هل سيخسر مهندسو المعمار والديكور وظائفهم لصالح الذكاء الاصطناعي؟
حقق الذكاء الاصطناعي تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حتى أنه أصبح قادرًا على أداء العديد من المهام والأعمال الإبداعية التي كانت حكرًا على البشر فقط، كالبرمجة، والرسم، والديكور وغيرهم، لكن هذا التقدم السريع يثير الكثير من المخاوف بشأن السيطرة على العديد من الوظائف، إذ تنبأ بنك الاستثمار "Goldman Sachs" في مارس بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة على مستوى العالم في جميع الصناعات.
وتعد الهندسة المعمارية من بين أكثر الصناعات عرضة للخطر، إذ قدر الباحثون أن 37% من مهام الهندسة والهندسة المعمارية "يمكن تنفيذها بواسطة الذكاء الاصطناعي"، فهل حقًا سوف يخسر مهندسو المعمار والديكور وظائفهم لصالح الذكاء الاصطناعي؟ هذا ما سوف نعرفه في المقال التالي، لكننا سنعرف أولًا الدور الذي يقوم به مهندسو المعمار والديكور، وكيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في هذا المجال حاليًا؟
ما هو دور مهندسو المعمار والديكور ؟
منذ سنوات عديدة، كان المهندسون المعماريون يصممون الديكورات الداخلية أيضًا، لكن مع تطور التكنولوجيا والحياة الاجتماعية، ظهرت الحاجة إلى التصميمات الداخلية في أغراض مختلفة، ثم ظهرت تخصصات جديدة إذ يتعامل المهندسون المعماريون عادةً مع كل ما يتعلق بهيكل المبنى، ويركزون على المزيد من الجوانب التقنية مثل شكل المبنى، والاتجاه، والمواد، وما إلى ذلك.
بينما يركز المصممون الداخليون أكثر على الاحتياجات البشرية، ووظائف الفضاء، والجماليات، وعلى تخطيط المساحة، وإنشاء تصميمات متماسكة وممتعة من الناحية الجمالية للمنازل والشركات داخل بيئة مبنية أو هياكل قائمة، إذ يُصمم المصمم الداخلي غرف مختلفة لتناسب نمط حياة معين وتفضيلات صاحب المنزل، لأن العمارة الداخلية باختصار، "هي فن إضافة معنى إلى المساحة الفارغة".
أما مهندسو الديكور فهم أشخاص غير مصرح لهم بإجراء تغييرات على هيكل المبنى، لكنهم يتمتعون بحس فني ولديهم وجهة نظر واسعة حول الجماليات، ويساعدون العملاء حول تركيبات الألوان واختيار الأثاث وقرارات الملحقات لاستخدامها في الديكورات الداخلية.
كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في التصميم والهندسة المعمارية اليوم؟
يُستخدم الذكاء الاصطناعي حاليًا بالفعل في الهندسة المعمارية، إذ يُستخدم في عدة تطبيقات كبرامج أساسية في هذا المجال مما أدى إلى نقل الأداء الهندسي نقلة نوعية، وساهمت بتوفير الوقت والجهد جدًا، بالإضافة إلى توفير إمكانية العمل الجماعي وعن بعد على التصميم الواحد ومن خلال التخصصات الهندسية المختلفة.
وقد أتاحت مجموعة مواقع الاستفادة من تقنية الذكاء الاصطناعي في العمارة، وفيما يلي بعض تطبيقات واستخدمات الذكاء الاصطناعي في الهندسة المعمارية:
مواقع ذكاء اصطناعي تُستخدم للحصول على تصاميم
يعد موقع Midjourney وموقع DALL-E-MINI أشهر مواقع الذكاء الاصطناعي في الهندسة المعمارية، إذ تعمل هذه المواقع على إدخال وصف دقيق لكل ما يتخيله المهندسون أو المصممون للحصول على تصاميم دقيقة، إذ تقدم العديد من الاقتراحات للوصف الواحد.
ويمكن أن تكون هذا ميزة قوية لعصف ذهني للمفاهيم، هذه الصور مفيدة أيضًا للوصول إلى جمهور أوسع ويمكن استخدامها في المواد التسويقية والترويجية لتوضيح مفاهيم وسياقات التصميم الأساسية.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء
يُستخدم تطبيق Cove.tool لتصميم أداء المباني، وقد أسسه عالم البناء والمهندس المعماري سانديب أهوجا، إذ يُستخدم التعلم الآلي لتحليل كيف يمكن لتصميمات المباني تحسين استهلاك الطاقة والكربون، ومستويات ضوء النهار، وأكثر من ذلك.
أدوات ذكاء اصطناعي تُستخدم في التصميم الداخلي
تعد Interior AI أداة افتراضية للتصميمات الداخلية، إذ يمكن من خلاله تحميل وجه واحد من الغرفة وسوف يزودك بنماذج تصميم محسنة لذلك.
يزداد تطور الذكاء الاصطناعي بمرور الوقت، وينطبق الشيء نفسه على هذه الأدوات المذكورة أعلاه، وكلما زاد جذب المستخدمين لهذه الأدوات، زادت رؤى البيانات لديهم، وبالتالي زاد مستوى التطور الذي سوف يحصلون عليه في مخرجات عروض الخدمة الخاصة بهم، فهل سيحل الذكاء الاصطناعي محل المعماريين؟
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المهندسين المعماريين؟
من خلال الأدوات التي ذكرناها سابقًا وغيرها، سوف يساعد الذكاء الاصطناعي المهندسين المعماريين على اتخاذ دورًا تنظيميًا واسع النطاق بدلًا من الحفاظ على التحكم الدقيق في كل قرارت التصميم، إن المهندسين يحددون المعلومات، ويختارون ويتجاهلون الخيارات، ويقدمون المشورة والتوجيه للخوارزميات، ويُعد هذا تغيير جذري في كيفية ممارسة العمارة، إذ سوف يصبح الذكاء الاصطناعي أداة هامة لمساعدة المعماريين، لكن يعتقد العديد من قادة الصناعة في قطاع الهندسة المعمارية والبناء أنه من غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المهندسين المعماريين في قطاع الهندسة المعمارية والبناء.
وتوجد العديد من الأسباب التي تبرر عدم إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المهندسين المعماريين، أحد هذه الأسباب هي أنه يفتقر إلى المهارات المرنة التي لا مفر منها لتنفيذ مشروع معماري، بالإضافة إلى ذلك لم يؤدي الذكاء الاصطناعي حتى الآن دور مساهم مع عمال آخرين في مجال التصميم والبناء.
فعلى سبيل المثال، لن يكون العمال المشاركون في مشروع البناء على دراية كبيرة بالواجهة التعليمية الآلية، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، كما لن يكون عدم وجود أسئلة وإجابات مباشرة مناسبًا على الإطلاق لممارسات البناء الحالية.
كيف يرى الخبراء المنافسة بين الذكاء الاصطناعي والمعماريين؟
تعددت أراء الخبراء حول دور الذكاء الاصطناعي في الهندسة المعمارية، ومدى إمكانية توليه وظائف المهندسين المعماريين، وشملت ما يلي
سيمنح المهندسين إمكانية التركيز أكثر على المهام الإستراتيجية والإبداعية
أفاد توماس لين في إصدار مايو 2023 من مجلة "Building":"أن الذكاء الاصطناعي يستطيع تنفيذ 37٪ من أعمال المهندسين المعماريين والمهندسين، ومع ذلك من المحتمل أن يعني هذا أنه يمكننا تنفيذ المزيد من المهام العادية والتركيز أكثر على المهام الإستراتيجية والإبداعية، تمامًا مثل Revit، فإن مواصفات NBS الرقمية والنمذجة ثلاثية الأبعاد لم تتفوق على وظائف المهندسين المعماريين، ولكنها غيرت طريقة عملنا، فمن المرجح أن ينطبق الأمر نفسه على أدوات الذكاء الاصطناعي، وسوف تظهر أيضًا مهام جديدة تتعلق بإدارة الذكاء الاصطناعي".
وقال فيليب بيرنشتاين أيضًا، عميد مشارك وأستاذ مساعد في كلية ييل للهندسة المعمارية الذي شغل سابقًا مناصب عليا في شركة البرمجيات Autodesk وPelli Clarke Pelli Architects وألف كتابًا عن الهندسة المعمارية والذكاء الاصطناعي:"لقد أمضيت فترة طويلة بما يكفي لأرى موجات متعددة من التغيير التكنولوجي في هذا المجال، وهذا الجدال يحدث في كل مرة، فقد حدث ذلك أثناء بداية التصميم بمساعدة الكمبيوتر، وحدث أثناء نمذجة معلومات البناء BIM، والآن يحدث ذلك مع الذكاء الاصطناعي، لكن بطريقة ما يبدو دائمًا أننا ننجو من هذه الأشياء"
يجادل بيرنشتاين أنه حتى أفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تزال بعيدة كل البعد عن كفاءة مهندس معماري مؤهل، إذ قال:"أعتقد أن ما نقوم به كمهندسين معماريين معقد للغاية، ففي أفضل الأحوال يتعلق الأمر بإدارة مشكلة معقدة ومتعددة المتغيرات، وإصدار سلسلة من الأحكام الغامضة التي تتطلب مقايضات، وإذا لم نكن حتى في النقطة التي يمكن للسيارة أن تقود فيها نفسها، أعتقد أننا بعيدين عن النقطة التي يمكن أن يكون فيها الذكاء الاصطناعي مهندسًا محترفًا"
سيقلل من العمل لساعات طويلة
ترى المهندسة المعمارية المقيمة في السعودية ريم مصلح، والتي صنعت لنفسها مكانة رائدة في تصميم الذكاء الاصطناعي، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل العمل الإضافي بالتزامن مع تحول ثقافي أوسع بعيدًا عن العمل لساعات طويلة، وقالت:"بعد كوفيد، تغيرت أولويات الناس في الحياة جذريًا، لذلك آمل حقًا أنه مع الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يتيح لنا بالفعل هذه الفرصة للعيش بتوازن أفضل"
سيمنح الشركات الصغيرة ميزات أقوى
يوافق أيضًا جورج جويدا المؤسس المشارك لشركة "ArchiTAG" على أن التكنولوجيا لن تحل محل المهندسين المعماريين في أي وقت قريب، قائلًا:"سوف تتغير منهجيتنا التقليدية الحالية جذريًا، لكن لن نستبدلها، أعتقد أن المهندسين المعماريين لا يزالون بحاجة إلى البقاء في قلب الصناعة كونهم القادة في هذه العملية، لذلك أعتقد أن الإنتاجية ستزداد، دعنا نقول أنه سيكون لدينا المزيد من الوقت والمساحة للتصميم، أعتقد أن دور المهندس المعماري سوف يتطور ببساطة، لكن لن يُستبدل"
في حين يعتقد كلاهما أنه يمكن للمطورين استخدام الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف لتصميم أبسط المشاريع وأكثرها عمومية داخل الشركة، إلا أن برنشتاين وجويدا متفائلان بأن التكنولوجيا تقدم فرصة لاستوديوهات الهندسة المعمارية لفرض رسوم أعلى، قال برنشتاين:"إذا كان بإمكاني أن أقول للعميل أنني أستخدم هذه التكنولوجيا لأقوم بعمل أفضل، فربما يمكنني أن أتقاضى المزيد مقابل وقتي".
ويجادل جويدا أن ذلك قد يمنح الاستوديوهات الأصغر التي تسرع في تبني الذكاء الاصطناعي فرصة للتنافس مع الشركات الأكبر، قائلًا: "زيادة الإنتاجية تعطي فرصة كبيرة للشركات الناشئة لتحقيق ميزة تنافسية".
سيؤدي إلى انخفاض عدد المهندسين المعماريين في استوديوهات الهندسة
أما المصمم سيباستيان إرازوريز الذي يكتب كتابًا عن تأثير الذكاء الاصطناعي على المجتمع، فهو يزعم أن 90% من المهندسين المعماريين قد يفقدون وظائفهم بسبب الآلات، وقال إنه يعتقد أن التأثير الرئيسي سيكون في الشركات الأكبر، إذ يشير إلى أن حفنة صغيرة فقط من المهندسين المعماريين العاملين يقضون جزءًا كبيرًا من وقتهم في العمل الإبداعي.
ويجادل سيباستيان بأن فكرة أن الذكاء الاصطناعي سوف يُمكن كل هؤلاء المهندسين المعماريين من البقاء في وظائفهم، وببساطة قضاء المزيد من الوقت في استكشاف خيالهم هو مجرد أمنيات، قائلًا:"ما سيحدث على الأرجح هو أنه قد بدأ للتو تقليل حجم استوديوهات الهندسة المعمارية".
يبدو أن تعليقاته تتناغم مع تصريحات أدلى بها توم ماين مؤسس "Morphosis" في وقت سابق من هذا العام، إذ قال:"إن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى انخفاض عدد المهندسين المعماريين في الاستوديوهات الفردية".
"لا يمكنك الهروب منه"
بغض النظر عن آراء الخبراء حول التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي على الوظائف، اتفق كل الخبراء على أنه يجب على المهندسين المعماريين التعامل بطريقة استباقية مع التكنولوجيا، إذ قال بيرنشتاين:"إذا كنت ممارسًا صغيرًا، كنت سألعب بهذه الأشياء حتى أفهمها".
بينما قال إرازوريز:"لا يمكنك الهروب منه، عليك الركض نحوه، وإلا ستكون مثل هؤلاء الأشخاص الذين يرفضون امتلاك هاتف محمول، تحتاج إلى البقاء على اطلاع دائم، والتحقق من أحدث الأشياء التي تظهر ودمجها في فريقك أو عملك الخاص."
فيما تأمل ريم أن أي اضطراب في وظائف الهندسة المعمارية سوف يفوقه الفرص الجديدة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي قائلة:"المهندسون المعماريون الذين يقررون عدم تجاوز ممارساتهم المعتادة سيكونون بالتأكيد في خطر، إذا لم تتطور سوف تُستبدل، فهذه هي الطبيعة."
وتابعت:"لكن في نفس الوقت أنا متأكد من أن أولئك الذين يغتنمون اللحظة والفرصة سوف يحصلون بالفعل على وظائف أفضل وفرص أكثر"
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.