ظاهرة تيكتوك.. هل ستصمد في الازدحام الافتراضي؟ وكيف استفاد ثريدز منها؟
5 د
برزت منصة تيكتوك كظاهرة على الساحة الرقمية وجذبت ملايين الشباب حول العالم. إذ تتميز هذه الشبكة الاجتماعية بفيديوهاتها القصيرة والمبتكرة لتصبح حديث الساعة منذ صدورها وحتى اليوم. إلا أنها تواجه التحديات الجديدة والفرص الممكنة في مشهد الإنترنت المزدحم. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستصمد تيكتوك في الازدحام الافتراضي؟ وكيف استفادت منصات أخرى مثل ثريدز من هذه الظاهرة؟
جاذبية تيكتوك بين الشباب.. ما السر؟
لم نكن نتوقع قبل سنوات قليلة أن تطبيق تيكتوك سيصبح مغناطيسًا قويًا يجذب الجماهير الشابة من جميع أنحاء العالم. ويمكن أن ينحصر السر خلف جاذبية هذا التطبيق في عدة عوامل منها: النموذج التفاعلي للمنصة الذي يمنح المستخدمين فرصة للتعبير عن أنفسهم من خلال مقاطع فيديو قصيرة ومبتكرة، وهو ما لاقى استحسانًا كبيرًا من قبل الجمهور الشاب.
يوفر تيكتوك منصة للتواصل مع الآخرين وتكوين مجتمعات حول الاهتمامات المشتركة. كما يضفي النموذج التكنولوجي الذي يستند إلى الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على التطبيق قدرة فريدة على تخصيص التوصيات للمستخدمين، والتي تبقيهم منغمسين لفترات أطول. لذا، يمكن القول إن تيكتوك قد وجد الخلطة السحرية ليصبح حديقة ترفيه رقمية للشباب في العصر الرقمي.
والتعلق القوي للشباب بتيكتوك يمكن أن يرجع إلى العديد من الأسباب:
- الإبداع والتعبير عن الذات: يوفر تيكتوك منصة تمكّن الشباب من التعبير عن أنفسهم بطرق مبتكرة ومرحة. إذ يمكنهم الإبداع بفيديوهات قصيرة بناءً على اهتماماتهم وشغفهم، مما يمكّنهم من الشعور بالانتماء والمشاركة.
- الجوانب الاجتماعية: يقدّم التطبيق طرقًا جديدة ومبتكرة للتواصل والتفاعل مع الآخرين. فبفضل المحتوى القصير، يمكن للمستخدمين الاستمتاع بمشاركة اللحظات والأفكار الطريفة، والتفاعل مع مجتمعات مختلفة.
- الجوانب الترفيهية: تيكتوك مليء بالمحتوى الترفيهي الذي يتيح للمستخدمين الاسترخاء والاستمتاع بوقتهم. مثل الرقصات الفريدة، أو التحديات المبتكرة، أو الأفكار الجديدة. يوجد دائمًا شيء جديد وممتع للتمتع به.
- تخصيص المحتوى: بفضل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يقدم تيكتوك تجربة مخصصة لكل مستخدم، حيث يعرض المحتوى الذي يمكن أن يهمه، وهو ما يعزز الانغماس والالتزام.
- الفرصة للشهرة: لقد رأينا العديد من الأمثلة على أشخاص صاروا مشهورين عبر تيكتوك. هذا الأمر يجذب العديد من الشباب الذين يرغبون في تكوين متابعة والوصول إلى الشهرة السريعة والمال السريع.
المنافسة في العالم الافتراضي.. هل تيكتوك قادر على الصمود؟
يتسم العالم الرقمي بالديناميكية والتغيير السريع، إذ تظهر منصات وتطبيقات جديدة تنافس على جذب انتباه المستخدمين واحتلال مكانة في أجهزتهم بشكل مستمر. لذا يعتبر تيكتوك من أكثر التطبيقات نجاحًا في السنوات القليلة الماضية، حيث استطاع أن يجذب الشباب بمحتوى ترفيهي فريد من نوعه وسهل الاستخدام. ولكن، هل يمكن لتيكتوك أن يحافظ على هذا التأثير في الوقت الذي يظهر فيه منافسون أقوياء مثل Instagram Reels وYouTube Shorts؟
وليصمد تيكتوك في هذه المنافسة هناك عدة عوامل يجب مراعاتها، أولاً: القدرة على التكيف مع التغييرات وتقديم ميزات جديدة ومبتكرة هي أمر حاسم للبقاء في العالم الرقمي. ثانياً: يعتبر الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الذي يستخدمه تيكتوك في توصيات المحتوى أمرًا أساسيًا في الحفاظ على انغماس المستخدمين. ثالثاً: التفاعل والتواصل بين المستخدمين يلعب دورًا مهمًا في تقديم تجربة اجتماعية فريدة تساهم في بقاء الناس على المنصة.
وعلى الرغم من أن التحدي كبير، فإن تيكتوك حتى الآن أظهرت قدرتها على الابتكار وتقديم تجربة مستخدم جذابة. ومع ذلك، فإن مستقبل تيكتوك مثلها مثل أي منصة رقمية أخرى ستعتمد بشكل كبير على قدرتها على التطور والتكيف مع المستقبل المتغير بسرعة.
كيف استفادت Threads من استراتيجية تيكتوك؟
تعتبر منصة تيكتوك مثالاً للابتكار في مجال الوسائط الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بتقديم محتوى مخصص بناءً على تفضيلات المستخدمين. أما ثريدز التي تم تطويرها بواسطة Meta الشركة المالكة لفيس بوك وانستغرام قد اقتبست هذه الاستراتيجية لزيادة الجاذبية والتفاعل في منصتها.
إذ تكمن أحد أساسيات نجاح تيكتوك في استخدامه للذكاء الاصطناعي لتقديم محتوى مُخصص يعتمد على اهتمامات المستخدم منذ اللحظة الأولى للدخول إلى التطبيق. وهذا النهج يعطي المستخدمين محتوى ذات صلة ومثير للاهتمام حتى وإن لم يكن لديهم أي متابعات أو اتصالات على المنصة.
استوحت ثريدز هذا النهج ونفذت استراتيجية مشابهة. فبدلاً من التركيز على التغذية الزمنية التي تقدم المحتوى بناءً على الزمن، اعتمدت على تقديم محتوى ذات صلة بغض النظر عن الاتصالات الاجتماعية للمستخدم. وبالفعل، تقدم ثريدز المحتوى حتى لو لم يتابع المستخدم أي شخص.
بالإضافة إلى ذلك، أجرت ثريدز أعمال استعدادية من خلال منح الوصول المستهدف للمشاهير والمؤثرين المعروفين، مما يوفر خوارزمية البيانات اللازمة للعمل. ويتيح هذا النهج تجربة مشابهة لتجربة تيكتوك، مما يجذب المستخدمين ويحفزهم على العودة مراراً وتكراراً.
المستقبل المتوقع لتيكتوك في الساحة الرقمية
تتغير الساحة الرقمية باستمرار، ومع ذلك يمكن توقع أن تيكتوك ستظل لاعب مهم في السنوات المقبلة. فبفضل نموذجها المبتكر والمحتوى الجذاب الذي يجذب الجمهور الشاب، تعد واحدة من المنصات المتفردو الأكثر نجاحًا في السنوات القليلة الماضية. إذ تقدم تيكتوك تجربة فريدة من نوعها للمستخدمين، مما يتيح لهم الفرصة للإبداع والتفاعل مع المحتوى بطرق جديدة.
على سبيل المثال: على الرغم من الإقبال الكبير على منصة ثريدز وتسجيل الملايين فيها في غضون أيام قليلة، لم تمر إلا بضعة أيام على انخفاض النشاط فيها وملل الناس منها واعتبارها منصة عادية مشابهة للعديد من المنصات الموجودة من دون شيء مميز، مما جعل الكثيرون يتوقعون أنها فقاعة تكنولوجية ستنفجر قريبًا من دون ترك أثر يُذكر.
وبالنظر إلى المستقبل، من المحتمل أن تيكتوك ستواصل النمو والتطور. فبالرغم من القيود التنظيمية والمخاوف الأمنية في بعض البلدان، لا تزال تمتلك تيكتوك فرصة لتوسيع قاعدة المستخدمين وتقديم خدمات جديدة لجذب جمهور أكبر. أما ثريدز "التريند الجديد" لديها فرصة يتيمة لاستغلال البنية التحتية القوية لـ Meta والشبكة الواسعة من المستخدمين لتحدي تويتر وغيرها من الشركات الكبيرة في الساحة الرقمية.
في النهاية، لا شك أن تيكتوك غيرت الطريقة التي نتفاعل بها مع الوسائط الاجتماعية. لكن هل ستتمكن من البقاء في الازدحام الافتراضي؟ هذا ما يتوقعه الجميع، ولكن الإجابة لن تكون واضحة حتى نرى كيف ستتطور الأمور في السنوات المقبلة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.