النظرية السلوكية
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
شكلت النظرية السلوكية أساسًا لدراسة سلوك الإنسان، الذي شغل علماء النفس لسنواتٍ طويلةٍ، حيث أنشأ عالم النفس الألماني فيلهلم فونت (Wilhelm Wundt) أول مختبرٍ متخصصٍ في دراسة علم النفس ونظرياته؛ بما فيها النظرية السلوكية، بعد أن لاحظ صعوبة دراسة العمليات العقلية بشكلٍ موضوعيٍّ؛ مقارنةً مع إمكانية مراقبة وقياس السلوك البشري.
النظرية السلوكية behaviourism
هي إحدى النظريات الكبرى في علم النفس؛ التي تدرس السلوكيات الممكن ملاحظتها بسهولةٍ لدى الفرد، كما تسعى إلى دراسة وشرح السلوك البشري، من خلال تحليل الظروف التي عاشها الفرد، والنتائج المترتبة عليها في بيئته، والخبرة المُكتسبة من تجاربه السابقة؛ والتي أدت إلى ظهور سلوكه الحالي.
ولم تتبنَّ النظرية السلوكية فكرة وجود دورٍ للوعي في سلوك الفرد، الموجودة في نظريتي الوظائفية والبنيوية، ورفضت المفاهيم التي وضعها الفيلسوف فرويد حول تأثيرات اللاشعور في تحديد السلوك رفضًا قاطعًا، بل أصرّت على أن السلوك الملحوظ (الواعي)، هو فقط ما يجب دراسته؛ كونه يمكن مراقبته بشكلٍ موضوعيٍّ.
أنواع النظرية السلوكية
يوجد ثلاثة أنواع
رئيسية للسلوكية وهي:
السلوكية المنهجية Methodological Behaviorism
يعتمد هذا النوع من السلوكية على دراسة سلوك الأفراد فقط، دون دراسة أيٍّ من العمليات الذهنية التي تقع وراء هذا السلوك، كالمعتقدات الدينية والرغبات، وقد أوجد هذا النوع من السلوكية الفيلسوف جون برودوس واطسون (John B. Watson)؛ أحد أشهر علماء النفس السلوكيين، الذي رفض الإقرار بالتفكير الذاتي، والتأمل الباطني (الاستبطان)، وانطلق في نظرياته من فكرة؛ أن الهدف من علم النفس، هو التنبؤ بالسلوك ومحاولة السيطرة عليه، بغض النظر عن الحالة العقلية لأيّ فردٍ؛ باعتبارها طريقة خاصة قابلة للتغيير في أي لحظةٍ.
السلوكية النفسية Psychological Behaviorism
كان الفيلسوف برهوس فريدريك سكينر Burrhus Frederic Skinner من الأسماء التي تركت تاثيرًا هامًّا في النظرية السلوكية ، خاصةً بما يتعلق بالسلوكية النفسية، حيث اعتبر أن السلوك البشري ليس سوى مرآةً للعمليات العقلية. ويعتقد علماء النفس أن دراسة هذا النوع من السلوكية، تتمُّ من خلال التحفيز الفيزيولوجي، أو الانفعالات العاطفية.
السلوكية التحليلية Analytical Behaviorism
توصل سكينر نتيجةً للبحث والدراسة بشكلٍ مُعمّقٍ في السلوكية النفسية، إلى الاعتقاد بفكرةٍ تُفيد بضرورة اقتران سلوك الشخص مع ما يعتريه من أفكارٍ ومشاعرَ داخليةٍ. اعتُبرت فيما بعد كإحدى أنواع النظرية السلوكية، وعُرفت باسم السلوكية التحليلية، أو المنطقية، أو الجذرية؛ وتنص على أن السلوك البشري؛ هو الوجه الخارجي لما يجري من عملياتٍ عقليةٍ داخل الشخص.
النظرية السلوكية والشخصية
وفقًا للنظرية السلوكية، إن شخصية الفرد لا تتكون مع ولادته؛ إنما تأخذ شكلها من خلال مجموعةٍ من السلوكيات المتتالية المرتبطة بالعوامل الخارجية في البيئة المحيطة به، إذ أن شخصية الطفل عند ولادته تكون كاللوح الفارغ؛ قبل أن تكتسب بعضًا من صفاتها بشكلٍ تدريجيٍّ اعتمادًا على ما تتلقاه من مُكتسباتٍ. كذلك الأمر بالنسبة للإرادة؛ إذ تتأثر بالبيئة الخارجية المحيطة.
تطبيقات النظرية السلوكية
ساهمت النظرية السلوكية في تطوير العديد من المجالات من خلال استخدامها في عددٍ من التطبيقات العملية المفيدة، منها:
- العلاج: تُستخدم النظرية السلوكية في عديدٍ من العلاجات، كعلاج الأطفال المصابين بالتوحد؛ إذ تُتيح دراسة وتحليل سلوك الطفل، مساعدته في تعلم مهاراتٍ وتقنياتٍ جديدة.
- بناء أو كسر العادات: يمكن للبالغين أيضًا الاستفادة من النظرية السلوكية، للتخلص من العادات السيئة، أو ابتكار عاداتٍ جديدةٍ مفيدة.
- المساعدة في تعليم الأطفال: تشكل النظرية السلوكية الحجر الأساس في بناء النظام التعليمي ضمن المدارس؛ إذ يُعتمد عليها في مكافأة الأطفال، لحثهم على التعلّم والدراسة، وعقابهم بالمقابل عند التقصير بأيّ شيءٍ. كذلك الأمر بالنسبة للآباء، إذ يلجؤون إليها لتعليم أطفالهم الفرق بين الصواب والخطأ، فلولا الدراسات السلوكية التي أجريت بين عامي 1910 و1950، لكانت طرق تربية الأطفال اليوم مختلفةً تمامًا.
إيجابيات ومآخذ حول النظرية
تملك النظرية السلوكية العديد من نقاط القوة والضعف؛ حيث تتمثل نقاط القوة في أن السلوك شيءٌ يمكن ملاحظته ومراقبته، بعكس العواطف والأفكار والحالات المزاجية الأخرى؛ الأمر الذي يُتيح إجراء الأبحاث والدراسات المختلفة حوله. بينما يُؤخذ على النظرية النسبية، عد دراستها بشكلٍ مُعمّقٍ، بل جرى التركيز على دراسة علم النفس البيولوجي، وعلاقة العمليات العقلية، والعواطف في السلوك فقط.