آلية حفر الأنفاق.. كيف يتم حفر الأنفاق بهذه الدقة وكيف بدأ الأمر؟!

آلية حفر الأنفاق.. كيف يتم حفر الأنفاق بهذه الدقة وكيف بدأ الأمر؟! 5
مقالات الضيوف
مقالات الضيوف

6 د

مقال بواسطة/ معاذ الزعبي

الهندسة المدنية لا تقتصر على بناء البيوت والأبراج والجسور، فبناء الأنفاق هو أحد أفرع الهندسة المدنية الشيقة والمميزة. كما أنه بقدر ما يشترك في العديد من المبادئ الأساسية مع الهندسة الإنشائية، بقدر ما يختلف عنها في أمور كثيرة كذلك.

سنتعرف من خلال هذه المقالة على أساسيات عالم إنشاء الأنفاق بشكل مبسط، حتى يتسنى للجميع الاطلاع على هذا الفرع المشوق دون الحاجة إلى أي خلفية علمية أو هندسية..


ما هي الأنفاق ولماذا نقوم بإنشائها؟

يمكن تعريف الأنفاق بأنها ممرات أفقية تبنى تحت الأرض وتمتد بين مدخل ومخرج يكونان على سطح الأرض. أما استخدامات الأنفاق فمتعددة أبرزها المواصلات والتعدين وشبكات المياه وشبكات الصرف الصحي ومنشآت الطاقة وغيرها الكثير من التطبيقات.

إنشاء الأنفاق هو حاجة ملحة تكبر مع التوسع العمراني، وأصبحت أكثر إلحاحاً مع ازدياد قيمة الوقت والتطور الملحوظ في وسائل المواصلات في القرنين الأخيرين.

فمثلاً، تمتد سلسلة جبال الألب في وسط أوروبا على طول 1200 كيلومتر قاطعة حدود 8 دول، فتخيل معي صعوبة المواصلات والساعات التي سيقضيها المسافر على الطرق الوعرة، هذا في حال سمحت الظروف الجوية أصلاً بالحركة. لذا فلا غرابة بأن عشرات من الأنفاق قد شقت طريقها تحت هذه السلسة الجبلية، لتتيح التنقل من دول إلى أخرى في بضع ساعات.


تاريخ الأنفاق

عرف التاريخ بناء الأنفاق منذ زمن بعيد، فمؤخراً تم اكتشاف أقدم نفق للسكك الحديدة في العالم في إنجلترا وتحديداً في مقاطعة ديربيشاير، وقد استخدم هذا النفق – و هو بطول 25 متراً – لربط أماكن استخراج الحجر الجيزي بقناة “كرومفورد” من خلال مقطورات تقودها الأحصنة وتسير على سكك حديدية. أما أول نفق أنشئ ليكون طريقاً للمركبات فيعتقد بأنه نفق “أورنو لوش Urner loch ” في سويسرا البالغ من الطول 61 متراً ويعود تاريخ إنشائه لعام 1708.

وقبل أن تستخدم الأنفاق لغرض إنشاء خطوط السكك الحديدية والطرق، شهدت الحضارات القديمة كالبابلية والرومانية إنشاء أنفاق يدوية الصنع منذ آلاف السنين، وكان أول تطور جذري في التقنيات المستخدمة قد سجل في فرنسا حين استخدم البارود لأول مرة لعمل نفق مائي ( قناة مائية ) عام 1681.


التقنيات المستخدمة في إنشاء الأنفاق

هناك عدة تقنيات لإنشاء الأنفاق، لاختيار الطريقة المناسبة يتعين على الجهات المعنية القيام بدراسات عميقة لتحديد الطريقة الأنسب اقتصادياً و هندسياً، حيث أن قوة الصخور وعمق النفق تحت الأرض وخاصية المكان، كلها عوامل ترجح كفة تقنية ما على الأخرى. وسبق وأن تم استخدام طريقتين مختلفتين في إنشاء نفق واحد كما حصل في مشروع نفق بوستون في الولايات المتحدة الأمريكية:

تقنية الحفر  المكشوف أو الحفر والردم CUT AND COVER

تستخدم هذه الطريقة لإنشاء الأنفاق التي تكون قريبة جداً من السطح، وهي ببساطة حفر النفق كخندق ثم إعادة بناء السطح.

تحت هذه التقنية هناك طرق فرعية أيضاً كالـ top down method  والـ bottom up method حسب اتجاه آلية الحفر، ففي الأولى عملية الحفر تبدأ من السطح وتستمر حتى الوصول إلى العمق المطلوب لأرضية النفق، ومن ثم تصب الجدران والأرضية، ومن ثم السقف الذي قد يكون أرضية طريق معبد مثلاً.

حتى حينما يقرَّر استخدام تقنية أخرى لحفر النفق، فإن تقنية الحفر المكشوف غالباً ما تستخدم في أغلب مشاريع الأنفاق كخطوة أولى في حفر المدخل أو المخرج ثم قد تستخدم طريقة أخرى لحفر بقية النفق.
(استخدمت هذه التقنية في إنشاء الخط الأول من مترو القاهرة.)

إنشاء نفق في سويسرا بطريقة الحفر المكشوف

إنشاء نفق في سويسرا بطريقة الحفر المكشوف

تقنية الثقب والتفجير DRILL AND BLAST

ليس من المعتاد استخدام المتفجرات في مشاريع الهندسة المدنية، إلا أن هذه الوسيلة ساهمت في تطوير مجال إنشاء الأنفاق بشكل كبير خاصة في الوسط المكون من الصخور الصلبة. في هذه التقنية يتم استخدم آلية ضخمة “جامبو” – هيدروليكية وكهربائية – تقوم بعمل ثقوب في واجهة النفق الصخرية وبعمق أفقي يصل إلى بضعة أمتار (حسب إمكانية الآلات)، ومن ثم تملأ هذه الثقوب بالمتفجرات.

حين تتم عملية التفجير تنهار الصخور وتتهشم، مما يتيح عملية استخراجها من موقع النفق بعد خروج الغازات الضارة من الموقع. من المهم هنا بأن تكون الثقوب موزعة ومتباعدة حسب تصميم مدروس من قبل متخصصين يحددون أيضاً كمية المتفجرات المطلوبة في كل ثقب لغاية الحصول على شكل النفق والعمق المطلوبين.

الحذر والدقة مهمان بشكل كبير أثناء تصميم وتنفيذ هذه العملية.. فلو كان العمق المطلوب من عمليات الثقب والتفجير هو 50 متراً يومياً والطول الكلي للنفق يبلغ 10 كيلومتر فإنتاج يومي من الحفر أقل بـ 10 سنتيمترات من المطلوب يعني تأخير 200 متر في اليوم !!

آلة ثقب الأنفاق" جامبو" تقوم بعمل ثقوب في واجهة النفق تحمل فيما بعد بالمتفجرات

آلة ثقب الأنفاق”جامبو” تقوم بعمل ثقوب في واجهة النفق تحمل فيما بعد بالمتفجرات
آلة ثقب الأنفاق”جامبو” تقوم بعمل ثقوب في واجهة النفق تحمل فيما بعد بالمتفجرات

من الجدير بالذكر أن عمليات التفجير قد تسبب ازعاجاً بل وموجات ارتدادية قد تتسبب بالضرر لمنشآت مجاورة. لذلك فإن هذه الطريقة محدودة وغير محبذة قرب الأماكن الأثرية على سبيل المثال.

ماكينة الحفر العميق TUNNEL BORING MACHINES TBMs

هذه الآلة الضخمة التي تصمم خصيصاً لكل نفق بعينه هي نتاج تطور آلات ومعدات حفر الأنفاق على مدار سنوات. الفكرة بدأت أولاً عندما قام مهندس فرنسي بصنع ما سمي حينها بـ “الحاجز الواقي” لحفر نفق تحت نهر التايمز في لندن عام 1825، إلا أن هذا الاختراع في حينها لم يكن إلا هيكلاً محاطاً بصفائح ثقيلة لحماية العمال أثناء التقدم في النفق، وكان يدفع إلى الأمام يدوياً بعد أن ينتهي العمال المتمركزون في مقصورات على عدة ارتفاعات من الهيكل من عملية الحفر اليدوي.

3

مخطط تخيلي للخاجز الواقي أثناء عملية حفر نفق نهر الثايمز

الأمور اختلفت تماماً الآن .. فذلك الهيكل لم يعد يكتفي بحماية العمال، بل تطور عبر السنين ليقوم بعملية حفر النفق تلقائياً بشكل دائري، حيث يكون قطر الآلة مساوياً لقطر النفق المراد إنشائه.

حتى اللحظة فإن أضخم ماكنة حفر عميق تم استخدامها كانت بقطر 17 متراً، في حين صرحت روسيا عام 2009 بأنها ستستخدم آلة بقطر 19 متراً.

الآلة مكونة من صحن دائري في المقدمة مغطى بقواطع فولاذية صلبة وحادة تقطع و تهمش الصخور أثناء تقدم الآلة بشكل أوتوماتيكي. أثناء الحفر تدخل هذه الصخور المهمشة من خلال فتحات في القرص الدائري إلى داخل الآلة ومن ثم تنتقل عبر أحزمة النقل إلى الخلف مما يتيح نقلها فيما بعد في شاحنات ضخمة إلى خارج النفق.

يمكن استخدام هذه الآلة في كافة أنواع الصخور، بل وفي التربة أيضاً على عكس تقنية التفجير، كما أن استخدام آلات الـ TBM يعد الطريقة الأسرع لإنشاء الأنفاق، إلا أن التكلفة الباهظة لصنع الآلة مسبقاً وصعوبة نقلها خاصة في الأماكن السكانية المزدحمة قد يؤدي إلى لجوء بعض الجهات إلى استخدام طرق أخرى.

آلة حفر عميق TBM استخدمت لحفر نفق مترو في العاصمة الإسبانية مدريد

آلة حفر عميق TBM استخدمت لحفر نفق مترو في العاصمة الإسبانية مدريد

الآن وبعد أن عرضت أهم التقنيات المستخدمة في إنشاء الأنفاق، علي أن أؤكد بأن العملية أكثر تعقيداً مما قد نعتقد، وأن كل تقنية مذكورة يندرج تحتها العديد من التقنيات الفرعية والاختلافات على حسب الحاجة، كما أن لكل نفق بعينه خصوصية تتطلب أدوات وتقنيات معينة.

ذو صلة

ولا بد لي أن أذكر هنا بأن إنشاء النفق هو عملية خطيرة قد تسببت بمقتل الكثير في الماضي، وما زالت.
وعمليات الحفر هي ليست بداية ولا نهاية المشروع، فهناك كثير من الأمور الأخرى المهمة كتأمين التهوية وأنفاق الصيانة وعمليات التسليح التي تختلف من مكان إلى آخر.

ليس باستطاعتنا القول بأن هذا النوع من الهندسة يحظى بشعبية بين شباب مجتمعنا العربي اليوم، لكن هل تتتفق معي بأنه مجال شيق؟

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

بن استخدام هذه الآلة الان في مترو الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية

تحيه لمهندسين مصر العظماء

TBM
تستخدم الان في مصر في حفر
انفاق مشروع قناة السويس

شكرا على هده المعلومات الجمة

رائع

انا طالب بالهندسه المدنيه
وشغفى هو دراسه الانفاق واداره المشاريع
ولكن للاسف محروم من ذلك فى مجتمعنا العربى ابحث لشهور عن ؟محتوى عربى لدراسة الانفاق ولم أجده فهل من مساعد

شاهد الان شربات جولا بعد 30 سنة الفتاة الافغانية صاحبة النضرة الثاقبة والبراقة
شربات جولا الفتاة الافغانية صاحبة اشهر وجه في العالم
(Sharbat Gula)
https://www.youtube.com/watch?v=830US7ZI1cI

صحيح .. المترو عادة ما يكون تحت المدن المأهولة لذلك طريقة التفجير لا تكون واردة , فهي إما TBM أو Cut and Cover
التفجير عادة يكون في الأريف و على الطرق السريعة أو تحت الماء

صحيح .. المترو عادة ما يكون تحت المدن المأهولة لذلك طريقة التفجير لا تكون واردة , فهي إما TBM أو Cut and Cover
التفجير عادة يكون في الأريف و على الطرق السريعة أو تحت الماء

تي بي ام تستخدم في مترو الرياض والدوحة الان.

صراحة معلومات جميلة و TBM خيالي 😀

هي الدول العربية تبني انفاق حتى اتوظف معهم

روووعة

ذو صلة