عن تجربة شخصية: احذف هذه الأمور من حياتك وستصبح أكثر سعادةً!
7 د
على طريقة نيتشه أبتدئ: “أيها الأصدقاء الصبورون، تعلّموا أن تقرؤوني جيّدًا”
فإن كنت على عجالةٍ، وتبحث عن عناوينٍ وخطواتٍ مباشرة كي تصبح أكثر سعادة أود إخبارك أنّ السعادة ليست مجرّد تعاليم ونصائح، ليست فقرات وبنود، إنها أسلوبُ حياةٍ؛ لذا لا تستعجل النتيجة.. لن أطيل أكثر، وإليك مقالي…
تلك المسافة التي ظننت أنها كبيرة لأغدو في عالم الكبار، و قطعتها بخطىً سريعة وموتورة ووجلة لأسافر نحو فضائي الواسع، وأنحاز بقوّةٍ غير مسبوقةٍ إلى الحياة، والتي كنت كلّما تمسّكت بها برعَتْ في إيجاد الحيل لتهرب من بين يدي، تلك المسافة أخذت ضجّةً مستفزّةً حتى كوّنت ذائقتي واهتماماتي وحكاياتي في حين كان من الأجدر لها أن تمرّ بهدوءٍ وسلامٍ واتّزان.
والسبب كلّه أني قضمت أكثر مما انبغى عليّ مضغه، والآن وأنا في عمر السادسة والعشرين، تركت لي زخامة الأحداث وكثافتها خبرةً لابأس بها في اكتشاف بعض الجوانب التي حالت بيني وبين أن أصبح أكثر سعادة والتي ذهب جزءٌ كبيرٌ منها مع طفولتي. أكره وضع التعاريف لمفهوم السّعادة فالمشاعر لا تترجم إلى كلماتٍ و يشعر بها جميع البشر بطرقٍ مختلفة. يمكنني القول من خلاصة تجربتي أن الحياة فنٌّ للاختصار، يمكنك أن تصبح أكثر سعادة باختزالِ الأشياء لا باستحواذها، يحضرني هنا جبران خليل جبران بقوله: “بدأتُ أستوعب وأفهم الآن أن سعادتي تكمنُ في التخلي عن المزيد…. لا الحصول على المزيد”.
التّخلي هو القوّة، وبالتخلّي تكمن البداية؛ فمن لا يستطيع الاستغناء عن الأشياء لن يتمكّن من التلذّذ بأي شيء، لذلك عليك أن تقوّي عضلة قلبك وأن تدرّب نفسك أن تتخلّى عمّا بإمكانك التخلّي عنه، لكن! حذارِ أن تتخلّى عن روحك، عليك أن تواجه الحياة بروحٍ كاملة غير مقضومة. في التخلّي قوّة تفوق قوّة التمسك، لن يكون الأمر سهلًا في البداية، لكنه سيصبح أمرًا اعتياديًّا لديك بمرور الوقت.
سأخبرك عن بعض الأمور التي تخليت عنها، والتي كان لها أثرٌ وواضحٌ في انخفاض نوعية حياتي في بعض الأحيان، بعضها عن تجربة شخصية وبعضها من ملاحظة تجارب الآخرين. أعدك إن قمت بتجاوزها ستصبح حياتك أكثر سعادة وخفة:
لتصبح أكثر سعادة ابتعد عن الأشخاص المحبطين واختر أصدقاءَك بعناية
هناك العديد من الناس الذين يحاولون إحباطك والتقليل من شأنك دومًا، إنهم يخبرونك أنك لا تصلح لتكون في المقدمة. صحيحٌ أنه قد لا يمكنك تغيير العالم من حولك لكن بمقدورك تغيير نفسك؛ فابتعد عن الأشخاص الذين يحاولون خفضك دومًا إلى الدرجة الثانية، واحرص أن تكون سيّد وقتك؛ فالصديق الحقيقي يترك لك مساحة خاصة تخلو بها إلى نفسك بين الفينة والأخرى بينما يحاول الذين يدعون الصداقة أن يستحوذوا على وقتك كاملًا.
لا تتمسك بالسّلبية
ابحث عن مصادر السّلبية في حياتك، لربما تكون بعض طباعك الخاصة مثل الغضب والعصبية والشكوك عائقًا في وجه السعادة، حاول أن تغير من طباعك ولا تعطي بالك إلى ما يُقال أن الطبع يغلب التطبع! فقد تغلّبت على كثيرٍ من طباعي السّيّئة لعل أهمها العصبية، وأصبحت الآن صعبة الاستفزاز إلى حدّ كبير.
اقرأ أيضًا: التفكير يجب أن ينبع من ذاتك في عالم الجميع فيه ينساق خلف الجميع
ابتعد عن التبرير
بدلًا من صرف الوقت في تبرير أفعالك الخاطئة قم بتصحيحها، وعلى العموم لست مضطرًّا لأن تبرر للناس أفعالك على اختلافها. أنت غير مجبور على الجلوس لساعاتٍ مع أشخاصٍ لا تحبّهم أو الخوض في نقاشات لا ترغب بها، لا تبرر عدم ذهابك إلى حفلة عيد ميلاد أحدهم إن كنت لا تحب الاحتفالات، اكتفِ بكلمة أنك مشغول الآن أو لديك ظرفٌ طارئ. كن لطيفًا دومًا مع الناس، لكن حاول خلق مسافة أمان لنفسك.
عش الحياة ولا تقم بتصويرها، قلل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
لاتكن كتابًا مفتوحًا للآخرين، وتمتّع بخصوصيتك. أكثر ما أستغربه من الناس كيف يجعلون هذه المواقع مرتعًا لاستعراض أحزانهم وهمومهم..من يهتمّ لذلك؟
عمدت في سنوات دراستي الجامعية إلى إغلاق حسابي الفيسبوك في فترة الامتحانات، واكتفيت بمشاهدة الإعلانات وبرامج الامتحان على موقع الكلية، وفّر لي ذلك وقتًا إضافيّا استثمرته بالعمل إلى جانب الدراسة. تقول الدراسات إن الشخص العادي يصرف حوالي ساعتين ونصف من وقته يوميًّا في تصفح هذه المواقع فما بالك بمدمني هذه المواقع!
سيجعلك استخدامها تميل نحو الكآبة، ربما ستجهد نفسك في كتابه منشورات ولا تحظى بالتفاعلات المنشودة، وربما ستشعر أن حياة الناس مثالية وأن حياتك بائسة. هناك بعض الناس لا يشاركون إلا الترّهات ويبالغون بالفرح لإنجازاتهم البسيطة وكأنهم غيّروا مجرى الكون!
خذ في حسبانك أن المعلومات القصيرة والمشتتة لن تجعلك أكثر سعادة أو تجلب لك متعة حقيقية. لا حصاد من هذه المواقع إلا تشتيت الانتباه على اللحظات الحالية والانشغال بالآخرين، إن خفضي لاستخدام هذه المواقع منحني الكثير من الوقت الزائد أقضيه الآن مع عائلتي أو في الخروج للمشي أو الانغماس في القراءة.
ابتعد عن مشاهدة الأخبار
كنت من مدمني الأخبار في الحرب الأخيرة في سوريا، لكني في نهاية المطاف اكتشفت انه لا انتصار في الحرب إلا للدماء والخراب والدمار، وليس بإمكاني أن أُحلّ السلام في العالم، لذا اكتفيت بالاطلاع على الأحداث الكبرى بشكلٍ عام، حيث أن القنوات الإخبارية تبالغ في تضخيم الأحداث، أضف إلى ذلك تشويه الحقائق حسب مصالحها والتفنن في الأساليب والمؤثرات الصوتية والبصرية كل ذلك كان ليبدد وقتي، فأنا لديّ طاقة عقلية محدّدة لن أصرفها في أمور ليس بمقدوري السّيطرة عليها. بتُّ أتوخى الحذر والحيطة عند خروجي من المنزل ولكني سئمت الاستماع إلى جرائم الاغتصاب والسرقة والنشل المتزايدة كل يوم في ظلّ فراغ السّلطة.
اقرأ أيضًا: في 2020 لحظات سعيدة.. نعم صدقوني
كي تكون أكثر سعادة ابتعد عن الرغبة في إثبات ذاتك
إنه لشيءٌ جميل أن يكون لديك أهدافًا سامية في الحياة، لكني لاحظت أن الناس يسعون وراء أهدافهم ليس لأنهم يرون أنهم يستحقون الأفضل، لا بل لإثبات ذاتهم للآخرين. في الحقيقة عندما أحكم على شخص أنه أفضل من آخر، بتّ أُركز بيني وبين نفسي على الجانب الإنساني في شخصيته، هذا لا يعني أنه لا يجب أن تمتلك أهدافًا وطموحات؛ فأنا أقوم بالكثير من الأشياء بدافع الاستمتاع بها وأخطط لأهداف قريبة المدى، وأتّخذ الكتمان معينًا لي عليها، فليظنّ الناس عني ما يريدون، وليقولوا أني بلا هدفٍ وحياتي بلا جدوى، عندما سأحقق أهدافي وأحلامي سأحتفل بالنجاح مع أصدقائي المقربين وعائلتي.
خفف تعلّقك بالأشياء أو الأشخاص
تخيل أنك اقتنيت ساعةً جميلة ثم كُسرت أو سُرقت؟ ماذا ستفعل هل سيجنّ جنونك؟ تمهل لا تهدر أعصابك! .. هل خذلك صديقك المقرب الذي عاهدك أن تدوم علاقتكما إلى الأبد؟ ماذا حصل هل متّ؟ هل توقفت الحياة؟
لا تعطِ لمجريات الحياة أكثر مما تستحق واعرف أنك لن تعبر نفس النهر مرتين، فالحياة في تغيّرٍ مستمر يقول أوشو: “أنا لن أكون أنا ذاتي بعد خمس دقائق”. هذا لا يعني أن تكون وغدًا أو منفصمًا، لا بل عليك تقبّل كون الحياة تتغير باستمرار، وأنّ حبّك لفصل الصّيف لن يمنع قدوم الشتاء. اعمل واكسب النقود، كلنا نسعى لتغطية نفقاتنا والتمتع بمصروفٍ إضافي، ومن المفرح أن تصبح ثريًّا لكن إياك ثمّ إيّاك أن تتحول لعبدٍ للمال.
لا تكلّف نفسك فوق طاقتها، ولا تفرط في الإحساس بالذنب
من الطبيعي جدًا أن تشعر بالذنب إزاء بعض التصرفات الخاطئة، لكن ليست كل الأمور خاضعة لسلطاننا. البارحة انقضت ثلاثةُ شهورٍ على وفاة والدي، وماكنت لأذكر هذا الموقف طلبًا للعطف، ولست بصدد الحديث عن فراق الأحبة الموجع، لكن ذكرته لفكرةٍ واحدة لا سواها هي أن نتقبّل الحياة بآلامها وأوجاعها لا أن ننكر الموت فالحقيقة لا تتبع الهوى، دائمًا قل لنفسك أن الأحبة لا يموتون بفقدانهم، بل يتجلّون في ذاتنا الإنسانية المستمرة في دورة الحياة والولادة، ذلك أكثر جدوى من الندب وجلد الذات.
ابتعد عن عقلية الندرة
عقلية الوفرة والندرة مفهومان سائدان بشكلٍ كبيرٍ من حولنا، يعرّف ستيفن كوفي في كتابه “العادة الثامنة” عقلية الوفرة فيقول: هي أن تؤمن أنّ الفرص كثيرة و متكررة و أنّ هناك خيرًا يكفي الجميع؛ فلست بحاجة حتّى تكسب أنت لأن تخسر أحدًا أو تُؤذيه، أما عقلية الندرة و الشُّح: هي أن تؤمن أنّ ضياع الفرصة يعني ضياع مستقبلك، ليكون قلقك دائم باعتقادك أنّ الخير و لفرص محدودة، واللقمة واحدة إمّا أن تأكلها أنت أو تخسر عندما يأتي أحد غيرك يأكلها، حياتك كلّها صراع وتنافس وذعر مسعور بأنانيتك المفرطة من أن يأخذ الآخر مكانك.
وسؤالي هنا: أي عقلية يمكن أن تجعلك تعيش بهدوء وطمأنينة و أكثر سعادة ؟
اشحن طاقتك باستمرار
لاتدع ضغط العمل يُنسيك حقوقك بالراحة، اذهب للاستجمام في الطبيعة واخرج مع أصحابك المفضلين من وقتٍ لآخر، استمع للموسيقا وشاهد الأفلام افعل ما تحب فعله في أوقات عطلتك، ولا تجهد نفسك كثيرًا.
عش اللحظة ولا تحرم روحك من لذة الحياة. ثلجُ الشتاء ونسائمُ الربيع، وورقةٌ جديدةٌ في روزنامة الأيام أغلى من كنوز الأرض جميعها.. دع ملامحك المرحة تخلق لك الأصدقاء والمحبين، ابتسم لتبتسم لك الحياة.
اقرأ أيضًا: 2021 على الأبواب ولديك الكثير من القرارات الجديدة؟ إليك كيف تلتزم بها
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.