن أتحدث عن وجه الشبه الفيزيائي الذي لابدّ أنّك صادفته في أحد منشورات الفيسبوك التي حملت صور أشخاص مع كلابهم، معلقةً على وجه الشبه بين الاثنين. قد يكون المالك أشقر بشعرٍ مجعد وكذلك كلبه أو أسمراً يتشارك مع كلبه ملامح قاسية أو حتى سميناً بوجهٍ مدوّر حاملاً كلبه السمين ليبدوَا كصورة من إعلان لدواء تخفيف الوزن.

في الحقيقة هنالك تفسيرٌ علميٌ بسيطٌ لذلك وهو أنّ الأشخاص يميلون لاقتناء كلابٍ تحمل صفاتاً تشبههم. كأن تختار النساء ذوات الشعر الطويل كلاباً ذات آذان طويلة ملساء أو أن يختار ذووا العيون الناعسة كلاباً تتميّز بعينٍ ناعسةٍ أيضاً.

في حين يبدو تفسير الشبه الفيزيائي بسيطاً للغاية، قد يكون الشبه النفسي بين طباع الكلب وطباع مالكه أكثر تعقيداً من هذا. بدايةً ليتضح مفهوم اختلاف شخصيات الكلاب لك، سأستعرض بعض الأمثلة.

غالباً ما يكون الكلب غيوراً عندما يلاحظ اهتمام مالكه بحيوانٍ آخر إلا أنّ طريقة التعبير عن هذه الغيرة تختلف من كلبٍ لآخر، فبعض الكلاب تسعى للفت الانتباه، بعضها يهاجم الحيوان الآخر وبعضها ينسحب ويتخذ موقفاً يعبّر عن استيائه أمّا الأخير فقد يعاقبك بتصرفات متمرّدة كأن يقضي حاجته في غير المكان المخصص أو يخرّب شيئاً ما على الرغم من أنّ تصرفاً كهذا غريبٌ عنه.

قد تربي كلبين من نفس السلالة وتلاحظ هذا الاختلاف، فأحدهما يسارع مرحّباً بالنّاس والضيوف بينما يختبئ الآخر خلف ظهرك عندما يقترب منه شخصٌ غريب أو يختبئ تحت الكرسي عند زيارة أحدٍ ما.

بعض الكلاب مهما كان حجمها ومهما كانت سلالتها وبلغ لطفها في الحالات العادية، تتحوّل إلى ذئاب إذا اقترب أحدٌ ما من طعامها وبعضها الآخر قد تبلغ بحجمها الدببة ولكنّها لا تمانع مشاركة طعامها مع قطة صغيرة.

مجدداً لا علاقة للأمر بحجم الكلب ولا سلالته لكنّه قد يرتبط بمقدار ثقته بك وقوة ارتباطه بك ومعاملتك له. انتشرت من زمنٍ ليس بالبعيد صورةً لفتاة تبكي كلبها الشيواوا الذي استبسل في الدفاع عنها ضد لصوصٍ فقتلوه على الرغم من أن وزنه لا يتعدى 4 كغ. للأسف قلبه الشجاع لم يغنِ عن ضآلة حجمه.

هل لازلت تعتقد أن للكلاب إصداراً واحداً؟ في هذا الصدد أجرى ويليام جيه تشوبيك (William J. Chopik)، عالم النفس الاجتماعي بجامعة ولاية ميشيغان، دراسةً حول الرابطة التي يشاركها الناس مع كلابهم الأليفة مفتوناً بها، شملت دراسته مالكي 1681 كلباً من 50 سلالة مختلفة تتراوح أعمارهم بين بضعة أسابيع و15عاماً. ملأ المالكون استبياناتٍ موّحدة بهدف تقييم شخصياتهم وشخصيات كلابهم. طُلب منهم تقييم شخصيات كلابهم والإجابة على أسئلة حول التاريخ السلوكي للكلب، بالإضافة إلى مجموعة من الأسئلة حول شخصيات المالكين. بيّنت الدراسة أن الكلاب وأصحابها يتشاركون سماتٍ شخصية كثيرة. والتفسير كان منطقياً مثيراً للاهتمام.

اقرأ أيضًا: كيف تساعد الحيوانات الأليفة على تحسين الصحة النفسية لأصحابها؟

يتناول التفسير شقين:

يميل الناس إلى الانجذاب نحو كلبٍ يتناسب بشكلٍ طبيعي مع إيقاع حياتهم اليومية، فيختار الأشخاص النّشيطون كلاباً نشيطة مشاغبة مليئةً بالطاقة، بينما يفضّل الأشخاص الذين يحبّون الحياة المستقرة بطيئة الإيقاع، كلاباً هادئة قليلة النشاط. على نحوٍ مماثل، يتبنى النّاس المحبّون للطبيعة كلاباً من سلالاتٍ تتمتع ببنية تسمح لها بالمغامرات كالراعي الألماني والهاسكي، ويختار الأشخاص الاجتماعيون كلاباً ودودة تحب النّاس ولطيفةً مع الأطفال كالجولدن ريتريفر. الأمر بهذه البساطة، أنت تختار كلباً بطباعٍ تشبه طباعك.

تترك طباع المالك وسلوكياته أثراً على طباع وسلوكيات الكلب سواءً من خلال التدريب الواعي أو مجرد التفاعلات اليومية بين الاثنين. فكما تتغير شخصيات البشر عندما يمرّون بتجارب وتغييرات كبيرة في الحياة، تتغيّر شخصيات الكلاب، وقد بيّنت الدراسة أن الكلاب تشبه البشر في قابلية تشكيل شخصياتها مع مرور الوقت. الأمر الذي قد يبدو غريباً ومن غير المتوقع لا سيّما وأن حياة الكلاب تظهر لنا رتيبةً قليلة التغيرات إلا أنّ الدراسة أثبتت أن شخصياتها تتغيّر كثيراً، وأنّه استناداً إلى خصالها الشخصية نستطيع تحديد الوقت الأمثل للتدريب والوقت المتوقع أن تصبح فيه أكثر عدوانية تجاه الحيوانات الأخرى.

أسلوب حياة المالك وتفاعله مع الكلب يغيّر من شخصية الكلب. من السهل أن نتخيل كيف يمكن لمالكٍ قلقٍ وعصبيّ أن يرفع مستوى العصبيّة والتوتر لدى كلبه من خلال التصرف بشكلٍ غيرِ متسق، مما يبقي الكلب متنبهاً متوتراً طوال الوقت. على العكس تماماً، فإنّ المالك الهادئ الودود قد يقوم بطمأنة الكلب المتوتر القلق ليصبح هادئاً بطبعه بعد مرور فترةٍ من الزمن.

تملّك الكلب وغيرته قد تكون طبعاً يولد معه وقد تكون نتيجة اهتمامك المستمر به وعدم انشغالك بغيره عندما يطالبك بالاهتمام. تخيّل لو أنّك عوّدت كلبك كلما دخلت إلى المنزل أن تعيش معه احتفال الترحيب دون أن تلتفت لشخصٍ آخر ليجدك يوماً تقاسم هذا الاهتمام مع أحدٍ آخر عند عودتك، هل تظنّ أنّه لن يلحظ الفرق؟

يزداد تأثّر شخصية الكلب وتشابهها مع شخصية المالك بازدياد المدة التي يقضيانها معاً. وقد تندرج أوجه التشابه تحت أربع سمات شخصية:

تظهر هذه الصفة واضحة جلية في إقبال الكلب أو إحجامه عن اكتشاف المجهول. قد تمشي مع كلبين في نزهة لتجد أحدهما يخشى الابتعاد عن المنزل أو استطلاع أماكن جديدة بينما يتوجب عليك البقاء يقظاً طوال الوقت مع الآخر لأنه لن يترك جحراً إلا وسيقحم فيه أنفه. تتأثر هذه الصفة كثيراً بطبع المالك. فالمالك الذي يحب الاستطلاع والاستكشاف سيمشي مع كلبه في طرقاتٍ جديدة ويسمح له باكتشاف المجهول، بينما يلتزم المالك الروتيني بطريقه المعتاد ويبالغ في حماية كلبه فيصرخ عليه منادياً إن ابتعد عنه أو أراد الاقتراب من سنجابٍ حتى. مع مرور الوقت سيشعر الكلب أن تصرفات الكشّافة تلك غير مقبولة وستتسبب له بالتأنيب، فيحجم عنها.

الكلاب كائناتٌ تميل إلى اكتساب عاداتٍ ونظام حياةٍ ثابت. فالكلب الذي يخرج في نزهة كلّ يوم لن يتقبّل البقاء في المنزل وسيشعر بالكآبة في الجوّ الماطر لأنّه حرم من نشاطٍ يحبّه. بينما يؤثّر طبع المالك البيتوتي على كلبه فتجده يسرّ عند العودة إلى المنزل ويضطرب عند مغادرته.

الأشخاص الملتزمون صاحبو القرارات الصارمة يطالبون كلابهم بمقدارٍ مماثل من الالتزام. فتجدهم لا يقبلون أن تأكل كلابهم إلاّ في المكان المخصص ولا يسمحون لها بالجلوس على الأثاث أو أن تخرق أي قاعدةٍ من قواعدهم. بالتالي، تجد كلابهم ملتزمة منضبطة بنظامٍ ثابت. على النحو المقابل، تجد الأشخاص الأقل التزاماً يتغاضون عن الكثير من القواعد مما يسمح لكلابهم باختراقها وعدم الالتزام بنظامٍ واحد.

من البديهي أن يعتاد الكلب الذي يعيش مع شخصٍ اجتماعي على رؤية الكثير من الوجوه والأشخاص فتجده اجتماعياً ودوداً بينما يكون الكلب الذي يعيش بمعزلٍ عن الناس انطوائياً حذراً.

اقرأ أيضًا: فيلم Bolt .. وتفاصيل الوصول إلى الحقيقة بين الواقع الفلسفي والكلب بولت

هناك آلية تسمى الإسقاط والتي تميل إلى جعل الأفراد يعتقدون أن كلابهم لديها نفس الخصائص الشخصية التي يمتلكونها. لذلك يمكن أن تكون ببساطة تلاحظ ما تريد رؤيته. للتأكّد، اختر بذكاء أحد أفراد الأسرة أو المقربين منك، شخصاً يعرفك ويعرف كلبك واسأله إن أردت أن تعرف عن مقدار التشابه بين شخصيّتك وشخصية كلبك. لكن عموماً، أظهرت نتائج الدراسة السابقة أن في 4 من كل 5 سمات شخصية، كانت تقييمات المالك موضوعية ودقيقة وليست توقعات نفسية.

في النهاية، أتمنّى أن يدفعك هذ المقال لملاحظة الأثر الكبير الذي تتركه خياراتك عل حياة كلبك فتختار له الأفضل. صاحب القوائم الأربعة يستحق منك حبّاً يماثل حبّه لك. أصغِ إليه وحاول أن تفهم ما الذي يحاول إيصاله لك بتصرفاته المشاغبة، قد يكون يحاول ببعثرة ثيابك أن يوصل لك كم اشتاق إليك وأنّه كان يبحث عن رائحتك فيها.