عوامل قيام الحضارات

مرام سليمان
مرام سليمان

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

يشير مصطلح الحضارة بشكلٍ أساسيٍّ إلى مستوىً معين من التطور والتعايش في المجتمع بسلامٍ وتجانسٍ، وقد شكلت الحضارات الناجحة القديمة نموذجًا هامًّا لحضاراتٍ لاحقةٍ، وسنتعرف في مقالنا هذا على أهم عوامل قيام الحضارات عبر التاريخ.


مفهوم الحضارة

الحضارة هي حالةٌ متقدمةٌ للمجتمع الإنساني تجاوز فيها هذا المجتمع حالة الفوضى ووضع أسسًا تنظيميةً لحياة الناس، مما نشر نمط حياة أكثر راحةً وفتح مجالات تفكيرٍ وعمل أكثر أمامهم كمجالات التعليم والفنون وغيرها..

تطورت معظم الحضارات القديمة في الفترة بين 4000 و3000 قبل الميلاد عند تطور الزراعة والتجارة، الأمر الذي منح الناس نوعًا من الوفرة الغذائية والمادية، وقد تخلى العديد من الناس لاحقًا عن الزراعة متجهين نحو أنواعٍ أخرى من المهن والحرف والاهتمامات التي أغنت مجتمعاتهم، وظهرت أولى الحضارات في بلاد الرافدين ثم في مصر.

ازدهرت الحضارات في وادي السند حوالي عام 2500 قبل الميلاد، وفي الصين حوالي عام 1500 قبل الميلاد، ليتوالى بعد ذلك نشوء الحضارات في قارات العالم ما عدا القارة القطبية الجنوبية. .


أهم عوامل قيام الحضارات

لقد ساعدت الاكتشافات الأثرية والمستحاثات وبقايا المدن القديمة المرتبطة بالشعوب القديمة في تشكيل فكرةٍ عن نشوء ونمو الحضارات القديمة التي ساعدت في رسم الحضارة اليوم، ورغم أن بعض هذه الحضارات كانت قائمةً على الأساطير والخرافات كالحضارة الرومانية وحضارة أتلانتيس، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية هذه الحضارات القديمة لأن كلًا منها شكل عاملًا هامًّا ومميزًا في تكوين العالم، ، وبشكلٍ عام فقد نشأت الحضارات عندما بدأ الناس بالاستقرار وتحسنت الحالة الاقتصادية والثقافية، وقد ساعد في ذلك عدة عواملَ هي:

  • الطعام والاقتصاد، فعندما توفرت كمياتٌ كافيةٌ من الطعام ازداد عدد السكان الذي ترافق مع زيادة الطلب على الطعام، ومن أجل ذلك كان لا بد من القيام بالتالي:
    • تأمين مصدر موثوق ومستقر من الطعام سواء كان الاعتماد على الزراعة و/ أو تربية الحيوانات، والاستفادة من لحمها وحليبها.
    • الاستقرار في مكانٍ واحدٍ طالما أن الزراعة وزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية، والاعتناء بالحيوانات أمورٌ تتطلّب بقاء الناس في أماكنَ قريبةٍ من أماكن عملهم في الحقول.
    • تطور الصناعات المعدنية بعد أن أصبح الناس قادرين على التنقيب عن الرصاص والنحاس والبرونز والذهب والفضة والحديد وغيرها من المعادن، وتحويلها إلى أدواتٍ تفيد في عملية إنتاج الطعام.
    • تطور الحرف وإيجاد مهنٍ تتطلب أفرادًا قادرين على تخصيص جزءٍ من وقتهم، أو التفرغ الكامل لإنجازها كالأعمال النسيجية وإنتاج الفخاريات وصنع المجوهرات.
    • وجود أعداد كافية من الأيدي العاملة.
    • نشأة التخطيط الحضري وإيجاد المراكز السياسية والدينية وأماكن استقرار مجتمعية دائمة ذات عناصرَ مختلفةٍ.
    • ظهور الأسواق وتطورها لتقابل احتياجات الفئات النخبوية في المجتمع من الطعام والبضائع، وتوفيرها احتياجات عامة الشعب لضمان تحقيقهم الاكتفاء والأمان الاقتصادي.
  • العمارة والتقدم التقني، والمقصود بالتقدم التقني هو البناء الاجتماعي والمادي المحسوس الذي يدعم نمو السكان، وبالتالي قيام الحضارات على أساسها، ويشمل ذلك ما يلي:
    • وجود أبنية كبيرة خارجية يمكن للمجتمع مشاركتها كالكنائس والمعابد والقصور، وكل ما يشار إليه بكونه معلمًا أثريًّا.
    • وجود أنظمةٍ للكتابة لتبادل المعلومات عبر مسافاتٍ طويلةٍ داخل وخارج منطقةٍ ما.
    • وجود مجموعاتٍ دينيةٍ يرأسها رأس ديني كالكاهن أو الشامان.
    • وجود تقويم أو مراقبة للأرصاد الجوية لمعرفة وقت تغير الفصول.
    • وجود شبكاتٍ طرقية لربط المجتمعات ببعضها.
  • السياسة وضبط المجتمع، ويشمل البناء السياسي للمجتمعات المتقدمة ما يلي:
    • ساعد وجود ربط طرقي بين المجتمعات على مشاركة البضائع مما ساهم في إنتاج بضائع غريبة وفخمة كالكهرمان البلطيقي؛ وهو نوعٌ من المجوهرات مصنوعٌ من معادنَ ثمينةٍ، والزجاج البركاني وصدفة المحار الشوكي والعديد غيرها من المواد الأخرى.
    • ظهور الطبقات الاجتماعية والألقاب ذات السلطات المختلفة في المجتمع.
    • تشكيل قوى عسكرية مسلحة لحماية المجتمع وقادته.
    • إيجاد طرق لجمع الضرائب والجزية إضافةً إلى الأملاك الخاصة.
    • وجود حكومة مركزية لتنظيم كل ما سبق.

لا يشترط تواجد جميع هذه العوامل والميزات مع بعضها في مجتمع ما ليُسمى حضارة، إلا أن توافرها جميعًا يعتبر دليل مجتمع متطور نسبيًا.


أولى حضارات العالم

شهدت بلاد ما بين النهرين (Mesopotamian Civilization) قيام الحضارات الأولى في العالم، حيث لا توجد أية أدلةٍ تشير إلى وجود حضارات سبقتها، وامتدت بين عامي 3300 قبل الميلاد و750 قبل الميلاد، وتًعتبر هذه الحضارة أولى المواطن التي شهدت قيام مجتمعٍ متحضر.

بدأت فكرة تطوير الزراعة حوالي عام 8000 قبل الميلاد، وشاعت فكرة تربية المواشي تدريجيًّا للاستفادة منها في الزراعة والحصول على الطعام، وعلى الرغم من أن الفنون كانت شائعةً قبل قيام هذه الحضارة حيث كانت جزءًا من الثقافة الإنسانية، جاءت حضارة بلاد ما بين النهرين لتطور كل الأنظمة وتضيف إليها، وتشكل منها جميعًا أول حضارةٍ إنسانية، وقد ازدهرت في منطقة العراق وعُرفت لاحقًا باسم الحضارة البابلية والحضارة السومرية والحضارة الآشورية.

قامت بعدها عدة حضاراتٍ هامة، وقد أسهمت كلّ منها في تطوير المجتمعات وتقديم اختراعات وأفكار وثقافات جديدة ونمط حياةٍ مختلف ومتجدد، وكان ذلك بمثابة منارةٍ للشعوب اللاحقة لبناء المجتمعات التي نعيشها اليوم، ومن هذه الحضارات حضارة وادي السند والحضارة المصرية القديمة وحضارة المايا والحضارة الصينية والحضارة اليونانية وغيرها..


الأسئلة الشائعة عن عوامل قيام الحضارات

كيف بدأت الحضارة؟

نشأت الحضارات الأولى في وقت مبكر في بلاد ما بين النهرين، رافقها تطوير المدن، تلتها الحضارة المصرية على طول نهر النيل، وحضارة الهاربان في وادي السند. مكوّنةً من من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون.

ما هي أنواع الحضارات؟

أنواع الحضارات القديمة:
1. الحضارة السومرية
2. الحضارة البابلية
3. الحضارة الآشورية
4. الحضارة المصرية القديمة
5. حضارة وادي السند
6. حضارة المايا
7. الحضارة الرومانية
8. حضارة الأزتك

ما هي أهمية الحضارة؟

تنبع أهمية الحضارة من وجود وسائل الاستقرار التي يحتاجها الإنسان، ليشعر بالراحة والطمأنينة، مما يجعله أكثر إبداعًا. أضف إلى ذلك رفع قيمة الأنسان، والنهوض به من ناحية أخلاقيّة وفكريّة، وذلك من خلال مجموعة من النظم الأخلاقيّة والفكريّة، التي تتبنّاها الحضارات المختلفة.

ما هو العامل الرئيسي في قيام حضارات العالم القديم؟

بسبب تطور الزراعة والتجارة، ما منح الناس نوعًا من الوفرة الغذائية والمادية، وقد تخلى العديد من الناس لاحقًا عن الزراعة متجهين نحو أنواعٍ أخرى من المهن والحرف والاهتمامات التي أغنت مجتمعاتهم، وظهرت أولى الحضارات في بلاد الرافدين ثم في مصر.

هل أعجبك المقال؟