التحليل الطيفي
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
يعلم مُعظمنا أن الضوء عندما يمرُّ في الموشور يتعرض إلى التشتت والانكسار؛ لتظهر ألوانٌ مُتعددةٌ تُدعى ألوان الطيف، وهي ذاتها ألوان قوس القزح؛ وهي طريقةٌ قديمةٌ استُخدمت لتحليل الضوء المرئي عُرفت فيما بعد باسم التحليل الطيفي (Spectroscopy)، اتخذت طرقًا وأشكالًا مُختلفةً خلال السنوات التالية، ما أتاح التعرّف على الإشعاعات غير المرئية كالأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية.
تعريف التحليل الطيفي
يُطلق مصطلح التحليل الطيفي على دراسة امتصاص المادة للضوء ومختلف أنواع الإشعاعات وانبعاثها منها، وعلاقتها بالأطوال الموجية؛ كما يشمل دراسة التفاعلات بين الجزيئات مثل الإلكترونات والبروتونات والأيونات، إضافةً لتفاعلاتها مع بقية الجزيئات كدليلٍ على طاقة التصادم الخاصة بها.
شكّل التحليل الطيفي عاملًا هامًّا في تطوير الكثير من النظريات الفيزيائية مثل ميكانيكا الكم ونظريات النسبية الخاصة والعامة ونظرية كهرَديناميكا الكم، فعند إجراء التحليل الطيفي على التصادمات ذات الطاقة العالية، أُتيح الحصول على أداةٍ هامّةٍ في تطوير مستوى الفهم العلمي بما يخص القوة الكهرومغناطيسية والقوى النووية الضعيفة والقوية.
مبدأ التحليل الطيفي
قبل الغوص في تفاصيل عملية التحليل الطيفي، لا بدّ من توضيح أن الضوء ينتشر على هيئة موجاتٍ ويتمتع بخواصٍ مشابهةٍ للجسيمات؛ فمن خلال التحليل الطيفي يتم توزيع الإشعاع الكهرومغناطيسي للضوء إلى إشعاعاتٍ ذات أطوالٍ موجيةٍ مُختلفة تدعى الطيف الكهرومغناطيسي، تمامًا كما يحدث عندما يمر الضوء عبر الموشور، فتظهر ألوان قوس القزح.
تُكمّم مستويات طاقة الإلكترونات الموجودة في الذرات والجزيئات، وتحدث عملية امتصاص الأشعة الكهرومغناطيسية وانبعاثها ضمن أطوالٍ موجيةٍ مُحددة، ما يعني أن الطيف لا يظهر على صورةٍ مستمرةٍ، بل يتضمن خطوطًا تدل على الامتصاص والانبعاث.
يتضمن الطيف الكهرومغناطيسي إشعاعاتٍ تختلف عن بعضها بالأطوال الموجية التي تنتشر وفقها، وهي أمواج الراديو Radio waves، والأشعة تحت الحمراء Infrared والضوء المرئي Visible Light والأشعة فوق البنفسجية Ultraviolet والأشعة السينية X-Rays إضافةً لأشعة غاما Gamma Rays.
أنواع الطيف
عند إجراء التحليل الطيفي تبيّن وجود نوعين من الأطياف الضوئية هما الطيف المستمر والطيف المنفصل.
الطيف المستمر (Continuous Spectra)
يتشكل هذا الطيف عندما تبعث الغازات الكثيفة والأجسام الصلبة حرارتها بعيدًا عن طريق إرسال الضوء وفق مجالٍ واسعٍ من الأطوال الموجية؛ ولذلك يبدو الطيف الظاهر وكأنه مستمرًا ينتقل بسلاسةٍ.
تُعتبر النجوم مثالًا على الطيف المستمر؛ حيث تُرسل الضوءَ في طيفٍ مُستمرٍ بشكلٍ دائمٍ، تمامًا كالمصابيح المتوهجة والفرن الكهربائي والجمر وألسنة اللهب، وحتى الإنسان نفسه يبعث طيفًا مُستمرًا تكون الأمواج فيه غير مرئيةٍ لأن أطوالها الموجية تقع ضمن الأطوال الموجية للأشعة الحمراء Infra-Red.
الأطياف المنفصلة (Separate Spectra)
عند دراسة فيزياء الذرات لوحظ وجود الأطياف المنفصلة، التي تنقسم إلى نوعين هما:
- أطياف الامتصاص (Absorption Spectra): عند تحليل ضوء الشمس سنجد ظهور خطوطٍ سوداءَ داكنة ناتجة عن قدرة غلاف الشمس على امتصاص الضوء في أطوالٍ موجيةٍ مُحددة؛ ما يُؤدي إلى التقليل من كثافة الضوء وظهوره داكن اللون عند تلك الأطوال الموجية.
- بالاعتماد على قدرة الذرات والجزيئات في الغاز على امتصاص أطوالٍ موجيةٍ مُحددةٍ للضوء، تمكّن العلماء من تحديد العناصر المكوّنة للغلاف الشمسي، فدائمًا ما نرى طيف الامتصاص من أماكنَ في الفضاء يكون فيها الغاز منخفض الحرارة بيننا وبين مصدر الضوء كالنجوم والكوكب.
- أطياف الانبعاث (Emission Spectra): يحدث هذا النوع من الطيف المتصل عندما ينبعث من الذرات والجزيئات الموجودة في الغاز ضوءٌ إضافيٌّ ضمن أطوالٍ موجيةٍ محددةٍ؛ ما يتسبب بتشكل خطوطٍ ساطعةٍ تظهر ضمن الطيف، وكما في طيف الامتصاص ينبعث من كلِّ عنصرٍ خطوطٌ مختلفةٌ عن خطوط العناصر الأخرى.
بعض استخدامات التحليل الطيفي
تُستخدم تقنية التحليل الطيفي كأداةٍ لدراسة بنية الذرات والجزيئات، حيث يُتيح العدد الكبير للأطوال الموجية المنبعثة منها اكتشاف تركيبتها بشكلٍ مُفصلٍ ودقيقٍ، كتوزيع الإلكترونات في الحالة الطبيعية أو عند إثارة تلك الجزيئات. ويُعتبر التحليل الطيفي طريقةً تحليليةً دقيقةً تُتيح اكتشاف تركيبة المواد ذات البنية الكيميائية المجهولة.