ملحمة الإلياذة: لمحة تاريخية عن النساء والحرب
5 د
توجد ملاحم كثيرة في التاريخ، مثل جلجامش الشهيرة. لكن لا توجد ملحمة سلطت الضوء على حياة الإغريق أكثر من ملحمة الإلياذة يا رفاق. فهي أكثر بكثير من مجرد قصة أسطورية، فهي أيضًا نص تاريخي. تعرّف المؤرخون من خلال الإلياذة على حرب طروادة، وهي الحرب التي ميزت ذلك العصر. ولكن بخصوص حقيقة الحرب وإن كانت قد جرت في الواقع كما قيل في الإلياذة؛ هي مسألة غير قابلة للإجابة. تقدم الإلياذة أقرب نص تاريخي يمكن أن نبحث عنه فيما يخص تلك الفترة من التاريخ اليوناني.
سلطت ملحمة الإلياذة الضوء على حرب طروادة. حيث كانت هذه الحرب بداية لهوية يونانية موحدة، فجمعت دول المدينة المحيطة معًا على أرضية مشتركة وأنشأت الثقافة اليونانية. استحوذت حرب طروادة على خيال الشعب اليوناني، وأصبحت نقطة تحول في الثقافة اليونانية، وباتت هي الأساس لعدة أساطير وحكايات أخرى. وما ميَّز هذا العصر من تكوين المجتمع والهوية اليونانية؛ كانت قصائد هوميروس. فمن خلال الإلياذة، روى هوميروس قصتهم وأعطاهم صوتًا وتاريخًا. في هذا المقال سنذكر سبب حرب طروادة، وملخص عن ملحمة الإلياذة وكيف تجسد دور النساء على وجه التحديد فيها.
سبب حرب طروادة
في حين أن معركة أخيل مع أجاممنون هي الصراع الرئيسي في ملحمة الإلياذة بشكلٍ عام، فإن فكرتها على الأرجح معروفة بالصراعات التي تسببها هيلين. تُعرف هيلين ملكة اسبرطة، بأنها أجمل امرأة في العالم، وبأنها السبب المباشر لحرب طروادة. تُعرف هيلين بالوجه الذي أطلق ألف سفينة. وهي جائزة باريس من أفروديت بعد أن أعلن باريس أن أفروديت هي الإلهة الأجمل. فأخذ باريس هيلين من زوجها مينيليوس. ولأن مينيليوس لم يحتمل فكرة أخذ أجمل امرأة منه، حشد هو وأخاه أجاممنون جيشًا لاستعادة هيلين.
ملخص عن ملحمة الإلياذة
تبدأ أحداث ملحمة الإلياذة بعد تسع سنوات من بدء حرب طروادة، حيث دخل الجيش اليوناني (الآخايين) بلدة كريس المتحالفة مع طروادة ونهبها. وخلال المعركة، أسر الجيش اليوناني زوجًا من العذارى الجميلات، وهما كريسيس وبريسيس. أخذ أجاممنون، قائد القوات، كريسيس كجائزة له. أما أخيل، وهو أعظم المحاربين، فأخذ بريسيس. طلب والد كريسيس الإفراج عن ابنته مقابل المال لكن أجاممنون رفض؛ فلجأ والدها للآلهة أبولو، الذي استجاب بدوره وأرسل طاعونًا على معسكر الجيش.
بعد موت عدد كبير من الآخايين يطلب أجاممنون من النبي كاليخياس معرفة سبب الطاعون، وعندما يعلم أن كريسيس هي السبب يتخلى عنها على مضض ولكنه في المقابل يطلب من أخيل أن يعطيه بريسيس. ولكن يرفض أخيل طلبه ويعود إلى خيمته ويمتنع عن المشاركة في الحرب بسبب الإهانة التي وُجهت له. رغب أخيل بشدة في رؤية الآخايين مدمرين، وطلب من والدته ثتيس، أن تلتمس هذه الخدمة من أبولو الذي كان كبير الآلهة، لتدمير جيش الآخايين. وهذه كانت لحظة فارقة في ملحمة الإلياذة فعلًا.
ولكن الآن مع دعم الآلهة زيوس لطروادة، ورفض أخيل المشاركة في الحرب تكبد الآخايين الكثير من الخسارات. كما أنهم اضطروا إلى الانسحاب من مواقعهم والاختباء خلف الأسوار التي تحمي سفنهم. ولكن استمر جيش طروادة بالتقدم حتى أنهم أحرقوا أحد السفن، ما جعل الهزيمة تبدو وشيكة.
في هذه الأثناء كان أخيل قلقًا على رفقاه لكنه مصرّ على موقفه بعدم المشاركة في الحرب، فيوافق على أحد خطط نيستور المقترحة؛ وهي أن يرتدي صديقه باتروكلُس درعه في المعركة وأن يأخذ دوره لتشجيع الآخايين على التقدم. ولكن تأخذنا ملحمة الإلياذة في مسار غير متوقع، حيث في نهاية المطاف يتمكن هكتور من قتل باتروكلُس ويحصل على درعه ويعيد الآخايين جسده إلى معسكرهم. وبسبب غضب أخيل الكبير يوافق على الصلح مع أجاممنون ويترأس جيش الآخايين. فيتمكن أخيل من القتال بشراسة ليتمكن أخيرًا من قتل هيكتور. ولم يكتفِ أخيل بهذا بل بمثل بجثته وبعد اثنا عشر يومًا أعاد الجثة لطروادة.
دور النساء في الحرب
لعل من أبرز الأفكار التي تطرحها ملحمة الإلياذة هي فكرة ربط الحرب بالرغبة الأنثوية. ففي الملحمة يُذكر دور الإناث عدة مرات، حيث كان لهم دور إما ظاهريًا أو مخفيًا في علاقاتهن مع المقاتلين والحرب. في الإلياذة، يُصوَّر الرجال كمسؤولين وأنهم أعلى في السلم الاجتماعي من النساء، في حين يُنظر إلى النساء على أنهن إما كائنات أو مخلوقات متلاعبة تهدف إلى تدمير أهداف الرجال.
غالبًا ما يتم التعامل مع نساء ملحمة الإلياذة كأشياء يتم تداولها أو سرقتها من الرجال. ففي الملحمة أول امرأة تُصور بهذه الطريقة هي هيلين، التي كانت سبب حرب طروادة بأكملها. حيث سرق باريس، أمير طروادة، هيلين من مينيلوس، ملك في سبارتا ما أشعل فتيل حرب استمرت عشر سنين .وفي معسكر سبارتان، أصبحت بريسيس وكريسيس أيضًا أشياء تُمنح كجوائز حرب أو يتم تداولها بين الرجال. حيث قُبض على كلتا المرأتين كغنائم حرب.
طُرحت كل من هيلين، وكريسيس، وبريسيس إلى حد ما على أنهنَّ جوائز، وليس أشخاص. يُظهر هذا أن المرأة كانت تفتقر إلى نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل في هذه الثقافة. حيث عُلمت النساء طاعة الرجال، الذين كانوا يمسكون بزمام السلطة عليهم إلى درجة القدرة على التجارة بهنّ.
كما صورت ملحمة الإلياذة النساء على أنهنَّ متلاعبات. ففي الإلياذة، تظهر تقديم النساء كمتلاعبات وكاذبات يستخدمن العلاقات للحصول على ما يردنَّ. على سبيل المثال، تغوي الإلهة هيرا زوجها، الإله زيوس، في محاولة لجعل حرب طروادة تذهب لصالحها.
هنا، وبعد معرفة زيوس سبب الإغراء ينتقد هيرا لأنها قادرة على إغرائه للحصول على ما تريد. من خلال العلاقة بين زيوس وهيرا، نرى أن الرجال والنساء يتناسبون مع الأدوار النمطية، حيث يُنظر إلى المرأة على أنها خادعة ومغوية، ويُنظر إلى الرجل على أنه عاجز عن مقاومة حيل المرأة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.