حلقات منفصلة أو مواسم منفصلة: أفضل مسلسلات الأنثولوجي
7 د
إحدى السبل التي يعمد إلى استعمالها صناع الفن هي سبيل تغيير العمل من داخله، سواء بتعديل الموضوع أو تبديل فريق العمل أو بالذهاب بالمسلسل إلى تصنيف جديد بالكامل. بهذا يتحقق شيئان، الأول: الاحتفاظ بالأرضية الجماهيرية للعمل، والثاني: الحرية في التحرك خارج منطقة محدودة ضيقة والانتقال إلى فضاء الإبداع الواسع. هذه هي سلاسل الأنثولوجي باختصار.
أول الأمثلة التي تأتي إلى الذهن في هذا السياق مسلسل “Black Mirror”، فالناظر فيه يرى أن حلقاته منفصلة عن بعضها سواء في ممثليها أو مواضيعها، بحيث تجد كل واحدة منها فيلمًا قائمًا بذاته. من جهة أخرى، كل الحلقات مصبوغة بنفَس المستقبل الكارثي والنظرة التشاؤمية للتكنولوجيا الحديثة. “True Detective” ينتمي للتصنيف لانفصال كل موسم من مواسمه بفريق عمل وجريمة خاصة، وإن كانت كلها مضمومة تحت مظلة نوع معين من الإجرام تنكشف طبقاته ببطء. “Fargo” مثله.
مسلسل “Love, Death and Robots” يتحرك بين تصنيفات الكوميديا والفنتازيا والرعب والخيال العلمي، و”Modern Love” يعرض قصص حب يربط بينها خيط واهن. هذه المسلسلات -مع “American Horror Story”- أهم وأفضل وأشهر ما في التصنيف، قد مررنا عليها إجمالًا ولن نضعها في قائمة ترشيحات اليوم طبعًا.
جدير بالذكر أن أكثر ما في التصنيف مسلسلات رعب، وهذا قد ينعكس على القائمة. سأحاول التنويع قدر المستطاع وأرجو أن تجد بين ما أذكر ما يروقك.
أفضل مسلسلات الأنثولوجي
(Dirty John (2018
الحب الذي يخرج عن سياقه هو موضوع هذا المسلسل، وهو لا يعاني من نقص الوجوه الممتازة والأسماء التي يسهل التعرف إليها: “إريك بانا” المعروف من أفلام كثيرة، “جوليا جارنر” صاحبة الإيمي المتألقة في المسلسل المحبوب “Ozark”، و”كوني بريتون” المرشحة مرتين لجولدن جلوب والمشهورة من “American Horror Story” و”Nashville”، ثم “كريستيان سلاتر” أو بالأحرى “مستر روبوت”.
رُشح العمل لجائزة جولدن جلوب وحيدة، ومبتكرته هي “ألكساندرا كانينجهام” المرشحة لإيمي والمشاركة بالكتابة والإنتاج في أعمال مهمة على غرار “Rome” و”Chance” و”Desperate Housewives” و”Prime Suspect”. صدر من العمل موسمان آخرهما مضى على صدوره أسابيع قليلة، وكلاهما مكون من ثمان حلقات تعرض قصة جريمة حقيقية كان الحب فيها الأصل والدافع. مسلسل ممتع وقوي وناجح في إثارة قلق المشاهد واستفزازه من خلال الشخصيات، ويُشهد له بأن موسمه الثاني يفوق الأول على مستويات عديدة. لا ننسى أن السلسلة متاحة على نتفليكس وهي مقتبسة عن بودكاست حامل للاسم عينه يقدمه “كريستوفر جوفارد”.
(Easy (2016
قبل أن نغرق في تصنيفات الرعب والتشويق نتوقف مع هذا العمل الذي يمكن أن يناسب سياق حديثنا بلا جهد، وهو مسلسل من أعمال نتفليكس كوميدي ورومانسي مع لمحة دراما، صدر منه ثلاثة مواسم آخرها كان في 2019 ومجموع حلقاتها خمس وعشرون حلقة.
هو استكشاف لعلاقات تضم مجموعات من البشر في شيكاجو المعاصرة، مواضيع عن الحب وتلاقي الثقافات المتنوعة والتكنولوجيا والعمل. مسلٍّ وظريف وخفيف وقصير الحلقات، وفيه درجة سخرية صحية ومحفزة، مع عرض للحياة اليومية يبدو عابرًا عاديًّا في البداية ثم يتفتق سريعًا عن دراما ذكية مثيرة لأعنف الضحك.
من أنشأه هو “جو سوانبرج” الذي آتانا أعمالًا رومانسية خفيفة أخرى (إخراجًا وكتابة) مثل “Drinking Buddies”، ويبدو أنه صديق لـ “جيك جونسون” (من ست كوم “New Girl”) لأنه أخرج له فيلمين هما “Win It All” و”Digging for Fire” متعاونًا معه في كتابتهما. ستقابل في العمل مألوفين ليس آخرهم صاحبنا الذي ذكرناه للتو، فمنهم “ديف فرانكو” و”إليزابيث ريزر” من “توايلايت” و”زازي بيتز” من “Joker” و”Atlanta”.
(Inside No. 9 (2014
افتح صفحة هذا المسلسل على IMDb وانظر تقييمه المرتفع (8.5) الثابت بعد مرو أكثر من ستة أعوام على بداية بثه، سيأتيك هذا الشعور بالحاجة إلى معرفة سره والتثبت من قيمته، ولا سبيل لذلك إلا بمشاهدته التي أنصح بها بشدة.
مسلسل ذكي شديد الظرف، يخلط الكوميديا السوداء بعناصر الرعب والجريمة والدراما، ويمزج تصرفات البشر الطبيعية بالغرائب التي تحدث لهم وتصدر عنهم. قصص غير قابلة للتنبؤ مليئة بما يدهش تراها في إحدى وثلاثين حلقة مقسمة على خمسة مواسم يتلوها سادس في الطريق إلى الشاشة، مسلسل بريطاني جدًّا هو أحد إنجازات BBC التي لا تكاد تحصى.
(Genius (2017
لماذا لا نحكي عن العظماء؟ لماذا لا ننعم النظر في سيَرهم؟ هاك سلسلة عن شخصيات بعض الأفذاذ التي تستأهل التوقف والنظر والتفحص؛ أينشتاين في الموسم الأول (صاحب الأوسكار “جوفري راش”) وبيكاسو في الثاني (المرشح للأوسكار “أنتونيو بانديراس”)، وثالث في الانتظار سرعان ما ينضم لقائمة حلقات هذا العمل التاريخي حقيقة وثناءً، والحاصل على تقييم 8.4 وترشيحين لجائزة جولدن جلوب وفائز بجائزتي إيمي من بين ترشيحات كثيرات.
الموسمان الصادران مكونان من عشرين حلقة موزعة بالتساوي، والثالث لن يختلف عن هذا وإن لم يتحدد بعد موعد انطلاقه. ما يميز العمل أنه لا يكتفي بعرض عبقرية شخصياته واكتشافاتهم وإنجازاتهم، بل يصب التركيز الكبير على تفاصيل حياتهم؛ على الحب والعلاقات البشرية والأحلام والقضايا والآلام والنقائص والأخطاء؛ يصنع من الذكريات المجردة حيوات نابضة لافتة للانتباه وكاملة الجاذبية والبهاء، يسرد لنا الماضي والحاضر ولا يُفلت مستحقًا للذكر.
(The Terror (2018
سلسلة رعب نِصف تاريخية ماورائية ناجحة ومفزعة، من إصدرات شبكة AMC التي أخرجت لنا “بريكنج باد” والتي آمل أن أجمع أفضل أعمالها للقارئ في وقت قريب. المهم، هذه السلسلة تأخذ في كل موسم حدثًا تاريخيًّا يلفه الغموض وتعرضه في أشد الصور إرهابًا للمشاهد وإثارة لمخاوفه؛ وهو بالتحديد ما يفترض أن تفعله.
مسلسل تشويق ومغامرة يتحرك بسرعة ولا يناسب أصحاب القلوب اللينة، صدر منه عشرون حلقة مقسمة على موسمين أولهما على الأقل ممتاز وجدير بالمشاهدة، ولا أعني أن الآخر سيء. ستقابل في العمل “جاريد هاريس” المرشح لجولدن جلوب. مبتكرو المسلسل الثلاثة عملوا سابقًا على مسلسلات مهمة مثل “True Blood” و”Minority Report”، بالإضافة إلى أفلام “True Story” و”Kong: Skull Island” و”Godzilla”. لا ننسى أن العمل مقتبس عن رواية “دان سيمونز” الطويلة المنشورة سنة 2007.
(Castle Rock (2018
كتبت قبل أسبوعين تقريبًا عن “ستيفن كينج”، كنت لأقول إنه يطاردني غير أن المنطقي أن سيرة الرعب تستدعي شبح الرجل الأيقوني. هذه إذًا سلسلة رعب وفنتازيا أخرى من ملك الرعب، عمادها الغموض والإثارة والخيال العلمي، تجدها على “هولو” وتجد منها موسمين كلاهما مكون من عشر حلقات، تدور كلها في مدينة “كاسل روك” الخيالية وتثير تلك القشعريرة المحببة لمدمني النوع المعذبين لأنفسهم أبدًا.
فيه “بيل سكارسجارد” من “It”، و”ميلاني لينسكي” من “Two and a Half Men”، و”بارخاد عبدي” الذي رشح للأوسكار في ظهوره الأول في “Captain Phillips” إن كنت تذكر، و”تيم روبنز” صاحب لائحة الأعمال الكلاسيكية وجائزة أوسكار، وأخيرًا “سكوت جلين” من “The Leftovers” و”Daredevil”. رُشح العمل المشوق والنفسي لجائزة إيمي وحيدة.
(Wolf Creek (2016
مسلسل قصير أسترالي من 12 حلقة صدرت في موسمين، وهو يتتبع حيوات أناس استهدفهم جميعًا قاتل متسلسل مخبول هو “ميك تايلر”؛ السفاح الذي راح يستهدف السياح عازمًا على تحويل إجازاتهم في القارة الجميلة إلى كابوس مقزز ونجح في ذلك. تشويق ودراما مع جانب مرعب، هو عمل مأخوذ عن قصة حقيقية ومبني على طريقة سرد تكسبه من البداية تفوقًا وقابلية لاجتذاب المشاهد.
بالمناسبة المسلسل يعد مشتقًّا من فيلمين حملا الاسم ذاته وصدرا في عامي 2005 و2013، مع وعد بثالث يصدر في 2022 ربما. هو مسلسل يعرض للمشاهد كل ما يتوقعه ويحتاج إليه في هذا السياق، ويكاد يدنو من الكمال عند كثيرين.
(Dekalog (1989
تحفة فنية مغفول عنها، والسبب الرئيسي طبعًا أن لغته الأصلية البولندية. لكنه عمل متقن إلى درجة أننا لسنا بحاجة إلى تجميله على أي نحو، ربما يكفيك أن تعلم أنه حاصل على تقييم عام على IMDb هو 9، وترتيب 29 على قائمة أعلى المسلسلات تقييمًا.
المخرج هو “كرزيزتوف كيسلوفسكي” المرشح للأوسكار مرتين عن إخراج وكتابة “Three Colors: Red”، والسلسلة مكونة من عشر حلقات يسعك أن تراها أفلامًا قصيرة، كل واحدة منها مبنية بشكل جزئي على وصية من الوصايا العشر، حيث يستكشف العمل لحظات محورية يتعارض فيها مراد الإنسان ورغباته مع أخلاقيات المجتمع. عمل جميل يفطر القلب ويثير المشاعر ويحرك الأفكار، ليس مجرد نسخة أخرى قد تجد كثيرًا يشبهها.
(American Crime Story (2016
يتمنى كل مشاهد لهذا العمل لو أنهم ينتجونه بمعدل أسرع بعض الشيء، لكننا على الأقل في سرور بصدور موسمه الثالث في ختام سبتمبر المقبل. شبكة FX مترعة بالأعمال عديمة المثل، وليست فيما رأيت تكتفي بإعادة تدوير أفكار معلبة مع إضافة أساليب استعراضية وعوامل جذب طفولية كما هو شأن كثير من القنوات الأمريكية.
هذا العمل يسير على خطى أعظم مسلسلات الشبكة ويبلغ قمة عالية يعبر عنها تقييم 8.4 على IMDb والفوز بأربع جوائز جولدن جلوب وست عشرة جائزة إيمي. صدر منه موسمان، الأول منهما عن قضية “أو جاي سيمبسون” والثاني عن مقتل “جياني فيرساتشي”، ومجموع حلقاتهما تسع عشرة حلقة، فيما سيتكون الثالث من ثمان حلقات وسيتحدث عن فضيحة “بيل كلينتون”. مسلسل مكتوب بموهبة استثنائية ومحبوك بكل البراعة.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.