تريند 🔥

📱هواتف
ما قصة وافق شن طبقة؟

ما قصة وافق شن طبقة؟

محمد حسن شوفان
محمد حسن شوفان

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

4 د

من الأمثال العربية المشهورة مثل “وافق شنٌ طبقة”، هذا المثل الجميل هو وليد قصةٍ عجيبةٍ وفريدةٍ من نوعها، فما هي هذه القصة

 إن “وافق شن طبقة” مثلٌ يُضرب على الأشخاص المتوافقين أو المتشابهين بالسلوك والطباع أو حتى بالمظهر الخارجي. فما قصة هذا المثل؟

يقع ترتيب لغتنا العربية في موقعٍ مُتقدمٍ من حيث عدد المتحدثين فيها حول العالم، أما من ناحية غِنى اللغة بالمفردات والتعابير والأمثال فأكاد أجزم بأنّ قِلّةً فقط من لغات العالم التي لا زالت تُستخدم حتى يومنا هذا تتفوق أو حتى تضاهي لغتنا العربية بالأصالة والعراقة والتنوع والحيوية وغناها بالمعاني والمرادفات، ويقال في لغتنا: (لكلّ مقامٍ مقالٌ) كناية عن غنى لغتنا وتراثنا بالأمثال الشعبية والحكم وسأحكي لك اليوم عزيزي القارئ قصة مقولةٍ مأثورة لابد وأنك قد سمعتها ألا وهي (وافق شنٌ طبقة).

في البداية من الأَولى أن أُشير الى الغاية من استخدام المقولة الشهيرة وهي تُقال عند توافق آراء الأشخاص بين بعضهم، أو تشابههم في الطبع والصفات وخصوصًا اذا كان هذا التشابه ناجمًا عن العشرة فيما بينهم، فبالأساس شنٌ وطبقة هما شخصيتان جمعتهما الأقدار برابط الزواج لسبب ذكائهما المشترك وبحث كلٍ منهما عن الآخر الذي يُشابهه في رجاحة العقل وحُسن التدبير.


قصة وافق شن طبقة

يُحكى أن رجلًا من دهاة العرب وعقلائهم وكان اسمه شن قال: والله لأطوفن البلاد حتى أجد عروسًا تشابهني وأشابهها فأتزوجها. وانطلق شن في مسيره، وهو في طريقه صادف رجلًا راكبًا، فسأل شن الرجل أين مقصده، فذكر الرجل قرية فوافقت نفس المكان الذي يقصده شن فانطلقا في مسيرهما معًا، وخلال طريقهما سأل شن الرجل أتحملني أم أحملك. فرد عليه الرجل وهو يستنكر سؤاله: يا رجل كم أنت جاهل! أنا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني؟ فسكت شن وتابعا طريقهما حتى وصلا مشارف القرية، فإذا بزرع قد استحصد (أي آن وقت حصاده). فقال شن : أترى هذا الزرع قد أكل أم لا؟ فرد الرجل: يا جاهل ترى الزرع قد استحصد وتسأل إن أكل أم لا. فسكت شن وتابعا سيرهما ودخلا القرية فلقيا جنازة لرجل فقال شن: أترى صاحب النعش حي أم ميت؟ فرد عليه الرجل: لم أر جاهلًا أكثر منك. الرجل في نعشه وأنت تسأل أما زال حيا أم ميتا!

فسكت شن وأراد مفارقة الرجل، فأبى الرجل أن يفارقه ودعاه إلى منزله لضيافته. فسارا معًا حتى وصل الرجل منزله برفقة ضيفه. كان لهذا الرجل ابنة اسمها طبقة، فلما دخل الرجل على ابنته ذكر لها ضيفه وروى لها ما حدث خلال طريقه وشكى لها جهل ضيفه. فقالت لأبيها: يا أبتي هذا الرجل ليس بجاهل، أما سؤاله لك في بداية طريقكما أتحملني أم أحملك أراد به هل تحادثني أم أحادثك في طريقنا. وسؤاله عن الزرع الذي استحصد إن أكل أم لا أراد به القول بأن هل أصحابه أخذوا ثمنه فأكلوه أم لا، وأخيرًا سؤاله عن صاحب الجنازة إن كان ما زال حيًا أم ميتًا، فقصد به هل للرجل المتوفي ولد يحمل ذِكر أبيه فيبقى حيًا أم لا. فعاد الرجل بعد سماعه لتفسير ابنته وجالس ضيفه لساعات ثم قال له: أتحب أن أفسر لك ما سألتني عنه ونحن في طريقنا. فقال له شن :أجل فسره لي. ففسره الرجل كما روته ابنته. فقال له شن :ما هذا بكلامك، فمن هو صاحب الكلام؟ فقال الرجل: هي ابنتي.

أعجب شن بذكائها ونباهتها فخطبها من الرجل فزوجه ابنته، وسار شن بزوجته إلى دياره وحين وصل قريته روى لأهله ما حدث في رحلته. فقالوا “وافق شن طبقة”.

وصار مثلًا يطلق على الأشخاص المتماثلين أو المتطابقين بتصرفاتهم أو سلوكهم وأحيانًا حتى الأشخاص المتشابهين بمظهرهم الخارجي .فعندما نصادف أزواجًا أو أصدقاء متشابهين نقول “وافق شن طبقة” أو بلعامية “طنجرة ولقت غطاها” (والطنجرة هي القدر أو الوعاء)، وهذا إشارة إلى أن الناس تميل لمن يشبهها وتجتمع معه وأقرب ما يذكر بهذا الحال المثل القائل “الطيور على أشكالها تقع”، وكل هذه الأقوال لها معنى متقارب بأن المرء يميل لم يشبهه ويهواه فيجتمع معه، فكما الطيور لا تطرب إلا لمثيلها فتصفر له وتغرد وتجتمع معه، كذلك الإنسان يميل لمن يشبهه فيجالسه فتروق له صحبته، أو كشن يعشق فتاة فيتزوجها، ونحن نقول الطيور على أشكالها تقع والله وفق وجمّع.

هل أعجبك المقال؟