تعرّف على تقنية DeepFakes لتزييف الفيديوهات باستخدام الذكاء الصناعي
بمثل ما أشاد الكثيرون بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence، ومد ما يمكن أن تصل إليه التكنولوجيا في إيجاد حلول للكثير من المعوقات، نجد أنّ من كانوا يحذرون منه ومدى خطورته على البشر يبتسمون الآن؛ لأنّ إحدى المخاوف التي كانوا يحذرون منها ولو – خفيةً – قد بدأت بالظهور.
في أواخر العام الماضي، وتحديدًا في شهر ديسمبر ظهرت بعض مقاطع الفيديو الواقعية لبعض المشاهير من الممثلين في هوليوود في بعض الفيديوهات المسيئة – أفلام إباحية – في سابقة هي الأولى من نوعها، ليبحث المحللون من مدى مصداقية هذه الفيديوهات، ليجدوا أنّه قد تم صنعها وتطويرها بواسطة برامج التعلّم العميق Deep Learning، والتي هي أحدث موجة تقدم في عالم الذكاء الاصطناعي AI.
لينفجر الإنترنت بمقالات عن المخاطر التي يمكن أن تقدمها هذه الموجة، وخاصةً في مجالات تبديل الوجه لما فيه من مضايقة للأبرياء، ونشر الأخبار المزيفة، والإضرار بمصداقية أدلة الفيديو إلى الأبد.
واتفق الجميع على أنّ هذه التقنية الجديدة من شأنها أن تكون الموجة القادمة في مجال الأخبار الكاذبة Fake News، التي يحفل بها الإنترنت وخاصةً مواقع التواصل الاجتماعي، ليكون الوصول للحقيقة يزداد صعوبةً كلما تقدمنا في المجالات التقنية.
ما هو أصل القصة بالتحديد؟
افتُتح المشهد في غرفة بها أريكة بيضاء ونبات محفوظ بوعاء، ونوع من اللوحات الفنية الحديثة التي يمكن أن تراها على بعض الغرف أو على جداريات متاحف الفن الحديث، في الغرفة كانت جال غادوت Gal Gadot بطلة فلم Wonder Women، أو شخص بدا مثلها تمامًا، مرتديةً ملابس لافتة للأنظار تليق بمثل هذه الفيديوهات، مظهرةً ابتسامةً لا لبس فيها.
ذلك المشهد عزيزي القارئ مقدمة لفيديو ظهر في منتدى Reddit على الإنترنت، وعُرف باسم DeepFakes وهو فيديو زائف تم صناعته ببرامج الذكاء الاصطناعي، تم إنشاؤه باستخدام برنامج يسمى FakeApp، وتم تركيب وجه الممثلة الشهيرة على جسم الممثلة السينمائية الإباحية، كان التطابق – خارقًا – إذا لم تكن تعرف تفاصيل وجه الممثلة بشكل أفضل، فربما تعتقد حقًا أنّها هي ولا جدال في ذلك.
فما هي DeepFakes وكيف يعمل؟!
حتى وقت قريب، كان تركيب الوجوه أو إنتاج فيديوهات واقعية عن طريق الكمبيوتر عبارةً عن تقنية غالية الثمن، وبعيدة المنال عن أيدي الهواة والمصممين، ولا يتاح إلّا لمنتجي هوليوود ذوي الميزانيات الضخمة أو الباحثين أصحاب المهمات الخاصة والمميزة.
ولكن مع تقنية DeepFakes يبدو أنّ الأمر سيصبح سهلًا، وقد بدأ مجتمع من الهواة في تجربة FakeApp، وهو برنامج تم تصميمه بواسطة مطور مجهول يستخدم برنامجًا مفتوح المصدر طورته Google يجعلها مجانيةً وسهلةً نسبًيا، لتركيب أوجه على فيديوهات مثيرة، منذ ظهرت نسخة من التطبيق على Reddit في يناير، تم تنزيلها أكثر من 120،000 مرة.
يمكنك اعتبار هذا الإصدار إصدارًا متطورًا من برنامج Photoshop الشهير، ولكن بدلًا من العمل على الصور الثابتة فإنّ العمل هنا يكون على فيديوهات ومقاطع مصورة، في حالة Deepfakes لا يقوم البرنامج بمبادلة الوجه فحسب بل يطابق التعبير أيضًا، وإذا كان شكل جسم الشخص مشابهًا للغاية لشخصية الضحية، يمكن أن يبدو الفيديو الزائف حقيقيًا جدًا ولا يمكن تمييزه بسهولة.
وفقًا لمطور البرنامج – الذي رفض إعطاء هويته تجنبًا للملاحقة القانونية – يستند البرنامج على مكتبات مفتوحة المصدر متعددة مثل: Keras و TensorFlow، والتي توفرها Google مجانًا للباحثين وطلاب الدراسات العليا، وأي شخص لديه اهتمام بتعلم الآلة لتجميع وجوه المشاهير.
قال المطور أنّه استخدم خدمة بحث جوجل Google Search للبحث عن الصور، ومقاطع فيديو يوتيوب، مع العلم بأنّ “التعلّم العميق Deep Learning يتكون من شبكات من العقد المترابطة التي تدير الحسابات بشكل مستقل على بيانات الإدخال”، لإنتاج الفيديو المعني قام بتدريب الخوارزمية على مقاطع الفيديو الجنسية ووجه الممثلة، وبقليل من العمليات الفنية تم إنتاج فيديو مزيف احترافي لا يمكن تميزه بسهولة.
وبعكس التطبيقات التي تستخدم تبديل الأوجه لأغراض طريفة، فإنّ برنامج “FakeApp” يستخدم الذكاء الاصطناعي لإكمال ثلاث خطوات رئيسية هي: المحاذاة Alignment والتدريب Training والدمج Merging.
وبدلًا من وضع وجه واحد على آخر في الوقت الفعلي، يستخدم FakeApp مئات الصور الثابتة الإطار التي يتم سحبها من شريط فيديو أو محرك بحث، ويحفر خلال كل تلك الصور ويحدد الوجوه، ويحلل كيف يتم إضاءته وما هي التعبيرات التي يقوم بها، وما إلى ذلك، بمجرد فهم البرنامج للوجوه التي يعمل بها يمكنه استخدام كل “المعرفة التي حصل عليها” لربط واحدة على الأخرى لإنتاج فيديو أو مقطع بصري للشخص المعني.
ما هي أوجه خطورة هذا التوجه الجديد؟!
مع الانفجار الكبير للمعلومات، وعدم تعافي الجميع من ثورة الأخبار الكاذبة Fake News الذي اجتاح الإنترنت، ومحاولة الشركات التقنية بكل جهدها لمحاربتها، نجد أنّ هذا التطور التقني الجديد سيضيف مزيدًا من الأعباء للمستخدم البسيط في تمييز الحقيقي من الزائف في رحلة تصفحه للإنترنت.
فتزييف الفيديوهات والمقاطع المصورة لم يعد بتلك الصعوبة، بصرف النظر عن التحدي الفني، سيحتاج أي مبرمج هاوي أو شخص ما يريد مضايقتك أو التشهير بك على الإنترنت إلى صور كافية لوجهك على الإنترنت؛ لإنشاء مقطع وتركيب وجهك في بعض الفيديوهات، ونشره على الإنترنت.
حاليًا هنالك عدد من التطبيقات على متجر Google Play، ومتاجر Apple App التي تتيح لك مبادلة وجهك بشخص آخر، حتى سناب شات لديها واحد تطبيق لمبادلة الوجوه مع بعض الفلاتر، يستخدم الكثير من الأشخاص هذه الفلاتر لإنشاء مقاطع فيديو مضحكة على الإنترنت، لكن لا شيء من هذه تبدو حقيقيةً مثل تلك التي تم إنشاؤها بواسطة Deepfakes، وهنا تظهر خطورة هذا الأمر.
فالأمر قد لا يقتصر على بعض الفيديوهات التشهيرية أو المسيئة، فقد يتعدى هذا الأمر بشكل مخيف لاختراق خصوصية المستخدمين مع صورهم المنتشرة على الإنترنت، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.
هل هنالك قانون يجرم هذه التقنية؟!
“لا يوجد الكثير من الطرق القانونية لإنصاف ضحايا هذه التكنولوجيا الجديدة”، وفقًا لجوناثان ماسور Jonathan Masur الأستاذ المتخصص في قانون البراءات والتكنولوجيا في كلية الحقوق بجامعة شيكاغو حتى بالنسبة للمواطنين العاديين.
ويضيف قائلًا: “هناك مطالبة بحقوق الطبع والنشر إذا أخذت “لقطات” بنفسك، هناك ادعاء تشهير إذا حاول شخص ما أن يقول أنّه في الواقع أنت، وإذا كنت من المشاهير فهناك حق في المطالبة بالدعاية إذا حاول أحدهم كسب المال من هذا الفيديو”.
ويضيف أيضًا: “لكن كل واحد من هؤلاء هو مجرد شريحة ضيقة لما يحدث هنا، فالقضية لن يغطي الغالبية العظمى من هذه الحالات، يمكنك محاولة إظهار حالة تمثل شكلًا من أشكال التشهير إذا كنت تهاجم سمعة شخص ما، ولكن هذا أيضًا صعب جدًا؛ لأنّك بحكم التعريف لا تدعي أنّك تنشر صورةً مسيئةً لهذا الشخص”.
كما هو الحال مع العديد من التقنيات الناشئة، قد يكون الجزء الأكثر رعبًا غير مرئي حتى في هذه التقنية، ونتذكر جميعًا عندما انطلقت فيسبوك من حرم الجامعة، كان عدد قليل من الناس يتوقعون تحولها إلى ما هي إليه كمصدر أول لبث الأخبار الكاذبة والمفبركة.
مثل موجة “الأخبار المزيفة Fake news” التي أرعبت الإنترنت والمستخدمين، فإنّ عمق مثل هذه التقنيات يمثل جانبًا آخرًا على قدرة الإنترنت في خرق واقعنا الحقيقي، وإذا كان كل مقطع فيديو من المحتمل أن يكون مزيفًا، فلماذا نعتقد أنّ أي شيء آخر حقيقي؟!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
الحل الوحيد هو الاستعانة بخبراء ثلاثية ابعاد بامكانهم ان يميزو صورة ثلاثية ابعاد بصورة حقيقية
او يقومو برنامج اوتوماتيكي يكشف الاختلاف ويميز الحقيقي من المفبرك