من أطواق GPS إلى التبريد السريع.. كيف تساهم التكنولوجيا في إنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض؟
4 د
في عالم يتعرض فيه التنوع البيولوجي لتهديد خطير، تبرز التكنولوجيا كمنقذ محتمل للكائنات المهددة بالانقراض. إذ تتشابك أدوات الابتكار الحديثة مع جهود الحفاظ على البيئة لتشكل مزيجًا قويًا يدعم استدامة الحياة البرية. من الروبوتات الذكية التي تحمي المواطن الطبيعية إلى التتبع الجيني الذي يساعد في ترقية الأنواع المهددة، تأتي التكنولوجيا كشريك أساسي في الحفاظ على عجائب الطبيعة. فهل هذا التلاقي بين التقنية والبيئة يمثل أحد الحلول للحفاظ على التنوع البيولوجي وإنقاذ الكائنات المهددة بالانقراض؟
أطواق GPS.. لكشف المستور عن حياة البراري الخفية
تُعرف أطواق GPS بأطواق تحديد المواقع العالمي، وهي أجهزة إلكترونية تُركب على الكائنات الحية، وخصوصًا الحيوانات، بهدف تتبع حركاتها وتحديد مواقعها بدقة عالية. هذه الأطواق تستخدم تقنية GPS لإرسال بيانات موقعية دقيقة إلى أجهزة استقبال خاصة أو المراقبة عبر الأقمار الصناعية.
وفي عالم يسوده التدهور البيئي، تظهر تلك التقنية كنقطة تحول في جهود الحفاظ على الكائنات المهددة بالانقراض. فهي ليست مجرد أطواق أنيقة تزين رقاب الحيوانات، بل هي أدوات مبتكرة وحيوية تمكن الباحثين من الاتصال بعالم مجهول من الحياة البرية. وبفضل هذه التقنية المتطورة، يمكن رصد حركات الحيوانات بدقة فائقة، مما يوفر نظرة ثاقبة إلى تفاصيل حياتها وسلوكياتها ومواقع تكاثرها.
على سبيل المثال، يتم تتبع تحركات الفهود بشكل محكم مع مراقبة اتجاهاتها. وهذا يسمح للباحثين بفهم الأسباب وراء تغيرات مواقعهم وسلوكهم. وليس هذا فحسب، فقد أثبتت تقنية أطواق GPS فعاليتها أيضًا في تتبع تحركات الطيور المهاجرة عبر المسافات الطويلة، مما يساعد في فهم أنماط هجرتها وتحديد المواقع الحيوية التي تعتمد عليها خلال رحلاتها الشاقة، وهنا يأتي دور الإنسان في حماية تلك المناطق من الصيد العشوائي.
تطبيقات ذكية تحمي بيئة لا حدود لها
يمكن لهاتفك الذكي بإمكاناته التكنولوجية أن يكون محاربًا يدافع عن الحياة البرية. على سبيل المثال؛ تتيح لك بعض التطبيقات مثل iNaturalist توثيق مشاهدات الحياة البرية. بينما يسمح برنامج Wild Watch بالإبلاغ عن التجارة والأنشطة المشبوهة. واذا مللت من لعب Candy Crush يمكنك استكشاف النباتات والحيوانات المحلية بمساعدة تطبيقي Seek و PlantSnap. وتذكر دوما أنه كلما عرفت أكثر، كلما تمكنت من فعل المزيد لمساعدة الأنواع المهددة بالانقراض.
الطائرات المسيرة التي تحمي كائنات بحرنا وسمائنا
هل تساءلت يومًا كيف يشعر الطيور وهي تحلق فوق العالم؟ الطائرات المسيرة تتيح لنا الفرصة لتجربة هذا الإحساس. فهي مجهزة بكاميرات وتقنية الأشعة تحت الحمراء، التي تساعدنا إلى الوصول للمناطق غير المتاحة. كما تمكننا الطائرات بدون طيار من تتبع الحيوانات دون التأثير على سكونها أو ازعاج عزلتها، بحيث يمكنها عد السكان واكتشاف الصيادين غير الشرعيين من الأعلى، وحتى تسليم الإمدادات الأساسية للفرق الميدانية عند الحاجة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطائرات بدون طيار الغوص تحت الماء.
فمثلا SnotBot هي أحد الطائرات التي يستخدمها العلماء لجمع عينات بيولوجية من الحيتان والدلافين. كما يتم الاعتماد على بعض أنواع الطائرات لمراقبة حرائق الغابات، التي تشكل تهديدًا كبيرًا للحيوانات المهددة بالانقراض. ففي البرازيل، يتم استخدام الطائرات بدون طيار لتحديد مواقع القرود النادرة في الأدغال الواسعة والتي يصعب الدخول إليها عن طريق البر. وذلك لضمان عدم إشعال الحرائق بالقرب منها. ولا يمكننا نسيان الصور المذهلة ومقاطع الفيديو التي يمكن أن تلتقطها الطائرات بدون طيار. هذه المواد تساهم في جذب الجمهور ورفع الوعي حول الأنواع المهددة بالانقراض وأهمية الحفاظ عليها.
الطباعة ثلاثية.. لتصميم أطراف الحيوانات الاصطناعية
تلقى تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ترحيبًا واسعًا في مجال الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، حيث تساعد بتوفير الحلول الإبداعية والعلاجات البديلة لتحسين حياة الكائنات البرية المهددة بالانقراض. ويتيح استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد إنشاء أطراف اصطناعية مخصصة للحيوانات التي فقدت أطرافها أو تعرضت لإصابات خطيرة تؤثر على حركتها وقدرتها على البقاء. على سبيل المثال، يمكن استخدام هذه التقنية لصناعة أطراف اصطناعية ملائمة للحيوانات مثل السلاحف البحرية أو الفيلة أو الحيوانات الأخرى التي تعاني من تشوهات جسدية. تعمل هذه الأطراف الاصطناعية على تحسين حياة هذه الكائنات المهددة بالانقراض وتمكنها من القيام بأنشطتها اليومية بكفاءة أكبر.
الحفظ بالتبريد.. وتجميد أجنّة الحيوانات
لم يعد هناك حاجة لسفينة كبيرة تحمي بداخلها أزواج الحيوانات عند حدوث طوفان عظيم، بل أضحى الحفاظ على البيئة يعني أكثر من مجرد حماية الحيوانات في بيئتها الطبيعية. ففي بعض الأحيان، يتعلق الأمر بحماية تنوعهم الجيني. تعتبر التقنيات الجينية مثل الإخصاب في المختبر (IVF) والحفظ بالتبريد مهمة جداً للحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. وبفضل التلقيح الصناعي باستخدام المواد الوراثية المخزنة، نجح العلماء في تكوين أجنة. إن القيام بذلك يوفر الأمل لبقاء هذا النوع. ومن ناحية أخرى، يتضمن الحفظ بالتبريد تجميد المواد الوراثية مثل البويضات أو الحيوانات المنوية أو الأجنة. وقد استُخدم الحفظ بالتبريد للحفاظ على المادة الوراثية لمختلف أنواع الحيوانات، بما في ذلك الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات. ويمكن للعلماء بعد ذلك إذابة هذه العناصر لإنتاج أجنة جديدة حتى لو مات آخر فرد حي من النوع.
ختامًا، يمكن للتكنولوجيا أن تشكل جزءًا أساسيًا من رؤيتنا المستدامة للمستقبل، حيث تعيش الأنواع المهددة بالانقراض جنبًا إلى جنب معنا، مساهِمة في جمال وتنوع كوكبنا بأكمله. لذا، يجب علينا الاستمرار في دعم الأبحاث والابتكارات التكنولوجية في مجال الحفاظ على الحياة البرية، مع الاعتراف بأننا جميعًا شركاء في هذا الجهد العالمي للمحافظة على تراثنا الطبيعي وضمان بقاء الكائنات الحية للأجيال القادمة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.