اوغاريت حضارة وملوك وأبجدية
عندما نقول اوغاريت يتبادر إلى أذهاننا مباشرةً أول أبجديةٍ في التاريخ، ففي أوغاريت شُيّدت حضارةً عظيمةً انطلقت منها هذه الأبجدية للعالم، وفيما يلي نبذة عن مدينة أوغاريت السورية.
أوغاريت؛ مدينةٌ ساحليةٌ مهمةٌ تقع في بلاد الشام الشمالية (سوريا الآن)، لم تكن أبدًا قوة عظمى، إلا أنها كانت مركزًا اقتصاديًا رئيسيًا في الشرق الأدنى القديم وكانت بمثابة مركزٍ تجاريٍّ رئيسيٍّ بين مصر وآسيا الصغرى وبلاد ما بين النهرين.
تقع أوغاريت على تلٍ أثريٍّ يدعى رأس شمرة على بعد 10 كم شمال اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال سوريا. اُكتشفت أنقاضها بالصدفة على بعد حوالي نصف ميلٍ من الشاطئ بواسطة فلاح كان يحرث أرضه في خليج البيضا، لتبدأ بعدها الحفريات عام 1929 من قِبل بعثةٍ أثريةٍ فرنسيةٍ تحت إشراف كلود إف. شيفر.
آلهة اوغاريت
من الأدلة الموجودة على الألواح الطينية التي سجّلت أساطير آلهة أوغاريت القديمة، توضّح أن آلهتهم لم تكن فريدةً بل كان معظمها معروفًا في بلاد ما بين النهرين وأنحاء بلاد الشام.
ولكن فضّل أهل اوغاريت بعض الآلهة مثل إيل الذي كان يُعتبر أبًا لجميع الآلهة وللبشر وملكًا عليهم أيضًا، باستثناء بعل الذي أزاح إيل عن الحكم ويتصف إيل بأنه حكيمٌ وخيرٌ ومتسامحٌ.
وبعل؛ هو الإله النشـيط، يقيم في جبل سـابون أو صفُن شمالي اللاذقية واسمه يعني تعني المالك أو السيد والزوج كان بعل إله الخصوبة والطقس والأمطار والعواصف ولُقّب ببعـل عليان؛ أي بعل السامي العظيم.
وعناة هي آلهة الحب والجمال والخصوبة، وفي الوقت نفسـه هـي آلهة الحرب، وفي بعض المناطق كانت آلهة الطبيعة وقوة الحياة ولقبها البتول. وهناك يم إله البحر والأنهار ودجن ورشف وموت وعشتار.
وصِف إيل (الذي كان كان على الأغلب إله إبراهيم) بأنه إلهٌ مسنٌ ذو شعرٍ أبيض، يجلس على العرش. على الرغم من أنه كان أعلى إله وأب لكثيرٍ من الآلهة الأخرى، إلا أنه ورّث ملكية الآلهة لبعل عندما هزم يم الذي تحول إلى طاغيةٍ وحاول أن يُطالب زوجة إيل عشيرة (عشتاروت) أن تصبح زوجةً له. عُرف بعل في أوغاريت بعدة ألقابٍ مثل: ملك الآلهة والعلي (عليون) و بعلزبول الأمير بعل وراكب الغيوم.
حضارة أوغاريت
إن الفترة الأكثر ازدهارًا والأكثر توثيقًا هي الفترة الممتدة من 1450 حتى 1200 ق. م والتي تتضمن فترة الهيمنة المصرية (1400-1350) وهيمنة الحوثيين (1350-1200). في هذا العصر شيّدت القصور الملكية العظيمة والمعابد والأضرحة المقدسة، ومكتبة للكاهن الأكبر ومكتبات أخرى في الأكربولوس في أوغاريت، ولوحظ التأثير للميسينين من الأقبية التي بنيت تحت المنازل الحجرية، كما عُثر على الفخار النصري والميسيني بكمياتٍ كبيرةٍ أيضًا.
ملوك اوغاريت
أبجدية أوغاريت
هي نظام كتابة مسماري استخدم على الساحل السوري من القرن الخامس عشر حتى الثالث عشر قبل الميلاد. يُعتقد أنه اُختراعٌ بشكلٍ مستقلٍ عن أنظمة الكتابة المسمارية الأخرى وعن الأبجدية الشمالية السامية الخطية، رغم التشابه في بعض الأحرف مع الأبجدية الشمالية السامية، إلا أن الأوغاريتية كُتبت من اليسار إلى اليمين. وهي مكونةٌ من ثلاثين رمزًا تضمن ثلاث اشارات لفظية لأحرف العلة، على عكس الحروف الساكنة الـ 22 في الأبجدية الشمالية للسامية. كتبت الوثائق الأوغاريتية على ألواحٍ طينيةٍ بقلمٍ على شكل إسفين ويعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر - الرابع عشر قبل الميلاد. عُثر عليها في أولًا في أوغاريت (رأس شمرا) على الساحل السوري في عام 1929. وعُثر لاحقًا على نقشانٍ آخران باللغة الأوغاريتية أحدهما في بيت شيمش في فلسطين وفي الجليل الأسفل، مما يرّجح أن هذه الأبجدية كانت منتشرةً على نطاقٍ واسعٍ.
ملحمة أقهات
هي ملحمةٌ أوغاريتيةٌ محفوظةٌ على ثلاث ألواحٍ طينيةٍ، اثنان منهم كانا في حالةٍ سليمةٍ نسبيًا. أما الثالث فكان في حالةٍ سيئةٍ لذلك فإن نهاية ملحمة أقهات مجهولة، وهي باختصارٍ كالتالي:
تبدأ القصة بالحديث عن دانئيل (دانيال) الذي ربما كان ملكًا، أو زعيمًا مثل ابراهبم في العهد القديم. في بداية القصة يصلي دانئيل العظيم للإله ليرزقه بولدٍ يعتني به في شيخوخته ويحفظ له نسبه. يستجيب الإله إيل لدعائه ويقضي أن يكون ل ولد، يولد أقهات بشكلٍ طبيعيٍّ ويكبر ليصبح ولدًا بارًا لوالديه وفي أحد الأيام يأتي إله الحِرف والصناعة المدعو كوثر حاسسيس لزيارة دانئيل ومعه قوس صنعها بنفسه وجعبة ونبال فيعطي القوس لدانئيل ليقدمه هديه لابنه أقهات، لكن هذه القوس كانت بدايةً للمشاكل فقد رأتها آلهة الحب والحرب عناة وأرادتها لنفسها وعرضت على أقهار شرائها منه فرفض عرضها لذلك أرادت قتله ومن هنا تبدأ أحداث القصة.