كيف أقوي شخصيتي؟

يقول الشاعر الشهير إيليا أبو ماضي متحدثاً عن الحياة :"كن بلسماً إن صارَ دَهرك أَرقما.. وحلاوةً إِن صار غيرك علقما"
وجه أبو ماضي قصيدته الشهيرة هذه إلى كل شخص سئم الحياة واستصعب أيامها، إن الحياة أشبه بحرب مستمرة لا هوادة فيها، ومن الصعب على أي كان مواجهة الحياة بشخصية مهزوزة ضعيفة، فقوة الشخصية هي العتاد المتين للمعارك التي نخوضها كل يوم دون توقف، لهذا سوف نقدم لك في هذا المقال، مجموعة من النصائح المفيدة، لنجيب عن سؤال كيف أقوي شخصيتي وكيغ نقوي شخصيتنا، ولكن في البداية علينا أن نعرف.. ما هي الشخصية؟

يختلف تعريف الشخصية من عالم إلى آخر وحسب العلم الذي يقدم التعريف فلكل من علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الأعصاب والطب نظرة خاصة وتعريف مختلف لفكرة الشخصية، لكن بشكل عام تُعرف الشخصية بأنها مزيج محدد خاص من نماذج العاطفة وأنماط الاستجابة والسلوك الفردي، وكل ما يصدر عن الفرد من أقوال أو أفعال، والشخصية تنمو وتتغير مع تقدم العمر والتجارب التي يخوضها المرء، كذلك لكل إنسان شخصيته الفريدة التي تميزه عن إنسان آخر، يمكن القول أن شخصية الإنسان هي بصمته الفريدة التي تميزه عن غيره.

قد يعتقد البعض أن الشخصية القوية هي الشخصية القادرة على التحكم بالآخرين، وإجبارهم على الطاعة والامتثال للأوامر والطلبات، لكن هذا التعريف خاطئ تماماً، إن قوة الشخصية تنبع من داخل الإنسان، فالشخص ذو الشخصية القوية، هو الشخص القادر على الصمود في وجه أي تحدٍ يواجهه دون أن يضعف، والتكيف مع أي طارئ يحصل في حياته، كما أن الشخصية القوية هي الشخصية التي تدفع الآخرين إلى الإعجاب والاقتداء بها، وأصحاب الشخصيات القوية هم الأشخاص الذين لا يهابون شيئاً، إنهم أولئك القادرون على مواجهة الحياة مهما فعلت ومهما قدمت من مصاعب في دروبهم، ومن الطبيعي أن يتمنى كل فرد منا أن يكون صاحب شخصية قوية، وهذه بعض النصائح المناسبة كي نقوي شخصيتنا.

إن تقوية الشخصية ليست بالأمر الصعب أو المستحيل ولجعل شخصيتي أقوى وأفضل، هناك عدة نصائح وطرق يمكننا اتباعها لتحقيق هذا

إن الأولوية الحقيقية في بناء شخصية قوية هو تقبل النفس، من المهم جداً أن تقبل حقيقتك وتحب شخصيتك كما هي، بمحاسنها وعيوبها، ولا تحاول أن تقسو على نفسك، بل حاول أن تتفهم ذاتك وحقيقتك ونقاط ضعفك، كما أنه من المهم أن تتوقف جلد ذاتك عند وقوع أي خطأ، إن تقبل حقيقة أننا جميعاً نملك في دواخلنا عيوباً كما نملك محاسن، هو أول خطوة في طريق تقوية شخصيتنا

يميل أغلب البشر إلى تركيز أفكارهم ومشاعرهم على نقاط الضعف في دواخلهم، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج مؤذية للنفس، فتركيزك على نقاط ضعفك أشبه بعودتك إلى نقطة الصفر مرة بعد مرة مهما حاولت ومهما فعلت، إذ ينبغي التركيز على نقاط القوة أكثر ومحاولة تنميتها وتطويرها بشتى الطرق، يمكنك مثلاً الاهتمام بموهبتك، ولو كنت لا تعرف ما هي موهبتك فإن تحديك لنفسك والقيام بنشاطات مختلفة مميزة، قد يساعدك في اكتشافها، يمكنك مثلاً محاولة تعلم مهنة ما عن طريق اتباع دروس ودورات تدريبية، ومع المثابرة والإصرار، ستتمكن من تحقيق ذاتك وتقوية شخصيتك في نفس الوقت.

إن أهم صفة في أصحاب الشخصيات القوية هي الثقة بالنفس، وينبغي هنا التفريق بين الثقة بالنفس وبين الغرور المطلق. فالثقة بالنفس التي نقصدها هنا، تعني أن تفهم نفسك جيداً وألّا تعقد مقارنة من أي نوع مع أي شخص كان، وتقبل حقيقة أن لا أحد كامل، وكل شخص فينا يحمل شيئاً من الضعف في داخله، لكن ولكي تبني شخصية قوية قادرة على مواجهة كل صعوبات الحياة، عليك أن تثق بنقاط قوتك وتثق بقدراتك.

أحياناً يكون قول كلمة "لا" أو رفض طلب من شخص ما أمراً صعباً للغاية، خاصة لو كنت شخصية خجولة أو محبة للعطاء، الأمر الذي قد يستنزف طاقتك، خاصة لو كنت تفعله مرغماً دون قناعة، لكن ولكي تكون عادلاً مع نفسك وتقوي شخصيتك، عليك أن تعلم متى ترفض طلباً أو خدمة دون أن تشعر بأي ذنب، يمكنك أن ترفض بطريقة لبقة لطيفة، طالما أن المطلوب لا يناسبك ولا تشعر بالارتياح تجاهه، فبهذا الشكل ستشعر بأنك قادر على السيطرة على نفسك مما يقوي شخصيتك بكل تأكيد.

يخطئ البعض بالظن أن قوة الشخصية مرتبطة بكبت المشاعر، إن هذا الظن خاطئ تماماً، كما أنه غير صحي، فكبت المشاعر والانفعالات يؤدي إلى أضرار جسدية ونفسية، وتعبيرك عن الألم أو الحزن أو الغضب أو حتى السعادة بطريقة صحية، يساعدنا على تقوية شخصيتنا، وكذلك فهم شخصيات الآخرين بشكل أفضل، فمثلاً لو كنت شخصاً سريع الانفعال تعبر عن غضبك بصوت عالٍ، يمكنك أن تعبر عن غضبك بشكل أكثر هدوءاً، عن طريق الحوار الهادئ مع شخص مقرب، أو حتى تفريغ هذا الغضب بالكتابة أو التنظيف أحياناً.

يعتبر البعض أن الاعتراف بالخطأ ضعف، وأن الاعتذار يقلل من قيمة الشخص، الأمر الخاطئ للغاية، فقوة الشخصية تنبع من قدرتك على تفهم حقيقة أنك لست مثالياً، وأنك سترتكب أخطاء وستحصل لك أمور غير مبهجة، لكن الهرب منها ليس الحل، عليك أن تتقبل أخطاءك ونقاط ضعفك، وعندما تخطئ في حق شخص ما فإن اعتذارك منه وتقبلك لحقيقة أنك اخطأت سيجعل منك شخصاً أقوى وأفضل في نظر نفسك، وفي نظر الآخرين، كما أن تقبلك لفكرة أن فشلك في عمل أو أي شيء آخر هو مسؤوليتك الخاصة، دون تحميل الآخرين هذا الذنب، سيسهم إسهاماً كبيراً في تقوية شخصيتك.

إن الإنسان دائم التأثر والتأثير، فكما تؤثر أنت في الناس حولك، فإنك وفي المقابل تتأثر بهم، فلو أنك أحطت نفسك بأشخاص سلبيين متشائمين فمهما فعلت ومهما قدمت لنفسك وحاولت تحسين شخصيتك، فإن تأثيرهم عليك سيكون ضاراً، ولربما سيجعلك في حال أسوأ من حالتك السابقة، بسبب تأثيرهم السلبي عليك، فكما يقول القدماء "من جاور السعيد يسعد"، اختر رفاقك والمحيطين بك بعناية، كي تتمكن من تقوية شخصيتك بشكل أفضل

كانت هذه مجموعة من النصائح التي يمكن أن تساعدنا في تقوية شخصيتنا، نرجو أن تجدها مفيدة لك وأن تساعدك في بناء شخصية قوية مميزة.