ما هي أنواع النقود وما خصائصها

لم تخترع النقود بين ليلة وضحاها، بل كان تطورها وتقدّم خصائصها بطيئًا نوعًا ما، وجاءت نتيجة لعملية تقدم عبر مئات السنين. ويرى الاقتصاديون أن اختراعها يعادل أهم الابتكارات البشرية القديمة، مثل الدولاب وغيره. قد احتل المال موقعه بين البضائع والسلع، وكانت البداية بظهور أنواع النقود المعدنية ثم حلت النقود الورقية محلها لأسباب تتعلق بالاقتصاد والملاءمة، ثم دخلت شيكات البنوك، والكمبيالات، والسندات الائتمانية في الاستخدام بالإضافة إلى العملات لتخدم كأكثر أنواع النقود أهمية.

تمتلك كل دولة اليوم نظامها المالي الخاص، وليس بالضرورة أن تكون نقود إحداها مقبولة خارج حدودها، وفي الحقيقة، هذا واحد من الأسباب التي جعلت التجارة العالمية تختلف عن التجارة الداخلية.

يعرف الاقتصاديون النقود بأنها أي بضاعة مقبولة بشكل واسع كدفع نهائي مقابل الخدمات والمنتجات ورد الديون، وعمومًا، يمكن اعتبار أي شيء مالًا، طالما يؤدي الوظائف الثلاثة الرئيسية وهي كونه وسيلة للتبادل، وتخزين القيمة، ووحدة الحساب. لذلك لا داعي للاستغراب لوجود أنواع عديدة من النقود عبر تاريخها، فقد اتخذت عدة أشكال مختلفة عبر العصور فهي أصداف تشبه العملة في أفريقيا، وعجلات حجرية كبيرة في جزيرة Yap بالمحيط الهادي، وعقود من الخرز تسمى Wampum عند سكان أمريكا الأصليين ومستوطنيها الأوائل.

هناك أربعة أنواع مختلفة من النقود، وهي:

هو النوع الأبسط والأقدم للنقود، اتخذ شكل الموارد الطبيعية النادرة التي قامت بدور وسيلة التبادل، ومخزن القيمة ووحدة القياس. وهو وثيق الصلة (والشكل الأولي) لنظام المقايضة (Barter System)، حيث تستبدل الخدمات والبضائع مع غيرها بشكل مباشر.

سهل هذا النوع العملية لأنه خدم كوسيلة تبادل مقبولة من الأكثرية. والشيء الذي ينبغي أن يُلاحظ في هذا النوع أن تحديد قيمته يتم بالقيمة الحقيقية للسلعة نفسها، بمعنى آخر، تتحول السلعة نفسها إلى نقود.

من أمثلتها القطع الذهبية، والأصداف، والتوابل، والخرز وغيرها.

تأتي قيمة أنواع النقود الورقية من أوامر الحكومة، ما يعني أن الحكومة هي من ترخص بأن تكون النقود الورقية عملية قانونية، ما يتطلب قبول كل الناس والكيانات داخل الدولة لها كوسيلة للدفع، وقدد يتعرضون للغرامات ودخول السجن إذا فشلوا في ذلك، وعلى عكس النقود السلعية، لا يُدعم هذا النوع بأي سلعة مادية، بل تكون قيمته الحقيقية أقل من قيمته الظاهرة (الاسمية) بشكل واضح، وتنبع قيمة النقود الورقية من العلاقة بين العرض والطلب، وتعتمد معظم الاقتصادات الحديثة على نظام النقود الورقية.

من أمثلتها العملات والفواتير.

تعتمد في قيمتها على الثقة، إذ ينبغي أن تكون مقبولة عمومًا كوسيلة للتبادل. وعلى عكس النقود الورقية، لا تحتاج تصريحًا رسميًا لتكون عملية قانونية، ما يعني أن الناس غير ملزَمين بقانون ليقبلوها كوسيلة للدفع. وبدلًا من ذلك، يتعهد مُصدر النقود الائتمانية باستبدالها إلى نقود ورقية أو سلعية، وطالما يثق الناس بأن الوعد لن يُخلف، يستخدمون النقود الائتمانية مثلها مثل النقود الورقية أو السلعية.

تشمل الأمثلة عليها الشيكات، والأوراق النقدية، والكمبيالات.

يمكن وصف أنواع النقود هذه بأنها مستحقات أو مطالبات ضد مؤسسات مالية يمكن استخدامها لشراء سلع أو خدمات. وتمثل جزء العملة الذي يتكون من ديون ولدتها البنوك التجارية، وبشكل أكثر خصوصية، يتم انتاج أوراق البنوك التجارية عبر ما نسميه "نظام العمل المصرفي الاحتياطي الجزئي".

يوصف نظام المصرف الاحتياطي الجزئي كعملية تمنح البنوك التجارية فيها قروضًا ذات قيمة مالية أكبر من قيمتها الحقيقية التي تحملها. وعند هذه النقطة يلاحظ أن أوراق البنك في جوهرها هي ديون تولدها البنوك التجارية يمكن استبدالها بمال حقيقي أو لشراء بضائع وخدمات.

كثيرًا ما نسمع عن حالات تزوير النقود، ولا يقتصر الموضوع على دولة أو مكان بعينه، فكل البلدان تشهد هذا النوع من محاولات وممارسات الغش، لسبب أو لآخر.

يمكن تعريف تزوير النقود (Counterfeiting Money) بأنّه تصنيع أنواع نقود مزيفة بهدف الربح، وهو نوع من تزييف الخصائص، يتم فيه نسخ شيء ما بقصد الاحتيال والغش، وتمريره بدل الصنف الأصلي أو الحقيقي. وبسبب القيمة الممنوحة للمال ومستوى المهارات التقنية العالي المطلوب، يُعامل التزوير كجريمة منفصلة، ويصنف كنوع قائم لوحده بعيدًا عن أنواع الغش الأخرى.

يعود تاريخ التزوير الغني والمتنوع إلى أنواع النقود المال الأولى، فقد سُخر لمصالح شخصية رغم المخاطرة الكبيرة التي تصل للسجن اليوم، بينما كانت تقود في الماضي إلى الموت. لا يقتصر تأثير التزوير على زعزعة الوضع السياسي والاقتصادي، بل إنّ كل الفئات مرتفعة ومنخفضة القيمة معرضة للهجوم.

تختلف القوانين الخاصة بالتزوير من دولة لأخرى فهي غير موحدة، وجاء أغلبها منبثقًا عن مؤتمر جنيف الدبلوماسي عام 1929م، والذي نتج عنه اتفاق وقعته 32 قوة رئيسية، واعترفت به معظم الدول التي نالت استقلالها بعد ذلك العام. وتعاقب هذه الدول المزورين سواء لصالح عملتها الخاصة، أو لصالح عملات الآخرين. وقد يُسلّم المذنبون من دولة لأخرى حتى لا يهربوا من العقاب عبر التنقل بين البلدان.

رغم أن التزوير بحد ذاته جريمة عقوبتها السجن، فقد تخفف العقوبة عن المشتركين بجرم التزوير، كامتلاك أدوات التزوير، وتمرير النقود المزيفة، أو حيازة تلك النقود. بالإضافة إلى القوانين الصارمة، قد تتخذ بعض الحكومات إجراءات مادية لمنع تزوير النقود، مثل إعطاء المال خصائص وميزات فريدة للتأكد من أنه حقيقي أو مزيف، من ذلك: