أفضل أفلام معاصرة بالأبيض والأسود

The Lighthouse
محمود أيمن
محمود أيمن

7 د

أحيانًا يشاهد المرء فيلمًا يجذبه فيه جانب لا علاقة له بالقصة أو الممثلين، من ثم يتحرى هذا الجانب في أعمال أخرى. الحقيقة أن أكثر ما يجذبنا في الفن هو الميل الشخصي والانطباع، ثم إننا نُلبس ذلك أثوابًا ونخلع عليه أوصاف الجودة والعظمة بينما كل ما في الأمر أنه ناسب عندنا ذوقًا عامًا أو حالة مزاجية معينة.

نحن هنا بصدد تجميع أفلام حديثة تم تصويرها -من غير ضرورة- باللونين الأبيض والأسود فحسب (غالبًا). طريقة التصوير هذه تعيد للأذهان أجواء الأفلام القديمة وما اتصل بها من أسلوب وذكريات، وتضفي نوعًا من الهيبة والاختلاف على العمل؛ خاصة وهي شبه مرتبطة بأنواع معينة لم نعد نرى منها اليوم سوى أصداء لماضيها. إن يكن هذا جذابًا في نظرك فلسوف تجد في قائمة الترشيحات هذه ما يروقك.

تختلف أسباب اختيار تقنية الإخراج المذكورة بين محدودية الميزانية وإسباغ جو تاريخي أو بث الكآبة والسوداوية في العمل، وطبعًا القدرة على إبراز لقطات معينة باسنخدام ألوان فاقعة شاذة على الصورة كالأحمر والأصفر. ستقرر بنفسك إذا كانت الطريقة ملائمة للأعمال المطروحة أم مجرد إضافة شكلية تجميلية لبعضها، إنما أؤكد لك أنني سأوزعها على السنوات وفروع التصنيف قدر المستطاع.

[elementor-template id="359132"]

أفضل أفلام معاصرة بالأبيض والأسود


(Nebraska (2013

فيديو يوتيوب

علامة من علامات أفلام رحلات الطريق، وعلاقة الأب بابنه، والتقدم في العمر، وتسليم جيلٍ الرايةَ لتابعه، والتعامل مع أخطاء الماضي وكبار السن والعفو. دراما عظيمة جمعت بين الفكاهة والجِد في سياق تظله المغامرة والسخرية، وقد أحسنت إليه طريقة التصوير ونتج عنها -وعن عوامل نجاحه المتعددة- الترشح لست جوائز أوسكار في الفئات الرئيسية، وسبعة وعشرين مليونًا من الإيرادات العالمية.

الفيلم من إخراج “إلكسندر بين” الذي أخرج لنا من قبل أعمالًا مهمة منها “The Descendants” و”Sideways” و”Election”، ومن كتابة “بوب نيلسون” الذي نال عن كتابته ترشيحًا للأوسكار، ومن بطولة “بروس ديرن” المرشح للأوسكار مرتين من قبل، و”ويل فورت” من “The Last Man on Earth”، و”جون سكويب” و”ستيسي كيش”.

العمل محاولة ابن أن يفهم أباه الذي كان في صغره مدمن كحول مسيئًا، إذ يصحبه في رحلة بالسيارة من مونتانا إلى نبراسكا ليطالب بحقه في جائزة كبيرة يزعم أنه يستحقها. حتى مع إبعاد الكوميديا المميزة والدراما المحركة للمشاعر، تظل القصة حكاية آسرة عن هدف الإنسان من العيش وتعامله مع مرور الزمن به ونظره المحتوم إلى الأمس المشبع بالغلطات.


(Following (1998

فيديو يوتيوب

فيلم قصير يتجاوز الساعة بالكاد، هو باكورة أعمال “كريستوفر نولان” الذي صدر فيلمه الجديد قبل أيام، وفيه لمحة من عبقرية الرجل التي يبدو أنها لم تكن بلغت تمام نضجها بطبيعة الحال. بالإضافة إلى ما يُرى في الفيلم من أثر قلة -أو غياب- الميزانية. مع ذلك فالقصة لائقة باسمه تشد النظر وتثير الفكر، وتحتوي كالمتوقع على انحراف ذكي يعقب آخر ويذر المشاهد مدهوشًا.

كتب “نولان” الفيلم وأخرجه، هو بريطاني قليل الشهرة غير أنه حقق له ما أراد من لفت الانتباه، والأهم أنك إذا شاهدت أفلامه اللاحقة -ألم تفعل بعد؟- فسوف يتسنى لك رؤية العوامل الأولية التي تعرضت لأحسن التطوير لاحقًا. أما القصة فعن كاتب يشرع في تعقب الآخرين سعيًا وراء الإلهام، وسرعان ما يتعثر في سارق شاب يضمه تحت جناحه.


(La Haine (1995

فيديو يوتيوب

ليس أعذب من فيلم يعرض لنا أثر الأحداث الكبيرة على الحيوات الصغيرة، مجسدًا رسالة الفن في التركيز على البشر بأدق تفاصيلهم وأسخف أحلامهم. في هذه الحكاية الفرنسية الممتعة نرى قصص ثلاث أفراد شباب تجري على طول يوم كامل عقب أعمال شغب عنيفة وقعت في إحدى الضواحي. إذا كان لكلمة “إنساني” دلالة فلا شك أن هذا الفيلم خير تعبير عنها.

تقييمه العام 8.1 وهو مرتب في المركز 231 على قائمة أعلى الأفلام تقييمًا على موقع IMDb الشهير. مخرج الفيلم وكاتبه هو “ماثيو كازوفيتش” الذي رأينانه ممثلًا في أفلام مهمة مثل “Amelie” و”The Fifth Element” و”Munich”.


(The Lighthouse (2019

فيديو يوتيوب

فيلم دراما ورعب سيريالي عجيب، من بطولة “ويليام دافو” الذي لا أدري أي شيطان يحول بينه والفوز بجائزة أوسكار وقد رُشح هذه المرات كلها، مع “روبرت باتينسون” الموشك على التخلص للأبد من ارتباطه الشرطي بسلسلة “توايلايت” والارتباط بأخرى يقوم فيها بدور بطل القصص المصورة الأشهر “باتمان”.

الفيلم من كتابة وإخراج “روبرت إيجرز” الذي كتب وأخرج الفيلم الناجح والمفزع “The Witch”، وننتظر منه فيلمًا مهمًّا آخر هو “The Northman” الذي يبدو فريق عمله ممتلئًا بالأسماء الكبيرة. نجح فيلمنا هذا في تحقيق ثمانية عشر مليون دولار، وهو يحكي قصة حارسَي منارة في جزيرة غامضة ومعزولة يحاولان الحفاظ على عقليهما من التلف. الأحداث تدور في نهايات القرن الثامن عشر.


(The Girl on the Bridge (1999

فيديو يوتيوب

ذات ليلة في باريس، يمر رجلٌ وظيفتُه رمي السكاكين على هدف بشري دون إصابته بجسرٍ فيلقى فتاة تبدو عازمة على قتل نفسها. هذا اللقاء هو بداية العلاقة الغريبة وغير المألوفة التي تنشأ بينهما، وأما الشخصان فيؤدي دوريهما “فانيسا باراديس” و”دانيل أوتويل” من الفيلم البديع “Cashe”.

هو فيلم فرنسي جميل يستحق المشاهدة بلا شك، وقد رُشح لجائزة جولدن جلوب في فئة أفضل فيلم غير أمريكي، وجائزة بافتا في التصنيف عينه. حوار جيد وتصوير فاتن وسياق شِعري يضعه في خانة الكلاسيكيات بلا جهد، ولا ينفي أنه إذا جردناه مما ذكر يصلح لأن يكون فيلم رومانسية كوميدية آخر.


(Sin City (2005

فيديو يوتيوب

من بطولة “بروس ويليس” و”كليف أوين” و”جيسيكا ألبا” و”بينيسيو ديل تورو” وكفى بهم. يحكي قصصًا منفصلة في جو معجون كليًّا بطريقة القصص المصورة، ظلامي وظريف ومدهش من كل جوانبه. تعاون على الإخراج والكتابة “روبرت رودريجز” و”فرانك ميلر” صاحب الروايات المصورة الأصلية التي أُخذ عنها العمل؛ والذي رأينا قبل أسابيع مسلسلًا مقتبسًا عن أعماله هو “Cursed”، مع حضور خاص للمخرج الكبير “كوينتن تارانتينو”.

صُنع الفيلم بميزانية تقدر بأربعين مليونًا، وقد تمكن من جمع 158 مليون دولار إيرادات عالمية. هو من نوعية أعمال الـ neo noir التي تملك جمهورًا كبيرًا من المخلصين، ويريك تقييمه العام المرتفع على IMDb -وهو 8.1- إلى أي درجة أحب الناس أسلوب عرضه الفريد للقصة وإخراجها على نحو لا تكاد تجد له مثيلًا. ثمة جزء ثانٍ أقل نجاحًا من العمل صدر سنة 2014.


Cold War 2018

فيديو يوتيوب

فيلم دراما تاريخي عن الموسيقى والحب والظلم والحرب، رُشح لثلاث جوائز أوسكار وأربع جوائز بافتا. خطف هذا العمل الأنظار عند صدوره فتلقاه النقاد بالقبول، أما المشاهدون فكانوا السبب في تحقيقه لعشرين مليون دولار حول العالم.

في عصر الحرب الباردة، في خمسينيات القرن الماضي، وبين بولندا وألمانيا ويوغوسلافيا وفرنسا، تدور أحداث هذا الفيلم حول قصة حب تجمع شخصين من خلفيتين مختلفتين بالكامل. حكاية مستحيلة في زمن مستحيل، عن الحب ضد التوقعات والعوائق، عن الأمل رغم الاحتمالات المنطقية. فيه يحاول موسيقي إعانة حبيبته المغنية على الفرار من بولندا الشيوعية إلى فرنسا.


Roma 2018

فيديو يوتيوب

الفترة: سبعينيات القرن الماضي. المكان: مكسيكو سيتي في المكسيك. محور القصة: عامٌ في حياة شابة تخدم إحدى عائلات الطبقة المتوسطة. الإيرادات: ليست كبيرة لأن الفيلم لم يقض في دور السينما إلا قليلًا قبل أن تضعه نتفليكس عندها.

هو ظاهرة عامه الذي رُشح لعشر جوائز أوسكار (فاز من بينها بثلاث) وثلاث جوائز جولدن جلوب (اقتنص اثنتين منها) وسبع جوائز بافتا (حصد منها أربعًا). هو من نوعية الأفلام التي لا يُعجز مادحها اختيار الكلمات فكل ثناء يلائمها. تحدَّث ما شئت عن الإخراج أو التمثيل أو الكتابة فكله مثالي، عمل لا يُنسى بسهولة.


The White Ribbon 2009

فيديو يوتيوب

هل وقع لك يومًا أن شاهدت فيلمًا رأيته يصلح لتصنيف الرعب رغم خلوه من الدماء والوحوش وما شابه؟ هذا العمل يلائم السياق، وهو تحفة ألمانية تلقت ترشيحين للأوسكار أحدهما عن أفضل فيلم أجنبي لعامه، وجائزة جولدن جلوب في الفئة ذاتها، وترشيحًا لجائزة بافتا. من جهة أخرى لم يفشل العمل في جمع المال، بل تمكن من جلب عشرين مليون دولار تقريبًا لصانعيه.

القصة؟ دراما تاريخية مع عامل إثارة وغموض، فهو يسنكشف أحداثًا غريبة غير مفسرة تقع في قرية ألمانية صغيرة سنة 1913 قبيل الحرب العالمية الأولى، وتبدو كأنها طقوس عقاب لا يُدرى المسؤول عنها. هو من إخراج وكتابة “مايكل هانيكه” الذي كتب “Amour” و”Cashe” الذي نذكره للمرة الثانية اليوم، بالإضافة إلى فيلم “The Piano Teacher” وفيلم “Funny Games”.

أقرأ أيضًا: تغيير شروط الأهلية لأوسكار أفضل فيلم .. انتعاشة سينمائية للأقليات أم تسليع السينما؟


Coffee and Cigarettes 2003

فيديو يوتيوب

قدم المخرج “جيم جارموش” أعمالًا مهمة منها “Paterson” و”Only Lovers Left Alive”، كما عمل مع “بيل موري” على مشاريع “Broken Flowers” و”The Dead Don’t Die” وهذا الذي بين أيدينا؛ والذي هو سلسلة من المواقف الموجزة التي يجمع بينها عامل مشترك واحد هو وجود القهوة والسجائر.

فيلم يحتوي على كل ما يضمن له الاختلاف والنفاذ إلى قلب المشاهد: الفكرة الرئيسية الجديدة والمغايرة، التمثيل الممتع، الكوميديا المنعشة، والحوارات التي لا يخلو بعضها من ملل وإن كانت في مجملها أقرب إلى إثارة الاهتمام أو بالإحرى منح شعور غامض بالدفء والألفة، وإن كانت طريقة تقسيم حكايات الفيلم يسهل أن تخلف في نفسك شعورًا بالتناقض والارتباك حيال تقييمك العام له.

هذا، ولن نتحدث بالطبع عن فيلمي “The Artist” و”Schindler’s List” فهما أشهر من أن يُذكرا. أتمنى أن تكون لقيت بين هذه العشرة ما يعجبك.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.