ما هي محطات تحلية المياه
تعمل محطات تحلية المياه على تنقية المياه وإزالة الأملاح الذائبة من مياه البحر والمياه الجوفية شديدة التمعدن (مثل المياه المالحة الحرارية الجوفية)، ومياه الصرف الصحي. وتجعل من المياه غير الصالحة للاستخدام صالحةً للاستهلاك البشريّ والريّ والتطبيقات الصناعية وأغراض متنوعة أُخرى. ولكن، تتطلب محطة تحلية المياه قدرًا كبيرًا من الطاقة تستمدها من الوقود الأحفوري في أغلب الأحيان، مما يجعل منها عمليةً مكلفةً. كما أنها تبعث غازات دفيئة ومياه صرفٍ مالحةٍ وهذا يُشكل تحديات بيئية كبيرة. لذلك يتم استخدامها فقط في حالة عدم توفر مصادر المياه العذبة.
تاريخ محطّات تحلية المياه
تُعد تحلية مياه البحر تقنيةً قديمةً؛ فقد وصف أرسطو طريقة التبخر التي استخدمها البحّارة اليونانيون في القرن الرابع قبل الميلاد، وكتب جابرٌ بن حيّان في القرن الثامن الميلادي مقالة عن عملية التقطير باستخدام جهازٍ زجاجيٍّ له قمعٌ طويلٌ لا يزال يعرف حتى اليوم في الغرب باسم Alembic المشتقة من كلمة الأمبيق باللغة العربية. ولاحقًا، تم منح أول براءة اختراعٍ لعملية تحلية المياه في إنجلترا في عام 1869، وفي نفس العام، قامت الحكومة البريطانية ببناء محطة تحلية المياه الأولى في عدن لتزويد السفن المتوقفة في ميناء البحر الأحمر بالمياه العذبة. ولغاية عام 2019 هناك حوالي 18000 محطةً لتحلية المياه تنتج ما مجموعه أكثر من 95 مليون مترًا مكعبًا (أكثر من 3.4 مليار قدم مكعب) من المياه الصالحة للشرب يوميًا.
أنواع محطات تحلية المياه
محطات تعتمد على تقنية التناضح العكسي
تتكون محطة تحلية المياه التي تعتمد على التناضح العكسي من مضخّات ضغطٍ عاليٍّ، وجهاز تحويل الطاقة، وأغشية التناضح العكسي. قبل مرور مياه البحر عبر أغشية التناضح العكسي يتم ضغطها عن طريق مضخات الضغط العالي بضغط يتراوح بين 55 و 85 بار، يعتمد ذلك على ملوحة ودرجة حرارة المياه.
تسمح أغشية التناضح لجزيئات الماء بالمرور من خلال غشاءٍ نصف نافذٍ ويمنع مرور المواد المذابة الأخرى.
يتراوح فرق الضغط على جانبي الغشاء بين 1.5 إلى 2 بار، اعتمادًا على كمية الماء في أوعية الضغط، وبفضل أجهزة تحويل الطاقة، يمكن إعادة استخدام الطاقة الناتجة عن فرق التركيز. حيث يتم توجيه تركيز الضغط إلى جهاز الطاقة ERD، الذي يقوم بنقل الطاقة إلى قسم تغذية المياه
.
وأكثر أماكن الشرق الأوسط التي تحاول تجنب نقص المياه هي الكيان الإسرائيلي والذي يعتمد على خمس محطاتٍ تعمل باستخدام التناضح العكسي لتوفير معظم مياه الشرب، وتعد أكبر محطات تحلية بالتناضح العكسي في العالم.
محطات تحلية المياه التي تعتمد على الطاقة الحرارية
تعتمد محطة تحلية المياه هذه على التقطير متعدد المراحل لتحلية كمياتٍ كبيرةٍ نسبيًا من مياه البحر. وبما أن درجة حرارة غليان الماء تنخفض مع انخفاض ضغط الهواء، يتم تنفيذ هذه العملية عبر سلسلةٍ من الخزانات المغلقة (المراحل) التي تخضع لضغوطٍ تنخفض تدريجيًا. عندما تدخل مياه البحر المسخّنة إلى المرحلة الأولى، يغلي قسم منها بسرعةٍ، مكونًا بخارًا يتم تكثيفه للحصول على المياه العذبة من خلال أنابيب التبادل الحراري. يتم جمع المياه العذبة في صواني ويتدفق ماء البحر المتبقي إلى المرحلة التالية وهكذا دواليك. توجد أكبر محطةً لتحلية المياه بهذه الطريقة في الجبيل في المملكة العربية السعودية، والتي تنتج أكثر من 750 مليون لتر (200 مليون جالون) من المياه المحلاة يوميًا. وهناك عدة أنواع لمحطات تحلية المياه بالتقطير المتعدد منها:
- محطات تعتمد على التقطير متعدد التأثير (Multiple Effect Distillation MED)
تعد وحدات MED من أفضل وسائل تحلية مياه البحر من ناحية الموثوقية والقوة والفعالية والتكلفة. بفضل السعّات التي تتراوح من 600 إلى 25000 مترٍ مكعبٍ لكل وحدةٍ. وهي تعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على عملية التقطير المتعدد التي يتم فيها تبخير رذاذ ماء البحر بشكلٍ متكررٍ ثم تكثيفه بدرجة حرارةٍ وضغطٍ أقل لكل مرحلةٍ. تضاعف هذه العملية كمية المياه النقية التي يمكن إنتاجها باستخدام كميةٍ محددةٍ من الطاقة، مما يؤدي إلى انخفاضٍ كبيرٍ في التكلفة. - محطات تعتمد على التقطير المتعدد مع ضغط البخار الميكانيكي (MED-MVC)
تستخدم محطات MVC البخار المهدور لتوليد الكهرباء. مما يؤدي إلى انخفاض تكاليف التشغيل وإطلاق كميةٍ أقل من البخار في البيئة، وذلك باستخدام تقنيةٍ بسيطةٍ وعددٍ قليلٍ من التجهيزات الميكانيكية المتحركة. هذا يعني كفاءة أعلى وتكلفة أقل. تتميز محطة MVC بحزم نقل حرارة مصنوعة من سبائك الألمنيوم المناسبة لمياه البحر، ونظام تغذية يعمل بالرش مكون من فوهات أسيتيل غير القابلة للانسداد ومقاومة للتآكل والتي تم تحسينها لتلبية متطلبات الترطيب.
- التقطير الشمسي
تعتمد هذه الطريقة في المجتمعات الصغيرة حيث تتوفر المياه المالحة وأشعة الشمس القوية، حيث تُبخر حرارة الشمس المياه المالحة جزئيًا تحت غطاء شفاف، فيتكثف البخار على الجانب السفلي للغطاء، ويتدفق إلى حوض التجميع. لكن تكمن الصعوبة الرئيسية في هذه العملية في الحاجة إلى مساحاتٍ شاسعةٍ من الأراضي، وإلى طاقةٍ كبيرةٍ لضخ المياه.