ما هي السافانا
إن السافانا كلمةٌ إسبانيةٌ في الأساس وتعني الأعشاب أو الحشائش، وتتواجد مناطقها في أغلب القارات في إفريقيا واستراليا وآسيا وأمريكا وهي عبارةٌ عن سهولٍ يسودها الطابع العُشبي، فما هي السافانا وما أصلها ومكوناتها؟
السافانا
عندما تدخل السافانا قد لا تُدرك أنك دخلت إلى وسطٍ بيئيٍ مختلفٍ أو موطنٍ طبيعيٍ جديدٍ، ستلاحظ انتشار مساحاتٍ عشبيةٍ بأطوال متفاوتةٍ يصل ارتفاع بعضها حتى الثلاثة أمتار، تتناثر هنا وهناك عددٌ من الأشجار أغلبها ذو ارتفاعٍ منخفضٍ، وفي موسم الجفاف قد لا تُلاحظ إلا القليل من الغطاء النباتي، ولكن ما يُميز السافانا بشكلٍ رئيسيٍ هو المناخ الحارّ فهي مناطق حارةٌ على مدار العام.
هي منطقةٌ سهليةٌ تعتبر منطقةً انتقاليةً من ناحية الغطاء النباتي فلا هي غاباتٌ ولا هي صحارى يسود فيها الغطاء العشبي، وتُعتبر موطنًا رئيسيًا لعددٍ كبيرٍ من الحيوانات مثل الفيل الأفريقي وحمار الوحش والبقر الوحشي وعددًا من السنوريات المفترسة في إفريقيا.
أصل ومناطق تواجد السافانا
نشأت السافانا على حواف المناطق المدارية جنوب وشمال خط الاستواء كنتيجةٍ لانخفاض الهطولات المطرية، وتشي الأحفوريات في مناطق أمريكا اللاتينية إلى أن نشأة نباتات السافانا تعود لفترة 8 مليون عامًا تقريبًا، تُعتبر نشأة السافانا استجابةً للتغيرات المناخية التي سادت الأرض في تلك الفترة، حيث انخفضت درجة حرارة المياه السطحية في المحيطات، ما أدى لانخفاض التبخّر ودورة الماء في الغلاف الجوي وتشكل الغيوم وهطول الأمطار، وهو ما أثّر على الغطاء النباتي في المناطق القريبة من المدارية الواقعة بين المناطق الاستوائية الرطبة والمعتدلة الرطبة، حيث ظهرت السافانا في المناطق التي تأثرت بهذه التغيرات في كلٍ من أفريقيا وأمريكا الاستوائية وفي استراليا وجنوب آسيا، وتباينت مناطق السافانا لناحية النباتات والحيوانات السائدة بين كل قارةٍ وأخرى.
المناخ في السافانا
الأمطار
تتميز هذه المناطق بالأمطار الموسمية حيث يوجد موسمان أساسيان هما الموسم الجاف والموسم الممطر، يعتبر الشتاء موسمًا جافًا في حين يكون الصيف موسم الأمطار، وفي فصل الجفاف يتأثر الغطاء النباتي الذي يتكون بغالبيته من الأعشاب الموسمية بشكلٍ كبيرٍ ما يترك آثارًا على كل الكائنات الحية للوسط البيئي بشكلٍ عامٍ، إذ يندر تواجد الغذاء، يمتد فصل الجفاف من تشرين الأول حتى شباط، أما في باقي شهور السنة تهطل الأمطار في كل الأشهر وتحدث أعلى معدلات الهطول المطري في فترتي أشهر الصيف والخريف ما يسبب امتلاء البرك والبحيرات وجريان الأنهار فتنبت النباتات بغزارةٍ وينتعش الوسط البيئي.
يتغير المناخ في مناطق السافانا نحو الأسوأ بسبب تدخلات الإنسان المدمرة للوسط البيئي مثل إزالة الغطاء النباتي والصيد الجائر للحيوانات التي يُعتبر السافانا موطنها الأصلي.
درجات الحرارة
تمتاز منطقة السافانا بالحرارة الدافئة على مدار العام بمتوسط درجة الحرارة 25 درجةٍ مئويةٍ، وباستقرار درجات الحرارة وعدم تفاوتها اذ تتراوح متوسطات درجة الحرارة بين20֯ مئويةٍ في الشتاء و30 درجةٍ في الصيف.
بالرغم من وجود موسمين بحسب الأمطار الموسم الجاف والموسم الرطب، فإن الموسم الجافّ بدوره يُقسم الى قسمين بحسب درجة الحرارة الأول هو البارد الجاف، حيث تُسجّل فيه درجات الحرارة ارتفاعًا في النهار لتصل إلى 29 درجةً في حين تنخفض فيه في الليل إلى 21 درجة، والثاني هو الموسم الجاف الدافئ، حيث تُسجل فيه درجات الحرارة ارتفاعًا فوق المعدلات قد يصل إلى 38 درجةٍ مئويةٍ بسبب تعامد الشمس مع مناطق السافانا في هذه الفترة.
تربة مناطق السافانا
على العكس من تربة الغابات لا تُعتبر التربة في هذه المناطق غنيةً بالمحتوى الغذائي، ويقتصر وجود الدبال فيها الناتج عن تحلل النباتات والحيوانات الميتة على الطبقة السطحية، كما تمتاز بنفوذيتها العالية فلا تقدر على الاحتفاظ بالماء خصوصًا في موسم الجفاف وتتلون التربة عادةً باللون الأحمر بسبب ارتفاع تركيز الحديد فيها.
تتكون تربة السافانا بشكلٍ عامٍ من أربعة طبقاتٍ: الطبقة الأولى من الدبال الغني بالمواد العضوية المتحللة، والثانية هي طبقة اللاتريت الصلبة والثالثة هي طبقةٌ من الطين الأحمر والسيليكا أما الطبقة الرابعة فهي طبقة الصخور الأساس التي يصعب على جذور النباتات اختراقها ما يقيد النمو النباتي.
الكائنات الحية في مناطق السافانا
النباتات
تختلف النباتات السائدة في مناطق السافانا بحسب القارة التي تتواجد فيها، في أفريقيا واستراليا وجنوبي شرق آسيا وفي أمريكا الاستوائية، ولكن وبكل حالٍ تسود النباتات العشبية في هذه المناطق وتتخللها بعض الأشجار والشجيرات المتناثرة.
في أمريكا تسود من بين الأشجار العريضة الأوراق في السافانا أشجار الكاجو البرية التي تُعرف باسم كورتيللا وأشجار الجراد المُزهرة التي تتبع الجنس النباتي Byrsonima، وفي المناطق والمواسم التي تغمر المياه فيها الأرض تسود أنواع نخيل كوبرنيكا ونخيل موريتا بدلًا من الأنواع السابقة، أما بالنسبة للأعشاب فتسود بعض أنواع النجيليات العشبية التي تتبع مجموعة عشبيات الأرزّ المعمرة التي تتكاثر بالريزومات ونباتات الجنس بسبالوم وحشيشة البركة والزوان وغيرها العديد من الأنواع.
أما في مناطق شرقي إفريقيا الجافة تسود أشجار الأكاسيا وعددٌ من النباتات العشبية مثل عشب البلوستيم وعشب القش وعشبة الكنغر وغيرها الكثير، وفي المناطق الأكثر رطوبةً تسود أشجار الميومبو وعشبة الفيل التي تصل حتى ارتفاع 3 أمتار.
في سافانا الهند وبسبب الكثافة السكانية العالية تغيرت أغلب النباتات بسبب تدخل الانسان واستيطانه لمناطق السافانا، وتسود فيها الأشجار الشوكية كالأكاسيا والميموزا، اما الغطاء العشبي فتسود أعشاب السهيما والبلوستيم.في استراليا أغلب الأشجار من دائمات الخضرة، تتجاوز موسم الجفاف من خلال تقليل النتح والتبخر مثل الكينا والأكاسيا وأشجار الباوباب، ومن الأعشاب يسود عشب الرمح الطويل وعشب الكنغر الأقصر منه.
الحيوانات
تتنوع حيوانات السافانا كثيرًا فهي بيئةٌ غنيةٌ بالحيوانات، ومن أكثر مجتمعات السافانا تنوعًا بالحيوانات هي السافانا الأفريقية التي تحوي العديد من الثديات العشبية التي تتغذى بشكلٍ رئيسيٍ على الأعشاب الشائعة، مثل البقر الوحشي وحمار الوحش وفرس النهر ووحيد القرن والظباء، يعتمد عددٌ قليل من هذه الحيوانات على أوراق الأشجار أو ثمارها في غذائه مثل الفيل والزرافة، كما تتوفر العديد من الحيوانات اللّاحمة والمفترسات التي تتغذى على الحيوانات العاشبة مثل الأسد والنمر والفهد والضباع والذئاب وغيرهم.