ما هو التسونامي

حنان مشقوق
حنان مشقوق

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

الطبيعة عالم مليء بالكثير من الظواهر الخفية عنا والتي تحدث دون مرأى منا بالإضافة إلى مجموعة أخرى لا تكاد تخفى عنا نتيجة احتكانا بها أو بآثارها المختلفة. ولا يمكن أن يأتمن الإنسان للطبيعة وغضبها، فقد أثبتت الكوارث المختلفة صعوبة السيطرة على غضب الطبيعة والتنبؤ بنتائجه الكارثية. فتحدث يوميًا العديد من هذه الكوارث في مناطق مختلفة من العالم، كالزلازل والبراكين والفيضانات. إلّا أنها أكثرها دمارًا هي تلك التي تبث الرعب في قلوب جميع سكان البلدان الساحلية، إلا وهي أمواج التسونامي المدمّرة.


تعريف التسونامي

تسونامي هو عبارة عن موجات عملاقة تحدث بفعل الزلازل أو الانفجارات البركانية في أعماق المحيط، ولا تكون هذه الأمواج ذات ارتفاعات عالية جدًا، إلا أنها ومع الانتقال تتراكم في ارتفاعات أعلى وأعلى كلما انخفض عمق المحيط. ويحدث التسونامي مرتين تقريبًا كل عام في مكان ما في العالم، في حين يحدث مرة كل حوالي 15 عامًا بشكل مدمر يمكن أن يغطي حوض المحيط بأكمله.

تنتقل موجات التسونامي بسرعة تصل إلى 500 ميلًا في الساعة، وترتفع لتصل إلى مئات الأقدام عند وصولها إلى الشاطئ فتسبب دمارًا هائلًا. ومن الجدير بالذكر أن سرعة هذه الأمواج لا ترتبط مع المسافة من مصدر الموجة، بل ترتبط بعمق المحيط.

وتأتي كلمة تسونامي في الأصل من اللغة اليابانية وتعني "موجة الميناء" نظرًا لكون الزلازل البحرية التي تسبب معظم وجات التسونامي شائعة الحدوث في سواحل اليابان لذا فهي معرضة بشكل كبير لمثل هذه الكوارث. وتحدث حوالي 80% من أمواج التسونامي في المحيط الهادي بسبب الزلازل التي تحدث على طول حواف الصفائح التكتونية المغمورة المعروفة باسم حلقة النا في المحيط الهادي.


نشوء موجات التسونامي

عند حدوث انهيار أرضي تحت الماء أو ثوران بركاني معين أو أحد الزلازل تضغط أجزاء من القشرة الأرضية على بعضها البعض مسببة تخلخلًا في إحدى طبقات الصفائح التكتونية. فيسبب الاحتكاك بين هذه الصفائح كمية هائلة من الطاقة التي تنفجر بشكل زلزال يضرب القشرة الأرضية تحت سطح البحر، فيدفع واحدة من الصفائح الأرضية مما يشكل بدوره موجة كبيرة من مياه المحيط التي لا تلبث أن تنتشر في كل اتجاه من بؤرة التموج في منطقة تخلخل الصفائح لتتسع مع ازدياد المسافة.

بعد وقوع الهزات الأرضية أو غيرها من دوافع تكوين هذه الأمواج، ينتشر
قطار من الأمواج المتذبذبة البسيطة والتقدمية في دوائر آخذة بالاتساع. وتنتقل
مسافات شاسعة في المحيط دون أن يلاحظها أحد قبل أن تتجمع في المياه الضحلة وتغمر
السواحل.

ومع اقتراب هذه الأمواج من الساحل، يقلل الاحتكاك مع قاع البحر من سرعة الأمواج فيزداد ارتفاع الأمواج وترتفع المياه الساحلية لتصل إلى حوالي 30 مترًا في المتوسط. تبدأ عندها الأمواج بتشكيل التسونامي المعروف، وتشرع بتوليد الضرر البالغ على السواحل كاقتلاع الأشجار أو تدمير المباني وغيرها. كما وقد تستمر هذه الأمواج لعدة أيام حتى يتوازن سطح البحر.

ومن الجدير بالتأكيد أن الأمر يتعدى كونه موجة واحدة تضرب الشواطئ لتقتلع ما يعترض طريقها. بل يسبب التسونامي مجموعة متلاحقة من الأمواج وهو الأمر الذي يسبب الخسائر البشرية الأكبر؛ إذ يهب معظم الناس إلى السواحل لإنقاذ الضحايا بعد وقوع الكارثة الأولى غير مدركين لاحتمالية أن تتبعها موجة أخرى. فتأخذ الأخيرة مجموعة جديدة من الضحايا في طريقها لتزيد إحصائيات الضحايا من جديد.


أسوأ تسونامي في التاريخ

في صباح 26 كانون الأول /ديسمبر 2004، وقع زلزال تحت الماء في قاع المحيط الهندي بالقرب من ساحل إندونيسيا بشدّة 9.1. وبسبب موقعه من المحيط، تمكن هذا الزلزال أن يخلق مجموعة من أكثر الموجات المدمرة على مر التاريخ الحديث، فاستطاع أن يدمر أجزاءً ضخمة من سواحل المحيط الهندي ويترك في أعقابه 14 بلدًا محطمًا.

في حين أنه لم يكن أكبر كوارث التسونامي المسجلة أبدًا، إلا أنه كان الأسوأ والأكثر تدميرًا. فنظرًا إلى افتقار المحيط الهندي إلى نظام دولي لتحذير السكان، فإن معظم الضحايا لم يكونوا على علم باقتراب الخطر إلى أن حدثت الكارثة. وقد ضربت الموجات المدمرة كلًا من الهند وتايلاند وماليزيا واندونيسيا، وتلقت البلدان الأربع العبء الأكبر والدمار الأشمل.

كانت إندونيسيا أكثرهم تضررًا، وبلغ عدد الضحايا حوالي 230 ألفًا، وبعد ساعات أخرى، أصيبت بلدان مختلفة على طول الساحل الشرقي الإفريقي كجنوب إفريقيا، ومدغشقر، والصومال، وكينيا بأمواج أصغر حجمًا ناتجة عن الزلزال ذاته.

ونتيجة للخسائر البشرية والمادية والدمار الذي تسببت به كارثة التسونامي هذه، فإن الأمر تطلب وقتًا طويلًا للتعافي منها. فمعظم العائلات تعرضت لخسائر من جميع الأنواع، وفقدت أشخاصًا كثر، أي إن الخسائر تعدت جميع الحدود وتطلبت أعوامًا للوصول إلى التعافي النفسي من أثر الكارثة.

هل أعجبك المقال؟