لماذا سوف ينقذ الذكاء الاصطناعي العالم؟
6 د
لا تزال كلمة الذكاء الاصطناعي مرتبطة بمستقبل مظلم ومجهول في أذهان الكثير من الناس، مستقبل تتحكم فيه الآلات بالبشر، كما أن الصورة النمطية التي رسختها الأفلام الغربية في عقولنا عما يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام به إذا واصلنا تطويره، ويفزع الكثير من الناس كلما سمعوا خبرًا عن مجال أو عمل جديد سوف يتمكن الذكاء الاصطناعي من تطويره أو -كما يرى البعض- السيطرة عليه.
ترى هل هذه المخاوف ضرورية حقًا؟ وما حقيقة امتلاك الكثير من الناس لتلك النظرة المتشائمة من تقدم الذكاء الاصطناعي السريع في العالم من حولنا؟
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
الذكاء الاصطناعي هو استخدام علوم الرياضيات والخوارزميات الحاسوبية لمنح الآلة القدرة على فهم وتحليل الأمور بطريقة محاكية ومشابهة لتفكير العقل البشري، إذ تستقبل الآلة الأوامر والمعلومات، ثم تجمع وتحلل البيانات وتُصدر المخرجات فيما يتناسب مع الأمر المطلوب منها.
الذكاء الاصطناعي هي تقنية مطورة ويسيطر عليها البشر شأنها شأن التقنيات الأخرى كالإنترنت والراديو والكهرباء، وتستخدم في كافة المجالات كالطب، والقانون، والصناعة، والتخطيط وحتى في مجال الفنون.
الذكاء الاصطناعي يمكنه جعل كل شئ ممكنًا
من قديم الأزل وكان الذكاء هو الوسيلة التي استطاع الإنسان من خلالها إنقاذ نفسه والرقي في بيئته وسط غيره من الكائنات، فكان الذكاء هو العنصر المشترك بين كافة الإنجازات، الصناعات والاختراعات البشرية، فما الذي يمكن أن يحدث إذا ما توفر ذلك الذكاء دون معوقات ونواقص الإنسان مثل التحيز، وتأثير المشاعر على صناعة القرار، والمصالح الشخصية وغيرها من الأمور التي تُضعف من ذكاء البشر؟
إن المستقبل الذي يتنبأ به العلماء في وجود الذكاء الاصطناعي هو ذلك الذي يتوفر فيه لكل طبيب أو مهندس أو عالم، مساعدًا آليًا يوفر له كل ما يحتاجه من معلومات ومساعدات تقنية، ويرشده إلى اتخاذ القرارات والتقدم العلمي دون تأثر ذلك المساعد بعوامل كضغط العمل، أو الإجهاد البدني أو النفسي وغيرها من الأمور التي عادة ما تكون السبب في اتخاذ قرارات خاطئة وغير مدروسة، أحدثت في تاريخنا كوارث وفترات مفجعة.
بل يتنبأ البعض أن الذكاء الاصطناعي وقدرته الحكيمة على فهم وتحليل الأمور في إطار المنطق والمصلحة العامة قادر على منع الكوارث والحروب العالمية المستقبلية من الحدوث، إذا ما اُستعين واُعتمد عليها في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
فالروبوت في المستقبل سوف يكون بمثابة المرشد والمعلم المخلص لكل إنسان في عمله، والذي سوف يختصر الكثير من الوقت والجهد والبحث على من يمتلكه من تلميذ أو عالم.
يخاف البشر دائمًا من كل جديد ومجهول
إذا كان الذكاء الاصطناعي مهمًا ومفيدًا إلى ذلك الحد، لما يخاف الناس إذًا من استخدامه؟
كانت الاكتشافات الأعظم في تاريخ البشرية محل تشكيك وترويع للكثير من الناس دائمًا، وذلك من خلال إدعاء من لا يفقهون شيئًا خطورة ذلك الاختراع أو الاكتشاف على الأخلاق أو المجتمع والبشرية، وهو ما حدث أثناء ظهور العديد من التقنيات المؤثرة في العالم كالكهرباء والإنترنت والعربات وموجات الراديو، فجميعها كانت أمورًا وأشياءً غريبة للعالم آنذاك، فنالت الكثير من السخط والاستهجان كون كل ما هو جديد هو علامة للتمرد والسخط على الواقع المسالم الذي علينا تركه كما هو دون إحداث تغييرات مزعجة وغامضة.
لا يعني ذلك أنه لا يوجد ما علينا القلق بشأنه، فكل تقنية جديدة من السهل استغلالها والسعي وراء جني الأرباح منها دون إدراك خطورة ذلك إلا متأخرًا، ولكن ذلك لا يعني أن نقعد مكتوفي الأيدي بينما يتقدم العالم من حولنا.
الحقيقة وراء حملات الهجوم على الذكاء الاصطناعي
في بدايات القرن التاسع عشر، مُنع تداول وتعاطي الكحول في أمريكا، وكان المعمدانيون أو المسيحيون المتدينون من أكثر الأطراف المشجعة على اتخاذ ذلك القرار، لإيمانهم بقدرتهم على إصلاح المجتمع من خلال فرض القوانين واللوائح التي على الجميع اتباعها، وأثناء ذلك كان يوجد جماعة المهربين، الذين كانوا يجنون الكثير والكثير من المال من جراء القوانين التي ضمنت لهم احتكار سوق تجارة الكحول دون غيرهم.
والآن يوجد الكثير من الشركات التي تمثل كل من جماعتي المعمدانيون والمهربون في الماضي، من خلال حديثها كل يوم عن مخاطر الذكاء الاصطناعي وكيف أنه قادر على رفع نسب البطالة أو نتائج أسوأ كالسيطرة على البشر وفناء البشرية، وأثناء ذلك يعمل هؤلاء على تطوير أجهزتهم وبرامجهم الحاسوبية لتكون الأكثر تطورًا والأفضل في سوق منتجات الذكاء الاصطناعي، ومن هؤلاء إيلون ماسك الذي افتتح حديثًا شركته الناشئة للذكاء الاصطناعي في حين أنه كان يحذر باستمرار من التطور السريع والمخيف لتقنيات الذكاء الاصطناعي المرعبة.
مخاوف البشر تجاه الذكاء الاصطناعي
يوجد الكثير من الأسباب الشائعة التي يخاف منها البشر منها
الذكاء الاصطناعي سوف يقضي على العالم
يدعي الكثير من الناس أن الذكاء الاصطناعي قادر على فناء البشرية إذا ما خرج عن السيطرة، ولكن هل يمكن حقًا للآلات الخروج عن سيطرة مصمميها؟
إن الذكاء الاصطناعي يُطور ويُبرمج من قبل البشر، فالأوامر والمهام تأتي جميعها من البشر، فلا يمكن لآلة تنفيذ الأمر دون برمجتها على ذلك من قبل البشر، ولا يمكن لآلة أن تعطي أمرًا لآلة أخرى أو أن تُعدل هذه الأوامر من تلقاء نفسها، ولو كان الأمر كذلك لما كان هناك نسخ كثيرة من شات جي بي تي -أحد أشهر نماذج الذكاء الاصطناعي- وما كان العلماء ليجروا كل هذه التعديلات على فترات متقاربة لإصلاح العيوب والأخطاء التي تحدثها الآلة، ففي النهاية الذكاء الاصطناعي لا يتطور إلا بالقدر الذي يسمح له البشر به.
الذكاء الاصطناعي سيفسد المجتمع
يدعي البعض أن الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يقوم بتسهيل نشر الأعمال المنافية للآداب والتي تشجع على العنف، كما أنه سوف يتيح للجميع إمكانية الوصول إلى مثل هذه الأعمال كمواقع الإباحية وتجارة الأطفال وغيرها من ذلك، ولكن في الحقيقة سوف نجد أن مثل هذه البرامج المبنية على الذكاء الاصطناعي مصممة لتفادي أي محتوى عنيف أو منافي للأخلاق، كما أنها تنتقد أساليب البحث أو الاستخدام التي تحتوى على مثل ذلك محتوى واصفة إياه "بغير اللائق" والذي لا تدعمه سياسات الذكاء الاصطناعي، وفي المقابل نجد أن منصات كمواقع التواصل الاجتماعي لم تصل إلى تلك الدرجة بعد في القدرة على منع المحتوى الذي يضم شتائم أو سب وقذف من الانتشار والوجود على صفحاتها.
الذكاء الاصطناعي سوف يؤدي لخسارة الجميع لوظائفهم
تلك الفكرة هي إحدى أهم الأفكار التي تُداول على الإنترنت، ويُبنى عليها المحتوى المعارض لنهوض ثورة الذكاء الاصطناعي في العالم، وفي الحقيقة، سوف نجد أن العكس صحيح تمامًا، فالذكاء الاصطناعي سوف يؤدي إلى زيادة ملحوظة في فرص العمل، إثر زيادة الإنتاجية بسبب استخدام الآلات في الكثير من مراحل التصنيع والإنتاج، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وبالتالي زيادة الطلب، وذلك الفائض في العائد إثر زيادة الطلب سوف ينتج عنه تصنيع منتجات أكثر، مما يعني مصانع وخدمات أكثر، مما يعنى فرص عمل ووظائف جديدة للبشر كل يوم.
وليس ذلك فقط، فالذكاء الاصطناعي قادر على زيادة المرتبات أيضًا، فالموظف الذي يعلم كيف يواكب التقنية ويتعامل مع الآلات الجديدة، يمتلك خبرة لا يملكها غيره مما يؤدي إلى زيادة في الأجر ورفع الحد الأدنى للأجور، فالوظائف المتوفرة في نظام اقتصادي ما ليست محدودة كما يرى الكثير من الناس، لأن الآلات لن تقضي على فرص البشر، بل يمكن للآلات فتح آفاقًا جديدة في مجال التوظيف.
وأخيرًا، يظل عالم التقنية والتطور التكنولوجي عالمًا مغلقًا وسريًا لا نعلم منه إلا ما يريدنا المتحكمين خلف الستار معرفته، فمهما سمعت ومهما علمت من أمور ينبغي عليك ألا تصدق أن كل شئ هو تمامًا كما تسمع أو تقرأ، فالحقيقة تصلك مُفلترة ومجملة قدر الإمكان، وربما ما يحاول البعض ترويجه على أنه آمن وجيد لمستقبلنا ما هو إلا باب لكوابيس مخيفة لا يسعنا رؤيتها إلا عندما ننام ونستسلم لوهم أن كل شئ على ما يرام !!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.