كيفية عمل أنظمة التخفي عن الرادار
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
تُستخدم تقنية التخفي في الحروب ومهام الاستطلاع والتجسس، وقد أنفقت الجيوش في جميع أنحاء العالم ملايين الدولارات على مرِّ السنين لاستخدام تكنولوجيا التخفي لمصلحتها الكبرى، خصوصًا بعد اكتشاف الرادار، فقد أصبحت تقنية التخفي أكثر أهميةً ويتم تطويرها بشكلٍ مستمرٍ، وسنستعرض في هذا المقال كيفية عمل أنظمة التخفي عن الرادار وأبرز المعلومات المتعلقة بها.
تاريخ ظهور أنظمة التخفي عن الرادار
بدأ تطوير تقنية التخفي (stealth technology) قبل الحرب العالمية الأولى، وفي ذلك الوقت لم يُكتشف الرادار بعد، حيث كانت تقنية التخفي تعتمد على صنع طائراتٍ يصعب رؤيتها أو التعرف عليها، وفي عام 1912 قام المهندسون الألمان بصناعة طائرةٍ شفافةٍ باستخدام مواد مكونة من السليلوز، ورسموا إطار الطائرة بألوانٍ فاتحةٍ بحيث لا يمكن رؤيتها بسهولةٍ في السماء، كانت هذه الحيلة فعالة واستخدمها الألمان في الحرب العالمية الأولى.
ومن ثم تم تطوير أول رادارٍ من قبل البريطانيين واستخدموه في الحرب العالمية الثانية، لذا كان على الألمان إيجاد طريقةٍ لتجنب اكتشافهم بواسطة الرادار البريطاني، وحينها كانت أول خطوةٍ في تطوير أنظمة التخفي عن الرادار .
حيث قاموا بتغطية أجزاء من الغواصات بالطلاء الممتص لموجات الرادار، وجربوا نفس الأسلوب مع الطائرات، لكن كان من مساوئ هذه الطريقة أن مادة الطلاء المغطية ستزيد من وزن الطائرة وبالتالي صعوبة الطيران، لكن فيما بعد تم تطوير موادٍ أخرى لاستخدامها كمادةٍ ماصةٍ لإشارات الرادار، مثل مركبات ألياف الكربون والمواد البلاستيكية عالية القوة.
آلية عمل أنظمة التخفي عن الرادار
لفهم كيفية عمل تكنولوجيا أنظمة التخفي عن الرادار ، لا بد أولًا من معرفة مبدأ عمل الرادار.
فكما هو معروفٌ، الرادار هو جهازٌ يستخدم للكشف عن جسمٍ أو هدفٍ ما في مساحةٍ معينةٍ، حيث يرسل الرادار موجاتٍ لاسلكيةً تنعكس عن الأسطح المعدنية وتسير في جميع الاتجاهات، ويعود جزءٌ منها باتجاه المصدر (الرادار)، وبمجرد أن يستقبل الرادار الإشارة، فإنه يحدد مسافة الطائرة أو جسم ما بناءً على الوقت الذي تستغرقه الإشارة للعودة إلى المصدر.
وعند دمج هذه المعلومات مع الاتجاه الذي يتم منه استقبال الإشارة، يحدد الرادار موقع الجسم، كما يمكن للرادارات الحديثة مثل Irbis أو Zhuk تحديد نوع الهدف المرصود، سواء كانت مروحية أو صاروخ كروز أو طائرة مقاتلة.
وبالتالي، تعتمد أنظمة التخفي عن الرادار على توجيه الإشارت بعيدًا عن مستقبل الرادار، وذلك بواسطة طريقتين:
- امتصاص إشارات الرادار: عن طريق تغطية جسم الطائرة بموادٍ خاصةٍ تمتص جزءًا من طاقة الرادار المستقبلة وتحولها إلى حرارةٍ. من أنواع الطلاءات المستخدمة طلاء كرات الحديد ، والذي يحتوي على كراتٍ حديديةٍ مجهرية تتناغم مع الموجات الراديوية الواردة وتبدد معظم طاقتها، مما يقلل من حزمة الأشعة المنعكسة وبالتالي تشويش إشارات الرادار.
- انحراف إشارات الرادار: وذلك عن طريق تصميم هيكل الطائرة بشكلٍ زاويٍّ ذو وجوه مستقيمة وزوايا حادة.
ولتعزيز أنظمة التخفي عن الرادار يمكن أيضًا الجمع بين هندسة سطح الطائرة والمواد المصنوعة منها، على سبيل المثال يمكن بناء أجنحة الطائرة على ركيزةٍ معدنيةٍ بشكل مجموعةٍ من النتوءات بشكل الأهرامات، ويتم ملئ المسافة بين الأهرامات بواسطة مادة ماصة لأشعة الرادار، وعندما تصطدم الموجات الرادوية بالسطح المتعرج الداخلي بين الجدران الهرمية، تزداد القدرة على الامتصاص عن طريق إطالة مسار الإشارة عبر المادة الماصة.
تقنية البلازما للتخفي عن الرادار
نظرًا للتكلفة المرتفعة للمواد الماصة لأشعة الرادار، قامت أكاديمية العلوم الروسية بتطوير استراتيجياتٍ جديدةٍ في أنظمة التخفي عن الرادار وذات تكلفةٍ أقل، تعتمد على إخفاء الطائرات في الغاز المؤين (البلازما)، من ميزات مادة البلازما أنها تمتص الموجات الراديوية، لذا من الممكن نظريًّا أن نقلل من انعكاس الموجات الراديوية عن جسم الطائرة (العادية) عن طريق إطلاق مادة البلازما من مقدمّة الطائرة وحواف أجنحتها، ومن ثم ترك هذه المادة لتنساب للخلف وتغطي جسم الطائرة وباقي أجزاء أجنحتها.
تميّز التصميم الروسي بخفّ وزنه ويمكن استخدامه مع أي طائرةٍ عاديةٍ، وهذا يجعل قدرة التخفي متوفرةً بأقل تكلفة لأي سلاحٍ جويٍّ، لكن من عيوب تقنية البلازما أنه من المحتمل أن تتوهج الطائرة في الجزء المرئي من الطيف، وبالتالي إمكانية كشف موقعها عيانيًّا بسهولةٍ.
الطائرات الشبحية
تدعى الطائرات التي تستخدم أنظمة التخفي عن الرادار بالطائرات الشبحية، تعد طائرة الصقر الليلي F-117 أول طائرةٍ شبحيةٍ في التاريخ، تم تصميمها للطيران في الليل وبالقرب من الأرض (أي أقل من 500 قدم )، بحيث تنحرف تحت سيطرة الكمبيوتر لتجنب العقبات مثل التلال أو الأبراج، وذلك لأن الرادار لا يمكنه رصد أي هدفٍ قادمٍ حتى يكون الهدف في خط الرؤية بشكلٍ مباشرٍ، وهذا يكون صعبًا بالنسبة لطائرةٍ سريعةٍ منخفضة تحلق من خلال التضاريس الجبلية، في حين أن القاذفة B-2 تطير على ارتفاعاتٍ عاليةٍ، ولا يمكنها القيام بالمناورات السريعة المطلوبة.