تريند 🔥

📱هواتف

ما الفرق بين علم الفلك وعلم الكونيات

ياسمين السيد
ياسمين السيد

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

7 د

لطالما حدق البشر في السماء باحثين عن معنى ووصف للكون الذي يعيشون فيه، على الرغم من أن حركة الأبراج - أنماطٌ شكليةٌ تتخذها مجموعة من النجوم في السماء ليلًا - كانت الأسهل في أن يتم تتبعها؛ إلّا أن بعض الأحداث الكونية الأخرى مثل الكسوف، وحركة الكواكب تم أيضًا رصدها ورسم مخططات لها بالإضافة إلى إمكانية التنبؤ بوقوعها، وفي هذا الصدد يتردد ذكر علمين ضرورين في دراسة الكون وهما علم الفلك وعلم الكونيات.

المنهج واحد والأسلوب مختلف؛ حيث يتخذون من الكون منهجًا واحدًا للدراسة والرصد، ويصل كل منهما إليه بأسلوبه وبحثه الخاص، ما طبيعة هذا البحث وما هي طريقة الدراسة؟ هذا ما سنتطرق إليه في هذا المقال بشيءٍ من الإيجاز المفيد.

ما هو علم الفلك

علم الفلك هو العلم الذي يختص بدراسة الشمس، القمر، النجوم، الكواكب، المذنبات، المجرات، الغبار الكوني، والأجرام والظواهر الفلكية الأخرى، وعلى مدار التاريخ ارتبط علم الفلك بالتنجيم، لكن التنجيم ليس بعلم، ولم يعد يُعترف بيه في تناول أي ظاهرةٍ أو تفسيرٍ أي حدثٍ مع علم الفلك.

تاريخيًا، ركز علم الفلك على رصد الأجرام السماوية، ويتشابه كثيرًا مع علم الفيزياء الفلكية astrophysics، يمكن أن نقول ببساطةٍ أن الفيزياء الفلكية فرع من علم الفلك تختص بدراسة فيزياء الكون وتُركز جهودها على دراسة وتتبع سلوك، وخصائص، وحركة الأجرام في الفضاء. بينما يتضمن علم الفلك الحديث العديد من المباديء التى تدرس حركة وخصائص تلك الأجرام، وغالبًا ما يُستخدم كلا المصطلحين (الفيزياء الفلكية، علم الفلك) في هذا العصر.. كما يولي علماء الفلك المعاصرين جُل اهتمامهم لمجالين فرعيين هما علم الفلك النظري، وعلم الفلك الرصدي.

  • يركز علم الفلك الرصدي على الدراسة المباشرة للنجوم، الكواكب، المجرات.. وهلم جرا.
  • بينما يضع علم الفلك النظري النماذج ويحلل الآراء العلمية حول كيفية تطور الأنظمة الكونية.

وعلى عكس معظم مجالات العلم الأخرى فإن علماء الفلك غير قادرين على رصد أي نظامٍ بصورةٍ كاملةٍ منذ نشأته وحتى نهايته، فعمر الكون بما فيه من نجوم ومجرات يمتد من ملايين إلى بلايين السنين؛ وعوضًا عن ذلك فإنهم يعتمدون على اللقطات الفوتوغرافية للأجسام من مختلف أطوار تطورهم لمعرفة كيف تكونوا، تطوروا، ثم ماتوا.. لذا يتجه كل من علم الفلك النظري والرصدي إلى الاندماج سويا والعمل بتكامل؛ فبينما يستخدم العلماء النظريين المعلومات التي تم تجميعها ليصمموا نماذج محاكاة للأنظمة والظواهر الكونية، يعمل المجال الرصدي على إثبات تلك النماذج مثلًا.

ما هي مجالات علم الفلك

يُقسم علم الفلك إلى عددٍ من المجالات مما يتيح للعلماء أن يتخصصوا في دراسة أجرامٍ أو ظواهرٍ معينةٍ.

  • علم الفلك الكوكبي planetary astronomy

يركز علماء هذا المجال على تتبع نمو، وتطور، وموت الكواكب. بينما يهتم معظم العلماء بدراسة العوالم داخل النظام الشمسي؛ فإن علماء هذا المجال يسعون لإيجاد براهين على وجود كواكب تدور حول نجوم أخرى غير الشمس علاوةً على التنبؤ بأشكال تلك الكواكب.

ويعتبر علم الكواكب planetary science بمثابة الملتقى الذي يشمل في كنفه جوانب من علم الفلك والعلوم التي تدرس طبقات الغلاف الجوي وعلم طبقات الأرض geology وفيزياء الفضاء وعلم الأحياء والكيمياء.

  • علم الفلك النجمي Stellar astronomy 

يوجهون أنظارهم إلى عالم النجوم بما فيه من الثقوب السوداء، السُدم، الأقزام البيضاء، انفجار النجم الأعظم supernova، وكل ما يتبقى بعد موت النجوم.
طبقًا لجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس: "يركز علم الفلك النجمي على العمليات الفيزيائية والكيميائية التي تحدث في الكون".

  • علم الفلك الشمسي solar astronomy

يقضي علماء هذا المجال وقتهم في دراسة ورصد نجمٍ واحدٍ فقط ألا وهو الشمس، وطبقا لناسا فإن كمية ونوعية الضوء الصادر من الشمس يندرج في نُطق زمنية مختلفة تتراوح بين جزء من ألف من الثواني milli-seconds إلى بلايين السنين. وفهم تلك التغيرات يتيح للعلماء إدراك التأثيرات الواقعة على الكرة الأرضية، كما تمثل الشمس أيضًا نموذج لفهم آلية عمل النجوم الأخرى حيث أنها النجم الوحيد القريب بصورةٍ كافيةٍ تضمن إظهار التفاصيل المختلفة عن سطحها.

  • علم الفلك المجري galactical astronomy

هو العلم الذي يختص بدراسة مجرتنا "درب التبانة"، بينما  يهتم علم الفلك خارج المجري Extragalactical astronomy بدراسة المجرات خارج درب التبانة ليكتشفوا كيف تتشكل، تتغير، ثم تموت.
تقول جامعة "ويسكونس- ماديسن": " دراسة نماذج من النجوم لمعرفة توزيعها وتركيبها، بالإضافة إلى حالاتها الفيزيائية والغازات الموجودة بها، يفيدنا في تتبع التاريخ التطوري لمجرتنا".

ما هو علم الكونيات

علم الكونيات cosmology هو فرعٌ من علم الفَلك astronomy يدرس أصل وتطور الكون، بدايةً من الانفجار العظيم، مرورًا بالحاضر، ووصولًا إلى المستقبل، وطبقًا لناسا فإن علم الكونيات يُعني بالدراسة العلمية لخصائص الكون ككلٍ وعلى نطاقٍ متسعٍ.

يسعى علماء الكون لتفسير بعض الظواهر الغريبة مثل نظرية الأوتار، المادة السوداء، الطاقة المظلمة، وتسألوا إذا ما كان هناك كونٌ واحدٌ أم العديد من الأكوان multiverse، بينما يتعامل علم الفلك مع الأشياء والظواهر المفردة، أو حتى مجموعةٍ من الظواهر؛ ولكن تظل دراسة علم الفَلك محددة في إطارٍ معينٍ يحتمه الاختصاص، حيث أن علم الكونيات يتسع ليشمل الكون بأسره في البحث والدراسة ومن المهد إلى اللحد في محاولة لفهم هذا الكون الذي يداهمنا بسيلٍ من الألغاز في كل مرحلةٍ من مراحل تطوره.
لقد تطور فهم البشرية للكون بشكلٍ ملحوظٍ بمرور الوقت، في بودار تاريخ علم الفلك؛ اُعتُقِد أن الأرض مركز الكون يدور حولها الكواكب والنجوم.

في القرن السادس عشر، قال العالم البولندي نيكولس كوبيرنيكوس Nicolaus Copernicus أن الأرض والكواكب الأخرى في النظام الشمسي يدورون في الواقع حول الشمس خالقًا بهذا الافتراض تحول جذري في فهمنا للكون، وفي أواخر القرن السابع عشر، قام اسحاق نيوتن بحساب كيفية تأثير القوى -وخاصةً قوى الجاذبية- بين الكواكب.

ولقد أتى فجر القرن العشرين بالمزيد من الأفكار التي تركت بصمتها في فهمنا للكون الشاسع، حيث قام ألبرت اينشتاين بتوحيد المكان والزمان في نظريته العامة للنسبية.

وفي أوائل القرن العشرين؛ دار بين العلماء جدال محتد حول إذا ما كان الطريق اللبن "مجرة درب التبانة" يشمل الكون بأسره في مداه واتساعه، أم أنه وببساطةٍ مجرد جزء واحد من بين العديد من مجموعات النجوم.

قام الفلكي إدوين هابل Edwin Hubble بحساب المسافة التي يقع عندها جسمٌ ضبابيٌّ غامضٌ في السماء، وقدّر أنه يوجد خارج درب التبانة، مثبتًا بذلك أن مجرتنا ليست إلا نقطة صغيرة في كونٍ شاسعٍ مستغلًا النسبية العامة لتأطير المهمة والحسابات التي أجراها، كما قام برصد مجراتٍ أخرى موضحًا أنهم يسبحون في الفضاء مبتعدين عن الولايات المتحدة مما قاده إلى أن يستنبط أن الكون لا يعرف السكون والثبات ولكنه يتمدد باستمرارٍ.

وفي العقود الأخيرة، أثبت عالم الكونيات "ستيفن هوكينغ" أن الكون في حد ذاته محدود وله حجمٌ معينٌ، ولكن ينقصه حدود واضحة، تمامًا مثل كوكب الأرض؛ فعلى الرغم من وقوعه في مساحةٍ معينةٍ من الكون إلا أن المسافر الذي يجوب أرجاءه شمالًا وجنوبا شرقا وغربا لن يبلغ أبدًا "نهاية" بالمعنى المعروف المحدد، ولكنه سيظل يطوف حول العالم. كما قال هوكينج أيضًا أن الكون لن يستمر للأبد فهو مثل أي شيءٍ آخر سيلقى حتفه في نهاية المطاف.

يختص علم الكونيات بدراسة الأجسام الضخمة كما يُعنى بدراسة هندسة الكون، تاريخه، و كيفية نشؤه، إنه وبشكلٍ عام يهتم بتكوين الجزيئات والمواد الكيميائية في الكون وآلية تطورها فضلًا عن تحديد أعمارها.

وفي عصرنا الحالي ينقسم علم الكونيات إلى كلٍ من علم الكونيات النظري وعلم الكونيات الرصدي، أحد أهم الأسباب الرئيسية التي دفعت العلماء لاستخدام تلسكوب هابل الفضائي هو مراقبة وتحديد معدل التمدد الذي يحدث في الكون بدقة عالية. ورصد الظواهر الكونية الأخرى، فقياس الظواهر على نطاق متسع مثل معدل التقوس والتمدد يندرج أسفل علم الكونيات الرصدي.

وفي قسم الفلك بالجامعة سوف تجد الطلاب يدرسون علم الكونيات (الذي يدرس بوجه عام شكل وتاريخ الكون) والبعض يدرس الفيزياء الفلكية astrophysics لمعرفة كيف تتشكل النجوم، كيف يطرأ عليها التغيُر والتحول بمرور الزمن، كيف تنفجر، كيف تعمل النجوم الفلكية البعيدة Quasars، ما الذي يُكوِّن الأشعة الكونية وغيرهم الكثير.

ونعهد الآن كل من علم الفيزياء الفلكية النظرية والرصدية، حيث تهتم علم الفيزياء الفلكية النظرية بوضع نماذجٍ رياضيةٍ للنجوم على سبيل المثال، أما الفيزياء الفلكية الرصدية تُعني بالتحقق من تلك النماذج ومقارنتها بالواقع لمعرفة إذا ما كانوا متوافقين.

الفارق الأساسي بين علم الفلك وعلم الكونيات

علم الفَلك علمٌ طبيعيٌّ يتعامل مع الأجرام السماوية مثل النجوم، الكواكب، السدم، والمجرات وغيرها، ويهتم كذلك بدراسة الظواهر والأحداث الكونية التي تنشأ خارج الغلاف الجوي للأرض مثل إشعاعات الخلفية الكونية، ويشمل علم الكونيات والفيزياء الفلكية كفرعين أساسين من فروعه.
الفيزياء الفلكية هي ذلك الفرع الذي يتعامل مع فيزياء الكون، مثل الخصائص الفيزيائية للأجرام السماوية، بالإضافة إلى تفاعلاتهم وسلوكهم.

علم الكونيات هو الفرع الذي يُعني بدراسة طبيعة الكون ككلٍ، يسعي علماء الكونيات لفهم أصل وتطور وتركيب ومصير الكون.. بالإضافة إلى القوانين الطبيعية التي تُبقيه على نظامة دون خلل.

يتلخص الفارق الأساسي بين علم الفلك والفيزياء الفلكية وعلم الكونيات في أن علم الكونيات يدرس الكون ككلٍ وظواهره على نُطقٍ أكبر، على عكس الفلك أوالفيزياء الفلكية اللذان يدرسان الأجرام منفردةً، ثم إن علم الفلك يهتم بشكلٍ أساسيٍّ برصد وقياس مواضع تلك الأجرام وأبعادها عوضًا عن إعطاء التفسيرات، وعلى الصعيد الآخر؛ تحاول الفيزياء الفلكية وعلم الكونيات تفسير الظواهر التي رصدها علم الفلك.

هل أعجبك المقال؟