ما هي قارة غوندوانا

غياث عبد الملك
غياث عبد الملك

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

قارة غوندوانا أو كما قد تسمى غواندوانا لاند (Gondwanaland) هي قارةٌ قديمةٌ لم تعد موجودةً في عصرنا الحالي، أو بعبارةٍ أكثر دقةً لم تعد موجودةً منذ زمنٍ طويلٍ، يطلق عليها في المراجع الأجنبية اسم Supercontinent؛ والتي تعني القارة العملاقة أو الكبيرة جدًا وذلك لأنها كانت تضم كلًا من أمريكا الجنوبية، وإفريقيا، والمنطقة العربية، بالإضافة لجزيرة مدغشقر والهند وأستراليا والقارة القطبية الجنوبية.

يقدر علماء الجيولوجيا أن القارة كانت موجودةً ومتماسكةً بشكلها العملاق الذي ذكرناه منذ حوالي 600 مليون سنة أي في نهايات العصر البيركامبري (Precambrian Time)، واستمرت كقطعة أرضٍ واحدةٍ تحيط بها المياه حتى نهايات العصر الجوراسي أي قبل 150 مليون سنة حيث بدأت المراحل الأولى لتفككها.

تصوّر حول قارة غوندوانا

أصل التسمية

يعود أصل تسمية هذه القارة المغرقة في القدم إلى منطقة جندوانا في وسط الهند، وذلك بسبب مكونات تربتها والتي تشبه تمامًا مكونات التربة في قارات نصف الكرة الأرضية الجنوبية (تسمى المكونات الباليوزية العليا والميزوزوية)، وكان أول من أطلق هذه التسمية على القارة القديمة الجيولوجي النسماوي إدوارد سوس بعد اكتشافه لموضوع تشابه مكونات التربة في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.


الأدلّة على وجود قارة غوندوانا

إن السؤال المنطقي والبديهي الذي يتبادر للأذهان هو هل كانت غوندوانا موجودةً حقًا، وكيف استطاع علماء الجيولوجيا التنبؤ بوجودها وخصوصًا أننا نتكلم عن أعمارٍ فلكيةٍ لهذه القارة! الجواب هو أن هناك الكثير من القرائن والدلائل التي دفعت علماء الجيولوجيا للتنبؤ بوجود هذه القارة وتقدير عمرها الزمني.


الأدلة النباتية

تشير الأدلة الأحفورية إلى أن الغابات المطيرة المعتدلة انتشرت في أستراليا والقارة القطبية الجنوبية وأمريكا اللاتينية ونيوزيلاندا قبل حوالي 45 مليون سنة، مما يقدم دليلًا على ترابط هذه المناطق مع منطقة غوندوانا في الهند. كما تقدم الحفريات بشكلٍ مستمرٍ العديد من الدلائل على هذا الترابط، وربما كان أحدث هذه الحفريات اكتشاف أوراق متحجرة لأشجار الصنوبر العملاقة بالقرب من جبل كرادل في الهند في حين أن هذه الأشجار لا تنمو حاليًّا إلا في دولة تشيلي في قارة أمريكا الجنوبية.


الأدلة الحيوانية

بالإضافة للأدلة النباتية المكتشفة، هناك العديد من الأدلة الحيوانية أيضًا، ولعل أبرز الأدلة الحيوانية المعروفة هو الروبيان الموجود في الهند، والذي ينحدر من سلالةٍ تعود حتى 230 مليون سنة كما أظهرت الحفريات، حيث عثر على أقاربٍ لها تنحدر من نفس الفصيلة في نيوزيلندا وأمريكا الجنوبية، وهو ما يعتبر دليلًا آخرًا على وجود ترابطٍ قديمٍ بين المكانين.


تفكك قارة غوندوانا

بدأ تفكك القارة العملاقة منذ حوالي 180 مليون سنة عندما انفصلت قطعةٌ كبيرةٌ منها وبدأت بالتحرك باتجاه الغرب، ومن ثم وبعد مرور 40 مليون سنة شكلت هذه القطعة ما يُعرف لنا اليوم بقارتي أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وبالتالي نشأ المحيط الأطلسي بينهما. في حين انفصل الجزء الشرقي من غوندوانا ليشكل القارة القطبية الجنوبية وأستراليا وشبه القارة الهندية وجزيرة مدغشقر.

بعد حوالي 50 مليون، سنة بدأت القارة الأسترالية بالتحرك شمالًا؛ وفي الحقيقة لا تزال أستراليا تتحرك حتى وقتنا الحالي؛ حيث تتحرك شمالًا بضعة سنتيمترات كل عامٍ، وفي حال استمرت في حركتها ستصطدم مع قارة آسيا وتغير وجه الكرة الأرضية من جديدٍ!


تفسيرات أسباب التفكك

في الحقيقة، يصعب الحصول على إجابةٍ دقيقةٍ ومحددةٍ عن سبب تفكك قارة غوندوانا وتبقى كل الأجوبة مجرد نظرياتٍ تؤكدها بعض الحقائق وتنفيها أو تقلل من صحتها حقائق أخرى. لكن النظرية الأكثر تداولًا عن سبب انقسام غوندوانا هي انفجار البؤر الساخنة (Hot Spot) التي أدت في البداية لانفصال الهند عن القارة، ومن ثم تتابعت الانفجارات لتنفصل القارة تدرجيًّا وتشكل باقي القارات.

تفسيرات أسباب التفكك
  • ملاحظة: البؤر الساخنة هي منطقةٌ من الأرض تقع فوق حيّزٍ من القشرة الأرضية يحوي على صهارةٍ بركانيةٍ (ماغما) حرارتها أكبر من حرارة الصهارة الموجودة في المناطق المحيطة، وفي الغالب تسبب هذه الحرارة الزائدة انصهار القشرة الصخرية أو تخفيفها، وبالتالي تنشط البراكين على سطح الأرض حول هذه البؤر.

أخيرًا، لا تزال هناك العديد من الأبحاث والدراسات التي تبحث في تشكل قارة غوندوانا وأسباب تفككها، وإن كنا ذكرنا نظريةً واحدةً للتفكك إلا أنه هناك العديد من النظريات والأبحاث الأخرى التي تحاول الوصول لنتائجَ وأجوبةٍ أكثر إقناعًا وترابطًا.

هل أعجبك المقال؟