ماذا تتعلم من الكتابة على مدونة مثل أراجيك ؟

أراجيك
محمــد فضــل
محمــد فضــل

8 د

عام كامل قد مر على انضمامي لاسرة أراجيك ، أذكر ذلك اليوم جيدًا وكأنه بالأمس، يوم التاسع من فبراير عام 2014، أتسكع مع بعض الأصدقاء بالخارج في وقت متأخر من الليل – كالعادة – ونحن نتبادل الضحكات والنقاشات الهامة وغير الهامة.

كنا للتو خارجين من أحد المقاهي وفي سبيلنا للعودة إلى منازلنا، حتى قاطع حديثي تنبيه على الهاتف، فقمت بالتقاطه لأجد أحد الأصدقاء قد قام بالإشارة إلى اسمي Mention في تعليقه على منشور لأحد الصفحات على فيسبوك، ويقول لي في التعليق: هل هذا أنت؟

“أنا ماذا بالضبط؟” فكرت لوهلة ثم تذكرت بأنني لم أرى المنشور بعد، فنظرت للمنشور لأجده مألوفًا بعض الشيء… بل مألوفًا بشدة! إنه مقالي الذي قمت بإرساله إلى مجلة أراجيك منذ بضعة أيام وقد تم نشره على موقع المجلة وعلى صفحتها على فيسبوك! وهو كان أول عمل لي على المجلة وتستطيع الاطلاع عليه من هنا:

ضربات قلبي تتسارع، لا أصدق عيناي، أول عمل كتابي لي يرى النور على أحد أكثر المواقع التي استمتع بمتابعتها دوريًا وأستفيد من مواضيعها شخصيًا. من فرط الفرحة كدت أرقص طربًا في منتصف الطريق..

ثم ناديت على أصدقائي الذين كانوا قد تركوني اتصفح هاتفي بحرية لأخبرهم بما حدث والانفعال يبدو على ملامح وجهي ويتواثب ككنغر استرالي وسط الأحراش، فهنئوني وهم فرحون لأجلي، ثم استأذنتهم للعودة مسرعًا إلى المنزل لأستوعب المفاجأة بهدوء بعدما كنت قد نسيت أمر إرسالي لمقال تمامًا.

لن استمر في سرد تفاصيل شخصية أكثر من ذلك، ولكن لتعلم عزيزي مرتاد أراجيك بأن هذا اليوم كان نقطة تحول في مجرى حياتي بالكامل، وتغييرًا لخطط مستقبلية إلى مستقبل أفضل مما كنت قد رسمته بالفعل.

وسأتناول في هذا المقال ما يهمك حقًا وما يمكنك أن تستفيد منه من خلال خبرتي المتواضعة التي اكتسبتها لمدة عام من العمل مع أراجيك، حتى ما إذا كنت تود الالتحاق بها أو بمدونة مشابهة – إن وجدت – فتعلم ماذا تتوقعه من العمل بها وما الخبرات التي تستطيع اكتسابها منها.

سعة الاطلاع

ما يميز أراجيك هو أنها مجلة متعددة المجالات ومتشعبة، ليست متخصصة في مجال معين، فهي تتناول جميع الموضوعات الممكنة التي من شأنها الارتقاء بمستوى الفكر والثقافة العربية في أي مجال، حتى أنني استغرب من بعض الأشخاص حول اعتبارهم أنها مجلة تقنية لمجرد وجود كلمة Geek في الأمر!

شمولية المجلة جعلت الكاتب بها يحب الاطلاع الدائم على كل جديد حتى يستطيع إفادة القارئ، فهناك الكتاب المتخصصون الذين زاد اطلاعهم في مجالهم أكثر ليقدموا معلومات أفضل وأدق وأحدث، وهناك من هم مثلي، لهم ميول معينة في الكتابة – بالنسبة لي الكتابة التقنية – ولكنهم يحبون الاطلاع على مجالات أخرى أيضًا، فهنا تكون المجلة دافعًا قويًا لسعة الاطلاع في جميع المجالات.

وطالما لديك أسلوبًا جيدًا في الكتابة وتوصيل المعلومة، فلمَ لا تقدم معلومة جديدة – طالما كانت دقيقة وصحيحة – حتى وإن لم تكن في مجالك الأصلي لتفيد بها القارئ؟ حتى أنني قد كتبت من قبل عن أطباق للـ ( Geeks ) تجلب السعادة وتساعد على التركيـز!، وعن 10 فصائل من أحد أجمل الكائنات البحرية “نجمة البحر”، وهو بعيد كل البعد عن مجالي الأصلي، ولكن لمَ لا؟ لقد أبحرت مع أراجيك في عوالم لم أكن أتخيل أن أرتادها، ولقد استفاد من تلك المقالات عدد من قرأوها، وأنا قد استفدت من اطلاعي على معلومات جديدة قدمتها للقارئ في صورة مقال.

حرية الرأي

مقالات الرأي هي أحد أنواع المقالات التي تدعمها أراجيك، فأنت ككاتب لك مطلق الحرية في سرد رأيك في أمر ما للقراء، وهذا بالتأكيد لا يمثل رأي أراجيك ككل، بل هو رأي كاتب المقال فقط..

حتى أنه هناك ذاك التنويه الموجود أسفل كل مقال لتوضيح هذا الأمر “المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي أراجيك“، وهذا بالتأكيد ما لم يكن مقالك يتعدى الخطوط الحمراء في ازدراء فئة أو فصيل أو ديانة معينة.

ولقد كنت – ولا أزال – أحد محبي كتابة هذا النوع من المقالات لأنها تعتبر متنفس لديّ حول بعض الأمور التي أؤيدها أو أعترض عليها، وإن كنت شخصيًا أعترض أكثر مما أؤيد، لأن حافز الكتابة وقت الاعتراض أقوى بكثير من الحافز وراء التأييد، لذلك فستجدني قد كتبت عددًا لا بأس به من المقالات من هذا النوع مثل المزيد من هراء “الفيسبوك”!.

لذلك إن كنت تود طرح رأيك في موضوع ما، فإن أراجيك ستعطي لك حرية الرأي، حتى أنه إن وُجد كاتب أخر يتناول نفس الموضوع بوجهة نظر مخالفة لرأيك، فسيتم نشر رأيه كذلك بلا أدني مشكلة، فجميعها أراء تحتمل الصواب والخطأ، وللقارئ حرية تبني الرأي من رفضه.

تقبل النقد

أحد الدروس القاسية التي عليك تعلمها ككاتب هو تقبل النقد الشرس لموضوعاتك من القارئ، فليعلم أي كاتب جديد بأن الحياة ليست وردية بالصورة التي يتخيلها، ليست كل كلمة ستكتبها ستقابَل بالتصفيق الحاد وعبارات الإعجاب من القراء..

بل لقد وقفت بقدميك فوق قطع فحم مشتعلة، وعليك أن تتصرف كرجل نبيل Gentleman وألا تتقافز كالبرغوث، ولذلك فيجب عليك تقبل النقد البناء بصدر رحب ومناقشته إن أحببت حتى وإن كان قاسيًا، ودعك من التعليقات السخيفة التي لا تزيد عن كونها استخدام خاطئ لحرية التعبير.

فالنقد البناء هو ما سيوجهك للأفضل في مقالاتك القادمة بينما النقد السلبي سيقوم بعمل ضجيج فارغ لن يصيبك إلا بصداع، وأحد مقالات الرأي التي تعلمت من خلالها تقبل النقد والتفرقة بين هذين النوعين من النقد هو المقال الشهير الذي أحدث ضجة وقت صدوره فاقت ما يحتمله من الأساس وهو لعنة الـ Selfie!، فأنا عندما انتقد في مقالاتي انتقد بشدة، وبعنف، وبسخرية كذلك، وهو أسلوب معروف في الانتقاد ولكن ليس الجميع يتقبله.

ولكن عندما تهاجم توجه عام Mainstream يكون الموضوع أصعب بكثير، وهو ما يتضح من تقبل القراء لهذا المقال، اللعنات والدعوات تنهال فوق رأسي، لأنهم لحساسية الموضوع إليهم فهموا بأنني أهاجم موضة السيلفي بعينها..

بينما أنا انتقد من يتبع الموضة لمجرد أنها موضة فقط بأسلوب ساخر (ولعل فيديوهات Dubsmash مثال آخر على ما أريد قوله)، لهذا فإن مقالات الرأي هي أكثر المقالات التي ستنمي لديك تقبل النقد مهما كانت قسوته.

تعاون فريق العمل

منذ بدأت العمل مع أراجيك وتسود روح المودة والتعاون بين أفراد فريق العمل، كتابًا كانوا أو إداريين، يتم طرح أفكار للموضوعات بيننا حتى ما إذا أراد كاتب ما تبني كتابة مقال حول أحد تلك الموضوعات يستطيع ذلك..

فهناك أوقاتًا تمر عليك ككاتب تشعر فيها بالخواء الفكري، لا تجد ما تكتبه، وتفتقد ضربات أصابعك المتحمسة فوق لوحة المفاتيح، فيكون هذا الأمر ملجأ لكل من لا يجد موضوعًا للكتابة عنه.

هناك معلومة ما تفتقر إليها للانتهاء من مقالك؟ هناك معلومة غير مؤكدة تخاف أن تضعها بمقالك فيتبين خطأها فيما بعد لتشعر بفداحة كتابة معلومة خاطئة للقارئ الذي استأمنك على دماغه؟ لن تتوانى في أراجيك على أن تسأل أحد زملائك ذوي الخبرة في مجال مقالك عن معلومة أو صحتها..

فليس هناك ذلك النوع من “الغيرة” أو مبدأ “لماذا اساعده لكي يتفوق مقاله عن مقالي”، هناك تسعد بصحبة أفضل أخوة وأصدقاء وزملاء من الكتاب المبدعين الذين يبادلونك نفس الشعور بدون تزييف ولا ادعاء.

التنافس يخلق التطوير

ليس معنى أن هناك روح تعاون ومودة بين أفراد الفريق ألا يكون هناك منافسة! فالكل يحاول أن يقدم أفضل ما لديه سعيًا لإفادة القارئ قدر المستطاع، حتى أنني أعترف بأن هناك بعض الزملاء الذين أعتز بمعرفتهم وعلاقتي الطيبة بهم..

كانوا سببًا في تحفيزي لتطوير نفسي وأسلوبي ومعلوماتي أكثر وأكثر، فأنا – بعيدًا عن الزمالة – أحد المعجبين الشخصيين بمقالاتهم وأسلوبهم، الأمر الذي يجعلني أحاول أن أكون أفضل وأحسن.

في النهاية كل هذا يصب في مصلحة القارئ، وبالتالي يزداد تعلقًا وشغفًا بمجلتنا المحبوبة لما يجده من مستوى متميز في تناول الموضوعات، وحرفية في الطرح، فتجده يستمتع بالمقالات الخفيفة مثل مقالي هذا  أو بالمقالات الأعمق مثل مقالي ذاك

المعاملة الحسنة ومعاونة المستجدين

عندما تلتحق بالعمل في أراجيك لن تكون وحدك، لن تعاني من عدم استطاعتك فعل شيء ما أو عدم فهمك لشيء أخر، بل ستجد تعاون تام إلى أقصى الحدود، سيتم الأخذ بيديك خطوة بخطوة إلى أن تصل إلى الاحتراف وعدم الحاجة إلى مساعدة بأي شكل، بداية من فنيات الكتابة والنصائح الواجب اتباعها لإخراج مقالك بشكل جميل ومنسق، وحتى التعامل الاحترافي مع الموقع، الأمر الذي يؤهلك في النهاية لافتتاح مدونتك الخاصة إن أردت.

كل هذا وسط جو من الاحترام في المعاملة من الجميع، فعندما تخطئ سيتم تنبيهك للخطأ لتتحاشى ارتكابه مرة ثانية وتتعلم منه، ولكن هذا بدون انتقاص من قدرك ككاتب، فتجد نفسك تحب العمل بالمجلة بدون قصد لما تجده من بيئة عمل مريحة تسعد بوجودك بها.

التركيز على الكاتب

أغلب المواقع والمدونات عندما يلتحق الكاتب بها يكون التركيز بالكامل على اسم الموقع، ويتضح ذلك في معاملة القارئ له، فتجده يتحدث عن الموقع ككل في تعليقاته أو في ذكره له في أي مناسبة، فيكون النصيب الغالب للشهرة للموقع ويرجع له كل النجاح الذي يحققه الكتاب الذين يندثرون تحت اسم الموقع.

بينما في أراجيك الموضوع ينقسم إلى قسمين (المجلة – الكاتب)، يتحدث القارئ عن أراجيك بشكل عام، ولكنه في نفس الوقت يعرف الكتاب بأسمائهم ويفضل بعضهم على البعض الأخر، ويخاطبهم ويتابعهم عبر حساباتهم على الشبكات الاجتماعية المختلفة ليتواصل معهم، مما يساهم في شهرة الكاتب وبناء سمعة طيبة له تتيح له العمل الحر فيما بعد، حيث يكون قد اكتسب جمهورًا محبًا لكتاباته وأعماله.

الانتماء

نتيجة طبيعية لكل ما سبق أن تشعر بانتماء لا مثيل له لأراجيك، مهما ستبتعد عنها فهي الأساس، ستعود لها مهما كانت انشغالاتك ومسئولياتك، ليس لأنك ملزم، بل لأنها متنفسك، ستكتب ما تشاء، في أي مجال تحب، وستجد صدى ما تكتبه وسط قراء مخضرمين ومثقفين، ستتعلم من انتقاداتهم، وتسعد لتشجيعهم وتستمر للأفضل، وستحافظ على تواصلك مع فريق العمل الرائع هذا.

لقد اخترت عنوان ماذا تتعلم من الكتابة على مدونة مثل أراجيك لأنني أعلم جيدًا بأنه لم يوجد مثلها قط، فإن كنا نستطيع إقامة جمهورية أراجيك، فأعتقد بأنني أول من سيطلب التمتع بجنسيتها، ليكون نشيدها الوطني هو…

#‏وعقدنا_العزم_أن_تحيا_أراجيك

بالتأكيد ليس هذا كل شيء، ولكن هذا ما أسعفتني ذاكرتي المتطايرة به، وسأسرد المزيد حال ترتيب المزيد من الأفكار، وكل عام وأراجيك وأنا وأنتم بخير 🙂

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

أنا أتمنى ان اكتب لكن لا اعرف من اين ابدا ومن اين اجلب موضوع المقال كيف استطيع ان ابدأ

وأنا عقدت العزم أن أحيا مع أراجيك…شكرا لكل القائمين على بناء واستمرارية أراجيك.

مقال رائع ومحفز للكتابة, استفسار هل يمكن المشاركة بمقالة منشورة من قبل على مدونة أخرى؟

مدونتي المفضلة أراجيك فعلآ أروع مدونة تابعتها منذ عام وأنا الآن أتابعها يوميآ، وقريبآآ بإذن الله سأكتب فيهاا!

بصراحة موضوع ممتع شيق ولذيذ … الأهم أني استفدت من المواضيع الجانبية في هذا الموضوع ربما أكثر من الموضوع نفسه … شكرا جزيلا لك

شكرا لجهودكم الراااائعة .. جزاكم الله عنا خير الجزاء 🙂

افضل مدونة واروع كتاب <3 الحمدلله على وجودكم

اتمنى لك المزيد من النجاح وللمجلة الرائعة المزيد من التقدم

انت في الموقع الان !!!

انت في الموقع الان !!!

تشبه حالتي عندما نشرت مقال لي هنا 🙂

كل التحية لك كيف نستطيع التواصل او محاولة العمل في أراجيك اين موقع المجلة؟؟؟

مقال رائع
وان شاء الله بننقبل بينكم بيوم

#وعقدنا_العزم_أن_تحيا_الجزائر

وعقدنا العزم أن تحيا اراجيك
Cool
أحسنت أخي واصل اتحافنا بافكارك

ذو صلة