تريند 🔥

📱هواتف

بجرأة وعذوبة تنهدت ونظرت إلى الأعلى.. “يا إلهي هل تسمعني؟ أنا مارجريت”!

نهلة أحمد مصطفى
نهلة أحمد مصطفى

6 د

الوقوف لساعات طويلة أمام المرآة، والتحديق المستمر لأجزاء كثيرة من جسدِك لم تنتبهِ حتى لوجودها من قبل. 

البثرة الأولى التي تعلن عن نفسها بقوة، الشعر الصغير الذي ينمو في أماكن متفرقة ولا تستطيع إيقافه، والتقلصات التي قد تظنين أنها مؤشر لوعكة صحية على وشك أن تصيبك.

التقلبات المزاجية العنيفة التي تصطدمين بها دون إدراك كامل عن أسبابها، والعالم الذي تشعرين أنه ينهار تحت قدميكِ، هل ينهار، أم يتغير، أم يتلاشى؟ ما هذا؟ ما الذي يحدث لي؟ ومَن أنا؟


الدرجة المُخلخَلة من السلم

من منّا كانت تستوعب ما كان يحدث لها أثناء مرحلة البلوغ؟ مَن كانت تعي بشكل كامل أنها قد تستيقظ إحدى الصباحات لتجد كل شيء حولها مختلف، رغم أنه لم يختلف أي شيء من حولها حقًا، وأن العالم لا يتأثر على الإطلاق بالبركان الذي يعتمل بداخلها؟

أحد الأيام أنتِ طفلة لا تشغل بالها سوى بألعابها وأصدقائها ومتى ستتمكن من الذهاب إلى ذلك المتنزه الذي وعدها به والداها، واليوم التالي أصبحت ترين جسدك بشكل مختلف، تشعرين أن رأسك على وشك الانفجار من تداخل الأفكار بداخلها.

 تتملككِ رغبة ملحة في العثور على هويتك الخاصة وآرائك المستقلة حول كل شيء، تريدين أن تدخلي عالم "الكبار" لكنك لا تشبهينهم بشكل كافٍ بعد، ولا يسعك الانتظار حتى تصبحي واحدة منهم. والأسوأ بعد؟ أنتِ لا تفهمين لماذا يحدث كل ذلك!

يعتبر الكثير من الأطباء والأخصائيين النفسيين مرحلة البلوغ أحد أكثر التحولات البيولوجية والاجتماعية عمقًا على مدى الحياة.

فهي تلك الدرجة المخُلخَلة من السلم التي يجب أن نطأ عليها بأقدامنا كي نعبر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة. الكثير من التغيرات المُعقدة والانفجارات العاطفية الدرامية والاضطرابات النفسية والسلوكية التي لا مجال للفرار منها.

تأثير تلك المرحلة يدركه كلا من الفتيات والفتيان، لكن تبعًا للضغوطات المجتمعية التي لا تنتهي على المرأة، فإن عادةً ما تتأثر الفتيات بشكل أكبر.

فالمجتمع الذي يمارس "ألاعيبه" على النساء في دفعهن نحو شكل ما بعينه وأسلوب حياة محدد دون الاكتراث لرغبة أي منهن؛ يمارس نفس الألاعيب على الفتيات الصغيرات، فيشوه علاقتهن بأنفسهن ويدفعهن نحو الرغبة في أجساد أكثر إثارة وفتنة وإلا أصبح هناك خلل بهن، إلى ارتداء حمالات الصدر وإزالة شعر جسدهن ووضع جميع اللمسات التي قد تحولهن إلى "نساء مثيرات" حتى وإن كانت أجسادهن غير المستعدة لذلك بعد.

سواء كنتِ تسترجعين تلك اللحظات من حين إلى آخر أو تمرّين بها الآن، وطأة تلك التغيرات والضغوطات لا تختلف ولا تقل حدتها أبدًا. لذلك فالوقوف أمام عمل فني يتناول تلك المرحلة ليهمس لكِ: "لا بأس، أنتِ لستِ بمفرك. لا تقلقي، ستكون الأمور بخير" يعيد التواصل بين تلك الفتاة الصغيرة المضطربة وبينكِ من جديد، أو يدفعكِ لتقبُّل اللحظة الآنية والتساؤل "هل هكذا كان الحال دائمًا؟"


يا إلهي، هل تسمعني؟ ما الذي يحدث!

7.4/10
إعلان الفيلم

صفحة IMDb

تقييم أراجيك

Are You There God? It’s Me, Margaret.

تدور أحداث الفيلم حول فتاة تدعى “مارغريت سيمون” تبلغ من العمر 11 عامًا، ولدت لأب يهودي وأم مسيحية، لكنها نشأت دون انتماء لأي من العقائد، ولا تمارس دينًا منظمًا، على الرغم من أنها كثيرًا ما تصلي إلى الله بكلماتها الخاصة، ومع تتابع الأحداث بدأت تشعر بعدم الارتياح بسبب افتقارها للانتماء الديني، وظلت تسعى إلى القضاء على ذلك الشعور.

عرض المزيد

  • name

    مناسب من عمر 4 سنوات فما فوق.

  • إنتاج

    2023
  • إخراج

    كيلي فريمون كريج

بطولة

آبي رايدر فورتسون،
راشيل ماك ادمز،
كاثي بيتس

النوع

كوميديا،

تقع الإجابة على ذلك السؤال بين ثنايا تساؤل آخر، لماذا لا تزال رواية يفوق عمرها الخمسين عامًا تصلح لتكون فيلمًا موجهًا بشكل أساسي لمراهقين وأطفال الجيل الجديد على الرغم من الاختلاف الجذري لكل شيء بين كلا الحقبتين؟

ويرجع السبب للموضوع الذي اختارته الكاتبة "جودي بلوم" ليكون محور روايتها الثانية التي صدرت عام ١٩٧٠ وتحمل نفس اسم الفيلم الذي صدر في نهاية شهر أبريل الماضي "يا إلهي هل تسمعني؟ أنا مارجريت" Are You There God? It's Me Margaret للمخرجة "كيلي كريغ".

والذي يتناول مرحلة البلوغ في حياة "مارجريت" الطفلة التي على أعتاب عامها الثاني عشر، وتمر عائلتها ببعض الظروف التي تضطرهم إلى الانتقال من "نيويورك" إلى "نيو جيرسي" وهو الحدث الذي كان بمثابة الهزة الأرضية التي تنقلب حياتها على إثرها رأسًا على عقب، وتضعها داخل بيئة جديدة ومختلفة تمامًا عليها بعيدًا عن أصدقائها وجدتها وكل ما كانت تعرفه عن الحياة حتى تلك اللحظة.

التزمت "كريغ" بخطوط رواية "بلوم" الأساسية كما هي، وذلك بعد أن بذلت مجودًا جبارًا في إقناعها بتحويل الرواية إلى فيلم.. فكما تقول كريغ في مقابلة معها "أنها قامت بقراءة الرواية لأول مرة وهي في عمر الحادية عشر، وشعرت بأن بلوم تتحدث عنها بلسان مارجريت.. وبعد سنين طويلة وجدت أنه الوقت الأنسب لصنع هذا الفيلم".

وعلى خطى الرواية، يتناول الفيلم مرور "مارجريت" بمرحلة البلوغ بجرأة شديدة لا تخلو من العذوبة والرقة، فنراها تتطلع بعينين كبيرتين إلى "نانسي" الفتاة التي تقطن في نفس الشارع وتمثل لمارجريت كل ما تطمح أن تكون عليه.

وبالتالي تدفعها نانسي إلى فعل كل ما قد يؤهلها لأن تكون مثلها؛ كارتداء الحذاء دون جوارب حتى وإن كان سيتسبب لها في جروح، الإعجاب بالفتى الأشهر في المدرسة عوضًا عن الفتى التي تميل إليه مارجريت حقًا.

والقيام بتمارين رياضية حتى ينمو ثدييها مثلها لأن ذلك هو السبيل الوحيد في نظرها لتكون "فتاة جميلة"، بل ودفعها إلى ارتداء حمالة الصدر دون الحاجة إليها، والاحتياج اليائس المستمر لأن تبدأ دورتها الشهرية كي لا تشعر أنها مختلفة عمن حولها.

تبدأ أول مناجاة لمارجريت مع ربها، في الليلة التي علمت فيها برحيلها عن نيويورك، بتشكك واستغراب "يا إلهي؟ هل تسمعني؟ أنا مارجريت سيمون" بينما ينتهي الفيلم بمناجاة أخيرة معه "يا إلهي؟ هل لازلت تسمعني؟ أنا مارجريت. شكرًا، شكرًا جزيلًا".

وبين كلا منهما نشاهدها في صراعات لا تنتهي مع نفسها ومع من حولها.  فبجانب صراعها مع جسدها كي يصبح على الشكل الذي تريده بأسرع وقت، فإنها في صراع مع هويتها الدينية بين عائلة والدتها المسيحية وعائلة والدها اليهودية.

وكلا من الطرفين يحاول ضمها إلى صفوفه، بينما هي في المنتصف تحاول أن تتواصل مع الدين بداخلها، ويحاول عقلها الصغير استيعاب كل ما يجري حولها من مشاحنات دينية لا طائل منها سوى إبعادها أكثر عن كل ما يطالبونها به.

ولكن بالطريقة التي ينتهي بها الفيلم يبدو أن مارجريت قد وجدت بداخلها ما كانت تبحث عنه، بعيدًا عما يجبرها عليه أي شخص آخر.


مَن هي مارجريت؟

"أهلًا بكِ في معشر النساء".. هكذا تجيب الأم "باربرا" على مارجريت حينما ارتدت "حمالة الصدر" لأول مرة وأخبرتها أنها لا تطيق الانتظار حتى تخلعه.

وبهذا المشهد البسيط والذي به لمحة خفيفة من الكوميديا، تعبّر "بلوم" عن المشكلة الأساسية التي دفعتها لكتابة الرواية في المقام الأول، والتي دفعت "كريغ" من بعدها لتحويلها إلى فيلم. وهي أنّه مهما تطورت المجتمعات ومهما اختلفت الأجيال والبلدان؛ فتجربة العبور من الطفولة إلى المراهقة ثم منها إلى داخل معشر النساء لن تتغير أبدًا.

فالرواية التي صدرت في السبعينات، وتم مهاجمتها من البعض لجرأتها الشديدة في تناول مواضيع "حساسة"، لا تزال صالحة للاقتباس حتى الآن.

لأن لا شيء قد تغيّر ولازال يخاف الناس من مناقشة تلك المواضيع بشفافية ووضوح؛ ومثلما كان المجتمع يمارس ضغوطاته منذ أكثر من خمسين عامًا، فإنه لا يزال يمارسها الآن، ولكن بأشكال أخرى.

فكما تعرضت مارجريت لضغط شديد من عائلتها وصديقاتها، لا تزال تلك الأشكال من الضغوطات موجودة، بل وبالإضافة إلى انتشار مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي لا تنفك تقارن بين فتاة والأخرى.

ذو صلة

نرشح لك: فيلم Bird Box.. هل اختلفت محاولات النجاة الإسبانية عن ملاذ الفرار الأمريكي؟

وتضع نفس المعايير التي طالما عانت منها النساء، بل وأشد قسوة، فيمكنك القول أنّ تلك الضغوطات أصبحت أضعاف ما كانت عليه، وأكثر قدرة على تشويه الصحة النفسية والجسدية.

وهو الأمر الذي جعل الممثلة "آبي فورستن"/ مارجريت" تقول إنها رأت نفسها في شخصية مارجريت حينما قرأت الرواية لأول مرة، لأن المشاعر والمخاوف والأحلام لا تزال كما هي.ولأن ما كانت تمر به "بلوم" هو ما تمر به "كريغ" الآن وما ستمر به "فورستن" خلال بضع سنوات، أو ربما منذ الآن بالفعل، فالسلسلة مستمرة ولا تنتهي، وجميعنا كنا وما زلنا "مارجريت" حتى الآن!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة