ما هي فوبيا الثقوب (رهاب النخاريب)
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
مصطلح الفوبيا (Phobia) يعني "الخوف"، وغالبًا لا نرى هذا المصطلح بشكل مفرد، بل يتم إرفاقه بجزئية تعبّر عن نوع الفوبيا المقصود، مثلًا، لمن يهاب المرتفعات، يُقال أنه يعاني من الأكروفوبيا (Acrophobia)، ويسمى رهاب دخول الأماكن الضيقة كلوستروفوبيا (Claustrophobia)، وهناك رهاب الوقوع في الحب المسمى فيلوفوبيا (Philophobia). في هذا المقال، سنتحدث عن نوع خاص من أنواع الفوبيا، فوبيا أو رهاب النخاريب أو المعروفة بالخوف من الثقوب أو التريبوفوبيا (Trypophobia).
تعريف فوبيا الثقوب (فوبيا النخاريب)
فوبيا النخاريب هي خوف شديد ونفور عند مشاهدة أنماط الثقوب أو النتوءات المتكررة والمتلاصقة، التي تعطي هيئة عنقودية، مثل تلك التي نشهدها في قرص شهد العسل، أو قرنة بذور اللوتس، أو عيون بعض الحشرات والحيوانات. على الرغم من كونها فوبيا فعليّة، ويمكن أن تسبب خوفًا وهلعًا شديد للمصابين بها لمجرد رؤية أنماط عنقودية الشكل، ما يسبب لهم خوف وقلق وضعف ملحوظ، إلا أنها لا تُدرَج تحت قائمة الأمراض العقلية.
أعراض الإصابة برهاب النخاريب وعوامل الخطر
يطوّر رهاب النخاريب أعراض تتمثل بالاشمئزاز بدايةً بشكل رئيسي، يرافقه شعور بالغثيان، والدوار، ثم خفقان القلب وانقباضه بشدة والرجفان وضيق التنفس، وينتهي بالذّعر تمامًا. يثير أيضًا القشعريرة والحكة أو التنميل لدى البعض. أحيانًا، لا تثير الثقوب الكبيرة والمعدودة الرعب أو الاشمئزاز، إنما كلما صغرت الثقوب وكثرت زادت احتمالية الاشمئزاز.
حقيقةً، رهاب النخاريب أكثر شيوعًا لدى النساء منه لدى الرجال، ويمكن اعتباره مرض وراثي، ففي إحدى الدراسات، كانت نسبة 25% من الأشخاص الذين يعانون من فوبيا الثقوب، تمتلك قريب على الأقل لديه ذات المعاناة. قد يطوّر رهاب النخاريب أعراض تشابه أعراض الاضطرابات العقلية مثل:
- الاكتئاب الشديد.
- القلق الاجتماعي والهلع.
- اضطراب الوسواس القهري (OCD).
- الاضطراب ثنائي القطب.
- اضطراب القلق العام (GAD).
ماذا يقول العلم عن أسباب فوبيا الثقوب؟
قبل عام 2005، لم يكن هذا الرهاب شائعًا أو معروفًا، ولكن فيما بعد، في إحدى المنتديات على الإنترنت، أبدى المشاركون خوفهم وشعورهم باشمئزاز غير مفسر تجاه الأشياء ذات الثقوب المجتمعة، ومنذ ذلك الحين، اختلف الخبراء على تشخيص هذه الفوبيا كرهاب اجتماعي، أم مجرد اشمئزاز طبيعي.
وعلى ذلك، بدأت الدراسات حول الموضوع، وأفادت إحداها والتي تعود إلى مجلة (Frontiers in Psychiatry) في عام 2018، أن العديد من أولئك الذين ادعوا أنهم يعانون من رهاب النخاريب، أظهروا "اشمئزازًا" عند رؤيتها ولكن ليس "خوف"، ولهذا رفض باحثو المجلة تصنيف هذه الفوبيا على أنها رهاب، لأن الخوف ببساطة هو السمة المميزة للرهاب، وعلى الجانب الآخر، نشرت مجلة برازيلية تقريرًا كان مفاده أن فوبيا النخاريب هي نوع من أنواع الرهاب المحدد، حيث شملت دراستها أعضاء عانوا من الضغط النفسي والضعف واستمرار هذه الأعراض.
دخل هذا الرهاب مجال المصطلحات العلمية لأول مرة عام 2013، عندما اقترح الباحثون وأجمعوا أن هذه الحالة من النفور تنبع من النفور الفطري للإنسان تجاه الحيوانات الخطيرة. بدأ هذا التفكير يتجسد وبصبح قيد الدراسة والبحث عندما أبدى أحد المشاركين في الدراسات التي أجريت، خوفه من أحد أنواع الأخطبوط، وهو الأخطبوط ذو الحلقة الزرقاء (The Blue-Ringed Octopus)، حيوان رخوي يظهر عليه بقع بلون الكدمات الزرقاء، وهو شديد السمية.
سمح ذلك للعلماء بتوسيع أفق تفكيرهم حول مخاوف الناس من هذه الأشكال الحيوانية، وربطوا مدى ضررها مع شكلها الذي يُظهر ثقوبًا أو دوائر كثيرة، مثل قناديل البحر المكعبة (The Box Jellyfish)، وثعبان التايبان الداخلي (Inland Taipan)، والضفدع السام (Poison Dart Frog)، كلها خطيرة، وتحمل نفس الميزات البصرية المماثلة لمحفزات إثارة رهاب النخاريب.
من جهة أخرى، افترض بعض العلماء أن هذا الرهاب ليس محكومًا بالضرورة بالخوف من تلك الحيوانات، إنما يمكن أن يكون نابعًا من الخوف من شكل بعض الأمراض الجلدية التي تصيب الإنسان، إذ كما نعلم، تترك العديد من الطفيليات الجلد مليئًا بالبقع والقروح، الأمراض كالجدري والحمى القرمزية، ومن هنا، اقترحت دراسة أجريت عام 2017 أن هذا التداخل هو ما يسبب الإحساس بالقشعريرة والخدر والغثيان الذي تستحضره حالة الرهاب.
تشير أدلة علمية أخرى إلى أن مسببات هذه الفوبيا ببساطة تكمن في التسبب بالانزعاج البصري وأن البعض يشعر بإجهاد العين والتشوش لمجرد النظر إلى تلك الثقوب. في النهاية، ربما يكون السبب هو خليط من تلك الأسباب العلمية ويختلف من شخص لآخر، ولكن في الحقيقة هو موجود، وأغلبنا يعيشه بطريقة أو بأخرى.
علاج فوبيا النخاريب
لا يوجد علاج محدد لرهاب النخاريب حتى الآن كون سببه غير واضح بشكل كلي، ولكن تظهر الدراسات أنه قد تكون مضادات الاكتئاب مفيدة، مثل السيرترالين (Sertraline). يمكن أيضًا تناول البنزوديازيبينات (Benzodiazepines) لتهدئة المصاب، وهي تعمل كمثبطات للجهاز العصبي المركزي.
تساعد أيضًا مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين (Serotonin Reuptake Inhibitors) في العلاج من خلال تنظيم مادة السيروتونين في الجسم، فهي المادة الكيميائية المسؤولة عن القلق والمزاج في الدماغ. يلجأ البعض إلى الطرق الطبيعية مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والذي يحاول فيه المعالج تغيير الأفكار السلبية والسوداوية التي تسبب لك الخوف والتوتر.