معلومات عن الديانة الهندوسية

سالي ديب
سالي ديب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

ديانةٌ من أقدم الديانات الموجودة وتشكّل المعتقد الأساسيّ لمجموع 80% من سكّان الهند، وبلغ عدد معتنقيها في القرن الحاليّ مليار شخصٍ من مختلف أنحاء العالم. ديانةٌ شُهِد لها بالتعاليم الرّوحانيّة المسالمة. الديانة الهندوسية هي موضوع مقالنا، فما هو تاريخها، وأبرز تعاليمها، وأهم الحقائق حولها..


تاريخ الديانة الهندوسية

في الحقيقة، إنّ تاريخ الديانة الهندوسية مبهمٌ وموضعُ جدلٍ للعديد من الأسباب؛ إحداها أنها لم تتحوّل إلى دينٍ مصنّفٍ إلّا حديثًا وأنّها إلى الآن لا تحمل مواصفات الدّين، بل يمكن اعتبارها كمجموعةٍ من التعاليم والفلسفات الرّوحيّة المتعددة والمتنوّعة، كما أنّ بدايات تعالميها مبعثرةٌ جغرافيًّا وزمنيًّا بحيث يصعب حصرها في تسلسلٍ منطقيٍّ واحدٍ.

أي بكلماتٍ أخرى، التعاليم الهندوسيّة قديمةٌ وموجودةٌ قبل آلاف السنين، ولكنّها لم تجمع تحت اسم دين إلا حديثًا مما أثار بعض الالتباس حولها. على الرّغم من ارتباط الهندوسيّة بالتطوّرات الاجتماعية والسياسيّة على مرِّ العصور ودورها في العديد من الأحداث التاريخيّة، إلّا أن اهتمام تعاليمها موجّه بشكلٍ خاصٍّ نحو مضمون القصّة وروحانيتها أكثر من تاريخها، مما يجعل التواريخ والأرقام غير ذات أهميّةٍ بالنسبة للهندوس..


المعتقدات الهندوسيّة الأساسيّة

  • الحقيقة أزليّة؛ فالهندوس كجوهرٍ يبحث عن الحقيقة، وجوهر الكون، والسر وراء كلّ شيءٍ.
  • الإله واحد وهو براهمان (Brahman)؛ إذ رغم تعدد الآلهة في الديانة الهندوسية إلّا أنها تعتبر جميعها وجوهًا مختلفةً لإلهٍ واحدٍ هو براهمان، ويسع هذا الإله كل تفاصيل الكون والطبيعة بما فيها غير المرئي.
  • السّلطة المطلقة بيد الفيدا (Vedas)؛ والفيدا هي الكتب أو النصوص المقدّسة التي جمعها الحكماء وقدّيسو الهندوس منذ الأزل، ويعتقد الهندوس أن تعاليمهم المحفوظة في هذه الكتب خالدةٌ حتى بعد انهيار العالم المادي الذي نعيش فيه.
  • السعي لتحقيق الدارما (Dharma)؛ أي السعي للخلاص وتطبيق الحق، وواجب على كلّ معتنقٍ للهندوسيّة تبنّي الدارما في أدق تفاصيله اليوميّة.
  • يؤمن الهندوس بوجود الرّوح ويطلقون عليها اسم أتمان (Atman)، كما يعتقدون بأن الروح أزليّةٌ لا تفنى بل تنتقل من جسدٍ إلى آخر، وأن أفعال الإنسان في الحياة الحاليّة تحدد شكل الجسد الذي ستنتقل إليه روحه في الحياة القادمة.
  • الموكشا (Moksha) هي الهدف الأسمى؛ والموكشا تعني التحرّر، وتتجسّد باندماج روح الفرد بالروح الإلهية المطلقة، ولا يحدث ذلك إلا بعد أن يصل الفرد إلى إدراك حقيقة الطبيعة الإلهية. يصل الإنسان إلى حقيقة الإله وفقًا للهندوس عبر عدّة طرقٍ؛ طريق الالتزام بالواجبات والتعاليم، وطريق التعلّم والتعمّق في الدين، وأخيرًا طريق التفاني (أي منح الإنسان نفسه لله)..

الرموز والكتب المقدّسة لدى الهندوس

هناك رمزان أساسيّان في الديانة الهندوسية هما:

  • رمز الأوم (Om)؛ الذي يتكوّن من ثلاثة أحرفٍ سنسكريتيّة (Sanskrit) ليُنطق وفقها (A، وU، وM) يعتبر قولها معًا بمثابة صوتٍ مقدّسٍ، ويمكن العثور على رمز Om في المزارات العائلية والمعابد الهندوسية.
  • الصليب المعقوف (Swastika)؛ الذي يرمز إلى الحظ الجيّد والسعادة باللغة السنسكريتيّة (واستخدم لاحقًا كرمزٍ للعلم النازيّ عام 1920).
الرموز المقدّسة لدى الهندوس

أمّا عن الكتب والنصوص المقدّسة فهي عديدةٌ - على عكس الديانات التوحيدية الأخرى التي لها كتابٌ مقدّسٌ واحد - ويطلق عليها كما ذكرنا سابقًا اسم الفيدا (Vedas)، وقد جُمعت فيها خبرات وتعاليم أهمّ الحكماء والكهنة وأقدرهم في الديانة الهندوسية، وهذه النصوص تشكّل:

  • الريجفيدا (The Rig Veda).
  • السامافيد (The Samaveda).
  • ياجورفيدا (Yajurveda).
  • أثارفافيدا (Atharvaveda)..

أهم الحقائق حول الديانة الهندوسية

  • يعد كتاب الريجفيدا (The Rig Veda) أقدم الكتب المقدّسة الموجودة في العالم، مما يرجّح أن تكون الديانة الهندوسية كذلك أقدم الديانات الإنسانيّة، بالإضافة إلى كونها ثالث أكبر ديانة من حيث عدد معتنقيها بعد المسيحيّة والإسلام.
  • يعتبر الرقم 108 مقدّسًا في الديانة الهندوسيّة، حيث يرمّز هذا الرقم وفقًا لعلماء الأرقام من الهندوس إلى كليّة الوجود واتحاد الشمس والقمر والأرض. يُدعى هذا الرقم بالسنسكريتية باسم Malas، وتصنع لأجله مسابح (سُبحات) تحتوي على 108 حبّةً من الخرز.
  • اللغة السنسكريتيّة (Sanskrit) هي اللغة الأساسيّة لمعظم النّصوص الهندوسية، وهي لغةٌ قديمةٌ جدًا يعود تاريخها إلى ما لا يقل عن 3500 سنة.
  • للهندوسية مفهوم دائري للوقت عكس النّظرة السائدة لدى الديانات الأخرى بأن الوقت يسير بخطٍ مستقيمٍ؛ فالوقت عند الهندوس مظهرٌ من مظاهر الله كونه لا ينتهي أبدًا، وأن أحداث الحياة تسير في دوائر وتكرر نفسها على مرِّ العصور.
  • المسيح هو رسول الديانة المسيحية، ومحمد رسول الإسلام، وغوتاما بوذا (Gautama Buddha) مؤسس ورسول الديانة البوذيّة، أمّا الديانة الهندوسية فلا يعرف لها رسول محدد، كما لا يعرف لها تاريخ بدء أو أحداث موثّقة زمنيًّا.
  • الاسم الأصلي للهندوسية هو Sanātana Dharma، أمّا الهندوسية كاسمٍ فجاءت بعد تسمية الإغريق للسكّان الذين يعيشون حول نهر السند (Indus River) بالهندوس. وكون الهندوسية هي الديانة الأساسيّة لسكان الهند، فقد اشتق اسم الديانة لاحقًا من اسم معتنقيها. كذلك كان للكتّاب الإنجليز الذين دوّنوا تاريخ الهند دورٌ في تحوّل الهندوسيّة لهذا الاسم، والذي اعتُمِد لاحقًا من قبل الهندوس أنفسهم.
  • أهيسما (Ahimsa) هي كلمةٌ سنسكريتيّةٌ تعني الرحمة (أو عدم الإيذاء)، وهي عقيدةٌ تتبناها الديانة الهندوسية لمنع إيذاء الحيوانات. لذلك قد تجد العديد من معتنقي الهندوسية يتبعون نظامًا غذائيًّا نباتيًّا ويمتنعون كليًّا عن تناول اللحم لما فيه من أذىً للحيوان.
  • تعتبر اليوغا أحد أشكال التواصل مع الرب وهي تعني حرفيًّا الاتحاد مع الله، وهي ممارسةٌ مهمّةٌ جدًا عند الهندوس..

سواء كنت ممن يعتنقون ديانةً ما أو لا، فمن المهم دائمًا الاطلاع على الديانات الأخرى لما فيها من قيمٍ إنسانيّةٍ قد تضيف إلى سلوكك اليومي - بغض النظر عن رغبتك في اعتناقها أم لا ـ فالديانات وُجدت بالأساس لتعزيز قيم الخير في الإنسان وتهذيب روحه، والهندوسيّة ديانةٌ مسالمةٌ تحمل في طيّاتها الكثير من التعاليم التي تحث على العطاء والخير بين النّاس.

هل أعجبك المقال؟