كيف تكون الغلاف الجوي
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
هل أكلت برتقالًا من قبل؟ لابد وأنك قد تناولت هذه الثمرة اللذيذة من قبل عزيزي القارئ، مما يعني أنك تعرف أنك لكي تستطيع تناولها، فيجب عليك أن تزيل عنها القشرة الخارجية، والتي لها فضلٌ وفوائد كثيرة للثمرة، وأعظم فوائدها أنها تحمي الثمرة الرقيقة مما يحيطها من العوامل، التي قد تؤثر عليها بالسلب، وذلك بالضبط ما حدث للأرض مع تكون الغلاف الجوي وطبقاته.
عندما تنظر إلى السماء، سترى السحب، والشمس نهارًا، والقمر ليلًا، لكن قد لا تدرك عينيك أن هناك عدة طبقاتٍ مُكونة لما يُسمى بالغلاف الجوي للأرض، والذي يعمل كحامٍ للأرض وكائنات الأرض من أي جسمٍ قادمٍ من الفضاء الخارجي، أو كواقٍ من أشعة الشمس الضارة.
لكن ما هو الغلاف الجوي؟ وما هي هذه الطبقات المُكونة له؟ وكيف تكون؟ كل هذه تساؤلات قد تنتابك، وستحصل على إجابتها خلال هذه المقال.
تعريف الغلاف الجوي
عبارةٌ عن غلافٍ من عدة طبقاتٍ يحيط بالأرض، وهذه الطبقات هي الترابوسفير، والستراتوسفير، والميزوسفير، والثرموسفير، والايونوسفير، والاكسوسفير، كما أنه يساعد الأرض في أن تبقى دافئةً، وله اليد العليا في التحكم بمناخ الأرض، كما أنه يمدنا بالأكسجين الذي يمنحنا الحياة، ويتكون من عدة غازاتٍ أخرى لكن بنسبٍ غير مُسببةٍ ضرر للمخلوقات منها النيتروجين، والأرجون، وثاني أكسيد الكربون، والهليوم، والنيون، والميثان، والكريبتون، والهيدروجين، وبخار الماء، وغيرها من الغازات.
طبقات الغلاف الجوي
تكون الغلاف الجوي للأرض منذ الأزل من خمس طبقاتٍ، يقل سمك كل طبقةٍ من طبقات الغلاف الجوي كلما ارتفعنا لأعلى، حتى يلتقي الغلاف الجوي بالفضاء الخارجي. وضع العلماء خطًا وهميًّا يسمى كارمان، وهو الخط الذي يلتقي فيه الغلاف الجوي للأرض عن الفضاء الخارجي، ويقع ذلك الخط على مسافة 100 كم من سطح الأرض. لنتعرف على هذه الطبقات باختصارٍ:
- الترابوسفير: وهو أقرب طبقةٍ للأرض، إنه يمثل الطبقة الأولى، يقع على مسافة 7 كم من سطح الأرض، ويقع سمكه في المسافة ما بين 7 كم، إلى 20 كم من سطح الأرض. يتميز بالدفء، وتزداد البرودة فيه كلما ارتفعنا لأعلى، وتحتوي هذه الطبقة على بخار الماء، وهذا هو سبب تكوّن السحب في هذه الطبقة.
- الستراتوسفير: إذا رأيت طائرةً تحلق في السماء، فهذا يعني أن عينيك تدرك الطبقة الثانية للغلاف الجوي، وتلي طبقة الترابوسفير مباشرةً، وتُسمى طبقة الأوزون وتمتد حتى مسافة 50 كم فوق سطح الأرض، تتميز بجفاف الجو، مما يجعل الجو مناسبًا لتحليق الطائرات في هذه الطبقة، وتزداد حرارتها عند امتصاصها لأشعةٍ ضارةٍ من الشمس.
- الميزوسفير: الطبقة الثالثة من الغلاف الجوي، والتي تمتد لإرتفاعٍ يصل إلى 85 كم فوق سطح الأرض. إنها طبقةٌ باردةٌ للغاية، فقد تصل درجة الحرارة بها إلى (90-) درجة مئوية، وذلك يجعلها أبرد طبقات الغلاف الجوي، وبسبب هذه الحرارة المنخفضة، فإن دراستها ليست بالشيء الهيّن، بالرغم من أنّ العلماء يُرجعون لها الفضل في حماية كوكب الأرض من النيازك أو الأجسام الفضائية، حيث تحترق هذه الأجسام في تلك الطبقة الباردة.
- الثرموسفير: الطبقة الرابعة للغلاف الجوي، وتمتد لمسافة ما بين 500 إلى 1000 كم، وتبلغ درجة الحرارة بها حوالي 2700 كم، تتميز هذه الطبقة بالحرارة العالية، والتي تصل إلى 1500 درجة مئوية، وكثافة الهواء تقل هناك، كما أن هذه الطبقة هي المُسببة لحالة الشفق، والذي يحدث نتيجة اصطدام الجزيئات المشحونة القادمة من الفضاء الخارجي، بجزيئات طبقة الغلاف الجوي، مما يزيد طاقة الذرات، فترتفع إلكترونات الذرات إلى مستوى أوربيتالات أعلى، ثم تسقط مرةً أخرى، مُطلقةً طاقة تتمثل في الفوتونات الضوئية، التي تبعت لون الشفق الساحر الذي نراه.
- الأيونوسفير: وهي طبقةٌ تمتد من مسافة 75 كم إلى حوالي 1000 كم من سطح الأرض، وسميت بهذا الإسم لأنها تحتوي على الأيونات التي تأينت بفعل أشعة الشمس والفضاء الخارجي.
- الاكسوسفير: آخر طبقات الغلاف الجوي، والتي تتكون من الهليوم والهيدروجين، وهي أقل الطبقات سماكةً، وعندها يتلاقى الغلاف الجوي بالفضاء الخارجي.
كيفية تكون الغلاف الجوي
تشير الدلائل إلى أنه مرَّ على الأرض عدة أغلفةٍ جويةٍ، وليس غلاف جوي واحد كالتالي:
- الغلاف الجوي الأول: كان الغلاف الجوي في بداية تكوين الأرض يتكون من الهيدروجين والهليوم، وتُرَجّح هذه الغازات، لأنها هي الغازات الرئيسية الموجودة حول الشمس، والتي تكونت الكواكب منها، وبسبب حركة هذه الذرات السريعة، فقد استطاعت الخروج للفضاء الخارجي، ونجحت في الهروب من جاذبية الأرض.
- الغلاف الجوي الثاني: والذي يُعتقد أنه قد جاء من البراكين الأرضية، فقد كانت البراكين وقتها تملأ الأرض، ولم تكن القشرة الأرضية قد تشكلت بعد، وبفعل هذه البراكين، فقد أُطلقت كمياتٌ كبيرةٌ من الغازات، منها بخار الماء، ثاني أكسيد الكربون، والأمونيا، وغيرها. هناك نوعٌ من البكتيريا البدائية، استطاعت أن تتطور، وعاشت على طاقة الشمس وثاني أكسيد الكربون الذي ذاب في الماء، ونتج الأكسجين كناتجٍ لأيض البكتيريا. وبمرور الوقت بدأ غاز الأكسجين يتراكم في الجو، بينما بدأت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الانخفاض، ثم بدأ غاز الأمونيا في التفكك إلى الهيدروجين والنيتروجين، وبسبب خفة غاز الهيدروجين، فقد ارتفع حتى وصل إلى آخر طبقات الغلاف الجوي (الاكسوسفير) وأصبح من مكوناتها، بل وخرجت نسبةٌ كبيرةٌ من هذا الغاز إلى الفضاء الخارجي.
- الغلاف الجوي الثالث: وهو ذلك الذي يحيط بنا الآن، ويتكون من طبقاتٍ ذكرناها من قبل، ويحمينا، ونستمتع بنظامه الذي يدعم حياتنا، ويجعل الحياة مناسبةً لنا، حيث أنه يوجد توازنٌ بين كمية ثاني أكسيد الكربون التي تخرجها بعد الكائنات، وكمية الأكسجين التي تنتجها كائناتٌ أخرى، مما يجعل الأمر مناسبًا لحياتنا نحن البشر.
دور الفضاء الخارجي في تكون الغلاف الجوي
هناك احتمالٌ يشير إلى أن أصل تكوين الغلاف الجوي، كان بفعل الغازات القادمة من الفضاء، فلطالما اعتقد العلماء أن الغلاف الجوي للأرض قد تشكل بفعل الغازات المُنطلقة من البراكين الموجودة على سطح الأرض، لكن جاءت نظرياتٌ جديدةٌ تنفي هذا الاحتمال، أو تُحجّم أهميته، وتشير إلى أن الغلاف الجوي لم يتشكل بفعل غازات البراكين، وإنما بفعل الغازات القادمة من الفضاء الخارجي.
فقد وجد العلماء إشاراتٍ إلى وجود نيازك في غازات البراكين، مما يعني أن الغازات البركانية لم تكن العنصر الرئيسي في تشكيل الغلاف الجوي، أو المسطحات المائية، وإنما من مصدرٍ آخر قادم من الفضاء الخارجي، حيث كشفت إحدى الدراسات على عيناتٍ من الكريبتون والزينون إلى وجود نظائرَ مشابهة لهذه الغازات بالنيازك والمذنبات، لكن هل ذلك صحيحٌ بنسبة مائة بالمائة؟ ربما.