من المستحيل إنشاء ذكاء اصطناعي غير متحيز.. لكن ما السبب؟
4 د
يميل البشر إلى الثقة في الآلة واعتبارها أكثر دقة وعملية من النتائج التي يبنيها البشر، ولكن بقليل من التفكير والبحث في الأمر، سنجد أن نتائج تلك الآلة أو الذكاء الاصطناعي هي من صنع وتحليل البشر كغيرها من باقي التقنيات. وأينما تواجدت العيوب في طريقة تفكير الإنسان وتحليله للأمور، فإنها بالتأكيد سوف تتواجد في الآلة التي هي نتاج العقل البشري.
ومن أكبر تلك العيوب التي يحاول المبرجمون بشتى الطرق إقصاءها إلى الآن هو التحيز وعدم الدقة في النتائج الصادرة من بوتات الذكاء الاصطناعي. إذ تخبر الإحصاءات الصادرة من فوريستر أن بحلول عام 2025 سوف تعتمد جميع المؤسسات على الذكاء الاصطناعي في عملها، فماذا لو استمرت تلك النتائج المتحيزة في الظهور وتضليل الشركات والمؤسسات الكبرى؟
بيانات كبيرة تحيز أكبر.. ما هي التحديات التي يواجهها عالم الذكاء الاصطناعي؟
تتعدد أنواع التحيز التي يقوم بها الذكاء الاصطناعي كما يختلف تحيز البشر نحو بعضهم البعض، فهناك التحيز نحو العرق والجنس والدين وأخيرًا الأحزاب السياسية. وتلك الأخيرة تشكل مشكلة حقيقية بالنسبة للشعب الأمريكي، حيث قد تساهم هذه الخوارزميات في تشكيل الرأي العام السياسي في أمريكا بشكل أو بأخر.
فبرامج الذكاء الاصطناعي المطورة من قبل شركة OPenAl على سبيل المثال، تشكل الرأي اليساري التحرري في أمريكا، بينما يشكل بوت الذكاء الاصطناعي الذي يتم تطوير من قبل شركة ميتا التابعة لمارك زوكربيرج تشكل الحزب اليميني الاستبدادي في البلاد، وذلك طبقًا لدراسة أجرتها 3 جامعات أمريكية كبرى منها جامعة واشنطن. وفي عالم موازي، يدعى مارك زوكربيرج أن بوت الذكاء الاصطناعي الذي ستطلقه شركتة الناشئة قريبًا سكون بوتًا باحث عن الحقيقة أو كما يسميه "TruthGPT".
أما عن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتنا اليومية، فهناك الكثير من المخاطر والآثار الكارثية التي قد يحدثها التحيز الآلي على البشر. ففي دراسة أجرتها جامعة بيركلي في الولايات المتحدة على خوارزميات الرهان العقاري وجد أن الذكاء الاصطناعي يفرض فوائد بنسب زائدة على كل من اللاتينيين وذوي البشرة السوداء الذين يرغبون في الاقتراض.
دراسة أخرى أجريت في أمريكا على أنظمة التعرف المستخدمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وجد من خلالها أن الحاسوب يتعرف بشكل خاطئ على ذوي البشرة السمراء، مما قد يؤدي إلى اعتقال الكثيرين منهم بشكل خاطئ. وفي مجال الأعمال، فإن أي خطأ قد ينتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل قد يؤدي إلى خسائر فادحة وغرامات في مجالات كالتداول وتوقعات الأسهم.
الشركات غير قادرة على منع التحيز في أنظمتها
على الرغم من التطور التكنولوجي الذي يشهده عصرنا الحالي، ومدى التغيير القادر على إحداثه في حياتنا، لازالت أمور كالتحيز وعدم الدقة التي يعاني منها البشر تقف عقبة في سبيل ذلك التطور. يقول تشان بارك الباحث في جامعة كارنيج ميلون في أمريكا والحاصل على درجة الدكتوراة في علوم الحاسوب: "نحن نعتقد أنه لا يوجد نموذج لغة يخلو تمامًا من التحيز السياسي" ويقصد بنموذج اللغة هنا الطريقة التي تبرمج بها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مقولة كتلك تعد صدمة للشعب الأمريكي الذي يؤمن بشدة في التكنولوجيا وما تحدثه به الحواسيب.
ويرى العلماء بشكل عام أن القضاء على التحيز في الآلات بل وفي كل شئ أمرٌ غير محتمل، ولكن السعي إلى الحد من تأثيره ومراقبة ما يخبرنا به الذكاء الاصطناعي باستمرار مع استبعاد المعلومات المتحيزة وغير الدقيقة هو أفضل ما يمكننا القيام به.
على الشركات التحلي بالمصداقية بشأن ما يمكن وما لايمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها القيام به، وإطلاع المستخدمين على مواطن التحيز التي قد يصادفها المستخدم أثناء بحثه على البوت. بتلك الطريقة يتمكن المستخدم من الاستعانة بالمعلومات المعروضة عليه يوميًا دون الوقوع في فخ التحيز أو التأثر بأفكار غيره التي زودت الآلة بمعلومات غير موضوعية.
أثر التقليل من التحيز الآلي في إنقاذ الكوكب
يواجه العالم اليوم الكثير من التحديات الخطيرة والمقلقة لكثير من علماء المناخ والزراعة. فمشاكل كتغير المناخ، نقص الموارد الغذائية وشح المياه بإمكانها أن تثير حروبًا ونزاعات قد تقضي على البشرية. وقد يعمل الذكاء الاصطناعي على إيجاد الحلول لتلك المشكلات في المستقبل إذا ما تم العمل على تطويره وفقًا لخوارزميات مبنية على إحصاءات ومعلومات دقيقة وغير متحيزة لحكومة أو جهة ما.
وقد أبدى الذكاء الاصطناعي نتائج ملموسة في تحسين المحاصيل الزراعية، والرفع من جودة المزروعات وقدرتها على مقاومة عوامل كالطقس الجاف والآفات الزراعية. كما يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل نوع التربة وتحديد المواد الكيميائية الأفضل طبقًا للنبات المزروع والتربة المستخدمة. وقد ساهمت هذه النتائج المذهلة للذكاء الاصطناعي في جعل مهنة شاقة ومكلفة كالزراعة أكثر سهولة ونجاح؛ حيث تشجع الكثير من المواطنين الأمريكيين لامتهان الفلاحة، وتم إنشاء 200 شركة ناشئة للزراعة بمساعدة خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وذلك فقط في أمريكا
في النهاية، حتى يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على خدمة البشرية يجب أن يكون القائمين على صناعته وتطويره مدركين لأهمية تطوير مثل هذه التكنولوجيا ومدى الفائدة التي قد تعود على عالمنا؛ إذا ما تمكننا من جعل الذكاء الاصطناعي مصدر بيانات عالمي ضخم، يمكننا الاعتماد عليه في التعلم والتطوير وحل مشكلات الكوكب، والتي سببها الجهل والطمع والتحيز، الأمور نفسها التي قد تسببها تقنية مثل الذكاء الاصطناعي إذا ما تم استخدامها لخدمة جهات خاصة وجماعات على حساب المصلحة العامة في الحصول على مستقبل أفضل.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.