سر بناء الأهرامات المصرية

علي حسن
علي حسن

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

تعد الأهرامات آخر عجيبة باقية من عجائب العالم السبع القديمة وشاهدًا على عظمة الحضارة الفرعونية في مصر، كما تعتبر الأهرامات الثلاثة في الجيزة- خوفو وخفرع ومنقرع- واحدةً من أهم معالم السياحة الأثرية في العالم. لكن سرّ بناء الأهرامات ما زال لغزًا محيّرًا للعلماء حتى اليوم.


من بنى الأهرامات؟

كان المؤرخ الإغريقي هيرودوت من أوائل من ادعوا بأن العمال الذين قاموا ببناء الأهرامات كانوا عبيدًا أُجبروا على العمل فيها، إلا أن اكتشافاتٍ أثرية متلاحقة أثبتت زيف هذه الادعاءات، كان آخرها الكشف عن مقابرَ للعمال الذين عملوا على بناء هرم خوفو أكبر أهرامات الجيزة؛ حيث عُثر في تلك المقابر على هياكلَ عظميةٍ تعود للعمال، وبجانبها أوعية فخارية وضعت فيها الجعة والخبز كوجبةٍ تتناولها أرواح العمال في الحياة ما بعد الموت.

ويؤكد زاهي حواس وهو عالمُ آثارٍ مصري أن المقابر المكتشفة تؤكد على أن العمال الذين عملوا في بناء الأهرامات كانوا عمالًا بأجرٍ، وليسوا عبيدًا كما ادعى بعض المؤرخين، حيث يُعتقد بأن أغلب العمال كانوا من عائلاتٍ فقيرةٍ من شمال وجنوب مصر، كما كانوا يتمتعون بقدرٍ كبيرٍ من الاحترام بحيث دُفن من مات منهم أثناء عمله في مكانٍ قريبٍ من الأهرامات المقدسة.

كما أن العمال الذين بلغ عددهم 10000 شخص كانوا يعملون بمناوباتٍ لمدة ثلاثة أشهرٍ متتالية، واستغرقوا ما يقارب الـ 30 سنةً لبناء هرمٍ واحدٍ، كما اتبع العمال نظامًا غذائيًّا يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على اللحوم التي كانت تصل لمناطق العمل بشكلٍ يوميٍّ من المزارع المجاورة.


لماذا بنيت الأهرامات؟

بنى المصريون الأهرامات حتى تكون قبورًا مقدسةً لفراعنتهم، إذ يعتبر الهرم المكان الذي تنطلق منه روح الفرعون إلى الحياة الثانية بعد الموت، واعتقدوا أن الروح تنتقل عبر أعلى نقطة في الهرم، كما بإمكانها أن ترجع إلى الأرض متى ما أرادت عبر نفس النقطة، لذلك وضع المصريون تمثالًا على هيئة الملك أعلى الهرم حتى تتعرف الروح عليه وتعود عبر الهرم الخاص بها.

أما قبل ذلك فقد كان الفراعنة يُدفَنون في قبورٍ تدعى المسطبة كما حال باقي أفراد الشعب قبل أن يبدأ تقليد بناء الأهرامات على يد الفرعون زوسر المنتمي إلى السلالة الفرعونية الثالثة.


أسرار بناء الأهرامات

بقيت طريقة نقل الحجارة الضخمة التي بُنيت منها الأهرامات من المقالع البعيدة إلى موقع البناء أحد أكبر الأسرار المتعلقة بالفراعنة، والتي حاول العديد من المختصين وفرق البحث حلها، حيث قام العمال بجر أحجارٍ عملاقةٍ يصل وزن بعضها الى 9000 كيلوغرام عبر الصحراء بواسطة تقنياتٍ بدائيةٍ عمرها آلاف السنين.

ويعتقد فريق بحثٍ من جامعة أمستردام أنهم ربما قد تمكنوا من حل سر بناء الأهرامات والإجابة هي الرمل الرطب، حيث انطلق الباحثون في نظريتهم من لوحةٍ مرسومةٍ على جدران قبر الفرعون جحوتيهوتب تظهر رجلًا يسكب الماء أمام مزلجةٍ محملة بالحجارة، مما أثار استغراب الباحثين عن أهمية وفائدة ذلك، فقاموا بإجراء تجارب على مزلجةٍ ممتلئةٍ بالأحجار وحاولوا جرها على رملٍ جافٍّ، ليلاحظوا أن جر المزلجة يؤدي إلى غرق مقدمتها في الرمل وزيادة تجمع كتل من الرمال الجافة أمامها مما يعيق حركتها.

قاموا بعد ذلك بإعادة التجربة مع سكب كميةٍ كبيرةٍ من المياه على الرمل ليتغير نتيجة ذلك تأثير الرمل على المزلجة، حيث بقي سطح الرمل ثابتًا أسفل المزلجة ولم تتجمع الرمال أمامها، مما سهّل من عملية الدفع وقلل الجهد المطلوب لإتمام العملية. ويعود سبب ذلك إلى أن الرمل المبلل بالماء يتميز بصلابة سطحه أكثر من الرمل الجاف، نتيجة تشكل روابط بين جزيئات الماء والرمل مما يقلل من مقاومة السطح لحركة المزلجة.

 اتفق أغلب علماء الآثار على أن نظامًا يعتمد على الروافع قد  استُخدم من قبل عمال الأهرامات لنقل الأحجار من المقالع البعيدة عبر الصحراء، قام بعض الباحثين من جامعة ليفربول بتأييد هذه النظرية وقدموا إثباتاتٍ ملموسةً تثبت صدقها، حيث عثروا في مقلعٍ قديمٍ قريب من أماكن تواجد الأهرامات على منحدراتٍ منحوتةٍ في الصخر وعلى جانبيها سلالم، وبينهما حفر في الأرض يعتقد بأن أوتادًا من الخشب كانت توضع بها.

كان العمال يقومون بوضع كتل الحجارة الضخمة أسفل المنحدرات ويقومون بربطها بالحبال التي تلف حول الأوتاد الخشبية، ليقوم بعدها العمال الواقفون على السلالم بالشد باتجاهٍ معاكسٍ للمنحدر، مما سهّل رفع الحجر إلى أعلى، وقلل من الوقت اللازم لإيصال الحجارة إلى مواقع البناء ومن الجهد المبذول من قبل العمال.

هل أعجبك المقال؟