النظائر المشعة
في كوننا هذا مصادرٌ لا تُحصى للطاقة، ساهمت وبشكلٍ كبيرٍ في بناء صرح الإنجازات العلمية وتأسيس دعائم الحضارة البشريّة التي نعرفها اليوم. وتميّز من مصادر الطاقة هذه ما يُعرف اليوم بالطاقة النووية، والتي تعتمد في أساسها على ما يُعرف باسم النظائر المشعة (Radionuclide) أو النويدات المشعّة (Radioisotope)، والتي ساهمت وتساهم باستمرارٍ في ضخ كميّاتٍ هائلةٍ من الطاقة إلى مدننا ومصانعنا المختلفة، دون ذكر الميزات الهائلة التي قدّمتها لنا في المجال الطبّيّ بمختلف ميادينه.
فما هي النظائر المشعة بالضبط؟ وما هي خصائصها؟ وكيف تساهم في مجالات حياتنا المختلفة لاسيّما الطاقة النووية؟ سنستعرض أجوبةً جُلِّ هذه الأسئلة في سطور هذا المقال الذي بين أيدينا.
ما هي النظائر
المشعة
في الواقع إن في تسمية (النظائر) إشارةً إلى طبيعتها، فالنظائر المشعّة هي عناصرٌ مُشتقّةٌ من العناصر الأصليّة الطبيعية إلّا أنّها تمتلك كتلةً نوويةً أكبر من نظيرتها الطبيعية، لذلك دُعيت بالنظائر. بمعنى آخر النظائر المشعة هي عناصرٌ مماثلةٌ للعناصر الطبيعية ولكنّها تطلق إشعاعاتٍ نوويةً بسبب الكتلة الزائدة في نواتها.
فلكلّ عنصرٍ في الطبيعة انطلاقًا من الهيدروجين (H) إلى الأوكسجين وصولًا إلى الكوبالت والكروم وما سوى ذلك من العناصر الكيميائية، جميعها تمتلك ما نطلق عليه مصطلح "النظائر" أي ذرات شبيهة للأصلية إلا أنها تمتلك فائضًا من النيوترونات يجعلها في حالةٍ من عدم الاستقرار. وهي متعدّدةٌ؛ بمعنى أن بعض العناصر قد تمتلك أكثر من نظيرٍ إشعاعيٍّ، فعلى سبيل المثال عنصر الهيدروجين (أخف العناصر الكيميائية وزنًا) يمتلك ثلاثة نظائر مختلفة تمتلك كتلةً ذريّةً 1 أو 2 أو 3، إلّا أن النظير الثالث فقط (الذي يُطلق عليه اسم التريتيوم) فقط من يمتلك نشاطًا إشعاعيًا.
فكما نعلم أنه في العناصر والذرات المعتدلة تحتوي النواة على عددٍ متساوٍ من النيوترونات (جسمياتٌ معتدلة الشحنة) والبروتونات (جسيماتٌ ذات شحنةٍ موجبةٍ) هذا التوازن فيما بينها يعطي الاستقرار للذرة. ومع غيابه، كما في النظائر المشعة تصبح الذرة في حالةٍ من عدم الاستقرار مطلقةً الفائض من النيوترونات أو البروتونات على شكل إشعاعات ألفا أوبيتا أوغاما، لذلك أُطلق عليها اسم النظائر المشعّة.
والجدير بالذكر أن هذه النظائر المشعّة لا تبقى في حالة عدم الاستقرار تلك دائمًا فهي تسعى إلى الاستقرار بإطلاقها لتلك الإشعاعات حتى تصل إلى الحالة ذاتها التي يمتلكها العنصر نفسه في حالته الطبيعية المستقرّة. ويُطلق على الزمن المطلوب لوصول تلك النظائر إلى الحالة السويّة لها بـ"عمر النصف الشعاعي" ويُرمز له بـ t12 ، وهذا الزمن هام في مجال الدراسات النووية.
من أين تأتي
النظائر المشعة
في الواقع يمكن الحصول على النظائر المشعة بطريقتين، إمّا طبيعيًّا، إذ إن الطبيعة تحوي كمًّا كبيرًا من النظائر المشعّة، وإمّا صنعيًّا.
وأكثر النظائر المشعة توافرًا في الطبيعة على الإطلاق هو اليورانيوم (U) والذي يتواجد في الطبيعة بشكلين، الأول هو نظير اليورانيوم -237 والذي يشكل النسبة الصغرى وقدرها 0.7% من اليورانيوم الموجود في الطبيعة، والثاني هو نظير اليورانيوم -235 ويشكّل النسبة الباقية في الطبيعة، وهو ذو استقرارٍ أقل فهو يفتقد ثلاثة نيوترونات إضافية من نواته، الأمر الذي يجعله كما ذكرنا سابقًا أقل استقرارًا وأكثر إشعاعًا.
أما النظائر المشعة الصنعية فيتم تصنيعها أيضًا وفق طريقتين أساسيّتين، أولاهما هي المفاعل النووي، وتستخدم بشكلٍ أكبر لصنع النظائر ذات النيوترونات الفائضة، كالموليبوديوم (Mo -99)، في حين تتمثّل الأخرى بأجهزة التحطيم الذرية (السيكلوترونات cyclotron) والتي تُستخدم بشكلٍ أساسيٍّ لإنتاج النظائر ذات البروتونات الفائضة، كالفلورين (F -18).
تطبيقات
واستخدامات النظائر المشعّة
هنالك في الواقع طيفٌ واسعٌ من التطبيقات المُختلفة والمتنوعة في شتى ميادين الحياة والتي يمكن توظيف خصائص وميزات النظائر المشعة فيها، نسوق من تلك التطبيقات:
- المجال الطبي: تشخيص ومعالجة الأمراض، بالإضافة إلى تعقيم الأدوات والمواد المُستخدمة في المعالجات الجراحية.
- الصناعة والتكنلوجيا: يمكن توظيف النظائر المشعة في مجال تكرير المواد واللحام في البناء و السيطرة على عمليات الإنتاج المختلفة، بالإضافة إلى البحوث التكنولوجية والكثير من المجالات التقنية الأخرى.
- الزراعة: السيطرة على الآفات الزراعية وحفظ المواد الغذائية المتنوّعة.
- عالم الفن: ترميم القطع الفنية الأثرية، كما يُتيح استخدام النظائر المشعّة إمكانية التأكد من مصداقية وتاريخ الآثار الفنيّة والتاريخيّة.
- العلوم الدوائية: دراسة الفعالية الاستقلابية والصلاحيّة الحيويّة لمختلف الأدوية قبل إعطاء الترخيص بنشرها في المجالات الطبيّة.
قائمة بالنظائر
الشعاعية
فيما يلي قائمة تشمل النظائر المشعة الطبيعية منها والصنعية والتي تمّ اكتشافها وتصنيعها حتى وقتنا الراهن:
(مع الملاحظة إلى أن الرقم الذرّي، الرقم الذي يمثّل عدد الإلكترونات أو البروتونات في ذرّةٍ ما، لا يشير بالضرورة إلى شدة النشاط الإشعاعي، فامتلاك عنصر ما عددًا ذريًّا كبيرًا لا يعني بالضرورة أنه ذو نشاطٍ إشعاعيٍّ أكبر).
العنصر الكيميائي | النظائر المشعة الأكثر استقرارًا | عمر النصف الشعاعي |
Technetium | Tc-91 | 4.21 x 106 سنة |
Promethium | Pm-145 | 17.4 سنة |
Polonium | Po-209 | 102 سنة |
Astatine | At-210 | 8.1 سنة |
Radon | Rn-222 | 3.82 سنة |
Francium | Fr-223 | 22 دقيقة |
Radium | Ra-226 | 1600 سنة |
Actinium | Ac-227 | 21.77 سنة |
Thorium | Th-229 | 7.54 x 104 سنة |
Protactinium | Pa-231 | 3.28 x 104 سنة |
العنصر الكيميائي | النظائر المشعة الأكثر استقرارًا | عمر النصف الشعاعي |
Uranium | U-236 | 2.34 x 107 سنة |
Neptunium | Np-237 | 2.14 x 106 سنة |
Plutonium | Pu-244 | 8.00 x 107 سنة |
Americium | Am-243 | 7370 سنة |
Curium | Cm-247 | 1.56 x 107 سنة |
Berkelium | Bk-247 | 1380 سنة |
Californium | Cf-251 | 898 سنة |
Einsteinium | Es-252 | 471.7 يوم |
Fermium | Fm-257 | 100.5 يوم |
Mendelevium | Md-258 | 51.5 يوم |
العنصر الكيميائي | النظائر المشعة الأكثر استقرارًا | عمر النصف الشعاعي |
Nobelium | No-259 | 58 دقيقة |
Lawrencium | Lr-262 | 4 ساعات |
Rutherfordium | Rf-265 | 13 ساعة |
Dubnium | Db-268 | 32 ساعة |
Seaborgium | Sg-271 | 2.4 دقيقة |
Bohrium | Bh-267 | 17 ثانية |
Hassium | Hs-269 | 9.7 ثانية |
Meitnerium | Mt-276 | 0.72 ثانية |
Darmstadtium | Ds-281 | 11.1 ثانية |
العنصر الكيميائي | النظائر المشعة الأكثر استقرارًا | عمر النصف الشعاعي |
Roentgenium | Rg-281 | 26 ثانية |
Copernicium | Cn-285 | 29 ثانية |
Nihonium | Nh-284 | 0.48 ثانية |
Flerovium | Fl-289 | 2.65 ثانية |
Moscovium | Mc-289 | 87 ميلي ثانية |
Livermorium | Lv-293 | 61 ميلي ثانية |
Tennessine | غير معروف | |
Oganesson | Og-294 | 1.8 ميلي ثانية |