🎞️ Netflix

لماذا انقرضت الديناصورات ولم تنقرض بعض الحيوانات التي عاصرتها؟

لماذا انقرضت الديناصورات ولم تنقرض بعض الحيوانات التي عاصرتها؟
نور حسن
نور حسن

6 د

تخيل أن تستيقظ في يوم مشمس ولطيف وتستعد للخروج من المنزل لملاقاة أصدقائك وممارسة حياتك الطبيعية، فجأة ودون أي سابق إنذار تلاحظ جسمًا كبيرًا يقترب من كوكب الأرض ويصطدم بها مشكلًا حفرة مهولة، لربما يكون هذا ما حدث مع الديناصورات قبيل لحظات من انقراضها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تنقرض الحيوانات التي عاصرت الديناصورات معها؟

لنستطيع الإجابة على هذا السؤال علينا أن نعود إلى الوراء "كثيرًا" و نفكر بمنطقية ما الذي حدث مع الديناصورات منذ 66 مليون سنة مضت، عندما اصطدم الكويكب الذي غير وجه الأرض وسكانها.


بداية نهاية عصر الديناصورات

قبل ملايين السنين احتلت الديناصورات الأرض وكانت أكبر وأعظم كائن فيها، وتطورت لأنواع عديدة منها ما يمكنه الطيران أو السباحة ومنها ما اقتات على اللحوم أو النباتات، لكن ولحسن الحظ لم تدم امبراطورية هذا الكائن العملاق وتمكن كويكبٌ ضخم بقطر 20 كم من إنهاء وجودها على هذه المعمورة، فكيف انتهت قصة أضخم كائن سكن الأرض؟

منذ 66 مليون سنة اصطدم النيزك العملاق بقوة في منطقة بالقرب من المكسيك الحالية دون سابق إنذار وتمكن من القضاء على عدد هائل من المخلوقات الحية منها أنواع كاملة من الديناصورات باختلاف أحجامها، بما في ذلك الديناصورات البرية والزواحف البحرية مثل الموسسورس والديناصورات الطائرة، لكن هذا التغير البيئي الهائل لم يصب جميع أنواع الكائنات الحية بنفس النسبة وكان هناك اختلاف كبير في معدلات البقاء بين الديناصورات والثدييات والحشرات بالإضافة للأنواع البحرية وأقاربها في المياه العذبة وبالتأكيد كان له أثر مدمر على النباتات، فكيف تمكنت بعض الكائنات الضعيفة من النجاة مقارنة مع الديناصورات العملاقة ذات القوة العظيمة، على الرغم من أنها كانت تعيش معها على نفس الكوكب؟


تغير سطح الكوكب وظهور بيئات جديدة

لنعد قليلًا إلى أسوأ لحظة مرت على الديناصورات وهي لحظة اصطدام النيزك العملاق الذي تسبب بظهور أكبر حفرة في تاريخ الأرض ونتج عنه انتشار سحب مهولة من الرماد والغازات السامة وحرائق مدمرة تسببت في حجب ضوء الشمس بالإضافة لموجات تسونامي التي دمرت ما بقي من حياة على السواحل، كما ارتفعت درجة حرارة الأرض بسبب زيادة نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو وتسممت التربة بفعل المعادن التي نشأت من الاصطدام، دون أن يعرف أحد متى ستتمكن الأرض من شفاء نفسها.

على الرغم من قوة الاصطدام الذي يعادل ملايين القنابل المضيئة تمكنت بعض الكائنات من النجاة وخاصة تلك التي تعيش في الجحور وبعض أنواع الطيور والحيوانات البحرية وخاصة الموجودة ضمن البيئات العذبة، أي أن الحيوانات المحظوظة التي تمكنت من النجاة من درجات الحرارة أو الحطام لا يزال أمامها أن تتأقلم مع البيئة الجديدة ومواجهة السلسلة الغذائية المتهالكة، وخاصة نقص الغطاء النباتي والأوكسجين، وبذلك فإن أول المتأثرين هي الحيوانات العاشبة، فكيف تمكنت بعض الكائنات من النجاة؟

يقول عالم البيئة المائية ويليام لويس إن الحيوانات الناجية تقسم حسب حجم الجسم ومتطلبات الغذاء فالحيوانات العاشبة التي تزن أقل من 100 غرام أو لا يتعدى طولها 10 سم ماتت من الجوع بسبب اختفاء الغطاء النباتي لمدة تقدر بين 3_6 أشهر بسبب انتشار السحب الدخانية وانعدام الظروف الملائمة لحياة النبات، بينما ماتت الديناصورات الكبيرة اختناقًا بسبب نقص الأوكسجين وتمكنت الحيوانات الأصغر حجمًا من النجاة لأنها لا تحتاج كميات ضخمة من الأوكسجين كونها تتغذى على كميات أقل. 


كيف نجت الثدييات؟

على الرغم من الظروف البيئية القاسية واستحالة العيش على الكوكب المُحتضر تمكنت بعض الأنواع من الحيوانات والكائنات الأخرى مثل التماسيح والسلاحف والثدييات الصغيرة من النجاة من أكبر عملية انقراض جماعي بسبب طبيعة حياتها التي تعتمد على الجحور وفترات السبات الطويل خلال فصل الشتاء، كما أن تواجد بعضها في البيئات المائية خفف بشكل أو بآخر من وطأة الحدث.

يقول العلماء إنه لا يوجد دليل كافٍ على أي من النظريات التي يطلقونها لأن معظم ما يعرفونه عن العصر الطباشيري و مرحلة انقراض الديناصورات جاء من الحفريات في أمريكا الشمالية بالقرب من مكان الاصطدام، لذلك فإن حوادث الانقراض الجماعي في المناطق الأخرى من العالم خلال تلك الفترة لا تزال غير مفهومة.

في الحقيقة لم تنجُ جميع الثدييات، وكانت هناك مجموعة كبيرة هلكت مباشرة بعد الاصطدام أو تضاءل عددها بعد وقت قصير من الحدث مثل triconodontids و spalacotheroids و dryolestids و multituberculates وهي أنواع كانت سائدة بشكل كبير في العصر الطباشيري.


الكائنات الناجية

لا يمكن عند الكلام عن حيوانات عاصرت الديناصورات ولم تنقرض أن نفوّت الحديث عن أشهر قريب للديناصورات وهي التماسيح، حيث يعتقد العلماء أن هذا الكائن تمكّن من النجاة بسبب نظامه الغذائي المتغير الذي يتنوع بين الأسماك والسلاحف واللحوم المختلفة، كما أن له القدرة على العيش دون طعام لمدة تتجاوز السنة، وفي بعض الحالات تصل إلى سنتين، بالإضافة لعيشه في البيئات المائية التي كانت ربما أكثر أمانًا عند الاصطدام -لكن هذا لا يفسر سبب موت أنواع مائية أخرى مثل الموساصوريس الذي يعيش في البحر- بالمقابل فإن الأنواع التي تعتمد على نوع واحد من الغذاء مثل الترايسيراتوبس الذي يتغذى على نوع واحد من الأشجار- هلكت مع انقراضها، كما نجا الكثير من الثدييات التي يعتقد الخبراء أن سبب نجاتها هو حجم أجسامها الذي لا يحتاج كميات كبيرة من الغذاء وفي بعض الأحيان تواجدها في جحور تحت الأرض.

 أما بالنسبة للنباتات فتفوز السراخس دائمًا بعد النكبات، حيث أثبت السجل الأحفوري للنباتات الناجية أن السراخس كانت أول النباتات التي عادت للظهور بمساعدة ديدان الأرض التي قامت بإعادة تدوير المواد العضوية في التربة.

بالنسبة للكائنات المائية فقد كانت حيوانات المياه العذبة أكثر حظًا من أبناء عمومتها التي تعيش في البحار، بسبب تعوّد أجسامها على درجات الحرارة المنخفضة في فصل الشتاء وغياب الشمس ونقص الأوكسجين الذي يحدث عند تجمد سطح البحيرات، ما يقلل تبادل الأوكسجين مع الهواء، بمعنى آخر فإن معظم الكائنات المائية قد نفقت بسبب نقص الأوكسجين حيث سلب تحلل الجثث الكثير من الأوكسجين المنحل، على الجانب الآخر فإن الحيوانات البحرية اعتادت على العيش في ظروف بيئية أكثر ثباتًا لذلك لم تكن موفقة في التأقلم مع التغيرات الهائلة في درجات الحرارة ومستويات الأوكسجين وبالتالي كان لها النصيب الأكبر في معدلات الانقراض.

ذو صلة

على الرغم من أن معظم النظريات تقترح ظهور نيزك أدى لنهاية عصر الديناصورات، إلا أن حوادث الانقراض الجماعي للحيوانات لا تزال أعظم ألغاز القتل التي عرفتها البشرية، وتحديد حقيقة انقراض بعض الحيوانات ونجاة أخرى من نفس السبب هو أمر صعب للغاية ويحتاج للكثير من الأدلة، كما توجد نظريات أخرى تعتقد أن الديناصورات انقرضت على مراحل بسبب فيروس أصابها بالإضافة لكون بيوضها مصدر غذاء للكثير من الكائنات الأخرى، وبالفعل فإن نجاة الثدييات متواضعة الإمكانيات مقارنة مع الديناصورات في حد ذاته سؤال محير ولا يزال العلماء حتى اليوم مهتمين بجمع الأدلة من أجل الإجابة عن هذا السؤال، وهذا بدوره يعطينا الكثير من الدروس ويساعدنا على فهم الكوكب الذي نعيش فيه اليوم، وكيفية تأقلم الحيوانات والنباتات مع تغير المناخ المستمر.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة