من هم شعوب الفايكنج
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
"الفايكنج"...مصطلحٌ غريبٌ نوعًا ما أليس كذلك! هل ينتابك شعور بالقوة والسيطرة عند لفظك لهذه الكلمة؟ إذا كان جوابك نعم فهذا ليس بشيءٍ غريبٍ، يعرف معظم الناس قشورًا عن شعوب الفايكنج وعن شهرتهم بالوحشية وسفك الدماء. تابعوا معنا المقال التالي لنتعرف أكثر عن ماهية هذه الشعوب.
لمحة تعريفية عن الفايكنج
أطلقت تسمية الفايكنج على الشعوب التي جاءت من إسكندنافيا ما بين القرن الثامن والقرن الحادي عشر، والتي تتألف اليوم من ثلاث بلدانٍ (النرويج، الدنمارك، السويد)، كما أطلق عليهم لقب النورسيين أو الشماليين (أهل الشمال).
لطالما كان الفايكنج سيئي السمعة حيث شبهت وحشيتهم غير المبررة بوحشية الغزاة والقراصنة في العصور الوسطى، ولم يكن هناك تفسيرٌ لطبيعتهم هذه فقد قاموا بغاراتٍ مخيفةٍ لفتراتٍ طويلةٍ من الزمن، ولكن من ناحيةٍ أخرى لم يخلُ الأمر من وجود بعض المستكشفين والبحارة الماهرين من الفايكنج، والذين جابوا عدة أماكنَ بدءًا بأوروبا متجهين شرقًا وصولًا لآسيا، ثم جنوبًا حيث إفريقيا الشمالية وأخيرًا إلى أقصى نيوفنلاند. وأنشأوا طرقًا تجاريةً خاصةً بهم وعمدوا إلى الاستقرار في بريطانيا الشمالية وإيرلندا في حين استقر القليل منهم في بلاد الفرنجة، مؤسسين بذلك مملكة كيفان روس على نهر فولجا.
في بداية ظهورهم، عبد النورسيون الأصنام (وثنيين) واستهدفت غاراتهم الأديرة المسيحية الثرية؛ ولكنهم تراجعوا عن غاراتهم فيما بعد وبدؤوا أنفسهم ببناء الكنائس، ولازالت بعض كنائس ستاف المذهلة ( كنائس العصا الخشبية وسميت بذلك نسبةً لهيكلها الخشبي وطريقة بنائها) والتي بنوها في إسكندنافيا موجودة إلى يومنا هذا.
الفايكنج في أمريكا
بدأ ظهور الفايكنج في أمريكا منذ مئات الأعوام، عندما قرر تاجرٌ من تجار أهل الشمال بالاشتراك مع أحد المغامرين المسمى "ثورمان كارلفيني" السفر عبر الساحل الغربي وصولًا إلى غرين لاند، وذلك عن طريق ثلاث سفنٍ محملة بالجنود النورسيين، حيث كان مبتغاهم اكتشاف مساحات وأراض جديدة بعيدة عن أراضيهم متأملين عودتهم محملين بالثروات المذهلة.
باتباع المسار الذي اكتشفه سابقًا قائدٌ يدعى"ليف إيريكسون"، أبحر ثورمان عبر ساحل غرينلاند مجتازًا مضيق دافيس، وبعد ذلك اتجه جنوبًا إلى جزيرة بافن وصولًا إلى نيوفندلاند وغالبًا وصل إلى ما وراء نيوفندلاند، وهناك تزوج بفتاةٍ تدعى"غادريد" وأنجبا طفلهما "سنوراي"، والذي اعتبر حينها أول طفلٍ ولد من نسل الفايكنج في شمال أمريكا.
حقق فيما بعد ثورمان ومجموعته مبتغاهم من الثروات، حيث حظوا بالأسماك والأخشاب والأعلاف، كما تعدوا على سكان أمريكا الأصليين والذين أطلق عليهم "skraelings" أو ما يسمى "الأشخاص البائسون" لأنهم غالبًا كانوا مسالمين.
لم تمضِ فترةٌ كبيرةٌ حتى تدهورت العلاقة بين السكان الأصليين والفايكنج، ثم بعد ثلاث سنواتٍ مضت رجع ثورمان وعائلته وماتبقى من طاقمه على قيد الحياة أدراجهم إلى آيسلندا، موطن ثورمان الأصلي.
اللغات التي تحدث بها الفايكنج
اعتمدت لغة الفايكنج على المنطقة التي مكثوا بها. واستمر عصر الفايكنج حتى فترةٍ طويلةٍ وشمل مناطقَ واسعةً من أوروبا الشمالية، وهذا ما يفسر قدرتهم على التحدث بأيّ لغةٍ شائع في مكان تواجدهم. وإليكم بعضًا من اللغات التي تحدثوا بها:
- اللغة الإسكندنافية القديمة: كانت شائعةً لدى الإسكندنافيين والمستوطنات النوردية من القرن التاسع وحتى القرن الثالث عشر.
- Proto-Norse اللغة ماقبل الإسكندنافية القديمة: وكانت شائعةً فترة ما قبل القرن الثامن، كانت تعتبر لغة شمال ألمانيا .
- بالإضافة للغة الإسكندنافية القديمة؛ كانت هناك عدة لهجاتٍ مشتقة منها حسب المكان: الإسكندنافية الشرقية القديمة، الإسكندنافية الغربية القديمة، والجرمانية القديمة.
- الآيسلندية: اللغة الحديثة الخاصة بالفايكنج الذين استوطنوا في آيسلندا في القرن التاسع.
العلاقة بين العالم الإسلامي والفايكنج
إن المعلومات المتوفرة حول وجود علاقةٍ ما بين العالم الإسلامي و شعوب الفايكنج تم اكتشافها في مصادرَ مكتوبة باللغة العربية، ويمكن ملاحظة الارتباط بين الاثنين من خلال القطع الأثرية الموجودة والمكتشفة في إسكندنافيا.
خلال فترة ما بين القرن الثامن والقرن الثالث عشر وحين كان العصر الإسلامي في أوج نشاطه أنشأ الخليفة العباسي الحاكم آنذاك واحدةً من أضخم الإمبراطوريات في التاريخ، والتي أخذت بالاندماج مع مختلف الثقافات حول العالم كالثقافة الهندية والصينية في بلاد المشرق، والبيزنطية في بلاد الغرب، ونتيجة هذا التوافق أنشئت شبكاتٌ تجاريةٌ كثيرةٌ ما بين آسيا وإفريقيا وأوروبا. وهنا نجد بعض الدلائل التي تؤكد لنا وجود تواصلٍ ما بين الإسلام والفايكنج:
- الشاعر والدبلوماسي المغربي "الغزال" والذي يعتبر من الشعراء العرب القلائل الذين تنبأوا بمستقبل إسكندنافيا، حيث أرسل عبد الرحمن الثاني (أمير قرطبة الرابع) الغزال إلى ملك المجوس، وهم عبدة النار (أي الفايكنج ذاتهم)؛ وعلى الرغم من عدم وضوح الأسباب الكامنة وراء هذا إلا أن الأخير يتحدث عن الجزيرة أو شبه الجزيرة هناك، والتي غالبًا كانت تضم محكمة الملك هورك الأول؛ ملك الدنماركيين.
- كما تحدث الرحالة الطرطوشي عن الفايكنج وأشار ابن خرداذبة إلى الفايكنج الرومانيين بوصفهم تجار الفرو والسيوف والفضة .
- وأما ابن فضلان فوصفهم بأنهم "عينات فيزيولوجية ممتازة"، ويقصد بذلك بنيتهم الجسدية القوية وأنهم يتمتعون بطولٍ فارعٍ كأشجار النخيل؛ وشعرٍ ذو لون أشقر أو أحمر.