من هم الهكسوس ومن أين أتوا؟

من هم الهكسوس ومن أين أتوا؟
مجد الشيخ
مجد الشيخ

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

تعاقب على مصر شعوبٌ حضاراتٌ عديدة استطاعوا بسط نفوذهم عليها، منهم الهكسوس، فمن هم؟ ومن أين أتوا؟ وما هو موطنهم الاصلي؟ وما هي أهم انجازاتهم؟

يُعرف الهكسوس على أنّهم قومٌ ساميون يعود أصلهم إلى البدو الّرُحّل، قَدِموا من غرب أسيا (فلسطين) وقاموا بغزو بلاد النيل وإنشاء عاصمة لهم في مدينة أفاريس، التي تعرف أيضًا باسم تل الضّبعة في عام 1720 قبل الميلاد، مستغلين التّفكك السّياسي والنزاعات التي كانت قائمة على أرض النيل في تلك الحقبة، بسبب عدم وجود ولد للفرعون ليستلم العرش من بعده.


أصل الهكسوس

طالَ نسب الهكسوس (Hyksos) وأصلهم بعض الغموض، إلا أنّه في غالبية الأبحاث والدراسات الموجودة في السّجلات التاريخية ذُكِرَ أنّ الهكسوس من قومِ الساميين، والسّاميين هو مُصطلح تاريخي يضمّ العديد من الشعوب مثل العرب والكنعانيين والأكاديين والآشوريين وقبائل أخرى مثل القبائل الآرامية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعبرانيين وغيرهم من القبائل، وقد عُرِفَ الهكسوس أيضًا باسم الأموريين وكان يُطلَق عليهم أحيانًا “ملوك الراعي”.

أمّا بالنسبة لموطنِهم الأصليّ فالهكسوس هم مجموعة من البدو الرُّحَل، انتقلوا من غرب آسيا إلى مصر القديمة، حيثُ بدأ غزوهم لمصر بين عاميّ 710-720 قبل الميلاد ودعَّموا غزواتهم ومعاركم بالأسلحة البرونزية والأحصنة والأقواس والعربات حتّى تمكّنوا تدريجيًا من الاستقرار فيها، واندمجوا مع المجتمع المصري، فاتّبعوا أساليبهم وتقاليدهم في الحكم والعَيش المُشترَك، ليشَكِّلوا معًا فيما بَعد قوّة خطيرة لا يُستهان بها.

استقرّ الهكسوس في الوادي الأخضر الخَصب الذي يقع عقب نهر النيل باتّجاه شمال مصر ويُطلَق على هذه المنطقة اسم “دلتا النيل”، وأَسّسوا عاصمتهم في مدينة أفاريس الواقعة في شمال شرق دلتا النيل، ويعتقدُ بعض المؤرّخين والباحثين وعلماء الآثار أنّ الهكسوس استلموا حكم الجزء الشمالي من مصر في حين استلموا الفراعنة الحكم في الجزء الجنوبي.


سبب غزو الهكسوس لمصر

يعتقد بعض المؤرخين أنّ المجاعة التي كانت سائدة في منطقة دلتا النيل ساعدت في فتح الطريق أمام ظهور الهكسوس وانتشارهم، بالإضافة إلى أسلحتهم المتفوقة على أسلحة المصريين القديمة واستخدامهم الجّيد للعربات والمركبات والأحصنة خلال الغزو، كل ذلك أدى إلى نهاية السّلالة الأولى للحكم الفرعوني، والتي كان الفرعون حتشبسوت أخر فراعنتها وبدأ فترة حكم الهكسوس بقيادة ساليتيس، أول الحكّام الهكسوس.

استطاع الهكسوس الاندماج مع المجتمع المصري، لكنهم لم يتدخلو بالثقافة المصرية، حيث حافظوا على كل من الآلهة وأساليب الحكم والعادات والتقاليد التي كانت سائدة دون أي تغيير، وقدّموا العديد من المساهمات والتقنيات الجديدة للمجتمع المصري، مثل صناعة (الشّادوف) الذي ساعد كثيرًا في تحسين الزراعة، وبناء السّفن المطورة التي حسنت التّجارة البحرية.

سقطت أفاريس بيد المصريين القدماء مجددًا في عام 1560 قبل الميلاد لينتهي بذلك حكم الهكسوس وتبدأ الحقبة الجديدة للحكم المصري تحت إمرة الملك أحمس، وحسب بعض السجلات التاريخية فإن الملك تحتمس الثالث لوحده شن أكثر من 21 حملة عسكرية ضدهم وحلفائهم الأموريين والحوريين.


مدة حكم الهكسوس لمصر

الهكسوس مجموعة من البدو الرحل التي جاءت من غرب آسيا إلى مصر القديمة في بداية 1800 ق.م ضمن مجموعات هجرة أكبر شملت الكثيرين من منطقة الشرق الأوسط. وقد استقروا في دلتا النيل وأحبوها وعملوا بالزراعة وبرعوا بها وشيدوا عاصمة لهم في شمال شرق الدلتا أطلقوا عليها اسم أفاريس “تل الضبعة”. وقد اندمج هذا الشعب الغامض مع السكان المصريين بسهولة في البداية لكنهم تحولوا في النهاية إلى قوة كبيرة، ويعتقد العلماء أنهم حكموا الجزء الشمالي من مصر لمدة مائة وثماني وتسعين عامًا وعشرة شهور دون مواجهة أي تحدٍ، مستغلين عدم وجود خليفة للفرعون.

ساعدت مهارة الهكسوس باستخدام الأسلحة البرونزية، والعربات، والأقواس والأحصنة في نجاح غزوهم لمصر التي كانت تعاني من خلافات سياسية وتفكك كبير، ويعتقد أن حملتهم كانت أقرب إلى السلمية وذلك عكس ما صورها المصريون، وأنهم لم يغيروا أي شيء فيما يخص أسلوب الحكم والتقاليد والآلهة.

فإذا حكم الهكسوس مصر السُفلى أو دلتا النيل على مدار 198 عام و10 أشهر وذلك بالاستناد إلى ما وردَ من المؤرّخ المصري القديم مانيتون، وكان ساليتيس أوّل ملك للهكسوس وقد حافظَ في عهده كل حاكم من حكّام مدن مصر المُختلِفة على مكانته ونفوذه المحليّ على أن يعترف كل حاكم منهم بسلطة ساليتيس ويدفَع جزية سنوية تضمَن حكمه وسيطرته على مدينته.


إنجازات الهكسوس في مصر

نُسب للهكسوس العديد من الإنجازات والتحسينات الفنية، فقد جلبوا معهم إلى مصر أحد أهم التحسينات التكنولوجية الشادوف، وهو أداةٌ خشبيةٌ تستخدم للري، تتألف من قطبٍ مع دلو خشبي من جهة وثقلٍ من الجهة الأخرى، وقد حقق نجاحًا وشعبيةً في مجال الزراعة المصرية آنذاك. بالإضافة للشادوف حقق الهكسوس نجاحًا كبيرًا في الحياة المصرية آنذاك في مجال بناء السفن، فقد بنوا سفنًا أكثر تطورًا، والتي مكنت المصريين القدماء في تعزيز التجارة مع جزر البحر المتوسط، وبالتالي تنمية الاقتصاد المصري.

إلا أن أعظم إنجازاتهم في الثقافة المصرية هي الحفاظ على وثائقهم، من خلال إعادة نسخ النصوص والوثائق المصرية (وذلك بطلب من أبوفيس ملك مملكة الهكسوس الخامس) مثل بردية إدوين سميث، وبردية وستكار وبرديّة ريند الرياضية.

هل أعجبك المقال؟