كيف تعمل الخلايا الشمسية الصبغية
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
في عصرٍ باتت فيه مصادر الطاقة التقليديّة المتمثّلة بالوقود الأحفوري تنضب وتشح، بالإضافة إلى تسبّبها بالتلوّث الكبير الذي أصاب كوكبنا جرّاء انبعاثات غازات الدفيئة والذي وصل إلى مرحلةٍ خطيرةٍ أدّت إلى حدوث ثقب الأوزون، أصبح البحث عن مصادرَ جديدةٍ للطاقة من الأولويات القصوى، متأمّلين بالوصول إلى طاقةٍ مستدامةٍ آمنة ونظيفة وذات كفاءةٍ عاليةٍ، ومن هنا بدأ الاهتمام باستثمار أكبر مصادر الطاقة، ليس فقط على سطح كوكبنا، بل أكبر مصادر الطاقة في مجموعتنا الشمسيّة، ألا وهي الشمس، وكانت الخلايا الشمسية الصبغية أحد تجلّيات هذا الاهتمام.
الخلايا الشمسيّة التقليديّة
طوّر العلماء الخلايا الشمسيّة، أو كما تُعرف أيضًا باسم الخلايا الكهرضوئيّة لتوليد الطاقة الكهربائيّة اعتمادًا على طاقة الشمس، بحيث أنّها لا تحتاج إلى وقودٍ لتوليد الكهرباء على نقيض المولدات الكهربائيّة التقليديّة، كما أنّ الخلايا الشمسيّة لا تصدر عنها أي انبعاثاتٍ لغازاتٍ ضارّةٍ أو موادٍ ملوّثة، ويعتمد مبدأ استخدام الخلايا الشمسيّة على توظيف ألواح كبيرة يحتوي كلّ منها على عددٍ كبيرٍ من الخلايا الشمسيّة، تُصنع بشكلٍ أساسيٍّ من مادة السيليكون، التي تتميّز بأنّها من أنصاف النواقل (أشباه الموصلات)..
الخلايا الشمسية الصبغية
تُعتبر الخلايا الشمسية الصبغية (Dye-sensitized solar cell) أحد الأنواع المتعدّدة للخلايا الشمسيّة، والتي تُعرف أيضًا باسم خلايا غريتسل نسبةً إلى مطوّرها مايكل غراتزل (Michael Grätzel).
كان غراتزل كيميائيًّا في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، وعمل على تطوير هذه التقنيّة الجديدة التي أبصرت النور في عام 1991، وأحدثت قفزةً نوعيّةً في تقنيات الخلايا الشمسيّة، وفتحت المجال أمام المبدعين على تطويرها وجعلها في متناول الجميع، واستخدامها على نحو كبير وفي أجهزةٍ غير متوقّعة مثل النظارات والحقائب والتي تميّزت أيضًا بتكلفتها الزهيدة جدًا مقارنةً بباقي تقنيات ألواح الطاقة الشمسيّة، كما قدّمت مرونةً كبيرةً في التعامل والاستخدام.
خذ مثلًا أنّ بإمكانك طلاء نوافذ منزلك بها لتوليد الطاقة الشمسيّة، إذ توّلد هذه التقنية كمياتٍ لا بأس بها من الطاقة، حيث تحوّل حوالي 11% من طاقة أشعة الشمس الملتقطة إلى طاقةٍ كهربائيّةٍ، كما أنّ الخلايا الصبغيّة قادرة على العمل في أجواءـ صعبةٍ وبكفاءةٍ عاليةٍ، حيث يمكن أن تتحمّل درجات حرارة عالية تصل إلى 65 درجةً مئويّةً..
مكونات الخليّة الشمسيّة الصبغيّة
إنّ مكونات الخلايا الشمسية الصبغية الرئيسيّة هي:
- المصعد.
- المهبط.
- الصباغ.
- الوسيط الإلكتروليتيّ.
بشكلٍ عام؛ تتكوّن مساري الخليّة من صفيحتين زجاجيتين رقيقتين مطليتين بمادةٍ شفافةٍ من أكسيد ناقل للكهرباء، ويجب أن تكون شفافية المادة تتجاوز 80% وعادةً ما يُستخدم أكسيد القصدير المشبع بالفلور (FTO) أو أكسيد قصدير الإنديوم (ITO)، ويتم وضعها ضمن محلولٍ إلكتروليتيٍّ بالإضافة إلى الصباغ المركّب عادةً من الروثنيوم (Ruthenium) او مركبات عضويّة أخرى، ويُستخدم محلول ثلاثي اليوديد لتشكيل الوسط الإلكتروليتيّ..
مبدأ عمل الخليّة الشمسيّة الصبغيّة
كما يوحي الاسم، تعتمد آليّة عمل الخلايا الشمسية الصبغية على العمليات الكهروكيميائيّة الضوئيّة، بحيث تعتمد على تجديد المواد الكيميائيّة المتفاعلة على عكس الخلايا الغلفانيّة، ويمكن تشبيه عمل الخلايا الصبغيّة بعمليّة التركيب الضوئي التي تحدث في النباتات.
لتوليد الطاقة الكهربائيّة، تستخدم الخلايا الصبغيّة صباغًا عضويًّا قادرًا على امتصاص موجاتٍ واسعةٍ من الأطوال الموجيّة الصادرة عن أشعة الشمس بالإضافة إلى جزيئات نانو من شبه الموصل ثنائي أكسيد التيتانيوم TiO2. تُغلّف جزيئات ثنائي أكسيد التيتانيوم بالصباغ وتوضع بين قطبين كهربائيين في محلول إلكتروليتيّ يحتوي أيونات اليود.
تمتص جزئيات ثنائي أكسيد التيتانيوم بمساعدة الصباغ الأشعة فوق البنفسجيّة والفوتونات الضوئيّة، ممّا يتسبّب في إثارة الإلكترونات الحرّة في نطاق التوصيل (وهو النطاق الذي تكون فيه الإلكترونات حرّة الحركة) الخاص بثنائي أكسيد التيتانيوم وتتحرّك الأيونات والإلكترونات إلى قطبي المحلول الإلكتروليتيّ، وفي نفس الوقت تقوم أيونات اليود بالتقاط الإلكترونات الحرة لتتحوّل إلى ذرات اليود المعتدلة كهربائيًّا، وتجدّد الصباغ العضوي، وينتج عن ذلك نشوء تيار كهربائيّ..
العمليات الكهروكيميائيّة في الخلايا الشمسية الصبغية
-
يسلك شبه الموصّل المشكّل للخليّة الشمسيّة الصبغيّة سلوك المادة العازلة في درجات الحرارة العاديّة، ولكن عند تسليط ضوء الشمس على هذه الخلايا يؤدّي ذلك إلى إثارة جزيئات شبه الموصل كيميائيًّا، وانتقالها من الحالة المستقرّة إلى الحالة المُثارة، كما يمتص الصباغ العضوي طاقةً كافيةً لتجاوز فجوة نطاق Band Gap شبه الموصّل وهي المجال الطاقي الذي لا يمكن أن تتواجد ضمنه الإلكترونات، ويمثّل الفرق ما بين نطاق التكافؤ ونطاق التوصيل، وفق المعادة التالية:.
-
يتأكسد جزيء الصباغ المثار كيميائيًّا وتدخل الإلكترونات في نطاق توصيل شبه الموصل (Conduction Band) وبالتالي يسلك شبه الموصّل سلوك الناقل الكهربائيّ، وتنتشر الإلكترونات الحرّة ضمن شبه الموصّل وتنتقل إلى القطب الكهربائي وتمثّل حركة انتشار الإلكترونات نشوء تيار كهربائي.
-
يتم تعويض جزيئات الأصبغة العضويّة المتفاعلة عن طريق انتقال الإلكترونات الحرة من أيونات اليود الموجود في المحلول الإلكتروليتيّ، ويحدث ذلك وفق المعادلة الكيميائيّة الآتية:
-
يتم توليد أيونات يود جديدة لتعويض النقص الحاصل عن طريق تفكّك مركّب ثُلاثي اليوديد (Triiodide) إلى أيونات اليود عند المهبط.