السلام: ما هو تعريفه؟

سلام
سلام

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

السلام.. في عالمنا هذا، عالم البشر الذي يضجُّ بالمثاليات والعقائد والرغبات، نرى صراعًا أزليًّا يشتعل في كل زمانٍ ومكان، تهتف فيه جهات وحضارات بأنها وصلت للسلام المنشود...، ولكن كيف لنا أن نعترف بوجود سلام الذي لم يمضِ عليه سنين قليلة حتى اندثر مع تلك الأمم؟ قد تتساءل ما هو السلام.. السلام مفهومٌ نسبيٌّ ليس له منحى واضح حتى يومنا هذا، على الرغم أن عناصره وتداعياته وأسباب تأسيسه حقيقية موجودة وواضحة للجميع، وهو في الواقع محور مقالنا هذا، الذي سنتحدث فيه عن مفهوم السلام، وأهميّته وأنواعه، كما سنستعرض أبرز الخطوات التي من شأنها أن تساعدنا على ترسيخ دعائم سلامٍ طويل الأمد، وواقعي.


ما هو السلام؟

السلام في اللغة العربية هو مصدر للفعل سَلم ويأتي بمعنى الأمان والنجاة مما لا يرغب فيه الشخص كما أن هناك عدة تعاريف أخرى للسلام إذ تأتي كلمة السلام بمعنى التحية والسلام كمصطلح يعني ضد الحرب أي بمعنى غياب الاضطرابات وأعمال العُنف والحروب مثل: الإرهاب أو النزاعات الدينية أو الطائفية أو غيرها كما يأتي تعريف السلام بمعنى الأمان والاستقرار والانسجام 

لا يوجد تعريف واحد للسلام إنه بشكل عام يعني الإيجابية والارتياح 


أبرز الشخصيات الداعية للسلام

كان السلام وما يزال الرغبة الأكبر لدى البشر الذين تعبوا وأرهقوا من الحروب والمعارك المستمرة وقد عرف التاريخ مجموعة من الشخصيات التي أمضت غالبية حياتها تدعو إلى السلام وتبذل أكبر الجهود لتحقيقه بعض هذه الشخصيات حازت على جائزة نوبل للسلام وبعضهم الآخر خلده التاريخ وفيما يلي أبرز الشخصيات الداعية للسلام

1- مالكوم إكس

ناشط أمريكي من أصول إفريقية وداعية اسلامي شهير دافع عن الحقوق المدنية للأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية قتل عمه على يد أحد البيض في حادثة عنصرية واعتنق الاسلام خلال فترة سجنه بتهمه السطو المسلح حيث اعتبر التعاليم الاسلامية السلمية الطريقة الوحيدة لإنقاذ السود من العبودية كان يدعو لنبذ العنف والسلمية بين البشر جميعاً وأسس حركة المساواة وعدم التمييز العنصري في أمريكا حتى اغتياله في نيويوك عام 1965

2- نيلسون مانديلا 

الرئيس الافريقي الأشهر درس القانون في صغره وعمل محامياً في جوهانسبرج تفرغ في حياته للدفاع عن السود في بلاده ومحاربة العنصرية وعمل على توحيد الأفارقة لاستعادة حقوقهم وحرياتهم ابتعد عن العنف ونظم المؤتمرات والفعاليات للمطالبة بحقوق أبناء وطنه سجن بسبب مواقفه السياسية 27 عاماً ثم أطلق سراحه في سن 72 لكنه لم يتوقف عن النضال لأجل شعبه حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1993 وانتخب كأول رئيس أسود لجنوب افريقيا وعرف بلقب ماديبا وكان مثالاً لدعاة السلام في العالم كله وترك إرثاً ثقافياً وإنسانياً لا يقدر بثمن 

3- المهاتما غاندي 

أشهر دعاة السلام في العالم بالقطع صاحب فلسفة فذة في المقاومة باللاعنف انتهج العصيان المدني كأحد أنماط الصراع السياسي في العالم ولد غاندي في الهند ودرس القانون في لندن ثم عاد لبلاده وبدأ المقاومة التي استمرت 20 عاماً لمقاومة التمييز ضد الهنود وبدأ يدعو للحكم الذاتي بزعامة المؤتمر الوطني الهندي للمطالبة بالاستقلال عن بريطانيا عمل على مساعدة الفقراء والعمال والمزارعين ودعى إلى إلغاء التمييز الطبقي في المجتمع  تم سجنه بتهمة التآمر لثلاث سنوات لكنه خرج لاحقاً ليقود مسيرة لمسافة 320 كم إلى البحر لجمع الملح وهو تحدي يرمز لاحتكار الحكومة لتلك الصناعة سافر لحضور مؤتمر الاصلاح الدستوري الهندي عام 1946 ثم التفاوض مع بعثة مجلس الوزراء على الدستور الجديد للهند كما ساند الصراع بين الهندوس والمسلمين في البنغال حتى تم اغتياله في دلهي على يد متعصب هندوسي 

4- مارتن لوثر كينغ 

زعيم حركة الحقوق المدنية للسود في أمريكا وأشهر الشخصيات الامريكية درس علوم اللاهوت والفلسفة في جامعة بوسطن كانت أفكار لوثر تتبني الوسائل البعيدة عن العنف للإصلاح والوصول لحقوق المدنيين الأمريكيين السود التقى في رحلته للهند عام 1959 بأتباع غاندي وأصبح أكثر اقتناعاً  باللاعنف والسلام في المقاومة والتي اعتبرها أقوى من أي سلاح للشعوب المناضلة طالب بمقاطعة الحافلات العامة بعد حادثة مونتغومري الشهيرة فاتهم بالتآمر لعرقة العمل العام وتم سجنه حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1964 تم اغتياله عام 1968 اشتهر كينغ بخطابه المؤثر لدي حلم الذي غير مجرى التاريخ الأميركي والذي ألقاه عند نصب لنكولن التذكاري في 28 أغسطس 1963 أثناء مسيرة واشنطن للحرية عندما عبر عن رغبته في رؤية مستقبل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة

5- مالالا يوسف زي

أصغر شخص يحصل على جائزة نوبل للسلام حيث نالتها عن عمر 17 عاماً تعد مالالا رمزاً من رموز الكفاح لتعليم الإناث في وطنها باكستان رغم سيطرة حركة طالبان إلا أنها لم تستسلم ولا تزال مالالا تسعى وبكل جهد كي تنال الفتيات في وطنها حقهن من التعليم 


مفهوم السلام

كما ذكرنا سابقًا، فإن مفهوم السلام هو مزيجٌ من المعاني، وليس مصطلحًا يحمل تعريفًا رسميًّا أو مُقتبسًا، ومن المفاهيم الفلسفية العميقة التي تبحّر العديد من الفلاسفة في محاولةٍ منهم لإيجاد معنى ثابت لهذا المفهوم. لفهم المعنى العام للسلام، يجب علينا الإلمام بمختلف المعاني المعروفة لهذا المفهوم، ومن أبرز هذه المعاني:

  • السلام بمعنى السِّلم، وهو ضدُّ الحرب أو القتل، أي الحياة من غير حروبٍ ولا صراعات، أو سفك دماء أو انتهاكٍ لحقوق الإنسان، وهذا أشمل مفهومٍ للسلام عمومًا.
  • بمعنى العدل، وهو أن تسود العدالة جميع الأمم فلا تعلو واحدة على أخرى ولا يثور بعضها على بعض، بالإضافة إلى إضفاء أسس الإنصاف المجتمعي، ومحو الطبقات الاجتماعية والفروقات العرقية، وهذا سيمنحنا مجتمعًا مُتآخيًّا ومتآلفًا بلا ضغائنَ ولا أحقادٍ ولا نزاعاتٍ، أي مجتمعًا يعمّه سلامٌ شاملٌ.
  • بمعنى السَّكِينَةِ، وذلك يصف أي حالةٍ تدفع بالمرء للشعور بالسلام الداخلي في النفس والراحة، كما نشعر عندما نختلي بأنفسنا ونسرح في تفكيرنا بعيدًا عن هموم الدنيا، وهو نتيجةٌ من نتائج التأمّل الداخلي.
  • بمعنى التفاهم، وهو أن يعمَّ التفاهم والانسجام بين أجزاء ومكوّنات المجتمع نفسه، وبين المجتمعات الأخرى.

كما رأينا، فإن للسلام مفاهيمَ ومعانٍ ومدلولاتٍ عديدة، وذلك تبعًا للسياق الذي يُطرح فيه هذا المفهوم، ولكن وبصورةٍ عامّةٍ شاملة، فإن كلمة سلام تجعل أذهاننا تسافر ليس بعيدًا، فقط أن نكون ضد الحرب، وضد الظلم وضد القتل، أو العُنف..


أنواع السلام

  • الفردي الداخلي: وهو كما ذكرنا يشير إلى السلام الذهني والعقلي للمرء مع نفسه.
  • الفردي البينيّ: الذي يسود بين الفرد وأقرانه ومن حوله، فلا صراع شخصيّ بين الأفراد.
  • سلام المجموعات الداخلي: وهو السلام الذي يعمُّ أجزاء المجموعة الواحدة.
  • سلام المجموعات البينيّ: ويكون بين المجموعات المختلفة ضمن المجتمع.
  • العرقيّ الداخلي: الذي يحلُّ ضمن مجموعةٍ عرقيّةٍ واحدة، فلا نزاع بين أفراد العِرق الواحد.
  • العرقي البينيّ: وهو سلامٌ يُحقّق بين المجموعات العرقيّة المختلفة، فلا تعصّب أو تحيّزات عرقيّة.
  • الدّولي الداخليّ: ويسود بين أجزاء وأطرف الأمة نفسها.
  • الدّولي البينيّ: وهو السلام بين الأمم المتجاورة.
  • السلام العالمي: وهو النوع الأسمى، يشير إلى عموم السلام بين أجزاء العالم بأسره.

أهميّة السلام

السلام هو محور الحياة، وعلى الرغم من أن ليس هناك سلامٌ مطلق في عالمنا، عالم البشر والأطماع والرغبات التي لا تشبع، إلا أن هناك مقوّماتٍ عديدة تدلّ على وجوده، وإلا لما نعِمنا بساعةٍ واحدةٍ بلا حروب أو نزاعات عالميّة، وحتى فردية. تبرز أهمية السلام بالنسبة للفرد والمجتمع على حدٍّ سواء:


الأهمية الفردية

يؤرق القلق والصراع النفسي الكثيرين، ولا أحد يُنكر مدى التأثير السلبي الكبير للقلق والتوتّر على صحّة الفرد، ومن هنا تأتي أهميّة السلام الداخلي للفرد، فهي تمنحه شعورًا بالقناعة والرضا الداخلي. في الواقع إن السلام على مستوى الفرد هو اللّبنة الأساسية للسلام العام على مستوى المجتمعات، فلو وضع الجميع كبرياءهم وغرورهم وطمعهم جانبًا، وساهموا نحو المصلحة البشرية والإنسانية، لساد السلام العالم، وربما لما وقعت الحرب العالمية الأولى والثانية.


الأهمية الاجتماعية

كما ذكرنا، أينما حلّ السلام في مجتمعٍ ما، وجدنا التقدّم والازدهار في هذا المجتمع، فبدلًا من أن تُستنزف الموارد الطبيعية والبشريّة في الصراعات والحروب التي لا طائلة منها، بإمكان المجتمعات تسخير تلك الموارد في تطوير بنيتها والنهوض بعلومها، بمعنى آخر، السلام هو الركن الأساسي لأي ازدهارٍ أو تطوّرٍ مستدام، في أي دولةٍ أو مجتمعٍ بشريٍّ..


الخطوات نحو تحقيق سلام شامل

  • تحقيق العدالة بين الرجال والنساء: في الواقع، يُعدُّ ظُلم المرأة واضطهادها أحد أسباب انتشار الحقد والضغائن في المجتمع، وإن تحقيق التوازن بين واجبات وحقوق كلا الجِنسين، من شأنه أن يدعم السلام في المجتمع بشكلٍ كبيرٍ.
  • تقسيم الثروات بعدلٍ وإنصاف: كلنا يعلم أن الفقر لا يجرُّ وراءه إلا التفكير بأفعال السوء والشر، وإنّ تمركز الثروات في أيدي الأغنياء من أفراد المجتمع، من شأنه أن يشكّل فجوةً نفسيّةً كبيرةً بينهم وبين الفقراء، ما يجرُّ أحقادًا ومشاعر كراهيّةٍ لا يُحمد عُقباها.
  • ضبط صفقات بيع الأسلحة: طبعًا لولا الأسلحة، لما وجدت الحروب، فالأسلحة والمعدّات الحربيّة هي وقود الحرب، وتعتبر عمليات كبح تجارة الأسلحة ومنعها أو ضبطها، من الأساليب الفعّالة في إخماد نار الحروب وإحلال السلام، خصوصًا في المجتمعات الفقيرة أو النامية.
هل أعجبك المقال؟