كتاب لانك الله للكاتب علي بن جابر الفيفي
هل تفكر في حياتك، وما سبب كل تفصيلٍ فيها؟ هل ترغب في التقرب من الله سبحانه والتعرف على صفاته بتعمّقٍ؟ هل فكرت يومًا في المعنى الحقيقي لأسماء الله الحسنى؟ إن كتاب لانك الله للكاتب علي بن جابر الفيفي سيملأ قلبك بالحب وضميرك بالراحة وعقلك بالقناعة، فكل شيءٍ في حياتنا له سببٌ ولكل سببٍ غاية، والله بصفاته الحُسنى سهّل عليك الطريق وأعطاك من وفير نِعَمه.
لانك الله .. لا خوف ولا قلق
ولا غروب .. ولا ليل .. ولا شفق
لانك الله .. قلبي كله أملُ
لانك الله روحي ملؤها الألقُ
بهذه الكلمات الهادئة بدأ المؤلف كتابه، فدعنا نتعرف في هذا المقال على واحدٍ من أكثر الكتب المليئة بالحب والسلام الداخلي والفهم الجميل لأسماء الله تعالى، تابع معنا القراءة.
اقرأ أيضًا: كتاب عظائم الدهور.
نبذة عن كتاب لانك الله
كتاب لانك الله كتابٌ روحيٌّ يتضمن شرحًا سلسًا وجذابًا لكافة الأعمار والفئات الاجتماعية، تناوَل وصف تسعة من الأسماء الحُسنى لله عزّ وجلّ وهي: “الشكور، والغفور، والهادي، والوكيل، والصمد، والقريب، والجبار، واللطيف، والحفيظ”.
إن كل من قرأ الكتاب لاحظ السحر الذي جعل قلبه وعقله يتفقان، والقدرة التي دفعته للتقييم الذاتي والداخلي لنفسه، حيث فصّل المعاني العظيمة لأسماء الله الحسنى، فمن بعد قراءة الكتاب، لن تبقى أسماء الله هي مجرد كلماتٍ نحفظها فحسب، بل هي أسلوب حياة وتفكير عميق يجب علينا فَهمه.
لا يُعتبر كتاب لانك الله من الكتب الدينيّة التقليدية التي تتبع أسلوب السرد والمعلومات الدينية المباشرة في إيصال الفكرة، فقد بدأ المؤلف كتابه عن طريق سردٍ لطيفٍ لقصةٍ حصلت معه عندما كان طفلًا، حيث سألته أمه: “هل صلّيت العشاء؟”، قال كاذبًا: “نعم”، فقالت له بنبرة الشك: “قل ما شئت لكنّه يراك”، ومن هنا اعترى كاتبنا الخوف وهو طفلٌ، فكلمة “يراك” جعلته يشعر بتأنيب الضمير، ويبحث في أسماء الله الحُسنى ومعانيها.
وقد تقصّد الكاتب استخدام اللغة البسيطة المفهومة ليكون الكتاب متاحًا لجميع المستويات الثقافية، حرصًا منه على انتشار معلوماته على أوسع نطاقٍ، حيث يؤكّد الكتاب على أن الله أنعم علينا بالكثير، ونعمه موجودةٌ حولنا وفي كل مكانٍ، لكننا نغفل عنها بسبب لَهْونا عن ذكره واستذكاره، وإن كل إنسانٍ بحاجةٍ إلى الله في جميع حالاته، في الفرح والضيق، في الخوف والأمان، في الفشل والنجاح، وبدون الله؛ لا يستطيع أيًّا منا أن يكسب مثقال ذرّةٍ في حياته، فكل هذه المعاني والمعلومات تجعلك قريبًا من الله، مع صفاءٍ في الروح وسعادةٍ داخليةٍ.
معاني أسماء الله الحسنى كما وردت في لانك الله
- “الصمد”: سيمنحك الله ما تحتاج إليه لتبقى قويًّا متماسكًا، وقادرًا على تجاوز الأزمات والمشاكل التي تحصل في حياتك، فكن واثقًا بالله الصمد، وتأكد أنه كثير القوة والهيبة.
- “الوكيل”: توكل على الله في السراء والضراء، ولن يخذلك تعالى لأنه على كل شيءٍ قدير، فنحن من دون الله لا حوْلَ لنا ولا قوة.
- “اللطيف”: الله جلّ جلاله يعطي النعم لعباده ويصرف عنهم كل سوء، فهو الحامي والمدافع عن النفس البشرية من كل الشرور.
- “الغفور”: إن الله يسامح عباده، فعليك أيها الإنسان استغفار الله عز وجل بالدعاء والصلاة والاستنجاد.
- “الجبار”: هو الذي يجبر الخواطر والقلوب، ويضع النفس في حالة الراحة والقناعة.
- “الشكور”: حثّنا الكتاب على شكر الله عز وجل في كل الحالات والأحوال، فكُن واثقًا أن شُكر الله يحقق لك ما تريد.
- “الهادي”: إن الله هو الذي يهدي العباد ويدلّهم على طريق الصواب والنور.
- “القريب”: الله قريبٌ وموجودٌ في كل مكانٍ، حيث قال تعالى: “ونحن أقرب إليه من حبل الوريد”.
- “الحفيظ”: إن الله يحافظ على عباده ويحفظ سلامهم وأمانهم ويجعلهم في النور دومًا.
نبذة عن حياة المؤلف
مؤلف كتاب لانك الله هو علي بن جابر الفيفي، ابن يحيى بن جابر الفيفي، في العقد التاسع من عمره، عُرِف بأخلاقه وتديّنه ومخافته من الله منذ أن كان صغيرًا، اشتهر بحفظه للقرآن وصوته الجميل في التلاوة، تزوج في عمرٍ مبكّرٍ وأنجب أحد عشر ولدًا وبنت، وهم: عائشة، وعيسى، وحسن، وإيمان، وأحلامْ عبد الرحمن، ويحيى، ومحمد، وهدى، وعبد الله، وعلياء.
عاش حياته في سبيل تربية أولاده التربية الدينية الحسنة، فقد كان الأب الناصح والمعلم على الرغم من فقدانه المبكر لأبيه وهو طفلٌ، يعمل في مجال التدريس كأستاذٍ للغة العربية والشريعة على حدٍّ سواء، دخل الجامعة سنة 1435 هجرية، وحصل على شهادةٍ جامعيةٍ في اختصاص العودة، وماجستير في اختصاص الدعوة، بالإضافة إلى عددٍ كبيرٍ من المؤلفات والأبحاث الدينية والعلمية الفريدة، والتي أُدرجت تحت اسمه، كما عمل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كلية الدعوة والإعلام (الافتراضية)، حيث أشرف على البحوث التي قام بها الطلاب في الانتساب المتطور.
اقتباسات من كتاب لانك الله
— كن ساجدًا بقلبك، وإن رفعت رأسك قل بنبضاتك سبحان ربى الأعلى، وإن كنت ضاحك الثغر أهمس بشرايينك: يا جابر المنكسرين اجبر كسري، ثم تأمل في المعجزة وهى تشكل روحك من جديد! اللهم اجبر كسر قلوبنا، وكسر أرواحنا، وكسر أجسادنا إنك على كل شيء قدير
— “الله” جعل في داخلك حاجة لأن تقول اسمه، هناك أمن يعم كيانك إن قلت يا الله، فإذا لم تقلها اختيارًا، قلتها اضطرارًا، وإن لم تذكرها إيمانًا، ذكرتها قهرًا، وإذا لم تكن كلمتك في الرخاء، كانت صرختك فى الشدة!
— إذا أراد اللطيف أن يصرف عنك السوء جعلك لا ترى السوء أو جعل السوء لا يعرف لك طريقًا أو جعلكما تلتقيان وتنصرفان عن بعضكما وما مسّك منه شيء
— شرع لنا أن نقول بين السجدتين “اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واجبرني” و كأننا نتكسر في اليوم كثيرًا فنحتاج أن يجبرنا الله كثيرًا
— الله سبحانه شاء لك أشياء كثيرة: شاء وجودك فوُجدت، وشاء صحتك فصرت صحيحًا معافى، وشاءك عاقلًا وها أنت تعقل ما تقرأ وتسمع، ولكن أتعلم ما هي أعظم مشيئة قد يمنّ الله بها عليك؟ – أن يغفر لك !! -“ولله ما في السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم
— أي عمل تتوكل على الله فيه انسه تمامًا، لأنك إن توكلت على الله فهذا يعني أنك وضعت ثقتك في إتمام هذا العمل بمن يملك الأمور كلّها، ومن السماوات والأرض من بعض مربوباته، ومن يجير ولا يجار عليه
رأيي الشخصي في كتاب لانك الله للكاتب علي بن جابر الفيفي
على الرغم من المعاني الجميلة التي يحتويها كتاب لانك الله والتي تبعث في النفس الطمأنينة والأمان بوجود الله عز وجلّ، إلا أن المؤلف أضفى مفهوم الاتكالية الشديد على الله تعالى، عندما قال مثلًا “الله الشافي” وبيّن أنه لا فائدة من وجود المشافي أو زيارة الطبيب أو تناول الأدوية عند المرض، فقط الله هو الشافي المعافي، لا شكّ في أن الله هو الذي يأذن لعبده بالشفاء، ولكن هنا لا بد من تذكر حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه: قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ: “أعقِلُها وأتوكَّلُ أو أُطلقُها وأتوكَّلُ قال: اعقِلها وتوكَّلْ”.
بالإضافة إلى شرحه للعديد من أسماء الله الحُسنى بطريقةٍ غير مقنعةٍ تمامًا، فمثلًا، عندما قال “الله جبّار” يجبر الخواطر، كان من الأجدر أن يصف قوة الله وعظمته وجبروته، وأنه جبّارٌ في وجه كلِّ من عاداه، لكن بغضّ النظر عن السابق، فلا شك أن هذا الكتاب فتح لنا أبواب التأمل والسكينة، فكل فصلٍ منه يجعلك تؤمن بالله بطريقةٍ أجمل وأقوى.