المزدوجة و عزم المزدوجة
يعد مفهوم المزدوجة ـ على الرغم من بساطته ـ أحد أهم المفاهيم الفيزائية في علم الحركة والسكون وتطبيقات قوانين نيوتن كونه يعد أساسًا لكثيرٍ من آليات التفاعل بين العناصر الثابتة وبيئتها. لكن، ما هو أساس مفهوم المزدوجة؟ ما هو العزم؟ وما معنى عزم المزدوجة بالضبط!؟
شرح مفهوم العزوم
عندما كنت طفلًا تساعد والدتك في حمل الحاجيات، لربما في مرةٍ من المرات كنت تحمل أكياسًا مملوءةً في كلتا يديك. وزن هذه الحاجيات وأنت تحملها لم يكن بذلك العبء، ولكن حينما حاولت رفع يدك لتفتح الباب لاحظت أنك تحتاج لبذل مجهودٍ عضليٍّ أكبر. لماذا حصل هذا؟ لماذا، وعلى الرغم من أن وزن الأكياس لم يتغير، احتجت إلى بذل جهدٍ أكبر لرفعها نحو الأعلى؟
حسنًا؛ إن السبب من وراء ذلك هو أنك بحاجةٍ للتغلب على تأثير العزم الناتج عندما ترفع يدك التي تحمل الأكياس. فالعزم ينشأ عند انزياح محور تأثير القوة (هنا وزن الأكياس) مسافة معينة عن نقطة الدوران المرجعية (والتي هي هنا تتمثل في كوع يدك).
يعرف عزم الفتل لقوةٍ ما حول نقطةٍ أو محورٍ معينين بأنه شدة هذه القوة مضروبة بالبعد العمودي بين محور تأثير القوة وحامل نقطة الدوران، ويقاس العزم بواحدة نيوتن متر (Nm).
Moment = F×d
- F: القوة مقاسة بالنيوتن.
- d: البعد العمودي مقاسًا بالمتر.
Moment = F×d = 0.5×10 = 5 Nm
المبدأ النظري وراء فكرة العزم
يمكن التعبير عن قوةٍ ما بأنها عملية شد أو دفع باتجاهٍ معينٍ. عند تطبيق قوة على جسمٍ معينٍ، فإن حركة الجسم تعتمد على مركز تطبيق القوة وآلية تثبيت الجسم. في حال كان الجسم غير مثبتٍ وكانت القوة مطبقةً وفقًا لمركز ثقله فإن الجسم سينتقل فقط ضمن الفراغ وفق ما هو مذكورٌ ضمن قوانين نيوتن للحركة. في حال كان الجسم مثبتًا في موقعٍ معينٍ بحيث يُسمح له بالدوران حول محورٍ مار في نقطة التثبيت، فإن الجسم سيدور دون أن ينتقل ضمن الفراغ.
تنتقل القوة عبر محور الدوران نحو مكان التثبيت أو المسند. مواصفات آلية دوران الجسم تعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على بعد نقطة تأثير القوة عن محور الدوران. في حال كان الجسم غير مثبتٍ وكانت القوة تؤثر وفق محورٍ لا يمر من مركز ثقل الجسم، فإن الجسم سوف ينتقل ضمن الفراغ إضافةً إلى دورانه حول مركز ثقله، وتعتمد مواصفات عملية الدوران على بعد محور تأثير القوة عن مركز ثقل الجسم. تشرح العملية الثالثة بشكلٍ عام آلية حركة الأجسام الطائرة في الفضاء حيث يعبر عنها كونها مركبة من عمليتي الانتقال والدوران ضمن الفراغ.
إن القوة F هي مقدار شعاعي، أي أن لها شدةً واتجاهًا تُعين بهما. إن اتجاه شعاع القوة مهمُ للغاية؛ لأن الجسم الخاضع لتأثيرها سيتحرك بنفس اتجاهه. ناتج تأثير القوة والمسافة الشاقولية بين محورها ومركز ثقل جسم غير مقيدٍ، أو محور دوران جسم مقيد، يطلق عليه اسم عزم الدوران أو عزم الفتل. العزم أيضًا هو مقدار شعاعي يولد دورانًا بنفس الاتجاه الذي تولد فيه القوة انتقالًا؛ بالتالي فإن جسمًا ما بحالة الراحة، أو يدور بسرعة زاوية ثابتة، سيبقى بنفس الحالة حتى خضوعه لعزمٍ خارجيٍّ. يولد عزم الدوران تغيرًا في السرعة الزاوية يطلق عليه اسم التسارع الزاوي.
إن القوة F هي مقدار شعاعي، أي أن لها شدةً واتجاهًا تعين بهما. إن اتجاه شعاع القوة مهمُ للغاية لأن الجسم الخاضع لتأثيرها سيتحرك بنفس اتجاهه. ناتج تأثير القوة والمسافة الشاقولية بين محورها ومركز ثقل جسم غير مقيدٍ، أو محور دوران جسم مقيد، يطلق عليه اسم عزم الدوران أو عزم الفتل. العزم أيضًا هو مقدار شعاعي يولد دورانًا بنفس الاتجاه الذي تولد فيه القوة انتقالًا: بالتالي فإن جسمًا ما بحالة الراحة، أو يدور بسرعة زاوية ثابتة، سيبقى بنفس الحالة حتى خضوعه لعزمٍ خارجيٍّ. يولد عزم الدوران تغيرًا في السرعة الزاوية يطلق عليه اسم التسارع الزاوي.
المزدوجة
المزدوجة حالةٌ خاصةٌ من عزم الفتل، إذ تتكون المزدوجة من قوتين متوازيتين متساويتين بالشدة، متعاكستين بالاتجاه، ولا يشتركان معًا بالمنحى. لا تولد المزدوجة أي انتقالٍ؛ حيث أن محصلة تأثير القوى صفر، بل تولد فقط دورانًا، فناتج تأثير القوتين هو عزم دوران فقط.
كمثالٍ على المزدوجة نذكر تأثير إمساك سائق سيارة لعجلة القيادة بكلتا يديه. تمسك كل يد العجلة من جهة بالنسبة لمحور دورانها، وعند تدويرها فإن كل ذراعٍ تطبق قوة متساويتين بالشدة ومتعاكستين بالاتجاه. لو أن اتجاهي تأثير القوتين كانا متماثلين فإن العجلة لن تدور، بل أن محور العجلة سيخضع لقوة تحاول تحريكه نحو الأعلى أو الأسفل شدتها تساوي مجموع القوتين. في حال كانت القوتان غير متساويتين فإن ذلك سينجم عنه قوة تحاول تحريك النظام ككل نحو الأعلى أو الأسفل. المزدوجة تكون دائمًا مكونة من قوتين متساويتين بالشدة.
عزم المزدوجة هو ناتج جداء شدة إحدى القوتين بالبعد العمودي بين محوري تأثيرهما، ويشترك بواحداته مع واحدات العزم العادي.
إن قيمة العزم حول منتصف الذراع الممثل بالشكل السابق هي:
F(d/2)+F(d/2)=F×d
قيمة العزم حول النقطة o الواقعة خارج الذراع هي:
F(d+x)-F(x)=F×d
شدة عزم المزدوجة في كل النقاط ضمن مستوي تأثير العزم لا تتغير، أي أن شدة عزم المزدوجة ليس لها علاقة بالنقطة المرجعية بل تبقى ثابتةً ضمن مستوي التأثير ذاته، وتساوي قيمتها شدة القوة F مضروبة بطول الذراع d.
يتم حساب محصلة تأثير عدة عزوم مزدوجة مؤثرة ضمن مستوي واحد عن طريق الجمع الجبري لشدتها. لا يمكن لقوة واحدة أن تضع جسمًا خاضعًا لعزم مزدوجة بحالة توازن، فتأثير مزدوجة قوى لا يمكن إلغاؤه إلا بتأثير عزمٍ مفرد أو عزم مزدوجة آخر يؤثران ضمن المستوي نفسه. في حال إضافة قوة واحدة إلى النظام يوازن وجودها تأثير العزوم، فإن إحدى أو كلتا معادلاتي التوازن لن يتم تحقيقها. تكمن أهمية عزم المزدوجة في قدرته على الحفاظ على التوازن الداخلي لشعاع بسيط أو لنظمٍ هيكليّة بسيطة أخرى، وبالتالي فإن استيعاب هذا المفهوم مهمٌ جدًا عند دراسة سلوك البنى الإنشائية.
إنّ جسر Saltash أو Royal Albert Bridge الذي صُمم من قبل المهندس المدني البريطاني إسامبارد كينجدم برونيل (Isambard Kingdom Brunel)، يعد مثالًا حيًّا على استخدام المزدوجة في تثبيت المنشآت؛ حيث يظهر أثر المزدوجة واضحًا من منتصف طريقه، إذ تتولد عن قوة الضغط في الوتر العلوي وقوة الشد المساوية لها والمعاكسة بالاتجاه في حبال التعليق. قيمة المزدوجة تساوي إحدى القوتين الشادة أو الضاغطة مضروبةً بالبعد d بين هاتين القوّتين. تزداد وتنقص قيمة القوتين هاتين معًا مع زيادة تحميل الجسر.
نذكر كمثالٍ آخر مصباح الإنارة المعلق البسيط هذا، حيث يولد ثقل المصباح عزمًا شدته تساوي جداء وزن المصباح في طول الذراع الحامل، ليقاوم هذا العزم مزدوجة تنشأ في الهيكل المعدني أو الأذرع المعدنية الحاملة له. قوتا العزم والشد تفصل بينهما مسافة أقل بكثيرٍ من المسافة التي تفصل بين المصباح والعمود، إلا أنهما ومع ذلك يضعان النظام ككل بحالة توازن.