ما الفرق بين ميكانيك الكم والفيزياء الكلاسيكية
في عالمنا هذا تحكم القوانين الفيزيائية كل الأمور، وتقيّد المبادئ العلميّة جوانب الحياة كلّها. هذا بالطبع قبل أن يُتكشف ميكانيك الكم، ذلك العالم الغريب الذي لا يخضع للقوانين الفيزيائية التي نعرفها. ولكن كيف ذلك؟ وما هو ميكانيك الكم بالضبط وما هو بالضبط الفرق بين ميكانيك الكم والفيزياء الكلاسيكية التي تعرفها؟ هذا ما سوف نتطرّق إليه ونقوم بتفصيله في مقالنا هذا، مستعرضين أهم النظريات في ميكانيك الكم وكيف تختلف قوانينها عن القوانين الميكانيكية الكلاسيكية الثابتة التي نعرفها.
تعريف الميكانيك الكلاسيكي
الفيزياء الكلاسيكية (التقليدية) والتي نعرفها جميعنا تصف في الواقع القوانين التي تقيّد حركة وأفعال الأجسام ذات الكتلة الكبيرة كالنجوم والكواكب والمخلوقات وما سوى ذلك من الأجسام ذات الكتلة المعلومة والسرعة المحدودة. الميكانيك الكلاسيكية (والتي تُعرف أيضًا بميكانيك نيوتن) تقدّم في الواقع نتائجَ دقيقةً وأرقامًا منطقيّةً طالما أنّ الأجسام المُختبرة ذات كتلةٍ كبيرةٍ وسرعتها لا تصل لسرعة الضوء.
قوانين الفيزياء التي نعرفها بسيطةً في معظمها وتقوم بمعالجة مختلف العمليات والأحداث من حولنا، إلاّ أنها تقف عاجزةً أمام وصف واختبار الأجسام الصغيرة جدًا (كالأجسام دون الذرية من بروتونات ونيوترونات وما سواها) والتي تقترب في سرعتها من سرعة الضوء، وتعطينا نتائجَ غير دقيقةٍ وغير منطقيّةٍ، وهنا يأتي دور ميكانيك الكم.
مفهوم ميكانيك الكم
بالمقابل فإن ميكانيك الكمّ ذو السيط الواسع يمتلك نظرياتٍ أكثر تعقيدًا من نظيره الكلاسيكي (بفضل مجهودات العالم ألبرت أينشتاين والكثيرين من بعده)، وبفضل تلكم النظريات بإمكانه أن يقدّم لنا نتائج أكثر دقّةً للاختبارات على الأجسام ذات الأحجام الصغيرة جدًا والتي لا يستطيع نظيره الكلاسيكي تقديمها.
يتعامل ميكانيك الكم مع ما ندعوه بالموجية الثنائية للجسيمات الصغيرة (Wave particle Duality)، الجزيئية والذرية. فالنظرية النسبية الخاصة لأينشتاين (1905) تتعامل مع الأجسام ذات الأحجام الذرية الصغيرة، في حين إن النظرية النسبية العامة لأينشتاين أيضًا (1916) تتعامل مع الجسميات عمومًا حتى مع الجزيئات ذات الأحجام الكبيرة نسبيًّا.
وما نستنتجه من ذلك أن النظرية النسبية الخاصة بالجزيئات الصغيرة هي امتدادٌ لتلك العامّة، وبالتالي فإنه بإمكاننا القول أن الفيزياء الكلاسيكية التي تتعامل مع الأجسام الكبيرة يمكن اعتبارها أحد فروع النظرية النسبية الكمومية العامّة لأينشتاين، بمعنى أنه بإمكاننا تطبيق قوانينها عليه.
سنستعرض فيما يلي أجوبةً مختلفةً للسؤال المطروح في مقالنا حول طبيعة الفرق بين ميكانيك الكم والفيزياء كنوعٍ من إبراز التنوعات ووجهات النظر المختلفة التي تميّز الإجابة على هذا السؤال الدقيق.
الفرق بين ميكانيك الكم والفيزياء في التعامل مع المادة
لا بُد أن نقول أنّ الواقع يتنوّع في خواصّه وخصائصه تبعًا لقوانين نيوتن المختلفة. وبما أن القوانين الكمومية ذات أهميةٍ أكبر في الجسيمات الصغيرة فهذا يعني بالضرورة أنه كلما اتجهنا نحو الجسيمات الصغيرة ودون الذريّة كلما تعاظمت أهمية الفيزياء الكمومية وأُهملت بالتالي معها القوانين الفيزيائية الكلاسكية التي نعرفها.
وبشكلٍ عام فإنه في معظم القوانين الفزيائية ستحتاج إلى الوصول إلى أحجام نانوية للجسيمات حتى تغدو القوانين الكمومية ذات أهميةٍ. وعلى الرغم من ذلك المبدأ العام في تطبيق القوانين الكمومية، فإنه في الواقع يمكن ملاحظة بعض التأثيرات لتلك القوانين في الأجسام الكبيرة من حولنا. فخذ على سبيل المثال الماء، عندما يصبح صلبًا (يتجمّد) يغدو أقل كثافةً من حالتها السائلة الأوليّة، وهذا سلوكٌ غريبٌ لا نلاحظه في ما سواه من المواد السائلة، والسبب في ذلك يعود في الواقع إلى الفيزياء الكمومية وخواصّها التي تظهر جليّةً في السلوك الغريب لجزيئات الماء.
الفرق بين ميكانيك الكم والفيزياء في تفسير الظواهر
كلنا نعلم أن الضوء يتصرّف بشكلين إما كجزيئاتٍ أو كأمواجٍ، وهذا ما استنتجناه من تجربة يونغ الفريدة (تجربة الشق المزدوج). هذا في الواقع ينطبق أيضًا على الجزيئات الكبيرة، إلّا أن الحال في الأجسام الكبيرة مُختلفٌ قليلًا، فالسلوك الموجي كما تعلم يمكن التعبير عنه بأنه غمامةٌ من الاحتمالات المختلفة والممكنة للمادة ان تتواجد وفقها.
وطبقًا لتلك الفكرة فإن الأمواج المتكوّنة من جزيئاتٍ صغيرةٍ جدًا، كما هو الحال في الأجسام النانوية، تكون فيها غمامة الاحتمالات أو الانتشار التي يمكن لتلك الجزيئات أن تتواجد فيها كبيرة نسبيّا، وعلى النقيض من ذلك فإنه في الجسميات الكبيرة يكون حيّز الانتشار وغمامة الاحتمالات الممكنة لذلك الجسيم صغيرًا لدرجة أنه بإمكاننا القول والحكم على جسمٍ ما أمامنا أنه ثابتٌ ومُتّخذٌ لوضعيةٍ ثابتةٍ، وهذا ما لا يمكننا قوله للجسيمات الصغيرة جدًا ذات التبعثر الكبير وغمامة الاحتمالات الواسعة.
المسائل والظواهر الكلاسيكية | المسائل والظواهر الكمومية |
تعتمد في جوهرها على المسائل والقوانين الرياضية | تعتمد اعتمادًا أساسيًا على القوانين الكمومية |
أبسط وتتم دراستها وتطبيقها في شتى مجالات الحياة | أكثر تعقيدًا وتتطلّب فهمًا فيزيائية عميقًا |
توجد فيها أرقام وحسابات وقوانين | لا وجود للأرقام والحسابات فيها |
تمت دراستها واختبارها ووضع القوانين المختلفة لها | لازالت في مراحل دراستها الأولية |
لاعلاقة للأوساط الناقلة عادةً بنتائج التجارب | هناك أهمية بالغة للوسط الناقل الخاص بها |
التجارب الخاصة بها تتطلب عادةً اختبارات بسيطة وأقل تكلفة. | التجارب الخاصة بها تتطلب مبالغًا وتجهيزات ضخمة. |