أمراض النباتات وعلاجها

شادي ديب
شادي ديب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

تعتبر النباتات المصدر الرئيسي لغذاء الإنسان والكائنات الحية، وتتعرض للعديد من المخاطر والتحديات بما فيها الأمراض النباتية التي تشكل عاملًا مُحدّدًا لنمو النباتات، ما يُهدّد الأوساط البيئية بسبب الدور الذي تلعبه النباتات عامةً في الحفاظ على التوازن البيئي فيها، ولدورها الأساسي في السلاسل الغذائية، لذا من المهم التعرف على أمراض النباتات وعلاجها.


علم الأمراض النباتية

هو العلم الذي يُعنى بدراسة الأمراض التي تصيب النباتات من قبل الكائنات الحية الدقيقة مثل الفطريات والفيروسات والبكتريا والديدان الخيطية (النيماتودا)، وجميع هذه المُسببات هي مُسبباتٌ حيوية، بالإضافة للأمراض والشذوذات التي تصيب النباتات بسبب عوامل غير حيوية مثل التلوث والتغيرات المناخية والجفاف ونقص أو زيادة بعض العناصر الغذائية، أو حالات نقص التهوية الأرضية التي تُسبّب اختناق الجذور.

يشمل هذا العلم ليس فقط دراسة المُسببات المرضية وإنما أيضًا التفاعلات بينها وبين النباتات، وردة فعل النباتات تجاهها ومجموعة الأعراض التي تصيب النباتات وطرق السيطرة عليها ومكافحتها، كما يتطلب الإلمام بعددٍ من العلوم مثل علم النبات والكائنات الحية الدقيقة وعلوم التربة والوراثة والبستنة وغيرها الكثير.

اقرأ أيضًا: ما هي السافانا؟


أمراض النباتات الفطرية وعلاجها

تُشكل الأمراض الناتجة عن المُسببات الفطرية 85% من مجموع الأمراض التي تصيب النباتات عامّةً، وتُتلف النباتات عن طريق قتل الخلايا وإجهاد النبات وأحيانًا عن طريق سدّ الأوعية الناقلة كما في الفطريات الوعائية التي تُعيق حركة المواد الغذائية في الأنسجة الخشبية واللحائية.

تتعدد مصادر العدوى من البذور المصابة أو التربة المصابة، وتنتقل أغلب المسببات الفطرية بالرياح وماء الري وعمليات نقل التربة المصابة وبقايا المحاصيل التي لا تُتلف بالشكل العلمي السليم، يمكن لبعض أنواع الفطور اختراق النباتات من خلال الفتحات الطبيعية للنبات (المسام والثغور) في حين تدخل بعضها الآخر من الجروح الناتجة عن التقليم أو بوساطة بعض الأنواع الحشرية الضارة .

تظهر أعراض بعض المسببات الفطرية على الأوراق والأنسجة الخضرية للنبات مثل فطريات البياض الزغبي والدقيقي وأعفان الثمار والتبقعات والأصداء، في حين تُصيب بعض الأنواع الجذور مثل مُسببات عفن الجذور كفطر البوترايتس والبيثيوم وبعضها تصيب الأوعية الناقلة مثل مُسببات الذبول كالفيوزاريوم والفيرتسيليوم.

اقرأ أيضًا: معلومات عن نبات الالوفيرا.


الوقاية من الأمراض الفطرية وعلاجها


الإجراءات زراعية

تساعد بعض الإجراءات الزراعية التي تُطبّق في برامج الإدارة المتكاملة للمحاصيل الزراعية على تخفيف الإصابات بالأمراض الفطرية وتقليل الضرر الناجم عن الإصابات ومن أهم هذه الاجراءات:

  • اختيار الأصناف النباتية المعروفة بمقاومتها وتحملها للأمراض الفطرية السائدة في المنطقة، والمطابقة بين موقع الزراعة ومُعطياته مع مُتطلبات النباتات واحتياجاتها البيئية والغذائية، فالإجهاد البيئي أو الغذائي يجعل النباتات أكثر عُرضةً وأقل تحملًا للإصابة بالأمراض الفطرية.
  • تحتاج أغلب المُسببات الفطرية لأمراض النبات إلى الرطوبة الزائدة لتنمو وتتطور باستثناء عددٍ قليلٍ من الأنواع مثل فطريات البياض الدقيقي، بالتالي فإن الري بالطرق الخاطئة يزيد من احتمال ازدهار المُسببات الفطرية الممرضة للنبات وانتشارها.
  • التقليم المناسب وزراعة النباتات على مسافاتٍ متناسبةٍ بما يزيد من التهوية والإضاءة في النباتات، وهو بدوره ما يُعزز النمو ويُخفّض الرطوبة ويزيد من مقاومة النباتات للأمراض الفطرية.
  • إزالة الأجزاء النباتية المصابة مع أجزاء من الأنسجة السليمة والتخلص منها مباشرةً من خلال حرقها.
  • تعقيم أدوات التقليم والخدمة عند استخدامها بين كلّ نباتٍ وآخر.

الاجراءات العلاجية

تتضمن هذه الإجراءات عددًا من النقط المهمة تبدأ بالتشخيص الصحيح والسليم للفطر من خلال الفحص المجهري وتحديد الأعراض لفصل الأمراض التي تُعطي أعراضًا متشابهةً، ثم التدخل المناسب للحد من انتشارها وتقليل الضرر الناجم عنها، خصوصًا مع معدل الانتشار السريع للأمراض الفطرية كما في البياض الزغبي على القرعيات الذي من الممكن أن ينتشر في كافة نباتات الحقل خلال بضعة أيامٍ، تشمل إجراءات المعالجة التدخل بالمبيدات الفطرية العلاجية منها على وجه الخصوص بحسب الفطر المستهدف والنبات العائل.


الأمراض النباتية البكتيرية وعلاجها

تنتج أمراض النباتات البكتيرية عن إصابة النبات بالبكتيريا الضارة، وتُقسم الإصابات البكتيرية إلى أربع مجموعاتٍ بناءً على الأعراض التي تُسببها والأنسجة النباتية التي تصيبها وهي:

بكتريا الذبول الوعائي التي تصيب النسيج الوعائي الناقل للماء والأملاح المعدنية، ما يسبب ذبول المجموع الخضري للنبات وتراجعه، وفي حالات الإصابة الشديدة تسبب موت النباتات، مثل أمراض الذبول البكتيري في الذرة الحلو والبرسيم والقرع وبكتريا العفن الأسود لنباتات العائلة الصليبية كالملفوف والبروكلي.

بكتريا النخر التي تقوم بإفراز موادً سامةً للأنسجة النباتية تنتهي بتعفّن الأنسجة وموتها وتشكّل نوعًا من التقرحات على الأنسجة والساق والأوراق.

البكتريا المسببة للعفن الطري: تُنتج بعض أنواع البكتريا انزيماتٍ تقوم بتحليل جُدر الخلايا في الأنسجة النباتية لتُشكّل نوعًا من الأعفان الطرية، وتشيع هذه الإصابات في الثمار اللحمية مثل ثمار العائلة الباذنجانية وثمار القرع وغيرها.

البكتريا التي تُسبب الأورام: تقوم هذه البكتريا بإفراز مواد تُشجّع الانقسام الخلوي للنبات، ما يُسبّب تضخّم الأنسجة وتكون الأورام ومن أكثر الأمثلة شيوعًا مرض سلّ الزيتون الذي يُسبّب ظهور نوعٍ من الثآليل على الأشجار المُصابة.

عادةً تُسبب الإصابة البكتيرية عرضًا واحدًا مميزًا، لكن وفي بعض الحالات تُنتج الإصابة البكتيرية عددًا من الأعراض المُتداخلة، لذلك من الصعوبة تحديد الأمراض البكتيرية من خلال الأعراض بل يتطلّب تشخيصها بعض الإجراءات المخبرية للتأكد من المُسبّب المرضي وتحديد نوعه.


علاج الأمراض البكتيرية

من الصعوبة بمكانٍ معالجة النباتات بعد إصابتها بالأمراض البكتيرية، لذلك تنصبّ الجهود على منع انتشار الأمراض البكتيرية ووقاية النباتات من الإصابة بها، وتشمل تقنيات المكافحة عددًا من الاجراءات منها:

  • الاجراءات الزراعية: التي تتمثّل باختيار الأصناف الهجينة المقاومة للأمراض البكتيرية والبذور الخالية من المسببات البكتيرية، بالإضافة لتعقيم الأدوات الزراعية وخاصةً أدوات التطعيم والتقليم، والابتعاد عن كلّ ما من شأنه أن يُسبّب الجروح التي تدخل منها البكتريا للنباتات، واتّباع إجراءات الدّورة الزراعية وتعاقب المحاصيل من عوائل نباتيةٍ مختلفةٍ، بالإضافة إلى إجراءات تعريض التقاوي للحرارة والجفاف وأشعة الشمس ما من شأنه أن يُثبّط نمو البكتيريا.
  • المعالجات الكيميائية: لا يُنصح باستخدام المضادات الحيوية بسبب مخاطر تسربها إلى الوسط البيئي والمشاكل الناتجة عنها من حيث تطوير السلالات البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية إلا في بعض الحالات الخاصّة بحيث يكون الاستخدام مضبوطًا وبنسب محكمة الإعداد. يمكن استخدام مركبّات النحاس أو محلول بوردو وهو محلولٌ لكبريتات النحاس في الكلس الحي. تؤدي المكافحة الكيميائية للحشرات الناقلة أو المسببة للجروح في النباتات دورًا فعالًا في ضبط وتخفيض نسب الإصابة بالأمراض البكتيرية.

أمراض النباتات الفيروسية وعلاجها

هي الأمراض الناجمة عن الإصابة بالفيروسات النباتية. تتألف الفيروسات من غلافٍ بروتينيٍ يُحيط بجزءٍ من حمضٍ نوويٍ، لا يمكن للفيروسات العيش خارج خلايا المضيف فهي طفيلياتٌ إجباريةٌ لا يمكن رؤيتها إلا بالمجهر الإلكتروني.

تسبب الفيروسات النباتية خسائر كبيرةً وهي مسؤولة عن عددٍ من أخطر الإصابات خاصة في المحاصيل الحقلية والخضار وتسبب انخفاضًا كبيرًا في كمية الإنتاج ونوعيته.

تفتقر الفيروسات للأجهزة والآليات اللازمة لتصنيع البروتين والطاقة في الخلايا ما يُسبّب اعتمادها على خلايا المضيف في التكاثر، تهاجم الفيروسات مادة النبات الوراثية، ولا يمكن زراعتها على الأوساط والبيئات غير الحية، لذلك يعتمد التشخيص في حال الاشتباه بالإصابة بالأمراض الفيروسية على عددٍ من الاختبارات الكيميائية بالأمصال المُخصّصة لاكتشاف كلّ نوعٍ من الفيروسات، وهي اختباراتٌ مكلفةٌ جدًا. ينتقل أغلب الفيروسات النباتية إما بالبذار المصابة الحاوية على الفيروسات، أو باستخدام النّواقل الحشرية، أو من خلال بعض العمليات الزراعية مثل التطعيم والتقليم وغيرها.


علاج الأمراض الفيروسية

تعتمد اجراءات المكافحة على منع وصول الفيروسات إلى النباتات لعدم وجود موادّ فعالةً يمكن تطبيقها على النباتات لقتل الفيروسات النباتية، وتتمثل الخطوة الأولى بتشخيص الفيروس المُسبّب ومعرفته، ثم معرفة طرق انتقال الفيروس والعمل على منعها والحدّ منها، كما تتطلّب بعض الاستراتيجيات إزالة النباتات المصابة التي من المحتمل أن تُشكّل مصدر عدوى للنباتات السليمة.


أمراض النباتات الناتجة عن الديدان الخيطية وعلاجها

الديدان الخيطية أو النيماتودا هي من أكبر وأقدم المجموعات الحيوانية غير الحشرية على وجه الأرض، وتشكل 15% من أنواعها آفاتٍ للنباتات، تعيش أغلبها في الترب الرطبة وتُسبّب العديد من الأضرار على مستوى الجذور، فيما يسبب البعض القليل منها أضرارًا على مستوى المجموع الخضري، وهي بغالبها ديدانٌ خيطية الشكل صغيرة الحجم لا تُرى إلا باستخدام المُكبرة أو المجهر، تتغذى على عصارة الأنسجة النباتية التي تتطفل عليها بوساطة اجزائها الفموية المتحورة بما يتناسب مع طبيعة تطفلها للنبات، فأغلبها ذات أجزاء فمويةٍ رُمحيّةٍ تُساعدها في اختراق الأنسجة الحية للنباتات العائلة.

تقضي بعض أنواع النيماتودا كلّ دورة حياتها داخل أنسجة النبات العائل وتُسمى بالطفيليات الداخلية وتكون في معزلٍ عن الكائنات الحية التي تفترسها وتتطفل عليها، في حين يعيش بعضها الآخر حياته في الوسط المحيط بالنبات ليتطفل عليها باستخدام أجزائه الفموية ما يجعلها عُرضةً للتطفل والافتراس.


مكافحة الديدان الخيطية

توجد عدة استراتيجيات للمكافحة كالتالي:

  • المكافحة الحيوية باستخدام الأنواع المفترسة من النيماتودا أو الكائنات الأخرى التي تتطفل وتفترس النيماتودا من خلال إكثارها مخبريًا واطلاقها في الترب المصابة ولكن لم تثبت الفعالية العملية لهذه الكائنات حتى الآن.
  • يمكن تقليل عدد بعض مجتمعات الديدان الخيطية الطفيلية باستخدام برامج الدورة الزراعية التي تتضمن وجود محاصيل ليست عائلةً لهذه الأنواع لكن أغلبها يتميز بالمدى العوائلي الواسع وقدرتها على التحوصل في التربة دون موتها لحين عودة النبات العائل، حيث تعود للتكاثر وتسبب الأضرار.
  • تمكن المكافحة الكيميائية بالمواد المبخّرة ومبيدات الديدان الخيطية من ضبط مجتمعات الآفة لما دون عتبة الضرر الاقتصادي، لكن أغلب هذه المبيدات لها آثارٌ سلبيةٌ على البيئة وتسبب التلوث لذلك حُظرت في أغلب دول العالم.
  • أفضل استراتيجيةٍ لمكافحة النيماتودا هي التعقيم بالأشعة الشمسية للمساحات المحصورة بعد تغطيتها بالبولي ايتيلين الشفاف، بحيث يتبخر الماء في التربة خلال أشهر الصيف وتقوم طبقة البولي ايتيلين بحجز البخار في بيئة النيماتودا ما يرفع من درجة حرارتها إلى الدرجة الكافية لقتل أغلب المسببات المرضية بما فيها النيماتودا وفطريات الذبول الوعائي صعبة المكافحة.
هل أعجبك المقال؟