تأثير الدومينو

سالي ديب
سالي ديب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

تمامًا كما في لعبة الدومينو، عندما ترتّب الأحجار وقوفًا بشكلٍ عموديٍّ ومتتالٍ بحيث يؤدي دفع أحدها إلى سلسلةٍ من التدافعات المتتالية والناتجة إحداها عن الأخرى وسقوط كافة الأحجار في النهاية، يمكن لبعض المجريات التي تدور من حولنا أن تتبع تتاليًّا سببيًّا مشابهًا لسقوط الأحجار في لعبة الدومينو، وعرف ذلك باسم تأثير الدومينو (The Domino Effect).


مفهوم تأثير الدومينو

تأثير الدومينو هو تلك الحالة التي يؤدي فيها حدثٌ ما - والذي غالبًا ما يكون سيّئًا - لسلسلةٍ من الأحداث السيئة التالية له والناتجة عنه.


الظهور الأوّل لتأثير الدومينو كمصطلح دوليّ

اشتهر المصطلح في عالم السّياسة والحروب بعد أن استخدمه الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور (Dwight David Eisenhower) في خطابه الشهير الذي حذّر فيه من أن خضوع فيتنام للحكم الشيوعي يمكن أن يكون له تأثيرٌ يشبه الدومينو في جنوب شرق آسيا. لقد توضّح للولايات المتحدة منذ أوائل عام 1954 أن الفرنسيين أخفقوا في إعادة سيطرتهم على الهند الصينية (فيتنام)، بعد أن انتزعتها منهم اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، خاصّةً بعد أن كان القوميّون الفيتناميّون على وشك تحقيق نصرٍ مبهرٍ ضد القوّات الفرنسية في معركة Dien Bien Phu بقيادة قائدهم في ذلك الحين؛ هو تشي منه Ho Chi Minh.

بدورها الولايات المتحدة، وخوفًا من موافقة مؤتمر جينيف (المنعقد في تلك الفترة لمناقشة تسوية سياسيّة للصراع الفيتنامي الفرنسي) على نشوء نظام حكمٍ يتبنّى الشيوعية في الفيتنام، عملت من خلال خطاب إيزنهاور على حشد تأييد الكونغرس بالإضافة للتأييد الشعبي للسماح بزيادة المساعدات الأمريكية للفرنسيين، زاعمًا من خلال شرحه تأثير الدومينو أن خضوع فيتنام لحكمٍ شيوعيٍّ سيُردي بالعديد من الناس تحت رحمة الدكتاتوريّة الشيوعيّة، وسيكون لذلك تأثير سلبي على بورما، وتايلاند، وشبه الجزيرة وإندونيسيا، وأن سلسلة الأزمات هذه ستصل بالتأكيد إلى اليابان.

دوايت أيزنهاور كان الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة وحاكمها الأبرز بين عامي 1953-1961، وكان حينها القائد الأعلى للجيش الأمريكيّ ولقوات الحلفاء في أوروبا الغربية خلال الحرب العالمية الثانية.


أمثلة عن تأثير الدومينو

خرج هذا المصطلح لاحقًا عن كونه مصطلحًا عسكريًّا ليُستخدَم في وصف أحداثٍ متتاليةٍ مرتبطة سببيًّا مهما كان موضوعها، ومن أهم الأمثلة على تأثير الدومينو:

  • في الاقتصاد: يمكن النظر إلى الاقتصاد والمعاملات التجاريّة بين الدول من منظور تأثير الدومينو، فمثلًا؛ عندما تحدث زيادةٌ في سعر سلعةٍ معيّنةٍ - لنقل المحروقات - في مجموعة الدول المصدّرة له OPEC، سيؤدّي ذلك لارتفاع سعره في جميع الدول التي تستورده تبعًا لاحتياجاتها. من الأمثلة المهمّة الأخرى عن تأثير الدومينو نجد الأسواق الماليّة، فعندما تعلن شركةٌ ما عن مكافأةٍ أو زيادة أرباحٍ، سيرتفع سعر أسهمها بسرعةٍ كبيرةٍ كرد فعلٍ على زيادة الأرباح.
  • في العلوم البيولوجيّة: من الأمثلة المثيرة للاهتمام على تأثير الدومينو في جسم الإنسان هو الآلية التي يتم بها تفعيل نظام المتممة التابع للجهاز المناعي. يعتبر نظام المتممة عبارةً عن مجموعةٍ من الأنزيمات الخامدة التي تتفعّل بتأثير مجموعةٍ من العوامل؛ فعند دخول أيّ عاملٍ ممرضٍ إلى الجسم، يتنبّه أحد هذه العوامل ويفعّل الإنزيم الأوّل مما يقود لسيلٍ من الاستجابات للإنزيمات، الواحد تلو الآخر حتى تحدث استجابةٌ كاملةٌ تفيد في دفاع الجسم عن نفسه ضد العامل الممرض.
  • في علم النّفس: تأثير الدومينو شائعٌ جدًا ومستخدمٌ بكثرةٍ في مجال علم النّفس. فكلّنا مررنا بتجربة أحد تأثيرات الدومينو بشكلٍ أو بآخر. لنفترض مثلًا أنّ الوالدة في المنزل مستاءةٌ من أمرٍ ما، سيؤثّر ذلك على أدائها لواجباتها، ثم قد يقود ذلك لمشاكلَ مع الأب، وسيتأثّر الأولاد من جوِّ التوتر هذا، وقد يتجلّى على شكل غضبٍ أو تصرّفٍ مزاجيٍّ مع أصداقائهم في المدرسة. مواصلة ردود الفعل الناتجة عن فعلٍ بسيطٍ في الأصل، وهو بالضبط ماهيّة تأثير الدومينو.

تأثير الدومينو الإيجابيّ

كنّا قد عرّفنا تأثير الدومينو على أنّه تتالٍ لسلسلةٍ من الأحداث التي غالبًا ما تكون سيئةً، وقد استخدم هذا التعريف في علم النفس لتوصيف العديد من الحالات النفسية والاضطرابات السلوكيّة التي ينتج أحدها عن الآخر بما يشبه الدومينو. ولكنّ هذا التعريف أثار فضول أخصائيي علم النفس عن كيفيّة استخدامه بشكلٍ إيجابيٍّ في تحقيق حياةٍ أكثر صحيّةً نفسيًّا وأكثر سعادةً.

على اعتبار أن كلّ هدفٍ من أهدافنا يمثّل حجرًا من أحجار الدومينو، وبتطبيق ما عرّفناه عن هذا التأثير، فإن ترتيب الأهداف تبعًا لأولويّتها سيعطي كل هدفٍ محققٍ دافعًا لتحقيق المزيد تمامًا مثل الدومينو! سواء وصلت إلى الدومينو (الهدف) النهائي أم لا، فأنت حصّلت في طريقك إليه الكثير من المعارف والخبرات التي ستغني مسيرتك، وتؤهّلك لتحقيق المزيد.

هل أعجبك المقال؟