فيلم The Notebook عندما يضعنا الحب على مفترق الطرق
5 د
قد يكون فيلم The Notebook الذي أُصدر عام 2004، من أكثر الأفلام المحببة التي نود مشاهدتها أكثر من مرة، فالفيلم يمنح المشاهد بالرغم من كل العقبات التي يشهدها بطلا الفيلم كم من الطاقة الإيجابية والإرادة وفيضاً من المشاعر المتضاربة، يمكن أن يُصنف الفيلم من الأفلام الملهمة والمحفزة، ليس مجرد فيلم رومانسي يسلط الضوء على قصة حب شابين دون الانتقاص من جمال وروعة تلك القصة، يضاف إليها تلك الخيارات المصيرية التي تواجهها الشخصيات مع تطور الأحداث والوصول لتلك اللحظات المفصلية التي نعايشها مع الثنائي ومع الشخصيات الثنائية.
سرد سريع للقصة
تبدأ القصة في إحدى دور المسنين، عندما يستهل رجل عجوز القراءة لسيدة في الدار قصة مراهقين من مفكرة يحملها بيده، تروي المفكرة قصة الشاب نوح المنحدر من عائلة متواضعة تقطن في الريف يتعرف ذات صيف على الشابة الفاتنة إيلي التي تقضي الصيف مع عائلتها في إحدى القصور الفارهة في ذلك الريف، يقضي الشابان الصيف سوياً ويقعان في الحب، لكن يصطدم حبهما الجامح بجبروت عائلتها وخاصةً الأم التي تحرص على إبعاد ابنتها عن الشاب وإقناعها بشتى الطرق أنه حب مراهقة عابر، فيفترقا على أمل أن يتراسلا يومياً حتى اللقاء، لكن تمضي السنوات دون حدوث ذلك ودون أن يعلم كل منهما لما لم يراسله الآخر، تتعرف إيلي الجميلة على شاب آخر غني وسيم ويرضي طموح عائلتها، يعرض عليها الزواج وقبل زفافهما بأيام تصطدم بماضيها مع حبها الأول وتعود لذلك الريف لتجد حبيبها قد صمم منزل أحلامهما كما أرادت، يتواجهان ويضعها نوح أمام خيارين حياةٌ معه بإمكانياته المتواضعة، أو حياة مترفة مع زوج بالكاد تعرفه، لنكتشف مسار الأحداث وقرار إيلي بعد العودة للعجوزين ومعرفتنا لهويتهما ولشكل الحياة التي عاشوها سوياً.
الشخصيات في فيلم The Notebook
Noah
نوح الشخصية الرئيسية التي أداها الممثل ريان غوسلينغ، من الملفت في هذه الشخصية التطور التي ستلحظه عبر الفيلم، فنوح في البداية شاب مرح جريء حيوي لا يخطط لمشاريع كبيرة من أجل مستقبله، تبدأ ملامح شخصيته بالتغيير بعد غياب إيلي وانتظار رسائل لم تصل، ثم ذهابه للحرب وعودته مع شعورٍ بالخذلان من كل الجهات، لكن ومع شعور المرارة الذي لا يفارقه والكآبة التي يغوص فيها يصر على تحقيق أحلامٍ خطط لها مع حبيبته منتظراً معجزة قد لا تحصل، ثم يتحول لشخصية غاضبة حاسمة غير قادر على الصفح أو الغفران للمرة الثانية عند ظهور إيلي في حياته ثانيةً، وأخيراً نوح العجوز الهادئ المثابر رغم شيخوخته على احتواء زوجته المريضة.
Alli
إيلي تلعب دورها الممثلة الجميلة رايتشل مكادمز، أيضاً لشخصيتها تقلباتها لكن بشكل مختلف تماماً ، حيث تنقلب حياتها للمرة الأولى وبشكل مفاجئٍ كلياً عند ظهور نوح أمامها وفرض شخصيته المشاكسة، ليجعلها ترى الحياة بعيداً عن قصور وترف والديها، فتجرب للمرة الأولى أن تفهل ما تحب وتستمتع بوقتها دون قيود، حتى عند إبعادها عن الريف وعن من تحب تحافظ إيلي على ابتسامتها ورصانتها رغم مرارة الفقد وتساؤلاتها الكثيرة عن اختفاء نوح دون أثر، إيلي التي تبدو لوهلة مستسلمة لإرادة عائلتها، هي من حولت دوماً مسيار الأحداث، نرى حيرتها تارةً ثم تلمع إرادتها فجأة لكن دون تردد تارةً أخرى منشدةً غفران حبيب انتظرها طويلاً دون علمها.
الأم
تلعب دور والدة إيلي الممثلة الذكية جوان آلن، شخصية الأم هنا ليس سيئة أو شريرة، بل واقعية واضحة تمثل صخرة الحياة التي نصطدم بها كلما حاولنا أن نخرج عن المألوف، الأم هي من أبعدت ابنتها عن نوح، كما خبأت كل تلك الرسائل التي راح يرسلها دون ملل لسنة كاملة، وفي النهاية وفي سبيل سعادة ابنتها كما تفعل كل أم تصارحها وتعيد لها كل الرسائل، وتتركها تتخذ القرار الذي تريد، فالأم هي الأم تنشد سعادة أبناءها حتى إن كان ضد رغبتها.
مسار الأحداث الأهم
عند تصنيف الفيلم يُصنف على أنه فيلم رومانسي يركز على قصة الشابين الاستثنائية، لكن إن تمعنا أكثر سنلحظ أن الفيلم يبرز جانباً آخر، يبرز العزيمة وقوة الإرادة لدى الشاب نوح رغم انعدام حتى بصيص الأمل بعودة إيلي له، نرى تلك الإرادة الصلبة والعزيمة عندما يشرع نوح ببناء وترميم منزل أحلامه وإيلي، وتنظيمه بالضبط وفقاً لأحلامها ووصفها عندما كانا معاً من سنوات مضت، يصر نوح على الانتظار دون هدى وعيش حياته كأنها مرحلة مؤقتة لحين عودة إيلي له، مروراً بالثقة التي يواجهها بها في اللقاء الثاني، وصولاً للعجوز الذي يكرس وقته وخياته لزوجته المريضة بنفس تلك الإرادة الصلبة.
الإخراج
أضفى المخرج نيك كاسافيتش تناغماً مبهماً عبر تناوب المشاهد بين العجوزين وبين قصة الشابين دون معرفتنا المبدئية الصلة بين الثنائيين، كما يبرز اهتمام المخرج بالتفاصيل التي تقدم مصداقية كبيرة للعمل كالديكور والسيارات والأزياء التي تعطنا لمحة عن زمان كل مشهد ينتقل له بانسيابية، بالإضافة إلى طريقة السرد الذكية المترافقة مع واقع الهجوزين والذين تساءلنا عن ابتداء الفيلم بهما، لنتوصل دون إفصاح من الشخصيات إلى إجابات عن كل تساؤلاتنا حول ما يحدث ومن يسرد القصة.
الصورة تعكس جمال القصة
للصورة بالنسبة للمخرج رمزية رائعة؛ حيث يصور لنا البلدة بهدوئها وطبيعتها وبيوتها المتباعدة كلمحة عن السلام الداخلي الذي يعيشه الناس هناك ومن بينهم نوح، الذي بقي ملازماً للبلدة منتظراً حدوث ما يريده، ومن جهة أخرى يصور حياة إيلي في تلك المدينة محاطةً بالترف والصخب والمتعة الذي أنسياها لفترة التفكير بعشقها الأول، كأنه يقول أن الحياة قادرة دوماً على حثنا للبدء من جديد رغم كل يأس وألم.
رأي شخصي
فيلم The Notebook يكاد يكون شبه متكامل، يرصد لنا جنون العشاق، وعقلانية الآباء، وواقع مجرد دون رتوش، فالحياة لا تعطنا كل شيء لكل شيء نحصل عليه مقابل، وقرارتنا حتى إن كانت خاطئة ستعود علينا بنفع، قد نصل لما نريد لكن مع القليل من التضحية والكثير من الحب.
هل تورثنا السينما الخوف والقلق؟ تحليل لتأثير السينما النفسي على المشاهدين
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.