تعريف الاستعمار والبلدان لم تُستعمر من قبل
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
الاستعمار هو سيطرةُ قوّةٍ أجنبيةٍ على أراضي ومقدرات شعبٍ آخر، حيث تقوم القوى الأجنبية المستعمِرة بالسيطرة على أراضي الدولة الأخرى وتهجير شعبها واستغلال مواردها الطبيعية والبشرية، بالإضافة إلى فرض لغة وثقافة الدولة المستعمِرة على السكان الأصليين. من أكبر الأمثلة على ذلك ما قام به الأوروبيون في العصور الوسطى حتى بدايات القرن العشرين، حين تمكنوا من السيطرة على أغلب بقاع العالم لينهبوا ثروات تلك المناطق وينقلوها إلى أراضيهم ويفرضوا لغتهم على السكان.
أنواع الاستعمار
تعود فكرة الاستعمار إلى العصور القديمة، إلا أن العصر الذهبي له كان في القرن السادس عشر على يد الأوروبيين الذين تمكن بحارتهم من الوصول إلى الأراضي الجديدة في آسيا والأمريكيتين، قبل أن يصل الاستعمار الأوروبي إلى ذروته في القرن العشرين، حيث أصبحت ثلث الشعوب في العالم تقريبًا خاضعةً لسيطرة القوى الاستعمارية.
إلا أن تغير ميزان القوى بعد الحرب العالمية والخسائر التي تكبدتها القوى الكبرى، فتحت الباب أمام الشعوب للتحرر من الاستعمار والنضال في سبيل حرية بلادها، مما سمح للكثير من البلدان بطرد مستعمريها قبل أن تعلن الأمم المتحدة في عام 1960 إنهاء ظاهرة الاستعمار في العالم، وعلى مرِّ الزمان كان هناك نوعان للاستعمار:
- الاستعمار الاستيطاني: عندما يقوم شعبُ دولةٍ ما بالهجرة إلى بلدٍ آخر للاستيطان والعمل فيه، بالإضافة إلى محاولة طرد السكان الأصليين منه مع بقاء المستعمرة تابعة بشكلٍ كاملٍ لحكومة البلد الاستعماري.
- الاستعمار الاستغلالي: الذي يقوم على إرسال أعداد قليلة من المستعمرين إلى البلدان الجديدة وعدم تهجير السكان الأصليين من مناطقهم، بل إجبارهم على العمل لصالح المستعمر في محاولةٍ لاستغلال خيرات وثروات الأراضي الجديدة ونقلها إلى البلد المستعمر. من الأمثلة على ذلك قيام ليوبارد ملك بلجيكا باحتلال الكونغو ليكسب نتيجة ذلك ثروةً كبيرةً من تجارة المطاط والعاج المستخرجين من البلد، في وقت كان أغلب شعب الكونغو يموت بسبب الجوع والفقر.
- صّنف بعض الباحثين نوعين جديدين من الاستعمار هما: الاستعمار البديل والذي تقوم فيه أحد الدول الاستعمارية بتشجيع مجموعةٍ عرقيةٍ أو دينيةٍ لاستعمار منطقةٍ تسيطر عليها مجموعةٌ عرقيةٌ أخرى، والاستعمار الداخلي الذي تقوم فيه مجموعةٌ داخل البلد باستغلال قوتها ونفوذها لاحتلال مناطقَ تابعة لمجموعاتٍ أصغر وأضعف.
الاستعمار في العصور القديمة
يعود تاريخ الاستعمار إلى المصريين القدماء، الذين كانوا أول من أسس المستعمرات خارج بلدهم الأم في جنوب فلسطين قبل 6000 عام، حيث قام المستوطنون المصريون في تلك المناطق ببيع المنتجات المصنعة في مصر كالفخار للسكان الأصليين، وبالمقابل حصلوا على بعض المواد الخام مثل النحاس والزيت والأسفلت الذي قاموا بإرساله إلى مصر.
وأنشأ الفينيقيون على شواطئ البحر المتوسط مستوطناتٍ تشبه ما أنشأه الفراعنة بهدف جعلها مراكز تجارية لهم، لتتطور فيما بعد تلك المراكز التجارية وتصبح مدنًا كمدينة قرطاج التي أصبحت فيما بعد مركزاً لدولةٍ كبيرةٍ على سواحل شمال إفريقيا، قبل أن يحتلها الرومان ويحولوها لمستعمرةٍ خاصةٍ بهم.
أما اليونان، فبدؤوا بين عامي 500-1000 قبل الميلاد بإنشاء مستعمراتٍ خاصةٍ بهم طول سواحل البحر الأدرياتيكي والمتوسط أينما وجدوا أرضًا خصبةً صالحةً للزراعة، ومجتمعات محلية توفر سوقًا لهم لعرض بضائعهم المحلية كالفخار والمنسوجات، قبل أن تقوم أعدادٌ كبيرةٌ من اليونانيين بالانتقال إلى تلك المستعمرات بهدف استثمار الموارد الطبيعية لتلك المناطق كالخشب، إلا أن اليونانيين كانوا مسالمين مع السكان الأصليين للمستعمرات؛ فلم يحاولوا تدمير ثقافتهم أو معاملتهم كعبيدٍ بل قاموا بتبادل الثقافة والفلسفة والعلوم اليونانية معهم، مما ساعد بانتشار الحضارة اليونانية في كافة أرجاء العالم القديم.
وأيضًا قام الرومان بإنشاء مستعمراتٍ لأسبابٍ مختلفةٍ عن باقي الحضارات، حيث قاموا بإنشاء تلك المستعمرات على أطراف إمبراطوريتهم كنقاط حمايةٍ متقدمة ووضعوا فيها الجنود المدربين، وقدموا لهم الأراضي مقابل خدمتهم في تلك المستعمرات.
بلدان لم تُستعمر من قبل
سيطرت القوى الاستعمارية على مساحاتٍ شاسعةٍ من الأراضي وعلى أعدادٍ كبيرةٍ من البلدان، بالأخص في الفترة الذهبية للاستعمار، إلا أن بعض البلدان بقيت عصيّةً على أيّ مستعمرٍ وبعيدةً عن أطماعه ومنها:
ليبيريا: قامت العديد من الدول الأوروبية بإنشاء مراكز تجارية في المنطقة التي تشكل جمهورية ليبيريا الحالية، كما قامت الولايات المتحدة بإنشاء مقراتٍ في المنطقة لتجميع العبيد قبل إرسالهم إلى أمريكا، إلا أن تدخل تلك القوى في ليبيريا لم يصل إلى مرحلة الاستعمار الحقيقي بسبب قصر فترة إقامة تلك الدول في المنطقة وضعف نفوذها.
اليابان: لم تتمكن أيّ قوةٍ استعماريةٍ من السيطرة على اليابان بل تحولت اليابان ذاتها لاحقًا إلى قوةٍ استعماريةٍ في منطقة شرق آسيا، حيث تمكنت من فرض نفوذٍ قويٍّ لها في عددٍ من المناطق والجزر المجاورة كتايوان وكوريا الجنوبية.
تايلاند: يطلق التايلانديون على بلادهم اسم أرض الحرية افتخارًا باستقلالية البلد على مرِّ الزمان، وعدم تعرضها للاستعمار من قبل القوى الأجنبية التي استعمرت الكثير من المناطق التي حولها.
بوتان: واحدةٌ من الدول القليلة التي حافظت على الاستقلال الكامل على مرِّ الزمن بعيدًا عن أيِّ تدخلٍ خارجيٍّ، واضطرت للحفاظ على ذلك إلى خوض حروبٍ قاسيةٍ مع المستعمرين البريطانيين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، خسرت الدولة فيها بعض المناطق وبعض النفوذ الخارجي على المناطق المجاورة إلا أنها تمكنت من صدِّ أطماع المستعمرين.