ما تعريف الجودة
عُرفت الجودة كمفهومٍ منذ سنواتٍ، لكن شهرتها بدأت فعليًّا في القرن العشرين بعد الثورة الصناعية وظهور الإنتاج الضخم، وإدراك الشركات للحاجة إلى تعريفٍ وضبطٍ أفضل للعمليات.
وبسبب أهمية الجودة، فليس هنالك اتفاقٌ كاملٌ على تعريفها، ويرى كثيرون أن أي عملٍ تجاريٍّ سيفشل حتمًا في حال عدم قدرته على إدارة جودة عملياته ومنتجاته، فهي أمرٌ حاسمٌ للمبيعات، وضبط الكلفة، والإنتاجية، وإدارة المخاطر والامتثال.
وتتولى المنظمة الدولية للتوحيد القياسي "الآيزوISO " موضوع الجودة، وهي كيانٌ عالميٌّ يقوم بوضع المعايير. وتتألف من ممثلين عن عدة منظمات مقاييس وطنية.
ويُعرف معيار الآيزو 8402-1986 "الجُّودة" على أنه إجمالي الميزات والخصائص التي تمنح المنتج أو الخدمة القدرة على إرضاء وتلبية الحاجات المُعلنة والمُتّفق عليها.
أما حسب معيار الآيزو 9001:2015، فالجودة هي "الدرجة التي تستطيع أن تحققها مجموعة من الخصائص الأصلية لموضوعٍ ما فيما يتعلق بتلبية المتطلبات"، والتي تعني هنا تلبية متطلبات "العميل".
وبشكلٍ عام، تشير الجودة إلى مدى كون الشيء جيّدًا مقارنةً بالأشياء المشابهة له. بمعنى آخر درجة تفوقه. وعندما تُستخدم لوصف الناس، فإنها تُشير إلى الصفات أو الخاصيات المميزة التي يمتلكونها، وبالإمكان استخدام المصطلح بهذا المعنى للأشياء، أما عندما نقول "أصحاب الجُّودة" فعادة ما يقصد به الأشخاص الذين يتمتعون بمكانةٍ اجتماعيةٍ عاليةٍ، لكن تراجع استخدامه بهذا المعنى اليوم.
الجُّودة والعلاقات
تُعرف الجودة ذاتها أساسًا في إطار مفهوم العلاقات على أنها العملية المستمرة لبناء وتعزيز العلاقات عن طريق تقييم وتوقّع، وتلبية الحاجات المعلنة والمُضمرة.
وحتى تعريفات الجودة التي ليست ضمن مفهوم العلاقات تحمل ضمنيًّا صفة العلائقية. مثال، لماذا نحاول فعل الشيء الصائب في كل مرةٍ وفي الوقت المناسب؟ لماذا نسعى لتلبية المتطلبات بشكلٍ خالٍ من العيوب والأخطاء؟ لماذا نسعى لتأسيس ميزاتٍ أو خصائصَ لمنتجٍ أو خدمةٍ ما لتزيد قدرتها على إرضاء الحاجات المُعلنة والمعروفة؟ وفي مجال بناء وتعزيز العلاقات، يكون التركيز على التحسين المتواصل هو أيضًا بناء وتعزيز للعلاقات.
وعمومًا من الصعب إيجاد تعريفٍ واقعيٍّ للجودة لا يحتوي على تضمين في التعريف، حيث يركز كلٌ من التعريف الأصلي أو الضمني على بناء وتعزيز العلاقات..
الجودة وقطاع الأعمال
في مجال الأعمال والتصنيع والهندسة، يكون للمصطلح تفسيرٌ عمليٌّ على أنه شيءٌ متميزٌ أو بدون أخطاءَ أو عيوب. كما يشير إلى المنتج على أنه "ملائم للغرض" ويكون في الوقت نفسه مُرضيًّا لتوقعات الزبون. يقول خبراء، إن أهمية جودة المنتج يمكن أن تُرى من زاويتين:
- الأولى: فيما يخص الشركات، لأن المنتجات ذات النوعية الرديئة ستؤثر على ثقة الزبون، وعلى صورة الشركة ومبيعاتها، وقد يؤثر على استمرار الشركة حتى.
- الثانية: من ناحية الزبائن، هم مستعدون لدفع أسعار أعلى، لكن بالمقابل يتوقعون منتجاتٍ بأفضل جودة، فإذا لم يشعروا بالرضا منها، سيتوجهون للشراء من المنافسين الآخرين.
إدارة الجُّودة
هناك عدة مجالاتٍ للجودة في قطاع الأعمال، فهي قد تشير إلى المنتجات أو الخدمات. فالمظاهر الرئيسية لمدى جودة البضائع أو مقدار تلبيتها للهدف متجذرةً في مفهوم إدارة الجودة، وهي تغطي أربعة مجالاتٍ:
- التخطيط للجودة Quality planning: يعني تحسين المنتجات، والأنظمة والعمليات المطلوبة لتلبية توقعات العملاء، ويحاول المنتِج في العديد من الحالات أن يتخطاها.
- ضمان الجُّودة أو تأكيد الجُّودة Quality assurance: هي برنامجٌ لضبط كل مراحل إنتاج المشروع أو الخدمة بشكلٍ منتظمٍ. والهدف هو التأكد أن المنتِج وما يصنعه مطابقٌ للمعايير المطلوبة.
- ضبط الجودة QC: هو نظامٌ في الصناعة للحفاظ على المقاييس، يكون التركيز فيه على المنتَج النهائي، مثال: التأكد من خلوه من العيوب ومطابقته للمواصفات والمعايير المطلوبة.
- تحسين الجُّودة QI: هي طريقةٌ منتظمةٌ للتخلص من النفايات والخسائر في عملية الإنتاج، تتضمن أحيانًا تقليل النفايات والمفقودات. وتشمل غربلة ما لا يعمل بشكلٍ مناسبٍ، إما بتحسينه أو بالتخلص منه..
وغالبًا ما تستخدم مصطلحات ضمان الجودة وضبط الجودة بشكلٍ متبادلٍ، والحقيقة أن المصطلحين مرتبطان ببعضهما فعليًّا، لكنهما مفهومان مختلفان. بزغ مفهوم ضبط الجُّودة (QC) في عالم إدارة الأعمال في عام 1920 كطريقةٍ للتأكد من تلبية المنتج النهائي للمتطلبات، أي التركيز على ما يحدث بعد صنع السلعة، وبعد 30 سنةً تطور مفهوم ضمان الجودة ليركز على ما يحدث قبل انتهاء صنعها، أي إدراك إمكانية تحسين الجودة في وقتٍ أبكر من العملية، ووجوب بدء الإدارة من المصدر الأساسي.
وقد شهد عام 1980 ظهور مفهوم" إدارة الجودة الشاملة" كطريقةٍ منهجيةٍ لضمان الجودة عبر تنسيق جميع العمليات في الشركة. ثم تطور المفهوم إلى ما يعرف اليوم بإدارة الجودة.
ومبادئ إدارة الجودة سبعة، هي:
تعريف الجودة من وجهات نظر مختلفة
تلقي التعريفات التالية نظرةً على الجودة من ناحية الإدارة، ضمان الجودة، المنتَج، التسويق، التصنيع ووجهة النظر الاقتصادية.
- الجودة هي ملائمة الغرض: هذا التعريف متضمنٌ في حلقات إدارة الجودة، وهو مفيدٌ بسبب قابليته للتطبيق على أي عمليةٍ أو خدمةٍ أو منتَج. رغم صعوبة قياسه.
- مطابقة جودة العملية أو المنتج للمتطلبات: غالبًا ما تقاس الجودة بمصطلحاتٍ مطابقة المتطلبات، ويعتبر التعريف مثاليًّا لفريق ضمان الجودة الذي يحتاج إلى إثبات جودة العمليات والأنظمة والخدمات والمنتجات. والعمل على المتطلبات يسهل عليهم إثبات صحة المطابقة وتحديد عدم المطابقة.
- الجودة هي الكلفة: قد يُنظر إلى جودة منتجٍ ما تبعًا للكلفة المادية، كأن نقول الساعة المصنوعة من الذهب أكثر جودةً من تلك المصنوعة من البلاستيك.
- الجودة هي السعر الذي يرغب الزبائن بدفعه مقابل سلعة أو خدمة: الجودة هي جزءٌ أساسيٌّ من النماذج الاقتصادية، حيث يطور الاقتصاديون تعريفات متنوعة للجودة، ويميلون إلى تقدير الجودة من حيث السعر، أي كلما كان الثمن باهظًا كلما كانت الجودة أعلى.
- الجودة هي المعيار: وبهذا المعنى هي الامتثال أفضل المعايير والعمليات والخصائص. كانت الصناعة التحويلية أول من نظر إلى الجودة من ناحيةٍ علميةٍ. فالمصنعون يهتمون بكلٍّ من جودة المنتجات، وجودة عملية التصنيع نفسها.
- الجودة هي قيمة الفعالية (الأداء) مقابل السعر: حيث تتطلع فرق التسويق لتعريفاتٍ عمليةٍ للجودة تشرح السبب وراء فعل الشراء عند الزبائن ورجال الأعمال. وبحسب هذا التعريف فإن جودة فرشاة أسنان ثمنها 3 دولار قد تكون أفضل من فرشاةٍ مصنوعةٍ من الذهب بقيمة 3000 دولار، لأنها تقدم قيمةً أكبر.
- الجودة هي التجربة المُرضِية: فقد تحولت الاقتصادات من التركيز على المنتج إلى التركيز على الخدمة، لذلك سعى المسوقون إلى تعريفٍ للجودة يشرح سبب شراء المستهلك للخدمة. وتُقاس التجارب بتأسيس علاقاتٍ مع الزبائن لإحداث حوارٍ وتغذيةٍ راجعة..