كيف تعمل البوصلة
لمعرفة كيف تعمل البوصلة لا بدمن تناول مفاهيم عديدة، كالمغناطيس، والمجال المغناطيسي الأرضي، وعلاقتهما مع بعضهما، والتأثير الحاصل على الإبرة المغناطيسية.
البوصلة
تُعتبر البوصلة من أعظم الاختراعات والاكتشافات التي عرفها الإنسان عبر التاريخ؛ لما لها من أهميةٍ كبيرةٍ في توجيه الحركة، ومعرفة الاتجاهات خصوصًا في الأسفار، والرحلات التجارية قديمًا.
صُنعت أول البوصلات باستخدام إبرةٍ ممغنطة، مثبتةٍ على قطعةٍ من الخشب أو الفلين، يمكنها أن تتحرك بحريةٍ فوق وعاءٍ من الماء،هذا ولا يُعرف أول من اخترع هذه البوصلة؛ إلا أن كثيرًا من المصادر تنسبها للحضارة الصينية القديمة. ويوجد عدة أنواع للبوصلة، أشهرها البوصلة المغناطيسية؛ وهي المعروفة والشائعة بين الناس والتي سنتكلم عنها.
المغناطيس وعلاقته بمبدأ عمل البوصلة
المغناطيس وخصائصه من أولى المعلومات التي نتعلمها في مدارسنا الإبتدائية، حيث يذكر الجميع عبارة الأقطاب المتماثلة تتنافر، والأقطاب المختلفة تتجاذب؛ والتي كانت مصدرًا للتسلية والمرح عندما كنا نلعب بالمغناطيس، فالإمساك بمغناطيسٍ ووضع مغناطيسٍ آخر في مكانٍ يستطيع فيه الحركة أو الدوران، ومن ثم تحريك المغناطيس الذي في يدنا؛ سيؤدي لحركة المغناطيس الحر.
ملاحظة: للمغناطيس قطبين مختلفين نسميهما القطب الشمالي( North Pole) ونميزه باللون الأحمر، والقطب الجنوبي (South Pole) ونميزه باللون الأزرق.
تأثير المغناطيس الأرضي على عمل البوصلة
للإجابة على تساؤل كيف تعمل البوصلة لا بد من الإشارة إلى تمتُّع الكرة الأرضية (وغيرها من الكواكب حتى) بخواصٍ مغناطيسيةٍ، بل يمكن اعتبار الأرض بحجمها الكبير، أنها مغناطيسٌ كبيرُ الحجم له قطبين، شأنها شأن أي مغناطيسٍ صغيرٍ آخر، ويُسميان القطب الشمالي والقطب الجنوبي.
ملاحظة هامة: لا تتطابق الأقطاب المغناطيسية للأرض مع الأقطاب الجغرافية؛ لذلك عادةً لا تُستخدم التسمية بشكلٍ عام؛ لمنع حدوث الالتباس. فنقول القطب الشمالي المغناطيسي والقطب الشمالي الجغرافي (لاحظ تمثيل هذه الأقطاب في الشكل أعلاه).
طريقة عمل البوصلة
طالما أن الأرض هي مغناطيسٌ كبيرٌ له حقلٌ مغناطيسيٌ في كل الأرجاء، وطالما أن الإبرة المغناطيسية في البوصلة هي مغناطيسٌ أيضًا؛ فحسب قاعدة التجاذب والتنافر التي ذكرناها، يمكن فهم كيف تعمل البوصلة ؛حيث يدخل هذان المغناطيسان في تأثيرٍ متبادلٍ، تمامًا مثل لعبة المغناطيس الذي في يدنا، والمغناطيس حر الحركة على الطاولة.
هنا ستكون الأرض هي المغناطيس الثابت، والإبرة هي المغناطيس المتحرك، وبالتالي سيشير القطب الشمالي للإبرة المغناطيسية نحو الشمال المغناطيسي للأرض، والقطب الجنوبي للإبرة نحو القطب الجنوبي المغناطيسي للأرض.
لكن مهلًا أليس هذا معاكسًا لقاعدة تجاذب الأقطاب المتعاكسة، وتنافر الأقطاب المتماثلة؟! نعم هذا معاكسٌ للقاعدة، لأن القطب الشمالي المغناطيسي للأرض يسلك سلوك القطب الجنوبي للمغناطيس. قد يبدو هذا غيرَ منطقيٍ، ولكن هذه الحقيقة التي اكتشفها الفيزيائي الإنكليزي ويليام جلبرت قبل 400 عام تقريبًا.
إذا كان الأمر كذلك لماذا لا نعكس تسمية الأقطاب؟ في الحقيقة لن يكون هذا مناسبًا، وخصوصًا أن تسمية الاتجاهات (شمال وجنوب) كانت قبل اكتشاف الحقل المغناطيسي الأرضي، التي تسلك سلوك مغناطيسٍ كبيرٍ له قطبين.
مم تصنع البوصلة
يمكن أن نختصر البوصلة بمكونٍ واحدٍ فقط، وهو الإبرة المغناطيسية، وما تبقى هي مكوناتٌ مساعدةٌ لا أكثر، ولكن للتفصيل يمكن القول أن البوصلة تتكون من الإبرة المغناطيسية، والهيكل الحامل للإبرة.
الإبرة المغناطيسية
تُصنع الإبرة المغناطيسية من مادةٍ معدنيةٍ ممغنطة (ليست كل المعادن قابلة للتمغنط فالنحاس مثلاً لا يتمغنط!)، تحافظ على مغنطتها لفترةٍ طويلةٍ من الزمن.
يُعتبر الحديد الصلب steel من أكثر المواد شيوعًا واستخدامًا في صناعة الإبر المغناطيسية، والحديد الصلب هو عبارةٌ عن خليطٍ معدنيٍ، يتكون بشكلٍ أساسيٍ من الحديد وكميةٍ صغيرةٍ من فحم الكوك (مادة غنية بالكربون)، وغالبًا ما يضاف لها موادٌ أخرى، مثل الكوبالت؛ حتى تحافظ على مغناطيستها لفترةٍ طويلةٍ جدًا.
الهيكل الحامل
النقطة الأساسية في صناعة الهيكل الحامل للإبرة، هو ألا يُصنع من مادةٍ مغناطيسيةٍ، ولذلك غالبًا ما يستخدم البلاستيك الأكريليكي في صناعة الهيكل، والحامل الذي يحمل الإبرة المغناطيسية، لتكون حرة الحركة.
الأنواع المختلفة للبوصلة
مع أن طريقة عمل البوصلة واحدةٌ، وتعتمد على الفكرة ذاتها، إلا أننا نجد عدة أنواعٍ مختلفةٍ منها، نذكر منها:
البوصلة البحرية
تستخدم هذه البوصلة عادةً في السفن والقوارب، وتختلف هذه البوصلات عن الأخرى، بامتلاكها إبرةً مغناطيسيةً ثابتةً، وقرصٍ متحركٍ لقراءة الاتجاهات.