ما هو الادب المقارن وما أهميته وأهدافه
سنوضح في مقالنا هذا بعضًا من الآراء حول ما هو الادب المقارن وما الهدف من دراسته، لعلها تكون نبراسًا لكل قارئ لديه الشغف في اكتشاف العالم من حوله من خلال الأعمال الأدبية التي جاءت نتاجًا للفكر الإنساني عبر العصور.
لقد أصبح العالم قريةً صغيرةً، وبالتالي أصبحنا بحاجةٍ لفهم ثقافات المناطق الأخرى من خلال الأعمال الأدبية من مختلف أنحاء العالم والتي كُتبت بلغاتٍ مختلفةٍ، وليتم فهمها يجب ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية أو إلى لغاتٍ أخرى، حيث يستطيع القارئ فهم التنوع الثقافي و إدراك أهميته.
تعريف الادب المقارن
يمكن دراسة مفهوم الأدب المقارن في سياقاتٍ مختلفةٍ نذكر منها:
- الأدب المقارن اصطلاحًا.
- الأدب المقارن في السياق العام العالمي.
- الأدب المقارن في السياق النفسي.
- الأدب المقارن في السياق التاريخي.
الأدب المقارن اصطلاحًا
الادب المقارن هو المنهج الذي يبيّن أوجه التشابه والتقارب بين الأعمال الأدبية المختلفة وعوامل التأثر والتأثير فيما بينها، أي هو مقارنة أدبٍ معينٍ مع أدبٍ آخر أو مجالاتٍ أخرى من النتاج الإنساني عبر الحدود واللغات، والثقافات، وفي مختلف الاختصاصات (الشعر، والنثر، والقصص، والروايات، والرسم، والمسرح وما إلى ذلك) من مختلف أنحاء العالم.
وبذلك يشير مصطلح الادب المقارن إلى أي عملٍ أدبيٍّ أو أعمالٍ أدبيةٍ تتم مقارنتها مع أعمالٍ أدبيةٍ أخرى.
الأدب المقارن بشكل عام أو عالميًا
الأدب المقارن هو مفهومٌ يتضمن مجموع التجارب الإنسانية والسلوك الإنساني ككلٍ، والتي تظهر في الأعمال الأدبية، حيث أنه يشمل الأدب المحلي والعالمي والإقليمي. فيما يخص الأدب العالمي، نجد أعمال هوميروس، ودانتي أليغييري (Dante Alighieri)، وشكسبير (William Shakespeare)، وغيرهم الكثير، من الأعمال التي تستحق أن تكون مثالًا بارزًا في مجال المقارنة الأدبية عالميًّا.
الادب المقارن من الناحية النفسية
مما لا شك فيه أنّ النفس الإنسانية هي ذاتها في كافة أنحاء العالم، وهذا ما يفسر أوجه التشابه والتآلف في التعابير الإنسانية بين الأعمال الأدبية المتنوعة. أيضًا، من المؤكد أن الطبيعة الإنسانية معقدة للغاية، وهذا ما يجعل المقارنة بين مختلف أنواع الأعمال الأدبية أمرًا صعبًا، ولكن ليس مستحيلًا، ومن هنا يجب أن تتطور وتتوسع حدود المقارنة الأدبية لتشمل حياة الإنسان وتجاربه التي تعكس تأثره بالبيئة المحيطة به.
الأدب المقارن في السياق التاريخي
جاء الادب المقارن ردًا على البعثات المحلية المحدودة في القرن التاسع عشر في انجلترا، كما تصدّر الرومان مجال دراسة المقارنة، حيث أنهم خرجوا عن الإطار التقليدي في مقارنة الأعمال الأدبية لعظماء الخطباء والشعراء الإغريقيين والرومانيين، ووجدوا الكثير من أوجه التشابه خلال دراستهم لتلك الأعمال الأدبية..
"سيشتد تاريخ الأدب المقارن في كلٍ منا، الفرنسية أو الإنكليزية أو الألمانية مع فهم أفضل للمقومات المحلية لكتابنا العظماء. حيث أننا نحقق أنفسنا فقط من خلال الاختلاف، يمكن معرفة أنفسنا من خلال مقارنتها بالآخرين؛ إذ أننا لن نعرفها ما لم نعرف غيرنا (الآخر)."
— فرديناند برونتير (Ferdinand Bruntiere)
بذلك، فإن دراسة الادب المقارن تمكن القارئ من فهم الأدب من مختلف جوانبه ومجالاته وانتماءاته والفترة الزمنية في وقتٍ واحدٍ. خلاصة كل هذا نجد أن الأدب المقارن يوضح علاقة الأدب مع غيره من الأعمال، كعلاقة الأدب مع الموسيقى وعلاقة الأدب مع علم الإنسان..
أهداف دراسة الادب المقارن
تتجلى أهداف الادب المقارن بتحرير الفكر الإنساني وإفساح المجال للقارئ بأن يتبحر ويتعمق في فهم الأعمال الأدبية من خلال بيان أوجه التقارب والالتقاء فيما بينها مهما بلغ تنوعها ومصدرها، وذلك باعتبار تلك الأعمال نتاجًا للفكر الإنساني عبر العصور والأزمان.
من الأهداف التي يجدر ذكرها:
- صقل مهارة القراءة وتمكين القارئ من دراسة الأدب بمرونةٍ متجاوزًا حدود الزمان والمكان.
- التعرف على الجوانب التي أثر وتأثر بها الأدب والأدباء على مختلف انتماءاتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
- السعي للتغلب على التقسيمات والتمييز العنصري ولاسيما الانقسام بين الشرق والغرب.
- اكتشاف العلاقة بين الأدب والتاريخ والفلسفة والسياسة والنظريات الأدبية وغيرها.
- تسليط الضوء على الترجمة ودورها في إيصال ثقافة بلدٍ معينٍ إلى آخر.
- إدراك وفهم أهمية التنوع والاختلاف واحترام مبدأ التعددية.
- تعزيز التفكير النقدي ومهارات الكتابة الأدبية وفهم التعقيدات الموجودة بين الاختلافات الثقافية واحتوائها..