لماذا سميت الرياضيات بهذا الاسم؟
يعد تخصص الرياضيات من أهم التخصصات الموجودة في العالم، يتبع لكلية العلوم ويدرس في عدد كبير من الجامعات، لكن لماذا سميت الرياضيات بهذا الاسم؟
تأتي كلمة الرياضيات من اليونانية (máthēma)، والتي تعني في اللّغة اليونانية القديمة “ما يتعلّمه المرء” أو “ما الذي يعرفه المرء” ، وبالتالي “يدرس” و “يتعلّم”، وفي اليونانية الحديثة كلمة “دَرَسَ” máthēma مشتقة من (manthano)، في حين أن المعادل اليوناني الحديث هو (mathaino)، وكلاهما يعني “التعلّم”. في اليونان أصبحت كلمة “رياضيات” لها معنى أضيق وأكثر تقنية فأصبحت تعني “دراسة رياضية”، حتّى في العصور الكلاسيكية.
في اللّاتينيّة وفي اللّغة الإنجليزيّة كان مصطلح الرياضيات أكثر شيوعًا ويعني “علم التّنجيم” (“علم الفلك”) بدلًا من “الرياضيات”حتى حوالي عام 1700، وقد تغيّر المعنى تدريجيًّا إلى الاسم الحاليّ من حوالي 1500 إلى 1800. وقد نتج عن ذلك العديد من التّرجمات الخاطئة كالمعنى السّيّء السّمعة عندما طلب القديس أوغسطينوس من المسيحيّين أن يحذروا من علماء الرياضيّات قاصدًا المنجّمين، والذي كان يتمّ تفسيره أحيانًا على أنّه إدانة للرّياضيّين.
أمّا بالنّسبة للمصطلح العربيّ فليس هناك جواب مؤكّد، لكنّ أغلب الظنّ أنّ البابليّين السومريّين هم أول من اطلقوا شيئًا شبيهًا بهذا العلم ثمّ تطوّر إلى الرياضيات؛ وفي اللغة العربيّة فقد اشتقت كلمة رياضيات من كلمة رياض، والتي تعني في المعجم الأرض ذات الخضرة والماء، فقد كان استخدامهم لهذا العلم محصورًا بحساب مساحة أرض ما، أو مقدار المياه المطلوبة للتسقية.
ما هي الرياضيات؟
إن الرياضيات علم مجرد وهو بالتالي عبارة عن معارف واستنتاجات عقلية، تطبق على مجموعة الأعداد والأشكال والقياس، كما أن الرياضيات علوم مضمونها دراسة الكم والبنية وهي بالتالي علم مجرد، يعود علم الرياضيات إلى ما قبل الميلاد بحوالي ثلاثة ألاف عام، وتحديدًا للحضارات التي نشأت في بلاد ما بين النهرين أي الحضارة البابلية، فقد استخدموا الحساب والهندسة بعلوم الفلك والعمارة، بالإضافة إلى فرض الضرائب والحسابات المالية.
أما المصطلح الإنكليزي (Mathematics)، وهو مصطلح لاتيني، فقد يكون أصله من اللغة البابلية القديمة، كونهم أول من استخدموا الرياضيات، وقد يكون مصطلح رياضيات له علاقة بالنشاط العقلي أي رياضة ذهنية والتي تشبه تمامًا النشاط الجسدي أو الرياضة، أما بالنسبة للغة العربية فكانت الرياضيات تعرف بعلم الحساب، وفيما بعد أضاف الخوارزمي مصطلح علم الجبر وفيما بعد أُضيف مصطلح علم المثلثات، هذه المصطلحات كانت هي البديل عن مصطلح الرياضيات في الحضارات العربية القديمة.
وتقول بعض المصادر أنَّ أصل التسمية تعود لتعريب المصطلح اللاتيني (mathematics)، أما السبب الآخر فهي أنَّ العرب كانوا قديمًا يطلقون على الأراضي والمياه مصطلح الرياض، وبالتالي استخدموا علم الحساب لقياس مساحات الأراضي وكمية المياه وربما جاء مصطلح رياضيات من كلمة رياض.
فهو من التفسيرات المنطقيّة الأخرى لتّسمية الرياضيّات بهذا الاسم هو كونها مشتقّة من كلمة “رياض” والتي تعني باللغة العربيّة “مساحة من الأرض”. تستخدم هذه الكلمة أيضًا بمعنى “كميّة المياه”. فمن الممكن أن يكون العرب القدماء قد استخدموا هذا العلم بدايةً لحساب مساحة الأراضي الزّراعيّة، وقاسوا كميّات الهطول ووفرة المياه، خاصّة وأنّ حياتهم كانت في تلك الفترة معتمدة بشكل شبه كامل على الزّراعة، فأطلقوا على العلم الذي استخدموه لذلك اسم “الرّياضيّات”.
أهمية الرياضيات
والرّياضيّات موجودة في كلّ مكان من حولنا، وقوانينها تتحكّم في كلّ شيء. لذلك فإن دراستها وفهمها مهمّ جدًا. فالرياضيات تنمي العقل وتزيد من مرونته ومن قدرته على حلّ المشكلات واتخاذ القرار، حتّى أن بعض العلماء يطلقون عليها “رياضة العقل”، إذ أنّها تمرّن العقل وتقوّيه تمامًا كما تمرّن التمارين الرياضيّة الجسم وتزيد من قوّته العضليّة. وقد تكون كلمة رياضيّات مشتقة في الواقع من كلمة “رياضة” إلا أنّ ذلك غير مؤكّد.
ويمكن تعريف الرياضيات بأنها العلم الذي يتعامل مع الأرقام والأشكال والكميات والأطوال ويقوم بشكل أساسي على المنطق، كما أنها اللبنة الأساسية في مختلف مجالات الحياة كالتكنولوجيا والهندسة المعمارية والفن والمال والرياضة.
مدارس الرياضيات
ينتمي علماء الرياضيات في اليونان إلى مدارس عدة:
- المدرسة الأيونية: أسسها تاليس وينسب إليها تقديم البراهين الاستنتاجية الأولى إضافةً إلى تطوير نظريات أساسية في هندسة الطيران وعددها خمس.
- مدرسة فيثاغورث: أسسها فيثاغورث ودرست النسب والهندسة ونظرية الأعداد.
- مدرسة Eleatic.
- المدرسة السفسطائية: ينسب إليها تقدم التعليم العالي في اليونان.
- المدرسة الأفلاطونية: أسسها أفلاطون وقد شجعت البحث في الرياضيات.
- مدرسة Eudoxus: طورت نظرية التناسب والحجم.
- مدرسة أرسطو.
تم تطوير نظام العد في ظل الحضارة السومرية ثم جاءت الحضارات الأخرى لتشارك في تطوير هذا النظام وتحسين علم الرياضيات ككل، كما طور شعب المايا في أمريكا أنظمة تقويم معقدة وأوجدوا مفهوم الصفر.
وارتبط علم الرياضيات بالهندسة بشكل كبير وساهم كل منهما في تطوير الآخر وازدهاره، وبالتالي ازدهرت التطبيقات العمليّة المتعلقة بهما كبناء البيوت وتصميم الأزياء وحساب المساحات وغيرها، ويعتبر الجبر من أكثر فروع الرياضيات ارتباطًا بالهندسة حيث اخترعه العالم محمد بن موسى الخوارزمي وقام بتطوير طرق سريعة لضرب الأرقام سُميت بالخوارزميات نسبةً إليه، كما ساعد الشعوب القديمة على حساب مساحات الأراضي بدقة وتقسيمها بعدل بين أفراد العائلة.