لماذا يبني أهل الاسكيمو بيوتهم من الجليد والثلج؟
نشاهد في الأفلام أناس يحتمون من الثلج ببيت ثلجي! هذا ما فعله شعب الإسكيمو من ملايين السنين، فلماذا يبني أهل الإسكيمو بيوتهم من الجليد والثلج؟
لطالما كان تعجبنا الأكبر من شعب الأسكيمو هو احتمائهم من برد الثلج عبر بناء بيوت من الثلج؛ فقد تصل درجة الحرارة في تلك المناطق في بعض الأحيان إلى ما بين 44 و60 درجة مئوية تحت الصفر والاحتماء من هذا البرد القارص داخل قبة ثلجية هو لأمرٌ عجيب!
يُطلق على هذه البيوت اسم إيغلو أو Igloo بالإنجليزية وتعني هذه الكلمة، بحسب القاموس، البيت المصنوع من الثلج على شكل قبة. وتلك هي البيوت التي لجأت إليها شعوب القطب الشمالي وهي عبارة عن خنادق منخفضة قليلًا عن مستوى الثلج، مع مداخل صغيرة مغلقة إمّا بالجليد أو بقطع قماشية وأشياء أخرى بطريقةٍ تُساعد على الدخول والخروج. وتكون تلك البيوت على شكل كتل ثلجية ذات أشكال متشابهة يعلوها قبب دائرية تتناقص حتّى تنغلق على نفسها، وهذا التصميم المعماري هو اللغز وراء ترابط وتماسك البيت الثلجي.
وعلى الرغم من العوامل الجوية المختلفة فإنّ انحناء المبنى يُساعد على إعادة تشكل نقط الماء التي تذوب وتحولها إلى ثلج، وذلك لكونها تأخذ الرطوبة من الكتل الثلجية الأقرب إلى الأرض وتندمج بها وبذلك تتشكل طبقة جليدية أخرى داخل المنزل الأمر الذي يزيد من تماسك وترابط البيت الثلجي أكثر. كما أنّ الحرارة داخل تلك البيوت تُصبح ما بين دافئة ومعتدلة، بحيث يكون الفرق ما بين الحرارة خارج البيت والحرارة داخله تقريبًا 50 درجة مئوية.
وبالتأكيد ستتساءل عمّا إذا كانت هذه البيوت قابلة للذوبان أم لا؛ نظرًا للعوامل التي تتعرض لها هذه المنازل سواء كان من ارتفاع الرطوبة، أو إشعال نار للتدفئة، أو حتى إضاءة قنديل من أجل بعض الضوء. ولإطالة عمر المنزل ما عليك سوى أن تفتح مجالًا لمرور الهواء إلى المنزل لبضعة دقائق الأمر الذي يُساعد في إعادة تشكُل بلورات الجليد وبشكلٍ أقسى ممّا كانت عليه.
عزل الحرارة
لم يجد أهل الأسكيمو حلاً للاحتماء من البرد القارس أفضل من بناء البيوت الجليدية التي أطلقوا عليها اسم إيغلو (Igloo) أي البيت المصنوع بشكل قبة، ولعلك تتساءل ما إذا كان هذا حلاً ذكياً أم قد يزيد مشكلة البرد سوءاً، في الواقع أن لتلك البيوت فعالية مجربة في عزل الحرارة والحفاظ على الدفء بداخلها، إذ ممكن أن تصل درجة الحرارة فيها أحياناً ل 15 درجة مئوية في حين أن الحرارة قد تكون في الخارج 40 درجة تحت الصفر، فيعتبر جو البيت الجليدي دافئ جداً بالنسبة للجو الخارجي.
تساعد كتل الثلج المتراصّة على تشكيل بيت متين ومستقر وعازل للحرارة في الوقت عينه فلا تسمح للحرارة داخل الكوخ أن تخرج بسبب فقاعات الهواء المحبوسة في الثلوج التي تشكل مادة عازلة للحرارة، كما أن قلة كثافة الجليد وخفّته تجعله ثابتاً، أضف إلى ذلك شكله القببي الذي يساعد في تماسكه ويجعله مقاوماً للرياح ولعوامل الجو لمختلفة، فنقط الماء التي تذوب، تأخذ الرطوبة من الكتل الثلجية الأقرب للأرض لتندمج بها وتشكّل طبقة جليدية تزيد من تماسك البيت الجليدي.
أما عن سبب فرق الحرارة الشديد بين الداخل والخارج، فيحصل بسبب الحرارة التي تنبعث من جسم الإنسان، فكلما كثر عدد الأشخاص داخل الكوخ ارتفعت درجة الحرارة أكثر، ويمكن إضافة مصادر حرارية خارجية كموقد صغير للطهي أو شموع، فالبيت الجليدي هذا يعمل على حفظ الحرارة الموجودة ليس إلا.
إذا كنت تسأل نفسك عما إذا كانت الحرارة تلك تسبب ذوبان البيت الجليدي فالجواب هو نعم بلا شك، من المؤكد أن المنزل سيبدأ بالذوبان بعد فترة زمنية فهو في النهاية ثلج يتأثر بالحرارة والرطوبة الموجودتين، لكن إذا فسحت مجال للهواء بالدخول للمنزل بضع دقائق، سيساعد هذا في إعادة تشكيل بلورات الجليد بشكل أقوى وأقسى من السابق، فيحافظ البيت الجليدي على صلابته، وهذا ما يتّبعه أهل الأسكيمو للمحافظة على أبنيتهم المعمارية الفريدة.
فقد لا يعلم الجميع أن الثلج عازل جيد للحرارة، بسبب قلة كثافته، لذلك يعتمد الاسكيمو في تشييد أكواخهم على الجليد كمادة أساسية، وتساهم الطريقة القببية التي يتبعونها في البناء في جعلها مقاومة للرياح، ما يحافظ عليها دافئة، رغم الطقس القارس في الخارج.
طريقة تشييد أكواخ شعب الإسكيمو
قد تصل درجة الحرارة في الأكواخ الجليدية إلى 32 درجة مئوية، وترتفع عند زيادة عدد الأشخاص المتواجدين، أو في حال استخدام الشموع. كما يمكن إشعال نار داخلها، تبعًا لشروط محددة، منها: أن تُشعل في منتصف الكوخ، وتحت فتحة التهوية حتى يخرج الدخان مباشرة منها ولا يقترب من الجدران.
ويتكون الكوخ من كتل جليدية مستطيلة الشكل، بطول 120 سم، وعرض 60 سم، وارتفاع حوالي 20 سم، أما المدخل فيأتي بطول 3 م لدرء البرد. وبالإمكان وضع أشياء داخله، وحتى صنع أسرة من الجليد.
لا يقيم الاسكيمو دائمًا في البيوت الجليدية، لأنها لا تصمد إلا بوجود الثلج واستمرار تساقطه، بل يعيشون أيضًا في بيوت خشبية، أو اسمنتية أو خيام، ويطلقون على المنزل اسم إيغلو (igloo).
اكتشف “مارتن فروبيشر” البيوت الجليدية لأول مرة عام 1576م في جزيرة بافين، خلال رحلته للممر الشمالي الغربي، لكن بالتأكيد هي أقدم من ذلك بكثير، وتعتبر سهلة البناء، فلا يتطلب تشييد كوخ جليدي سوى ساعة واحدة من محترف، بينما قد يمتد الوقت إلى ثلاث أو ست ساعات عند المبتدئين.